شبكة ذي قار
عـاجـل










"لا أجد كلمة تصف كراهيتي واحتقاري للعراقيين، فلم أكن أفكر أنهم ينتمون إلى الجنس البشري."


كذلك تحدث الجندي الأمريكي السابق ستيفن جرين واصفاً شعوره تجاه العراقيين أثناء وجوده مع قوات الاحتلال الأمريكي للعراق، في مقابلة هاتفية أجرتها معه صحيفة "ديلى ميل" البريطانية.


فتأمل كم غذّي هذا الجندي وأمثاله بروح الحقد والانتقام على أناس عمر حضارتهم يفوق عمر حضارة مجتمعه بعشرات المرات؟.


وأنت إذا اطلعت على مثل هذه المشاعر الكريهة سيتضح لك، من فوره، جواب سؤال مهم: كيف يُقتل مليونا إنسان عراقي في غضون سبع عجاف هي سنوات الاحتلال البغيض للعراق، في جرائم مروعة لم يُكتشف منها إلا النزر القليل؟.


والجندي ستيفن جرين هذا واحد من المجرمين القتلة الذين أُمسكوا بالجرم المشهود وأودع السجن، ليقضي عقوبة السجن المؤبد خمس مرات، أي 150 سنة، لأنه اغتصب وقتل وأحرق الطفلة العراقية عبير قاسم الجنابي، البالغة من العمر 14 عاماً، وقتل أسرتها بمنطقة المحمودية في بغداد عام 2006.


اهتز العالم كله لتلك الجريمة البشعة، التي لو لم تكتشف لألصقت مثل غيرها بالمقاومة العراقية الباسلة بهدف تشويهها وشيطنتها، فمرتكبو الجريمة استبدلوا ملابسهم العسكرية قبل ارتكاب جريمتهم لإبعاد الشبهات عنهم والإيحاء بأن "متمردين" ارتكبوها.


وتذكرون أن هذه الجريمة عرفت باسم "جرائم المحمودية" في 12 مارس 2006، بمشاركة ستيفن جرين وثلاثة جنود آخرين: باول كورتيز، وجيمس باركر، وجيسي سبيلمان، وبمعرفة جندي آخر لم يشاركهم هو برايان هاوارد، وكلهم تابعون للفرقة 101 المنقولة جواً، إذ خططوا لارتكاب الجريمة أثناء شرب الويسكي ولعب الورق، وكانوا موجودين عند نقطة تفتيش قريبة من منزل الضحايا بقرية المحمودية الواقعة على مسافة 30 كيلومتراً جنوب بغداد، وعندما دخلوا إلى منزل الطفلة عبير، انشغل ثلاثة جنود أمريكيين بالتناوب على اغتصاب الطفلة، بينما ذهب جرين ليقتاد أمها فخرية طه محسن (34 عاماً)، وأباها قاسم حمزة رحيم (45 عاماً)، والشقيقة الصغرى هديل (5 أعوام)، إلى غرفة مجاورة ليقتلهم، وبعد ذلك عاد ليغتصب الطفلة هو الآخر، ثم ليطلق النار على رأسها، وبعد ذلك أحرق المجرمون القتلة الأربعة جثة الفتاة، وملابسهم في محاولة لمحو آثار الجريمة، كما أحرقوا المنزل والجثث، إمعاناً في تضليل العدالة.


وتعالوا نستمع إلى جرين في هذه المقابلة وهو يقول: "لقد أصبت بلوثة جنون في العراق، ولم أكن أعتقد أنني سأنجو بحياتي من ذلك المكان.. لو لم أذهب إلى العراق، لما وقعت في هذه المشكلات، وأنا لست سعيداً بما جرى".


وحسب جرين نفسه فإنه عند وصوله إلى العراق، تدرب ليقتل، وقد أسهم العنف المتفشي والتعليقات المهينة التي يطلقها جنود أمريكيون ضد العراقيين، بسلب آدمية السكان المدنيين في ذلك البلد، في نظره.


وحدثت نقطة التحول التي أصابته بالجنون في 10 ديسمبر عام 2005، عندما قتل أحد العراقيين ممن كانوا في السابق ودودين تجاههم، زميليه العريفين ترافيس نيلسون (41 عاماً)، وكينيث كازيكا (32 عاماً)، عند نقطة تفتش.


يقول جرين: "إن موت العريفين ترافيس وكينيث ضخّم مشاعر الكراهية في نفسي تجاه العراقيين".


ووصف جرين في مقابلته كيف حاول عقب ارتكاب جريمته، الحصول على مساعدة نفسية من الجيش الأمريكي ولم يفلح في ذلك، فأدمن كبقية الجنود الأمريكيين في العراق على تعاطي المخدرات وشرب الكحول.


أما مشاركو جرين في الجريمة فإن محكمة عسكرية حكمت على جيمس باركر بالسجن لمدة 90 عاماً، وعلى بول كورتيز، بالسجن لمدة 100 عام، وعلى الجندي جيسي سبيلمان بالسجن لمدة 110 أعوام، وطبقاً للقضاء العسكري يمكنهم طلب العفو المشروط بعد 10 سنوات، بينما يطالب جرين بإعادة محاكمته أمام محكمة عسكرية، أسوة بزملائه، رافضاً محاكمته أمام القضاء المدني، الذي حكم عليه بموجب قانون محاكمة الأمريكيين ممن ارتكبوا جرائم خارج الحدود، كونه كان عسكرياً أثناء ارتكاب جريمته.


ولا يتوقع جرين الإفراج عنه، وهو يقول: "أنا لا أتوقع الإفراج عني، لكنني أرغب في المحاكمة أمام محكمة عسكرية، وأنتظر عدالة الرب".


وتقول الصحيفة: إن جرين أصبح يقضى حياته يوماً بيوم بلا أمل، يجتر الندم على ما فعله في تلك الأسرة العراقية.


لكن لا انتظار جرين عدالة الرب ولا ندمه سيعيدان الحياة للطفلة عبير وأسرتها، أو يوقفان القتل والاغتيالات والتشريد في بلاد الرافدين.


وحدها المقاومة العراقية من يستطيع فعل ذلك، ويجبر المعتدين على الاعتذار لضحاياهم وتعويضهم، وإلى ذلك الوقت القريب، إن شاء الله، سيظل العراقيون يقاومون الاحتلال وإفرازاته، مثلما فعلوا طوال تاريخهم الطويل.
 

 

 





السبت٢٦ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠١ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.