شبكة ذي قار
عـاجـل










في الظروف الراهنة أيها الرفاق البصرة بالنسبة للجوار تواجه الخطر والتهديدات الإيرانية كما هو معروف وهذا يلقي مزيدا من الوضوح على قضيتنا القومية ، على أوضاع الأمة العربية كله ، إذ ما معنى أن تكون إيران هي المنفذة للسياسة الاستعمارية وللأغراض والأهداف الاستعمارية في البلاد العربية وفي العراق بصورة خاصة ، في حين أن الشيء الطبيعي كان أن نلتقي مع جارتنا. لم نسئ إليها لا في الحاضر ولا في الماضي ، فلقد حمل إليها العرب الرسالة التي هدتها وأخصبت حضارتها. أما في الحاضر فالشعب والجماهير الإيرانية تشكو مما تشكو منه الجماهير العربية من الاستغلال الامبريالي والظلم الاجتماعي والتخلف. وإذن كان يمكن أن يكون ثمة لقاء وتعاون لولا الطبقة الحاكمة الرجعية العميلة التي في سبيل الحفاظ على مصالحها غير المشروعة ترضى أن تسخر نفسها وتسخر بلادها لتنفيذ السياسة الاستعمارية ولتهديد قطر عربي كالعراق في بدء نهضته القومية والاجتماعية ، وتهديد الأمة العربية وهي في صميم معركة التحرر وصميم المعركة ضد التخلف. فهذا الشذوذ ، هذا الوضع المعكوس ، يزيد قضيتنا وضوحا يزيدنا ويزيد جماهيرنا وعياً لأهمية اليقظة العربية ، لما تشكله من خطر على الاستعمار العالمي ، وانه بالتالي يحاول أن يحيطها بسوار من العداء ومن المؤامرات فيهددوها بالغزو والقوة الغاشمة وبتدبير المؤامرات من الداخل تارة أخرى.


لماذا كل ذلك؟ لان يقظة الأمة في هذا العصر ستقلب موازين القوى في العالم وستغير مجرى التاريخ. ستقضي على أكبر استغلال وجشع استعماري عندما تحرر ثرواتها وأراضيها من استغلال الشركات الأجنبية والدول الأجنبية وستضع هذه الثروات في خدمة التقدم الاجتماعي وفي النضال التحرري ، ليس في البلاد العربية فحسب وإنما في العالم الثالث كله ، لأن حريتنا مرتبطة بحرية العالم الثالث بل بحرية العالم كله. وهذا ما يفسر كل هذا التآمر الاستعماري الذي خلق إسرائيل بشكل مصطنع ، بشكل لم يعرف في التاريخ ، ثم دفع إيران وهي كما قلت كان يمكن أن تكون جارة وصديقة ، دفعها إلى أن تغطي مشاكلها الداخلية ونواقص حكمها واستغلال حكامها لجماهيرها.. أن تغطي ذلك بافتعال عداء غير طبيعي مع العرب ومع القطر العراقي ، وهذه نغمات قديمة متخلفة والعالم يمشي باتجاه معاكس ، العالم يمشي نحو نبذ الخلافات العنصرية والتاريخية بين القوميات وينشد المصالح المشتركة والنقاط المشتركة التي تجمع بين الشعوب. فنحن نرى في أوروبا دولاً كفرنسا وألمانيا تنسى خصوماتها التاريخية المزمنة التي دامت مئات السنين لتفتح عهداً جديداً من التعاون في سبيل تقدم ورخاء شعوبها.

 

كما أن أوروبا الغربية وألمانيا الغربية بالذات تنسى ما بينها وبين الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية من خصومات تركتها الحرب العالمية الأخيرة ، وتتجاوز هذه السلبيات إلى صعيد التفاهم والتعاون ، بينما نرى في إيران تحريك عصبيات قديمة وذميمة لا تستند إلى حقائق ، فنحن نستمد من هذا الواقع وعيا جديدا لأهمية النهضة العربية ، لأهمية التحرر العربي والوحدة العربية وما سيحدثه ذلك في العالم ، ونتشبث أكثر فأكثر بالمضي في طريقنا النضالية ، ونتشبث بمبادئنا التي تدعو الجماهير الإيرانية إلى أن تكشف الخدعة التي تورطها فيها الفئة الحاكمة ولكي يزداد ويشتد النضال ضد الحكم الرجعي العميل ، ونستطيع أن ننظر بتفاؤل إلى المستقبل ، ولا يمكن أن يرجع العالم الى الوراء. كذلك في البصرة أيها الرفاق ننظر بالقرب منا فنشاهد مفارقات عجيبة تزيد قضيتنا وتزيد وعينا عمقاً وتزيد بالتالي نضالنا عزماً وحرارة أن نرى المطامع الاستعمارية التي تحاول أن تمزق وطننا لتستغل ثرواته ولتمزق قوته وتماسكه ، تخلق مثل هذه المفارقات وتغذيها باستمرار وليس من دليل على إجرام التجزئة وعلى خيرات الوحدة ومنافعها .

 

 





الثلاثاء١٢ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زيد احمد الربيعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.