شبكة ذي قار
عـاجـل










للوضوح وجب الإشارة إلى أن تراجع التيار القومي بكل أحزابه وهيئاته ومدارسه الفكرية لا يعني بأي صورة من الصور فشل البرنامج، بل هو فشل وسائل الاتصال بالجماهير، وهذا نتاج تعدد المرجعيات الفكرية والتنظيمية التي أدت إلى انقسام حاد بين فصائل التيار،وخاصة مع اختلاف الفصائل بتحديد أعداء الأمة وتحالف فصائل أخرى مع دول مما حول المشروع القومي إلى مشروع مساعد لمشاريع قومية لدول أخرى تهدف في إستراتيجيتها إلى التوسع على حساب المشروع القومي العربي.


وفي تعريف القومية هي الشعور الإنساني لدى الفرد باتجاه مجموعة والشعور الإنساني عند المجموعة باتجاه الفرد، وهذا الشعور المتبادل يعني التكامل دفاعاً عن مصالح المجموعة برؤيا أن البناء الذاتي يبدأ من بناء المجتمع حتى الوصول للفرد ضمن أسس الحفاظ على الإرث والموروث الحضاري الأخلاقي الذي تشكل بفعل تراكم الخبرة والمعرفة.


وتعتبر معركة (ذي قار) التي خاضها العرب موحدين ضد الفرس وانتصروا فيها أحد أهم المحطات التاريخية في الفهم القومي وتنامي الشعور فهماً ارتكز على الموروث والإرث الحضاري، والقوانين الطبيعية عند أي قومية لا تسقط على القومية العربية ولا يجوز استنساخ تجارب الآخرين، فالمشكل الأساس وهو اللغة لأي قومية يخضع للخبرة التراكمية بالعادة وعند العرب خضع لنفس تراكم الخبرة فترة من الوقت وبعدها صارت اللغة بأبجديتها اليوم وترتيبها ونطقها أمر سماوي صرف، فأول ناطق لها بشكلها الحالي هو نبي الله عزوجل سيدنا إسماعيل عليه السلام، وهي لغة الإعجاز والمعجزة عند الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فالقومية العربية اكتسبت صفاتها وخصالها من خلال ظروف ربانية خالصة، فالهوية الحضارية للقومية العربية تمتاز أنها قلب الإسلام،وبهذا الأمر هناك عشرات الأحاديث الشريفة التي تتناول هذه المسألة بوضوح لا لبس فيه.
فمن ينكر الإسلام ودوره الأساس من القوميين هو ناكر لأبسط مفاهيم القومية،وقد اختلط عليه الأمر بين القوميات الأخرى ولم يدرك أن القومية العربية لا يسقط عليها القوانين الطبيعية لتشكل أي قومية.


وسيكون لنا حديث مطول بهذا في الورقة الثانية.
وحديثنا في الأوراق كلها سيكون مركز باتجاه وجوب المراجعة الفكرية التاريخية النقدية، نعيد من خلالها فهم عناصر التشكل القومي الأساس والرؤيا في مفهوم وحدة المصير المشترك وإعادة النظر في وسائل الاتصال مع الجماهير.


وبالعودة إلى أسباب تراجع التيار القومي عموماً نقول أن القوميين استهانوا بالخطر المحدق بالأمة بل أنهم لم يستطيعوا أن يتغلبوا على الخطر الداخلي وبخاصة القطريين
الذين تنامى وجودهم بعد فشل الثورة العربية الكبرى وقد عمد الاستعمار إلى رعايتهم ودعمهم لمواجهة التيار القومي.


وغض القوميين النظر عن التيار السياسي الإسلامي وخاصة أن أي صدام مع هذا التيار كان يجابه بدعاية إعلامية مغرضة بحجج أن القوميين أعداء الدين، والحقيقة أن الصدام مع التيار السياسي الإسلامي هو صراع بين القوميين الوحدويين والقطريين.


فالإسلاميين هم قطريين في الطرح والبرنامج يختبئون في ظل عباءة التدين الظاهري.
فمعركة القوميين في الساحة الداخلية العربية مع كل القطريين وبالتصنيف العلمي للقطريين هم القبليين و النفعيين والإسلاميين واليساريين، هؤلاء بمجموعهم قطريين يتوحدون بوجه التيار القومي الوحدوي، والمعركة اليوم وخاصة في تونس برزت بوضوح، فالتيار الإسلامي توحد مع القبيلة والنفعيين واليساريين بمواجهة القوميين.


إن هذه الأطياف القطرية الصرف تتوحد ضد التيار الوحدوي، فصعود الإسلاميين اليوم في صناديق الانتخابات هو نتيجة انشغال القوميين عموماً بمعركة تحرير العراق كون ثالوث عداء الأمة يجتمع اليوم متوحداً ضد القومية، والسبب الثاني هو التقاء مصالح أطياف الفهم القطري مع اختلاف عقائدهم الفكرية ضد الوحدويين والسبب الآخر هو الظروف الدولية التي خدمت هذه الأطياف وتقديمهم تنازلات تمس جوهر ومعتقد وثوابت الأمة العربية.


و في ورقتنا الثانية سيكون لنا إشارة واسعة للمسائل جميعها وهذه الورقة هي تقديم مختصر فقط.


Etehad_jo@yahoo.com

 

 





الجمعة٢٠ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب عبد الله الصباحين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.