شبكة ذي قار
عـاجـل










قلما اتفق العراقيون على تقييم شخصية ما ، كاتفاقهم على شخصيتين عسكريتين، حظيتا بما يليق بهما من التبجيل والاحترام، مثل وزير الدفاع الاسبق الراحل عدنان خير الله، وأجمعوا على أصالته، وشجاعته، ووطنيته، فخرج له العراق عن بكرة أبيه، في مشهد وداعه الاخير وذُرفت لأجله دموع لا تشبه غيرها، واستعدت له القامات بمرور جثمانه المهيب بأداء التحية العسكرية، ولا يزال تمثاله شاخصا وسط بغداد لم يجرؤ حتى الغزاة على زحزحته. يخلفه بالمحبة، سلطان هاشم وزير دفاع جيشنا الوطني السابق. فهو جندي نذر نفسه لوطنه. ومذ بدأت أسماعي تلتقط المرويات عنه، لم أجد، الا مآثر تصف شهامته وبأسه، وهدوء أعصابه، وشجاعته التي لخصها خصمه، الجنرال نورمن شوارتزكوف في مذكراته عقب اجتماعات خيمة صفوان عام 1991 قائل : “فوجئت بشخصية الفريق سلطان انه يتصرف بطريقة هادئة، واثقة، صارمة، منضبطة، فوجدت نفسي مجبرا على أداء التحية العسكرية له كما يستحق” !


وفي موسوعة ويكيبديا ستجد اسمه مُعرفاً كالتالي “هو المقاتل الفريق الاول الركن سلطان هاشم أحمد محمد الطائي، عُرف عنه شهامته وكرمه، وطيبته، وشجاعته، وأنه من خيرة ما أنجبته القوات المسلحة العراقية”


وبخديعة أميركية تم اقناعه لتسليم نفسه، بمفاوضات نفذها جنرال بترايوس، ومراسلات مفادها “أنا وانت ضابطان ننفذ الاوامر الصادرة الينا، وليس لنا حق الاعتراض عليها ولا لوم علينا، لذا آمل أن تُسلم نفسك، كي لا تُعامل كهارب” !


صدقه الفريق الاول الركن سلطان هاشم فسلم نفسه لهم، لكنه، رفض قطعاً التعاون مع سلطة الاحتلال، فقُدم لمحاكمة فاسدة سيذكرها العراق كتاريخ أسود مشين سيحمل عاره الأبدي، كعبيء مخجل لا مجال لدفع سوءته.


وفي الاسبوع الماضي سلمت القوات المحتلة باتفاق مسبق، بقية أسرى سجن كروبر لحكومة المنطقة الخضراء، من مسؤولي العراق السابقين، لتنفيذ عقوبة الاعدام بحقهم !


ورفض “طالباني” المصادقة على العقوبة، وحولها بأجراء غير قانونية لنائبه خضير الخزاعي، الذي اختير بعناية ليشغل موقعه، ليس فقط تحديا لارادة الشعب العراقي الذي اتفق على رفضه منذ استيزاره على وزارة التربية، بل لتثبيت الارادة الايرانية التي تُملي شروطها على الواقع العراقي، وحسب الأخبار فان الخزاعي استقبل مهامه بتوقيعه، على مئات من قرارات الاعدام وهي عقوبة من يُدان بمقاومة الاحتلال !


فوجود الخزاعي بمنصبه ليس عفوا خاطرا انما لتمرير ما يعجز “طالباني” عن تنفيذه، تذرعا بمنصبه كنائب رئيس منظمة الاشتراكية الدولية، التي تُحرم عقوبة الاعدام وتسعى لالغائها، وتوقيعه يعني تورطه بمأزق قانوني مع المنظمة العالمية. كما رفض طارق الهاشمي التوقيع “خجلا أو خوفا” من ردة فعل جماهيرية، فهو يعرف أكثر من غيره كيف تنتزع الاعترافات من الرجال في سجون الداخلية العراقية، وماذا ينتظرهم ب “أفران الشوي البشري” !


الطالباني، كُوفئ على جهوده باحتلال بلده بمنصب رئيس دولة، فيما فضائح جرائمه تنشر تباعا، سواء بقضية اتفاقه مع الجانب الايراني بمذبحة حلبجة، التي اتُهم بها الجيش العراقي باطلا. أو كما يدينه الاحياء من الحزب الشيوعي بمذبحة عناصرهم في واقعة بشتاشان في 1 آيار 1983. أو بمذبحة الجنود العراقيين، فحسب كتاب للصحافيين، روي كوشمان، ودافيد ريف وثقا بالصور والتواريخ جريمة ذبح الجنود العراقيين المستسلمين عام 1991 طوعا أو كرها، وكانوا جميعهم عزلا، فأُعُدم 125 منهم، أمام مرأى الصحافيين وبحضور،طالباني، فكتب كوشمان : “لن أنسى ما حييتُ، منظر رجال الميليشات الكردية، وهم يُجهزون على الجنود الجرحى ممن لم يموتوا بعد، بإلقاء قطع كونكريت ضخمة على رؤوسهم لتهشيمه !


الفريق سلطان قد يُعدم كما أعدم قبله خيرة من رجال العراق، واجهوا موتهم بشموخ الجبال، وبإعدامه سترتفع هامة جبل الشهداء لتكون أطول، فالعراق منذ احتلاله، فريسة لانتقام أعدائه، ممن جَرَعهم سُم هزيمتهم عام 1988 .. فالمحتل لن يُكافئ بطلا عراقي .. كما كافأ خائن !


وسيوقع الخزاعي، على قرار تنفيذ حكم الاعدام، هذا غير مفاجئ، فالعراقيون اليوم يعرفون أن من يحتل المناصب الرسمية يدينون بانتمائهم لوطنهم الام “ايران” ومهمتهم البحث عن فرسان الوطن ومقاتليه، ومقاوميه، ممن مازالوا حتى آخر رمق لهم، عند النحر ينادون : حي على العراق.


وستخجل حبال المشانق مرة أخرى، حين تتدلى قامات الرجال الابطال .. فباعدام ضابط كفء كسلطان هاشم يقدمون للشعب العراقي رسالة معناه : هذا هو مصير من يدافع عن وطنه، ومن يستبسل في سوح الشرف، كي يبقى العراق العربي صامدا سواء بوجه عدوان ايراني، أو أميركي !

 

 





الاربعاء١٩ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ذكرى محمد نادر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.