شبكة ذي قار
عـاجـل










في محاولة لاستثارة العصبية المضادة وتأجيج الشارع العراقي بنيران الفتنة الطائفية، تسارع أطراف التحالف الوطني الحاكم، وخاصة تلك الوجوه التي وجدت في الفضائيات فرصة لتسويق نفسها وتسويق أفكارها البائتة، لاسيما نواب ائتلاف دولة القانون، إلى توجيه اتهام جاهز بالطائفية للتظاهرات الشعبية التي شهدتها ست محافظات عراقية تضم نحوا من 40% من سكان العراق، والتي تطالب بوضع حد لاحتكار السلطة وممارسة التعذيب والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في سجون الحكومة السرية والعلنية ووقف العمل بالمادة 4 إرهاب، وإلغاء قانون المساءلة والعدالة، ووضع حد للفساد المالي والإداري المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها، من أعلى مراكزها وحتى أقلها شأنا.

 

ولا تخفى الدوافع الحقيقية لمثل هذا الخطاب المنحرف أخلاقيا وسلوكيا وسياسيا الذي يمكن تلمس رائحته الكريهة من اللحظة الأولى التي يطل بها هؤلاء المكلفون بهذه الوظيفة الرخيصة على الفضائيات العراقية والعراقية المهاجرة والعربية والأجنبية الناطقة بالعربية والمرتبطة بمكاتب المليشيات التي تطلق على نفسهم اسم أحزاب سياسية، وتتلقى الدعم المعنوي من ولاية الفقيه في إيران، هؤلاء يمارسون أسوأ أنواع الإرهاب الفكري ضد كل من لا يشاطرهم رأيهم ومن لا يلطم في أحزانهم ولا يرقص في أفراحهم البعيدة عن كل ما له صلة بالعراق والروح الوطنية، ويظنون أنهم عند اتهامهم للغير بالطائفية، فإن من نسبت إليه هذه التهمة سيعيش هاجسا من خوف الملاحقة بالمادة 4 إرهاب فتقضي على توازن سلوكه وتمنعه من مجرد التفكير السوي وتقيم الموانع الذاتية على طريق المساهمة الإيجابية في قضايا الساعة بل ستتركه حبيس التحسب من القادم من الحادثات.


كما أن سوق تهمة الضلوع في تنفيذ أجندات خارجية أو ما شابه ذلك من التهم التي لا يطلقها إلا الضعفاء والعاجزون وعديمو الثقة بأنفسهم، فإنها تأتي لتغطي على ماض ملوث بالارتباط بأسوأ الأجندات الخارجية التي سمع بها العراقيون، من الأطراف التي تطلقها وتظن أن ذاكرة العراقيين عفا عليها الزمن، فمن يتحدث بهذا الحديث المقلوب هو الذي خطط لاحتلال العراق وتدمير بنية الدولة فيه، وهو الذي يخطط الآن لتدمير التماسك الاجتماعي عن طريق إثارة النعرات الطائفية والمناطقية والعرقية، ويبدو أن هذه الأطراف لم تكتف بما ورد في دستور المحاصصة ( وهو مدمر بكل معنى الكلمة ) من شطر لمكونات الشعب العراقي وترجيح للهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، فراحت توقد نار الفتن أنى وجدت إلى ذلك سبيلا، فوجدت في التظاهرات الشعبية الحاشدة التي شهدتها ست محافظات عراقية، تعبيرا عن نفاد الصبر ويأسا من كل العهود التي أطلقتها أطراف العملية السياسية من وضع حد لسياسة التمايز الطائفي والعرقي والتي كان تتصادم على مدار ساعات اليوم مع كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.


لقد جاءت تظاهرات الحق المسلوب في الفلوجة والرمادي وسامراء والموصل وبغداد، تعبيرا عن إصرار مستميت على استرداد الحقوق الوطنية الثابتة لطيف واسع من أبناء الشعب العراقي، ظن الطغاة أن صبره دليل خنوع وخضوع للأمر الواقع وقبول به إلى الأبد، وأنه اعتراف بالعجز عن استعادة الحقوق الطبيعية التي سطت عليها المليشيات الطائفية والتي ولدت وترعرعت داخل أروقة قوة القدس الإيرانية، ثم تلقفتها المرضعة الثانية أي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فسخرتها لتنفيذ الجزء الثاني من مهمة الإجهاز على ما تبقى من خزين الإرادة الشعبية، لقد كانت تلك المليشيات المهجنة، مثالا للقدرة على جمع النقيضين في سلة واحدة، مع كل ما يعنيه ذلك من فقدان الهوية والانتماء لوطن أو أرض.


إن المعاناة الطويلة التي عاشتها جماهير عراقية عريضة وتحملت الكثير من ضرائب الدم مع إقصاء وتهميش وفرض الوصاية على المواطن وإجباره على سلوك الطريق الذي يتعارض مع قناعاته، أدت إلى انفجار ثورة الغضب بالصورة التي يلاحظها المراقبون، لأن العراقيين وجدوا أن هذا الوضع الشاذ لا يمكن له أن يستمر إلى الأبد، لأنه يتصادم مع مصالحهم وكرامتهم الإنسانية، ولهذا انطلقوا في حراك يهدف إلى تعديل مسار ما يرسم لهم ويفرض عليهم من عقود إذعان جائرة، فكان رد الحكومة كيل التهم الجاهزة بالإرهاب أو العمل بموجب أجندات خارجية.


إن الحديث عن الإرهاب لا يمكن أن يغطي الطابع الإرهابي المسجل بامتياز باسم المليشيات التي ابتكرت فن السيارات المفخخة في العراق والمنطقة والعالم قبل الاحتلال بعشرات السنين، وها هي تبذل جهدها لتلقي بهذه التهمة على غيرها من دون خجل، فسجلها معروف وله آثاره في وزارة التخطيط ومبنى الإذاعة والتلفزيون في بغداد والسفارة العراقية في بيروت في ثمانينات القرن الماضي، وهي اليوم تحاول استنساخ تقاليدها البائسة بدعم مباشر من نوري المالكي الذي كان يقف وراء عرس الدم العراقي في الماضي، فوقف متظاهرا بالبلاهة عندما تم الإعلان عن تشكيل مليشيا المختار لتضم في صفوفها محترفي القتل القدامى ومن هو على استعداد لاحتراف هذه المهنة من القتلة الجدد، وكأن العراق بحاجة إلى هذا العنوان المثير للاشمئزاز والقرف ليضاف إلى سلسلة مليشيات القتل الأعمى على الهوية، والتي وعلى الرغم من أنها أودت بأرواح نحو مليوني عراقي، فإنها لم تتمكن من إطفاء جذوة الإباء والرجولة والتحدي والبسالة في أعمق أعماق هذا الشعب الحي، ولم تتمكن القضاء على الإرادة الحرة في نفوس هذا الشعب العريق.


إن الجهات الحاكمة التي تسوق التهم الجاهزة للتظاهرات الشعبية الحاشدة في مختلف المدن العراقية، تارة بأنها طائفية وتارة أخرى بأنها على صلة بالإرهاب وثالثة بأنها تعمل لصالح أجندات خارجية، إن تلك الجهات تتناسى ماضيها هي بنفسها وتحاول توجيه ما التصق بها فكرا وتنظيما نحو المتظاهرين، كأنها حينما تفعل ذلك فإنها ستتمكن من غسل عارها الذي ما يزال يتجدد على مر الأيام ويعرفه العراقيون بأدق التفاصيل، ولكن من حق المواطن أن يطرح سؤالا محددا، عما إذا كان المالكي والمتحدثين باسمه وهم كثر بفعل زمن الولاءات المتقلبة، على قناعة حقيقية بأن هذه التظاهرات تحمل شيئا مما يوجه إليها؟ وهل يمكن لعاقل أن يجري مقارنة منطقية بين هذا الحراك السلمي، والحراك الذي تتولاه المليشيات الطائفية والتي تحظى بدعم القائد العام للمليشيات المسلحة سياسيا وماليا وتتحرك باسم القوات النظامية لتقتل وتنتهك الأعراض؟


إن من يظن أن الوعي الشعبي معطل بفعل إرهاب الدولة وبطشها فإن وعيه هو المعطل، ومن يظن أن الجماهير ساذجة إلى هذه الدرجة فعليه البحث عن علاج سريع لسذاجته هو، والعراقيون يعرفون جيدا أن من أطلق يد المليشيات الطائفية لتقتل في السنة الأولى لحكومة المالكي، هو المالكي نفسه الذي جهزها بالأسلحة والآليات والعتاد والأهم من هذا كله بالمظلة الأمنية لتفتك بمئات الآلاف من العراقيين في أسوأ محنة عاشها العراقيون منذ غزو المغول والتتار وحتى الغزو الأمريكي البريطاني الإيراني.

 

 





الاثنين ١٤ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / شبــاط / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب نزار السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.