شبكة ذي قار
عـاجـل










الرؤية الأمريكية للإسلاميين  والنظام العالمي الجديد –  الحلقة الرابعة

 

زامل عبد

 

علينا أن ندرك تميز ظاهرة التشيع السياسي المعاصر ، عن التشيع التقليدي والتاريخي ، والصراع من أجل الإمامة قبل الغيبة الكبرى - التي بدأت عام 329 هجرية  وبعدها  -  ، وما تبلور خلاله من مقولات عقدية وكلامية ، استقرت منذ القرن الثالث الهجري ، حيث كان الخلاف والحضور المذهبي عقديا في فضاء الأمة ، بينما ينشط التشيع السياسي داخل الأوطان والدول الوطنية بخطاب سياسي وممارسة صراعية وتغالبيه على السلطة فيها كما يتميز التشيع السياسي المعاصر عن التشيع التاريخي  بارتباطه العقدي بنظام الولي الفقيه والدولة الإيرانية التي قامت عليه منذ العام 1979 ومرجعيته وطاعته في صدام  وتجاوز مع مصالح وطنه ومواطنيه ، وكذلك في تمايز عن الفقه التقليدي للمذهب منذ الغيبة الكبرى وبناء على ما سبق تختلف ممارسات خطاب التشيع السياسي المعاصر عن القديم  حيث لا يقف عند توظيف الإمامة العقدية والمهدوية الكلامية التاريخية فقط التي تناسب أبناء المذهب الشيعي المتدينين ، وتمثل مشتركا بين مختلف الفرق الشيعية ، ولكن يركز بشكل رئيس على مقولات ودعايات معاصرة للحشد والتعبئة والتجنيد مثل المكاسب السياسية والتغالب والمحاصصة  وتوظيف المظلومية والتهميش ،  وتخوين الآخرين وتكفيرهم وطنيا وسياسيا على مستوى الداخل والممانعة والرفض للغرب وحلفائه على مستوى الخارج تظاهرا والحقيقة ان من تسلط على العراق وشعبه هم من جاء بجزمة الجندي الأمريكي  بعد مؤتمرات واشنطن ولندن وصلاح الدين والتوقيع لأمريكا على كل شيء من اجل الوصول الى السلطة  ،  وهناك من عناصر الإدارة الامريكية اعترفوا صراحا بتغير المعادلة السياسية في العراق بنقل السلطة من أبناء السنة الى الشيعة  الذين حرموا من ذلك 1400 عام  ومناداتهم بالمظلومية   مما سبق يمكن القول إن  التشيع السياسي  يشير في مفهومه الى  {{  الجماعات والمجموعات المؤمنة بالانتماء والولاء والتبعية لنظام ما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية وأيديولوجيتها وتوجهاتها ، وتنشط وسط الأقليات الشيعية بالخصوص كما تنشط في غيرها ممن ينجذبون ويؤمنون بالمقولات ((  الثورية الخمينية  ))  وأهدافها   ، والحضور المذهبي الشيعي في صراعات السياسة والسلطة ، حيث يتحول إلى غاية ووسيلة في الوقت نفسه وتتقدم ولاءاته الخارجية على انتماءاته الداخلية  ، وهو ما يمهد المجتمعات للممارسات العنيفة والاشتباكات بناء على الهويات الفرعية كما حصل في اليمن والعراق وسوريا  واختطاف لبنان من قبل حزب الله اللبناني ومهزلة عدم إمكانية انتخاب رئيس لجمهورية اللبنانية ، ويثير ريبة الكثيرين من شركاء الوطن في طول الوطن العربي و العالم الإسلامي وعرضه  }} وفي ضوء هذه الرؤية التحليلية جاء تحذير الفقيه المرحوم محمد مهدي شمس الدين أحد أعلام الفكر الإسلامي الشيعي المعتدل ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان سابقاً  ،  فيقول من آثار التشيع السياسي  ((    ظهرت في العقود الأخيرة من السنين ظاهرة في دائرة الشيعة العرب بشكل خاص ، وبدائرة الشيعة بوجه عام  وهي إنشاء تكتلات حزبية سياسية بوجه خاص لغرض المطالبة بحقوق الشيعة ، أو إظهار شخصية الشيعة أو الدفاع عن حقوق الشيعة  ويضيف هذا التشيع السياسي أو الشيعية السياسية وهذه التكوينات بحسب رصدنا ولما آلت إليه لم تؤدي إلى أي نتيجة تذكر ، بل أدت إلى كثير من الأزمات  وعمقت الخوف والحذر وسوء الظن والتربص في أنفس بقية المسلمين في المجتمع من خصوص طائفة الشيعة ، وسعت نحو عزلهم بشكل أو بأخر عن الحياة العامة وعن التفاعل مع نظام المصالح العامة وقد ثبت بالتجربة أن التجمعات الشيعية المعاصرة ، من قبيل كحزب الدعوة  وغير الدعوة  لم تستطيع أن تحقق لنفسها بعدا إسلاميا داخل الطوائف والمذاهب الأخرى ، وإنما حققت في أحسن الأحوال تعايشا هشا مشوبا بالشك والحذر  ))

 

يتبع بالحلقة الخامسة






الاحد ٢٤ صفر ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيلول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.