شبكة ذي قار
عـاجـل










لطالما لعبت تركيا دورا حاسما في التاريخ على الصعيد الإقليمي والعالمي،واليوم نلاحظ تنامي الدور التركي الجديد في المنطقة مما يرسم إمام المراقب علامات استفهام وتعجب بل وتطرح تساؤلات كثيرة عن إبعاده ومحدداته هذا الدور ،ومن اجل فهم دور "اسطنبول" الجديد يجب علينا أولا إن نعلم التصورات التي بموجبها شرع الدور التركي في المنطقة،علينا في البداية أن لا نعتقد بان الموقف التركي الجديد مجرد "ردة فعل" لإحداث معينة تقع في المنطقة ،خاصة إذا عرفنا بان تركيا تعد احد أهم "المفاتيح" الأساسية في السياسة الأمريكية في المنطقة، وبعد احتلال العراق والفوضى الناجمة عنه ، اكتشفت "إدارة اوباما" أنة من الصعب هندسة الأوضاع في العراق دون الحاجة إلى دور "تركي" فاعل في المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص، واستنادا لذلك تحركت أنقرة بشكل سريع لتلبية متطلبات دورها القادم في المنطقة ،مع الإدراك بالعوامل الأخرى التي تريد إن تستحضرها تركيا لعب هذا الدور الفاعل والتي تتمثل ،في المحاولات التركية الأمريكية المشتركة للخروج من تداعيات احتلال العراق والأخطاء الكبيرة التي أوجدها هذا العمل غير الشرعي،يضاف إلى ذلك استجابة تركية للحفاظ على مصالحها القومية في المنطقة ،ومن هنا ترى أنقرة إن خروج "تركيا" بموقع ومكانة متميزة في هذه المرحلة يرتبط باعتماد رؤية ديناميكية مؤثرة في السياسة الخارجية تفضي لان تكون قوة مركزية،مع وجود مخاوف تركية حقيقة من تأثير الفوضى في العراق وانعدام الأمن فيه ،

 

من التأثير على أمنها القومي خاصة إذا ما عرفنها بان هناك تحديات أمنية تواجها تركيا ،ومن جانب أخر سعت تركيا من خلال دورها إلى لجم الطموحات الكردية الخاصة بإقامة "دولة مستقلة" ،إزاء هذه العوامل ويضاف إليها تراجع الفعل العربي وتنافره وتنامي النفوذ الإيراني ومحاولات فرض سيطرته وهيمنته على المنطقة،وكان الضعف العربي سببا مباشرا في تقبل الدور التركي لاسيما من جانب الأنظمة المتوجسة من النفوذ الإيراني والشيعي ،نقول إن العلاقات الأمريكية ـ التركية شهدت توترا ملحوظا في مرحلة ما بعد 11 /أيلول ،

 

غير إن الطرفين كان حريصا على إلا تؤثر على الشراكة الإستراتيجية بينهما،وبالرغم من تلك التوترات التي طفت على سطح العلاقات التركية الأمريكية ، إلا إن ذلك لم يمنع واشنطن من اعتبار "أنقرة " حليف استراتيجي مهم لا يمكن التفريط فيه ،لكون تركيا تعد منفذا مهما على محاور وبلدان مثل العراق وإيران وباقي البلدان العربية وكذلك أرمينيا وجورجيا وأذربيجان ،لهذا ترى واشنطن إن بإمكان تركيا إن تكون لاعب مهم ومؤثر في إحداث المنطقة، لذلك ترى ادارة اوباما ان تشجيع الدور التركي يمكن أي يعطيها عدد من المزايا منها اولا خلق توازن بين إيران وتركيا بعد الفراغ الذي خلفه تدمير واحتلال العراق،واسعي لان يكون الدور التركي وسيلة لتحسين صورة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بعد احتلال العراق،عمدت الولايات المتحدة على دعم وتشجيع الموقف التركي من اجل استخدامه " كفزاعة " إمام الطموحات الكردية التي لديها رغبة الانفصال من العراق وإقامة دولة مستقلة،

 

إزاء ذلك كله بدء الدور التركي يسير بخطوات مدروسة ليوازي الدور الإيراني ، ففي الوقت الذي استفاد نظام طهران ومن أخطاء السياسة الأمريكية في المنطقة وتمددت بشكل مريح في المنطقة ،سعت تركيا الى إيجاد موقف لها على "رقعة الشطرنج العربية" ،واثر استخدام ذكي لسياستها الخارجية وقوتها الناعمة تمكنت " أنقرة "إيجاد موطئ قدم في المنطقة بشكل مؤثر ،وتمكنت الإدارة التركية من التعامل برويه وحنكة مع ملفات حيوية متمثلة في الأوضاع في العراق وحصار غزة وموضوع الملف النووي الإيراني، وقابل الأيام سوف نشهد تطورات مهمة في الموقف التركي الذي لم يعد يعتبر منطقة الشرق الأوسط مجرد "حديقة خلفية "بل واحة أمامية متقدمة للعب دور قوي في مواجهة استحقاق اسطنبول لدخول إلى " الاتحاد الأوربي" .


dawodjanabi@gmail.com





السبت٢٩ جمادي الاخر ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب داود الجنابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.