شبكة ذي قار
عـاجـل










اليوم وبعد أكثر من عشر أعوام من عمر الاحتلال ، لقي الوطن والمواطن فيها من كل صنوف العذاب والمهانة والتقتيل والتدمير والتهجير وغيره كثير،وبوسائل وأساليب غير معهودة تسجل لهم بكل أمانة سبقا في عالم الجريمة وانتهاك إنسانية الإنسان فضلا عن انتهاكها الصارخ لسيادة الوطن وتسليمه سلعة يتاجر بها في مزاد الهيمنة والاستحواذ والاستلاب للأوطان لصالح أعداء الوطن والإنسان ،واستباحة كل شيء فيه لصالحهم ،فخيرات العراق لم تصان ، ووحدة الشعب والأرض باتتا على كف جان ،والمرؤة هدرت والكرامة انتزعت وحل الطوفان ،وعمّ طرقاتنا مجرى دم ودموع كي تتعافى من هواجسها حيتان وغربان ، وصم الحاكم باسم المحتل القلب واللسان رغم انتفاضة الشعب السلمية والتي فات من عمرها نصف عام وأكثر ،وغلاة الديمقراطية في وطننا المحتل منتهك السيادة منتزع الإرادة مستلب الكرامة والسيادة حجر يتحرك بهيئة إنسان ،عميّ،صمّ عديمو خلق وفهم وحس إنسان ،هو حالنا الذي نعيش في ظل الديمقراطية الأمريكية التي باركها العالم شرقا وغربا وشاركهم بها عرب اللسان ،دون أي زيادة ولا نقصان ، وهم من يريد (تجريم) فهل يستقيم لنا العتب أو اللوم لمن انتزع البسمة من وجه الوطن الغالي العراق ،وهل يستقيم بنا الحال دون فعل يعيد الوطن للوطن ويعيد له الإنسان ،وحري بنا اليوم ونحن نعرض المساعي الحثيثة الخبيثة لإقرار قانون تجريم البعث أن نستذكر بعض المحطات المهمة على طريق تصفية القضية القومية وتصفية جميع العاملين من اجل حمايتها ،ولا شك ولا مبالغة أن قلنا أن البعث في المقدمة منها ، والمستهدف الدائم لكل فعاليات الإجرام التي وجهت نحو الأمة واطرها الناشطة تجاه إعادة صيرورتها وكينونتها كأمة حاضرة بكل قوة في الفضاء العلمي الحضاري العالمي ، وبما يتناسق مع خصائصها ومقوماتها الحضارية التي سبقت العالم لها ،وكي لا نسهب مطولا في التاريخ الوطني والعراقي لعلنا نخفف بعض الشيء على المتلقي ، نبتدئ في المحطة الأولى ،

 

حين شنت الولايات المتحدة الحرب على أفغانستان الحرب وكان السب الأهم والمبرر الأكثر حضورا من وجهة نظرها هو قيام حكومة طالبان بتدمير نصب حجري لشخصية روحية (بوذا) ولتقيم الإدارة الأمريكية الدنيا ولم تقعدها حتى أزاحت طالبان من أفغانستان ، لاعتبارات روعيّ فيها الجانب الروحي لأناس تضرروا من ذلك وللحفاظ على ارث إنساني لا يمكن إلا حمايته ، وكما صفق النظام الرسمي العالمي لضرب العراق ومنهم الأعراب ودعاة الإسلام السياسي من كل صنف ، كان هؤلاء جميعا قد صفقوا للخطوة الأمريكية في ضرب أفغانستان واحتلالها ، وكما في حالة العراق ، سارع النظام الصفوي لحجز حصته من الكعكة وتقديم كل أشكال الدعم لقوات الاحتلال الأمريكي في أفغانستان وحلفائها ، وراح النظام الرسمي الرسمي فرحا في القضاء على حركة طالبان وحكومتها وفقا للمبررات الأمريكية ومن بينها ما ذكرناه أعلاه، دون أن يصب في حضن هذا النظام البائس الخانع أي مصلحة أو امتياز ، عدا اللهم امتياز مشاركته نفقات غزو أفغانستان واحتلالها ،وليسجل مثلبة فضيعة لا تليق بمن ادعى عروبة أو إسلاما بصرف النظر عن خلفيات انتمائه ، لكنه زج في الأمة امة الفرقان بمعارك المحتلين المستعمرين والساعين للهيمنة على الشعوب والعالم في خطوة لا ناقة للأمة فيها ولا جمل ،وليتسمر هذا العالم وهذا النظام الرسمي ( العربي )وهو يشاهد ويلمس ويشارك في عدوان أمريكا والصهيونية على العراق ،وليتغاضى كما النعام عن كل الاختراقات والانتهاكات لأسس السيادة والجيرة والانتماء القومي وأسس الديمقراطية وهم يرون القوات الغازية تدمر العراق وتفتك بأهله ومشاركة البعض من الأشقاء المباشرة في ذلك ، ويصمتون وهم يرون الجرّافات الأمريكية وهي تجرف ضريح المغفور له احمد ميشيل عفلق ،قائد البعث ومؤسسه ،وليجري ذلك في ذات الوقت الذي تصدر به قوات الاحتلال الأمريكية قانون اجتثاث البعث ولتعلن على رؤوس الأشهاد مطاردتها لأي فعل بعثي ،وليصفق كما قلنا لها الجميع دون وازع من خجل من نفس أو ضمير وبمشهد يحمل في ثناياه كل الخنوع والتبعية والركوع للراع الأمريكي على حساب كل القيم والمثل التي أعزنا الله بها إن حملناها عزا وشرفا ، ولكن أن نفرط بها لحساب أعداء  الأمة كي تصان مصالحنا الشخصية وان كان على حساب كرامتنا وحضورنا الشخصي في أواسط شعبنا العربي فهو الهزال بعينه ،وهو الذل الذي يميز من فرط بالأمانة وخان العهد،واليوم والأمة رغم جراحها الغائرة في جسدها ،لم تتمكن قوى الطاغوت من لي ذراعها ، ومرة أخرى كان للبعث ورجاله الأوفياء وأنصاره ومريده الدور الحاسم في إعاقة تنفيذ ما قدم من اجله المحتل ،وبغية إعادة رسم الأوليات وتحديد الفعاليات ، فان وجود البعث ونماء قدرته بفعل ما حققه من مكاسب جماهيرية على ارض الواقع في العراق بتصديه الشجاع للاحتلال وقوات الاحتلال وما نتج عنهما ، وبين أبناء الأمة شرفاءها ،كان لزاما على الإدارة الأمريكية أن تعيد ملاحقة القوة المؤهلة لإحباط جل مخططاتها ،

 

وان تترك التنفيذ لأدواتها في سلطة العمالة في العراق لتنفيذ صفحة هي من الأهمية في مسار الفعل الوطني والقومي ما جعلها تحضى بقبول وحماس كل أطراف الحلف المعادي والعمل على إتمامها بأسرع وقت واقصره ، ومن هنا لا يفاجئنا السكوت المريب لأكبر نظام ديمقراطي كم يحلو أن يطلقوه على أنفسهم عن كل الانتهاكات التي جرت وتحديدا منذ ان عمدت قوات الاحتلال المناورة بالقطعات ،ونقلت عديدها إلى خارج العراق في قواعد آمنة لها ، والتي تمثلت بانتهاكاتها الفاضحة لحقوق الإنسان ، واستخدام القوة المفرطة خارج كل الأسس والسياقات ، والتقتيل الممنهج تحت أكثر من لافتة لم تكن يوما بهذا الوضوح ، وسكوتها عن استخدام السلاح الأمريكي في التصدي للمتظاهرين السلميين وغيره كثير يؤكد أن الفعل الجاري اليوم ما هو إلا تنفيذا لأوامر أمريكية ، ومما يجعلنا في حيرة من الموقف الرسمي السوري إزاء ذلك وإزاء الضغط باتجاه إقرار قانون ( تجريم ) البعث .

 

فهذا النظام العميل الذي أوجدته الإدارة الأمريكية في العراق وبهذه المواصفات والتي يدعي النظام في سوريا نضاله بالضد منها ،والذي بات مهمازا مفضوحا في الصلة بين الإدارة الأمريكية والنظام الصفوي في طهران ،( وهنا نحن نفترض حسن النية فيما يدعيه ) ، أليس حريا به ان يعلق كل علاقته به ( والتي ينتابها الشكوك والشبهة أصلا ) وان يضغط باتجاه إيقاف أي مس بالبعث اسما وفعلا وتنظيما لاعتبار ما يدعيه تمثيله للبعث ، وكي لا يزعل من رفاقنا من يزعل ،فالسؤال موجها أصلا لقواعد البعث في كل مكان ، هذا البعث الذي تنتمون إليه بصرف النظر عن موقع انتمائكم له أكان في الوسط الشرعي أم كان في الوسط المسلوب أو غيره ، وهذا التآمر الذي يحاك ضد البعث الذي ناضلتم من اجل ترسيخ مبادئه ، أليس حريا بنا ان نكتشف الزيف والزور الذي استهدف البعث باسم البعث ، و أليس حريا أن تسارع كل قواعد البعث على مساحات انتشاره في نفض غبار الاستسلام لإرادة المتربصين بالأمة بصرف النظر عن شكل ونوع اللباس الذي يتلحفوا به ، وان نسعى جاهدين تصحيح كل مساراتنا التي ولجناها خطئا ام غفلة بفعل تأثير قوى كانت محسوبة في يوم من الأيام للبعث ،لينشد رفاق فكر الوحدة اليوم الوحدة ويسارعوا إلى إتمام شروط انتمائهم للبعث والطرق جميعها موصل لشرعية القيادة ، وليسارع رفاق فكر الحرية لإعلان حريتهم عن كل النصب والتظليل الذي أوهموا به  ان ظلت قيادات تدعي للبعث على ظلالها ، وليتعافى كل ذي الم جراء التشظي الذي فرض على أداة الأمة في إعادة نهضتها وان ينتفض انتصارا لانتزاع الكرامة والحقوق ، فالبعث نقيض الفرقة والظلم والطغيان ، والضفاف باتت واضحة المعالم ، فهل انتم على ضفة البعث ، لنغادر وبكل قوة وإيمان الالتحاق بضفة البعث ولنساهم جميعا بروح البعث بالتصدي لمؤامرة هي من السعة ما تستوجب حشد كل طاقات شرفاء الأمة وفي مقدمها وحدتها  . حمى الله الأمة وحمى إنسانها ومكن شبابها من الدفاع عنها والانتصار لها بما يحقق الأهداف .

 

الله اكبر حي على الجهاد ، الله اكبر حي على الجهاد

 

 





الاحد ١٤ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب عنه / غفران نجيب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.