شبكة ذي قار
عـاجـل










يُعتبر الخميني من أكبر المرجعيات الدينية وأكثرهم شهرة ،، وهو صاحب سلطة دينية مطلقة على عموم الشيعة بأعتباره (نائباً) عن الإمام المهدي الذي يعتبر محور المذهب الشيعي!!،، رغم أنه لم يحصل على لقب (آية الله) عن جدارة علمية وأستحقاق وأنما تزكية من بعض رجال الدين في إيران ،، وذلك لفل رقبته من حبل المشنقة بعد أن حُكم عليه بالأعدام عام 1963،، والقضية المثيرة للجدل في شخصية الخميني هي أصوله الهندية ،، التي يحاول أخفاءها بعمامته السوداء وأدعاءه بالنسب الهاشمي ،، إلا أن الكذبة لابد لها أن تكتشف ،، فشمس الحقيقة تآبى أن تُحجب بغربال.

 

يُذكر في سيرة روح الله بن مصطفى بن أحمد بن دين علي شاه بن مير حامد حسين الخميني أن جده أحمد بن دين علي شاه ،، هاجر من الهند إلى النجف لتلقي العلوم الدينية ،، واشتهر في حينها بأسم أحمد الهندي لأنه قدم من الهند ،، وبالتحديد من كشمير ،، ثم أنتقل من النجف إلى مدينة خمين في إيران وأقام فيها وعمل قاضياً ،، ثم رزقه الله عام (1864م) مولوداً اسماه مصطفى وهو والد الخميني (غياب الشمس - برنامج وثائقي من اعداد قناة المنار – الحلقة الأولى) ،، لكن الدكتور موسى الموسوي (وهو من المقربين للخميني) يقول أن والد الخميني قدم من الهند وكان يحمل أسم (سينكا) قبل أن يكنى بـ (مصطفى) ،، (راجع ،، كتاب الجمهورية الثانية للدكتور موسى الموسوي ص 352) ،، وهو بذلك يطعن برواية هجرة أحمد الهندي من الهند حتى وصوله إلى خمين ،، ولن نستغرب ما ذكره الدكتور الموسوي أذا ما علمنا أن شقيق خميني الأكبر يدعى (بسنديده) وهو أسم هندي ،، ظل يحمله حتى مماته ،، وكذلك كان أسم شقيق الخميني الأصغر هو (الهندي) ،، ويذكر الكاتب الإيراني أمير طاهر عن عائلة الخميني ،، "جزء من العائلة امضى عشرات السنين في كشمير ومن ثم فإن الاسم العائلي الأصلي للخميني هو (الهندي) وقد غير روح الله الخميني اسمه العائلي عام 1930، لكن شقيقه الأصغر احتفظ به"!! ،، أذن هناك أجماع على وجود جذور للخميني في الهند ،، لكن ماهو موقف الخميني منها؟!.

 

وجه صحفي فرنسي سؤال للخميني عن مشاعره وهو عائد لإيران بعد غياب دام ستة عشر عاماً ،، فأجاب الخميني بعدم أهتمام ،، "لا شيء"!!،، أذن ،، مشاعر الخميني تجاه الوطن الذي ولد به وترعرع معدومة!!،، وهو كذلك يكره العرب بشدة ،، ويكثر من الطعن بهم وبتاريخهم رغم ادعاءه بأنه عربي هاشمي ،، بينما ظل متمسكاً بكنية (الهندي) ويدرجها بأسمه حين يكتبه (راجع ،، شرح دعاء السحر ص9) ،، من المفروض أنها مجرد كنية أكتسبها أجداده من أقامتهم في الهند ،، فلماذا هذا الاعتزاز والتمسك بها ،، بينما لايبالي بالوطن والعرق !!،، أذن المسألة واضحة ولا تحتاج إلى قراءة ،، ومن الجدير بالذكر أن البعض ذهب إلى تشبيه لفظ الجلالة المكتوب على العلم الإيراني برمز الديانة السيخية المنتشرة في الهند ،، وهو فعلا قريب منه جداً ،، لكن من غير المعلوم أن يكون التشابه حدث بفعل الصدفة أو عن عمد.

 

الأمر الأهم ،، السيرة الذاتية للخميني تقول أن اجداده هاجروا إلى الهند منذ أكثر من ألف عام ،، وعملوا على نشر الأسلام في موطنهم الجديد كشمير جيلا بعد جيل ،، وأن جد الخميني الثالث يدعى (مير حامد حسين الموسوي) مات مقتولا هو وأبنه (دين علي شاه) على يد العوائل الاقطاعية قبل ولادة الخميني بمائتين وخمسون عاماً ،، وله ضريح كبير بالهند!!،، (غياب الشمس - برنامج وثائقي من اعداد قناة المنار – الحلقة الأولى) ،، لنناقش هذه الرواية.

 

من المنطقي أن يكون لأجداد الخميني الذين وصلوا منذ ألف عام إلى الهند ،، ذرية متعاقبة شكلت تفرعات كثيرة من الأبناء والاحفاد ،، والذي خرج من صلبهم الخميني ،، لكن الغريب أنهم لم يظهروا في حياة الخميني أو تتطرق لهم الكتب التي تحدثت عن حياته ،، رغم أن الوصول أليهم ليس بالأمر العسير مع شهرة جدهم الثالث (مير حامد حسين الموسوي) ووجود ضريحه في مكان معلوم ،، والأغرب من ذلك أن الخميني لايمتلك شجرة نسب تثبت أنتماءه لتلك العائلة الموسوية المدعى بوجودها في الهند منذ ألف عام!!،، وكل ما لدى المروجين لهاشمية الخميني وأمامته هو أربع أسماء تبدأ من والده وتنتهي بجده الثالث (حسب أدعاءهم) ،، وسنثبت بالدليل القاطع أنه لايرتبط بصلة نسب مع من يدعون أنه جده الثالث ،، وهذا هو البرهان.

 

لو تتبعنا نسب الخميني (حسب سيرته الذاتية) يكون بالشكل التالي ،، "روح الله (اسم الخميني) بن مصطفى بن أحمد الهندي بن دين علي شاه بن مير حامد حسين موسوي" ،، ووفاة (مير حامد حسين وأبنه دين علي شاه) سبق ولادة الخميني بمائتين وخمسون عاماً ،، بالاستنتاج نصل إلى أن وفاتهم كانت بحدود عام (1652) ،، على اعتبار أن الخميني موالد عام (1902) ،، وهذا يصل بنا إلى أن جد الخميني (أحمد الهندي) وهو أبن دين علي شاه (المتوفي سنة 1652) يجب أن يكون مولوداً قبل وفاة والده أو في نفس العام الذي توفى به على الأقل ،، وهذا يعني استحالة أن يكون احمد الهندي والد مصطفى (أبو الخميني) الذي ولد عام (1864) لأن أحمد الهندي سيكون عمره مائتي وأثنا عشر سنة عند ولادة ابنه !!،، أعتقد أن الصورة أصبحت واضحة الأن!!،، والمنطقي هو أحتمالين لاثالث لهما ،، أما أن يكون أحمد الهندي غير مرتبط بـ (مير حامد حسين وولده دين علي شاه) لأن فارق الزمن ينسف الرواية ،، أو يكون أحمد الهندي شخصية خيالية لاوجود لها أستخدمت فقط للربط ،، وأن والد الخميني هو (سينكا) الهندي الذي جاء من الهند إلى خمين كما قال الدكتور موسى الموسوي ،، سيكون الرأي الأخير هو المرجح أذا ما قلبنا صفحات من تاريخ الأستعمار البريطاني.

 

عملت بريطانيا على أحتواء رجال الدين الشيعة في إيران من خلال تأهيل مجموعة موالية لهم ،، فيقول (هوارد جونس) بتقريره المرسل إلى الخارجية البريطانية ،، "يجب أن نرسل عددا من السادة (أصحاب العمائم السوداء) والآيات والملالي والدراويش من الهند إلى المراكز الدينية للشيعة وأماكنهم المقدسة التي يتبركون بها ، لندير بالتدريج هذه الطبقة من رجال الدين في إيران كما نريد" ،، الملاحظ أن بريطانيا كانت مهتمة بطبقة رجال الدين بسبب تأثيرهم الكبير على الشعب الإيراني خصوصا في السنوات التي سبقت الثورة الدستورية (1906 – 1908) ،، (راجع ،،  تأريخ ايران السياسي بين ثورتين -  د.آمال السّبكي ) ،، وكما يبدو أن المخطط البريطاني قد نجح وهذا ما يؤكده وزير خارجية بريطانيا اللورد  ويورد في أحدى الجلسات السرية التي عقدت في السفارة البريطانية في طهران بتاريخ 11/ أكتوبر/ 1914 "هناك أقوى جهاز متنفذ في إيران ونحن نثق به وهو طبقة رجال الدين الشيعة ، ومن حسن الحظ أن هذا الجهاز لنا و ما يزال لنا ، وهم لايتوقعون الكثير منا ، وكلما لزم الأمر سندخلهم الى الميدان وعندما نشاء يمكننا إعادتهم الى بيوتهم ومساكنهم مرة أخرى"،، (راجع ،، كتاب أسرار وعوامل سقوط إيران - مغرديج).

 

هذا يعني أن والد الخميني (سينكا) قد تم أختياره في برنامج تأهيل (أصحاب العمائم السوداء) البريطاني ،، وهذا يفسر قرب ملامح الخميني من القالب الهندي التي تظهر بوضوح في شبابه !!،، والمشكلة ليست بالخميني وأصوله الهندية ،، أنما المشكلة بعقول الاتباع ،، فلو خرج الخميني من قبره وأعترف أنه هندي وليس عربي فسيقول الأتباع ،، أن بني هاشم أصلهم من الهند!!.  

 

 

بلال الهاشمي

باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي

http://bilalalhashmi.blogspot.com/

 

 





الاحد٢٤ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.