شبكة ذي قار
عـاجـل










ماذا بعد طوفان الأقصى   - الحلقة الرابعة

 

زامل عبد

 

تطور نوعى لمشهد الهجوم التكتيكي للمقاومة الفلسطينية جاءت عملية طوفان الأقصى لتسجل عددا من الملاحظات الاستراتيجية استنادا إلى خريطة التحركات الميدانية التي رصدت منذ بداية الهجوم صباح يوم السبت الموافق 7 تشرين الأول 2023 ومنها السياق الزمنى إذ تزامن إعلان طوفان الأقصى مع عدد من السياقات الزمنية من أبرزها {{ التزامن مع الذكرى الخمسين لانتصار أكتوبر 1973 في الجبهة المصرية ، وتزامن العملية مع ( عيد العرش ) وفترة سمحات توراه - بهجة التوراة }} التي تشهد فيها الثكنات العسكرية (( الإسرائيلية  )) والمستعمرات – المستوطنات - حالة من الهدوء النسبي، وما يتعلق بالفوضى الداخلية على المستويين الاجتماعي والسياسي الصهيوني على إثر أزمة الإصلاحات القضائية التي دعي اليها نتنياهو والتي  تفاعل معها  حتى الجنود والضباط الاحتياط وعدم التحاقهم الى جبهات المواجهة  ان حصل ذلك مما انعكاس ذلك على اضطراب الأوضاع الأمنية بما يؤسس لفرضية تراجع وفشل نظرية (( الردع الإسرائيلي ))  وهذا اثبتته العمليات البرية في شمال غزة وحجم الخسائر بين الضباط والمجندين والاليات العسكرية وعدم تحقيق الردع حيث استمر اطلاق رشقات الصواريخ على غلاف غزة  وتل ابيب  وحيفا ويافا وعكا وعسقلان وبئر السبع ... الخ ،  ومن خلال قراءة المشهد يمكن  القول لن تؤدى عملية طوفان الأقصى إلى زوال دولة (( إسرائيل )) ولا إلى تحرير القدس على الأقل في الأجل المنظور ، كما لن تتمكن (( إسرائيل  ))  من القضاء على حماس تماما ولكنها ستؤدى بكل تأكيد ــ إن لم تكن قد أدت بالفعل ــ إلى إدراك المجتمع الدولي أنه لا يمكن فقط بفرض سياسة الأمر الواقع من الجانب (( الإسرائيلي )) مستغلا التجاهل والعجز الدولي والدعم اللامحدود أمريكا  وتخاذل نظام العهر العربي الرسمي ، أن توفر السلام لدولة  (( إسرائيل أو لشعبها ))  ، فعملية طوفان الأقصى وما احتوته من تطوير نوعى معقد في نظم الحرب ومخادعة المخابرات (( الإسرائيلية – الامريكية ونظمها الدفاعية والاستباقية ))  ، أكدت أن حركة حماس تفرض واقعا عسكريا جديدا على الكيان الصهيوني وامريكا سيكون من الصعب تجاهله أو نسيانه لسنوات قادمة  ، ستغير عملية طوفان الأقصى من القناعة الدولية التي سربتها (( إسرائيل وحلفاؤها في الغرب )) إلى المجتمع الدولي ، وهى القناعة القائلة بأن الحل الاقتصادي للفلسطينيين عن طريق توفير بعض فرص العمل والبنية التحتية وإعطاء قدر من حرية الحركة في غزة والضفة مع نسخة مشوهة وباهتة من الحكم الذاتي قادر على الصمود باعتباره حلا سيرضى به الفلسطينيون وسينسون حقهم في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة  وهذه الرؤية ركزت عليها صفقة القرن  والحالمون بها ، وستغير عملية طوفان الأقصى من حالة التجاهل والبرود التي أصابت النظام العربي الرسمي اتجاه القضية الفلسطينية ، وستضع ضغطا على صناع القرار في الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الكيان الصهيوني كناتج اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربه او التطبيع من خلال منهجية الديانة الابراهيمية التي يراد منها  قتل الدين الإسلامي المحمدي وإعطاء الشرعية للكيان الصهيوني والاقرار بالهزيمة امامه  تحت عناوين وذرائع أنشأتها الاطماع الصفوية الجديدة ما بعد التغير المعد مسبقا مخابراتيا في ايران  وفق أفكار ومنهجية مستشار الامن القومي الأمريكي الأسبق بريجينسكي التي طرحها لتقويض النضج القومي العربي والتصدي للاتحاد السوفياتي ومنعه من التواجد في المياه الدافئة وأدوات مستشار الامن القومي الأمريكي الأسبق ووزير خارجية أمريكا كيسنجر  فيؤكد الحكام العرب الغارقون بالخيانة والتخاذل على استخدام هذه القنوات الدبلوماسية للضغط على دولة (( إسرائيل )) لتقديم تصور مختلف لأوضاع الشعب الفلسطيني السياسية والإنسانية على عكس ما يبدو في الأفق ، بينما الجماهير العربية الرافضة لكل أفعال نظام العهر العربي ترى بعملية طوفان الأقصى ستغير من هذه القناعة الساذجة بأنه يمكن التخلص من القضية الفلسطينية عن طريق تحويل كل الفلسطينيين والفلسطينيات إلى لاجئين في الدول المجاورة لا وطن لفلسطين في سيناء ولا في غير سيناء ، هذا هو القرار الفلسطيني قبل أن يكون القرار العربي أو الأممي ، فمزيد من الدماء الفلسطينية سيعنى المزيد من التمسك بالأرض لا بتركها والحقيقة ، أن الغالبية العظمى من سكان غزة هم في الأصل من المهجرين قسرا إليها من الأراضي الفلسطينية التي احتلت منذ قيام الكيان الصهيوني الاستيطاني 1948 بقرار ظالم  ومتجنى ومنتهك لحقوق الانسان التي اكد عليها ميثاق عصبت  وهيئة الأمم المتحدة  ، وهو ما يعنى أنه لو تحرك أهل غزة فإن ذلك لن يكون نحو مصر ، ولكنه سيكون نحو أراضي أجدادهم وهو أمر لم ولن الصهاينة  وامريكا ولا المجتمع الدولي في كل الأحوال هذه التغيرات كلها ستكون بتكلفة عالية بكل تأكيد ، ولكنها قادمة لا محالة  ، ولكن ما هي التكلفة المتوقعة ؟

يتبع بالحلقة الخامسة

 






الخميس ١٧ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.