شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يمضي شهراً واحداً على إعلان المقاومة العراقية لمجابهة قوات المالكي الطائفية في 24-4-2013. إلا أن متابعتنا للأخبار ومراقبتنا للأحداث الجارية عن العمليات اليومية التي تشنها فصائل المقاومة المدعومة من العشائر العراقية المناهضة للإحتلال وحكوماته، نستطيع أن نستشف شيئاً من ستراتيجية المقاومة في هذه المرحلة بالذات. إذ رغم الإشتباكات والكمائن والقصف الصاروخي والمدفعي في العديد من المواقع والمراكز لقوات المالكي داخل المحافظات الثائرة، نجد أن الإهتمام بقطع الطُرق الرئيسة التي تربط بين المفاصل المهمة والحيوية واضح وجلي.


ولعل التركيز على محافظة صلاح الدين يبين لنا الصورة على نحو أشمل. فهي تقع على الطريق الرئيسي المؤدي إلى شمال العراق من العاصمة بغداد ومتوجه إلى سامراء وتكريت مروراً في بيجي بالطريق إلى محافظة نينوى. ومن تكريت، مركز المحافظة، هنالك طريق رئيسي يؤدي إلى شمال شرقي محافظة كركوك. وكذلك هنالك طريق رئيسي آخر يقطع المحافظة في بيجي ويتجه صوب الشمال الشرقي وصولاً إلى كركوك أيضاً، وبإتجاه الجنوب الغربي وصولاً لبلدة حديثة الواقعة في محافظة الأنبار، ويعبر إلى مدينة القائم الواقعة على الحدود العراقية السورية. فضلاً عن أن سكة الحديد في العراق تمر عبر محافظة صلاح الدين مع توفر الخدمة من بغداد ولغاية نينوى عن طريق تكريت.


ومن هنا نجد إن رجال المقاومة الأبطال قد فرضوا سيطرتهم التامة على طريق بيجي تكريت بعد هجومهم العنيف على سيطرات قوات المالكي المتكونة من أذرع ميليشية سواء عبر قوات سوات السيئة الصيت، أو المدمجة بقطعات الجيش، أو في تشكيلات الشرطة الإتحادية.


وفي محافظة صلاح الدين أيضاً جرى ما يلي: مسلحوا الفصائل ورجال العشائر أغلقوا طريق العلم الذي يربط تكريت بكركوك. وأكدوا أنهم ليسوا ضد الشرطة المحلية أو أهالي المنطقة، بل مع القوات المالكية التي إقتحمت ساحة الإعتصام وأرتكبت مجزرة الحويجة صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 23-4-2013.


والملاحظ في هذه الإستراتيجية القتالية أن المقاومين لا يريدون الإحتفاظ بالمواقع المكانية التي يطهرونها من نجس قوات المالكي. وإنما تبقي الأرض مفتوحة لصولاتهم، حيث هم مَنْ يختار المكان ويحدد الزمان في التوقيت والتنفيذ. ولذلك تجد أن قوات المالكي قد تركت الكثير من مواقعها وتخلت عن السيطرات التي نصبتها على الطُرق الرئيسة. وهذا ما يؤكد ويثبت نجاعة ستراتيجية المقاومة العراقية التي تمتلك خبرة وحنكة وممارسة ضليعة في خوض المجابهات والمعارك الميدانية. كيف لا وجل بواسلها من عناصر الجيش الوطني السابق الذي يعترف بعقليته الحربية العدو قبل الصديق. بينما قوات المالكي الطائفية تفتقر أشد الإفتقار إلى هذا البنيان العسكري المتراكم.


إن قوات المالكي التي ترتكن إلى الوضع العام حيث الإعتماد على فرض حظر التجوال في المناطق الملتهبة. لكن هذا النهج الأمني لا يحقق لقوات المالكي ذلك التغير العملي الملحوظ على أرض الواقع. بل إنه مجرد إعاقة للحركة المدنية وشل حقيقي للحياة فيها لا أكثر. كما جرى في تكريت مثلاً، حيث أدى إلى تعطيل جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية، بما فيها التعليمية في جامعة تكريت والمعاهد والمدارس. علاوة على غلق المحلات والشركات الأهلية.


هذا إن لم نشير إلى أن حظر التجوال يعكس حالة الذعر والخوف داخل صفوف المالكي. حيث أن أشاوس المقاومة مستمرون في هجوماتهم وضرباتهم الليليلة منها والنهارية. وبالتالي لا يشكل هذا الوضع الأمني الإحترازي أدنى إعاقة فعلية لعمليات للمقاومة ولا تكترث لزمنيته أصلاً. حيث أثناء منع التجوال في بيجي والشرقاط جرت فيهما إشتباكات بين فصائل المقاومة وقوات المالكي.


إن هذه الإستراتيجية في بسط السيطرة على الطُرق الرئيسة، تدفع بقوات المالكي أما أن تلوذ بالفرار هلعة من ضربات المقاومة الفجائية بالظهور والإختفاء، أو التمسك بمواقعها في السيطرات والثكنات. وفي كلتا الحالتين تكون عرضة للخسائر المتواصلة بشرياً ومادياً. مما يوجب على المالكي أن يسحب بعضاً من أذرعه الميليشية في الجنوب والوسط. كما فعل بنقل فوجاً من قوات سوات في البصرة وزجه نحو المناطق الغربية. وهذا الأمر يكون أيضاً لصالح مستقبلية ستراتيجية المقاومة وفي جانبين أثنين.


أولهما : إيقاع المزيد من الخسائر الجسيمة في قوات المالكي. وكما ضعفت قوات الإحتلال الأمريكي في السابق على يد ضربات أبطال المقاومة الوطنية المسلحة، فإن قوات المالكي لا محالة ستلاقي حتمية هذا المصير آجلاً أو عاجلاً.


وثانيهما : رفع الضغط عن الخلايا النائمة لفصائل المقاومة العراقية في الوسط والجنوب. وكذلك شد قوى الممانعة بشكل أمتن وأصلب، جراء نجاعة ستراتيجية المقاومة القتالية.


وهذا نزر يسير لأوضاع ميدانية ستتفاقم تدريجياً حتى يصل الصراع المسلح إلى نقطة الحسم بين فصائل جهادية تؤمن أما بتحقيق النصر أو الشهادة. وبين ميليشيات طائفية وصلت للسلطة عبر تعلقها في درن البصطال الأمريكي الذي توحل بأرض الرافدين فآثر الهروب والإنسحاب. فهل بمقدور المالكي ومن وراءه النظام الإيراني أن يعوا الدرس؟ أم مازال في القوس منزع؟

 

 





الجمعة ٣٠ جمادي الثانية ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيــار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.