شبكة ذي قار
عـاجـل










وعي حقيقة ولاية الفقيه وأدواتها ومخاطرها - الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

تناولت في موضوع - وسائل استراتيجية التشيع السياسي الصفوي وكيفية تجاوزها - أثار قبول ولاية الفقيه أو ردها حيث يعتبر رد الولاية أي - عدم القبول بولاية الفقيه وفق اعتقاد الخميني وخليفته علي خامنئي ومن هم مستسلمين لها - شرك بالله -، كما تعتبر إطاعة الولي الفقيه من أكبر التكاليف الإلهية كما إن استمرار غيبة الإمام المهدي وعدم تصرفه بأمور المسلمين إنما يعود الى عدم استعداد المسلمين لإطاعته ونصرته من أجل إنقاذ المستضعفين، إن تحقيق هذا الهدف من قبله موقوف على مدى استعداد البشر لقبول هذه الولاية والالتزام بها والتعود عليها، ومن خلال مطالعتي كتب ومقالات تناولت شرح نظرية ولاية الفقيه وقعت على مسالة مهمة يتصدى لها الولي الفقيه وهي ((تهمنا كمسلمين حسم الخلافات والمواقف المتباينة من المجتمع وبالخصوص المسائل التي لها مساس بأمن المجتمع والدولة كالموقف من الحرب والسلم فلو أن موقف المجتمع تجزأ إزاء مسألتي الحرب والسلم كان لاتباع ولاية الفقيه الانحياز الى النظام الإيراني على حساب انتمائهم الوطني)) وهذا ما صرح به كثيرا جمال الابراهيمي - أبو مهدي المهندس - وواثق البطاط وكل مسؤولي الفصائل الميليشياوية الولائية، فمن أجل تماسك المجتمع وتوجيهه وجهة معينة يحكم ولي الفقيه بإحدى المسألتين وينفذ أمر الولي على المولى عليهم بحكم كونه أمراً ولائياً والأحكام الولائية هي ملزمة الطاعة وليس للمكلف عصيانها حتى لو كان له رأي مخالف، وهذا الامر بين في موضوع الجدل الدائر في لبنان المختطفة من حزب الله حول من يتخذ قرار الحرب والسلم ؟ وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الوزارة وما ورد وما سيرد لاحقاً أن حزب الله نفسه ليس من يتخذ قرار الحرب والسلم بل الولي الفقيه (خامنئي حالياً) وهذا ما يؤكده نعيم قاسم في كتابه (حزب الله المنهج - التجربة - المستقبل) عندما يقول أن الولي الفقيه هو من يملك قرار الحرب والسلم، وفي كتابه " الحكومة الإسلامية " يعطي الخميني للحاكم الإسلامي الفقيه نائب الإمام سلطة مطلقة في أصول المعرفة الدينية والسياسية وتطبيقها، فهو الذي يتولى الزعامة الكبرى والرئاسة الكبرى وهو المصدر للقيادة العليا الإسلامية - فالأمراء والقواد هم الممثلون لأوامر الفقيه الشاغل لمنصب الزعامة والواقع في قمة الحكم والبقية مأمورون مؤتمرون - وهو المخول من قبل الله في إجراء الحدود (ص51) وللفقيه سلطات واسعة غير محدودة أعطيت إليه من الله ويضيف   ((فتوهّم أن صلاحيات النبي في الحكم كانت أكثر من صلاحيات الفقيه هو توهم خاطئ وباطل))  ويبرر هذا بقوله ((نعم إن فضائل الرسول بالطبع هي أكثر من فضائل جميع البشر لكن كثرة الفضائل المعنوية لا تزيد في صلاحيات الحكم فالصلاحيات نفسها التي كانت للرسول والأئمة في تعبئة الجيوش والولاة والمحافظين واستلام الضرائب وصرفها في مصارف المسلمين قد أعطاها الله للحكومة المفترضة هذه الأيام، وهو لم يعين شخصاً بالخصوص وإنما أعطاه لعنوان العالم العادل أي للولي الفقيه وبناء على اعتقاده هذا، فإن الخميني وجّه عام 1988 رسالة شديدة اللهجة الى خامنئي (وكان رئيس للجمهورية حينها) يقول فيها إن ولاية الفقيه كولاية الرسول - نبي المسلمين - فالولي الفقيه بالنسبة للخميني معين من قبل الإمام المهدي الغائب لذلك لا يجوز الاعتراض على قراراته بناء على الحديث المنسوب للأمام جعفر الصادق الذي يقول ((إن الراد على الفقهاء كالراد علينا وكالراد على الله وهو على حد الشرك بالله)) وبعد وفاة الخميني انعقدت الدورة الخامسة لمجلس الشورى وأدخلت ولاية الفقيه المطلقة في الدستور وفاء للخميني في سياق التأكيد على تجسيد الدولة كما ورد بفكر مفجر الثورة ((الخميني)) (انظر نظريات الحكم في الفقه الشيعي ص33-34) فجاء الاتي {{ الحكومة (ولاية الفقيه) شعبة من ولاية رسول الله (ص) المطلقة، وواحدة من الأحكام الأولية للإسلام ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج ((وذلك أنه بعد عشرة أعوام من تجربة الحكم في الجمهورية الإسلامية في إيران تفجرت أزمة تشريعية سياسية نظرية بسبب إجازة الخميني لوزير العمل تطبيق بعض القوانين التي لم يصوت عليها مجلس المحافظة على الدستور وأثارت امتعاض رئيس الجمهورية خامنئي فبعث الخميني إليه برسالة يقول فيها -  كان يبدو من حديثكم في صلاة الجمعة ويظهر أنكم لا تؤمنون أن الحكومة التي تعني الولاية المخولة من قبل الله إلى النبي الأكرم (ص) مقدمة على جميع الأحكام الفرعية ولو كانت صلاحيات الحكومة (أي ولاية الفقيه) محصورة في إطار الأحكام الفرعية الإلهية لوجب أن تلغى أطروحة الحكومة الإلهية والولاية المطلقة المفوضة إلى نبي الإسلام (ص) وأن تصبح بلا معنى ولا بد أن أوضح أن الحكومة شعبة من ولاية رسول الله (ص) المطلقة وواحدة من الأحكام الأولية للإسلام , ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج وتستطيع الحكومة (ولاية الفقيه) أن تلغي من طرف واحد الاتفاقات الشرعية التي تعقدها مع الشعب إذا رأتها مخالفة لمصالح البلد والإسلام إن الحكومة تستطيع أن تمنع مؤقتا في ظروف التناقض مع مصالح البلد الإسلامي إذا رأت ذلك، أن تمنع من الحج الذي يعتبر من الفرائض المهمة الإلهية. وما قيل حتى الآن وما قد يقال ناشئ من عدم معرفة الولاية المطلقة الإلهية }}

 

يتبع بالحلقة الثانية






الجمعة ١٩ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.