شبكة ذي قار
عـاجـل










انه لامر مريب ان تتجاهل معظم وسائل الاعلام العربية والعالمية ثورة الشعب العراقي التي مضى عليها اكثر من شهر , في حين تتسابق هذه الوسائل لتدواول اخبار اقل اهمية . الامر نفسه كان مع المقاومة العراقية ضد القوات الامريكية طيلة سنوات الاحتلال , اذ كانت وسائل الاعلام العربية تتناول انباء المقاومة على استحياء وتنسبها الى مصدر غير معروف , في حين ان المقامومة لم تخفي نفسها , بل كانت وما زالت تصدر البيانات العسكرية الموثقة بالصوت والصورة .

 

وانه لامر محزن ان تصمت المنظمات العربية الشعبية والمهنية ازاء ما يجري في العراق , فلم نسمع اصوات التأييد لهذه الثورة السلمية , والعادلة في مطالبها . كما انه امر مريب ان تصمت منظمات حقوق الانسان العربية والعالمية على الجرائم التي ترتكبها عصابات الاحزاب الطائفية وخاصة عصابات حزب الدعوة التابع لنظام الملالي في ايران ضد العراقيين المعتقلين , وانتهاك حرماتهم بالاغتصاب والتعذيب . والاعجب هو صمت السيد مارتن كوبلر رئيس اليونامي في العراق , الذي بات يحابي حكومة المالكي في كل القضايا التي لنظام الملالي موطئ قدم فيها . فهذا الرجل الذي تفرض عليه مهنته ووظيفته الاممية ان يكون محايدا ومهنيا ازاء ما يحدث في العراق , وبالذات كل ما يخص هموم الشعب العراقي الذي ناله من الظلم البين على ايدي مليشيات الاحزاب الطائفية التابعة لايران الشيئ الكثير  . فهذا الرجل لم يقدم تقارير تنال من المالكي او من حكومته الفاسدة . - قال كوبلر- تأييداً للمالكي- عبر قناة الحرة التلفزيونية في 13 كانون الثاني 2013 " ان بعض الشعارات التي رفعها المتظاهرون غير قانونية، ونحن ندعوهم بعدم ترديد شعارات حادة وقوية". وسبق له ان كرر تصريحات المالكي في 15/12/2012  التي نفى فيها  وقوع أي انتهاك لحقوق الانسان في السجون العراقية، أو اغتصاب للسجينات، ودعا الشباب العراقي إلى عدم مغادرة العراق والتعاون مع الحكومة العراقية.(قناة العراقية في 15 كانون الأول 2012) , ويغافل كل التقارير التي فضحت تلك الممارسات المنافية لحقوق الانسان التي ضمنتها الديانات السماوية والقوانين الوضعية .

 

وتأييدا لانحياز كوبلر لحكومة المالكي فقد صرح الدكتور أحمد العلواني رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي بان مارتن كوبلر غير حيادي، ولديه اتصالات مشبوهة مع دول المنطقة وبعض الاحزاب السياسية، ولو كان حيادياً ومهنياً فكان عليه أن يلتقي بالمتظاهرين بدلاً من إجراء اتصالات مع أطراف سياسية معينة، وادعاءه بعدم شرعية مطالب المتظاهرين. ( تلفزيون بغداد في 14 كانون الأول 2013 ) . وايده في ذلك الدكتور سليم الجبوري رئيس لجنة حقوق الانسان في البرلمان العراق اذ قال "أن الأمم المتحدة موجودة في العراق، وكنا نقدم لها التقارير قبل وقت مضى حول قضايا تتعلق بانتهاك حقوق الانسان، وهذا يقودنا إلى الاعتقاد بأن الأمم المتحدة تتعاون مع سياسات يجري تنفيذها في العراق.(الجزيرة في 14 كانون الثاني 2013)

 

في حين نذكر بالشكر موقف اللجنة الدولية للبحث عن العدالة التي ادانت  عمليات القمع والتمييز التي تمارسها الحكومة العراقية، وأعلنت دعمها لانتفاضة الشعب العراقي، واشمئزازها من موقف مبعوث الأمم المتحدة الداعم للمالكي. واعربت اللجنة عن قلقها البالغ ازاء الاجراءات القمعية لحكومة المالكي، وتضامنها مع انتفاضة الشعب العراقي التي وصلت أعلى مستواها يوم الجمعة 18 كانون الثاني، ودعمها لمطالبه .

 

 وتوقفت اللجنة عند الاعدامات العديدة في العراق الصادمة لكل الضمائر الحية ,  فقد كانت الاعدامات عام 2012-طبقاً للأمم المتحدة- ضعف عددها عام 2011، وستة أضعاف عام 2010، كذلك التعذيب وسوء المعاملة للسجناء السياسيين، وبالخصوص الموت تحت التعذيب والاغتصاب، الذي تم تأكيده من قبل منظمات حقوق الانسان المستقلة. ودعت  اللجنة الدولية للبحث عن العدالة الممثل السامي للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية الدول الأعضاء، وغيرها من الدول الغربية لدعم الشعب العراقي بشكل لا لبس فيه، وعدم السماح بإنشاء سوريا جديدة بسبب عدم الاكتراث تجاه دكتاتور جديد في العراق، كما تدعو الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بتعيين ممثل نزيه في العراق لمد يد العون للعملية الديمقراطية هناك، بدلاً من ممثلها الذي يؤيد الدكتاتور.

 

وفي اطار انتهاكات حقوق الانسان في العراق يمكن تسجيل الخروقات الاتية :

 

1.  وفاة عشرات السجناء والمعتقلين بسبب التعذيب القاسي المفضي الى الموت .

 

2-  هروب مئات الآلاف من المسيحيين جراء استهدافهم بأعمال عنف مستمرة، تاركين البلاد كلياً أو جزئياً أو النزوح داخلياً.

 

3-  ارتفاع عدد حالات الاعدام ، وأعربت مفوض الأمم المتحدة لحقوق الانسان "نافي بيلاي" عن فشل المحاكمات التي أفضت إلى الاعدام في تطبيق ضمانات المحاكم الدولية العادلة، حيث تم الحصول على "اعترافات" تحت التعذيب أو غير ذلك من أشكال سوء المعاملة. وحسب اعترافات رسمية فقد ادين 6500 سجين بتهمة الارهاب غالبيتهم ادينوا بدون محاكمة قانونية .

 

4 . نال قانون  "مكافحة الارهاب"،  العديد من عناصرحزب البعث و عناصر الحكومة الوطنية  السابقة بذرائع واهية افضت الى  القتل والقمع. على الرغم من أن المحافظات السنية العراقية غالباً ما تعاني من القمع والضغط والتمييز على نطاق واسع، إلا أن تقارير مؤكدة تشير إلى أن الشيعة - خاصة أولئك الذين يقفون ضد التدخل الإيراني في العراق- يعانون كذلك من القمع بقوة وقسوة، وما يؤكد بشكل قاطع هذه الحقيقة هو سفر ممثلين عن المجتمع الشيعي من المحافظات الجنوبية من أجل دعم واسناد المحتجين في شمال وغرب العراق، وهذا يعني ان حكومة المالكي هي المسؤول الأول عن الطائفية في العراق، لانها  تنفذ أوامر نظام الملالي الشمولي في  إيران ، وإن صمت الولايات المتحدة تجاه عدم إيفاء المالكي بوعوده سيفتح الباب عملياً لتركيز السلطة المطلقة للمالكي وان هذا الرجل التابع هو المشكلة وليس الحل ابدا , ومشكلة العراق لا تحل الا برحيله . كما ان دعم بشار الأسد وتحول العراق إلى ممر لنقل المساعدات الإيرانية إلى نظامه، اجراء يضع المالكي في خانة الارهابيين الذين يقفون ضد ارادة شعبهم في التحرر ونيل العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات .

 

5 .ان تصنيف العراق ضمن الدول الفاشلة من حيث الفساد المالي والاداري , ونقص الخدمات الاساسية للمواطنين , والاعتقال التعسفي ضمن قانون الارهاب , والعنف الذي يمارس ضد المعتقلين , وملاحقة القوى الوطنية والصاق تهم الارهاب بهم , كلها مبررات لقيام الثورة العراقية , ومشروعيتها قانونا وشعبية .

 

6 . كما ان تبعية حكومة المالكي لنظام الملالي في ايران , وفتح ابواب العراق لتسلل الارهابين  من عناصر قوات القدس المعروفة بارهابها العالمي , وغض النظر عن ممارساتها ضد العراقيين , يعد تفريطا بالسيادة الوطنية العراقية , وثلم للاستقلال الوطني .وعليه فمن حق العراقيين ان ينتفضوا للحفاظ على سيادة بلدهم واستقلاله الوطني . فالثورة العراقية مشروعة وفق القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة , الذي يدعو الى احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية . ولما كان نظام الملالي يعيث فسادا في ارض العراق , فمن حق العراقيين ان يثورا ضد من لا يحافظ على سيادة بلدهم واستقلاله .

 

ان استقالة الحكومة وتشكيل مجلس تنفيذي مؤقت يأخذ على عاتقه الاعلان عن انتخابات مبكرة هو الحل المعقول بحيث يفضي الى تشكيل حكومة وطنية غير تابعة لاي طرف خارجي , تأخذ على عاتقها طرد اي وجود اجنبي من العراق , وتسخير ثروات العراق الكبيرة لخدمة العراقيين وليس لدعم الاسد , او سد العجز في الميزانية الايرانية .

 

 

 

 





الاربعاء ١٨ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.