شبكة ذي قار
عـاجـل










يجب أن نؤمن بأن أسوأ من الدولة البوليسية هي الدولة الدينية. وهذا ما أثبته التاريخ البعيد والحديث لنا. فالتاريخ البعيد حدثنا عن جور الكنيسة بحق المواطنين في دول اوروبا القديمة. والتاريخ الحديث نعيش من خلاله مع أسوأ التجارب للدولة الدينية في كل من افغانستان طالبان . ودولة ولاية الفقيه بايران. وأمراء الحرب الاسلاميين في الصومال الممزق. ولمن ينعت عراق اليوم بأنه دولة دينية , فهو على خطئ كبير. فأمراء الطوائف كل الطوائف السنية التكفيرية والشيعية الصفوية , ما هم الا أمراء حرب جاؤوا بحماية الدبابة الامريكية لنهب العراق وتمزيقه , وما الدين الا شرعية ارادوا من خلاله , تطمين المرجعية الدينية الفارسية الجذور في النجف , بانهم حماة الشيعة. ولما كانت هذه المرجعية فارسية بالاصل فقد ارتضت وآثرت الصمت على كل جرائم ونهب هؤلاء الامراء, مادامت تحقق الاغراض المرجوة لها. يكفي ان القاعدة وهم سلفيون تكفيريون يقتلون شيعة العراق العروبيين بالسلاح الايراني.


لنؤمن أيمانا قاطعا بان الدولة البوليسية قد تكون أكثر رحمة من الدولة الدينية أحيانا. وقد يبدو المشهد المصري على ابواب أماطة اللثام عن لؤم وخبث الاخوان المسلمين وتنظيمات السلفيين المتناحرة والمخيفة.


لقد عرفنا الاخوان جماعة أسستها بريطانيا الكولونيالية عام 1928 , ولم تظهر على سطح الاحداث الا يوم قررت أغتيال الزعيم العربي جمال عبدالناصر, في حادثة المنشية الشهيرة. فكان تأديبهم من قبل ناصر ورفاقه قويا وحازما, ولعل اقدام ناصر على أعدام مرشدهم سيد قطب كانت الضربة القاضية الاولى لهم , التي أدخلتهم الى جحورهم سنوات طويلة. ولم يخرجوا الى النور الا بفضل انور السادات, الذي وجدهم خير من يقف بوجه التيارات الناصرية والشيوعية والعروبية, وكعادة الغدر التي جبلوا عليه, كانت عملية اغتيال السادات من قبلهم تنفيذا لأجندات الولايات المتحدة , التي اصبحت ترعاهم بعد أن أفل نجم بريطانيا كقوة عظمى. عمل محمد حسني مبارك الذي خلف السادات في الحكم , على اطلاق سراح كل من كانوا في سجون السادات من كل الاتجاهات , وبضمنهم الاخوان والسلفيين الذين ظهروا على السطح كمتشددين يبزون الاخوان في تشددهم. ولم يمض أقل من عقد من الزمن حتى أستأسد الاخوان والسلفيون من جديد , بعد ان شعروا بأن بمقدورهم ملاعبة مبارك. ولم يدركوا بأن مبارك أصبح رجل اعمال يشارك كبار حرامية مصر من غلاة المال والصناعة. فجأت الضربة القاضية الثانية , لتدخل الاخوان والسلفيين الى السجون. فكان المضحك لاحقا ان تبرأ بعضهم من ممارسة معاداة الحكم واللجوء الى الهدوء والسكينة. أما المتشددون جدا فكانوا نزلاء السجون حتى عشية ثورة الشباب المصري في 25 يناير.


الاسلاميون المصريون بكل شرائحم لايعملون الا من خلال أجندات خارجية, بأستثناء الازهر الذي عمل طوال وجوده كدائرة حكومية , لايخرج عن طوع الحاكم البتة. ويبدو ان الازهر بتركه اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور , قد أصطف مع كل القوى الليبرالية واليسارية والناصرية والماركسية , بالاحتجاج على تفرد حزبي "الحرية والعدالة" و"النور" بالاصرار على كتابة الدستور من منطلق انهم الاغلبية البرلمانية.


يعول البعض اليوم على موقف عساكر المجلس العسكري الحاكم بالتحرك ضد دعاة الاغلبية البرلمانية. ويقال ان هناك من مثقفي مصر من راح يحرض المجلس العسكري على القيام بانقلاب وحل البرلمان.


الانقلاب في مصر اليوم من المستحيلات , فلا المشير ولازملاء السلاح لهم القدرة على قيادة انقلاب , فالانقلاب لايتوفر الا للضباط الشباب والمؤمنين بالتغيير. وضباط المجلس العسكري عواجيز يتحركون تحرك السلحفاة. وأتصور وهذا تصوري كمراقب للشأن المصري بأن الحال سيبقى على ما هو عليه . فالأسلاميون يخافون قوة الشباب المصري ويدركون غضب هذا الشباب عليهم لسرقة الثورة منهم. فالشباب لم يعودوا يثقون بالعواجيز حتى من اصحاب اللحى والجلاليب القصيرة, بدليل ان كثيرا من هؤلاء الشباب نشاهدهم اليوم على الفضائيات المصرية , يعلنون تخليهم عن تنظيمات الاخوان وحزب النور.


أذن ما الحل ؟ .. يبدو انه في علم الغيب . ولكن يبقى تحرك الشباب المصري هو الهاجس الذي يقض مضاجع الاخوان والسلفيين بل ويخيفهم . كما تبقى الضربة القاضية الثالثة بحق أصحاب اللحى قائمة حتى أشعار آخر.


talalmn@yahoo.com

talalazzawi60@yahoo.com

 

 





الاربعاء١٢ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب طلال معروف نجم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.