شبكة ذي قار
عـاجـل










استيقظت بغداد، أمس، على يوم دموي متوقع، ونزفت الدماء الطاهرة في محافظات أخرى ..


نعم، متوقع وفقاً لـ"نظرية المالكي" المسماة "بعد ما ننطيها"، ولكنهم سيقولون إن السجناء الذين هربوا من السجون هم من نفذ عمليات التفجير هذه، بل أن وكالة أنباء مقربة لوكلاء الاحتلال نقلت قبل التفجير عن مسؤول استخباراتي أن 30 سيارة مفخخة دخلت إلى بغداد ومثلها إلى المحافظات.


وهنا تثور تساؤلات : إذا كان من هرب من السجناء، وقد أعلن وكلاء الاحتلال أن معظمهم ألقي القبض عليه مجدداً، هو من نفذ التفجيرات، فمن نفذ التفجيرات التي حدثت قبل هربهم من السجون؟


وإذا كانت استخبارات وكلاء المحتل تعلم بدخول مثل هذه السيارات، مع العلم أن هذا الادعاء ليس جديداً علينا فهو يتكرر قبل كل تفجير، فلماذا لم يتم ضبط هذه السيارات؟


ثم هناك أمر آخر وهو أن الأمم المتحدة وجهت نداءها إلى وكلاء المحتل بوقف سفك الدماء، فلماذا توجه المنظمة الأممية نداءها إلى هؤلاء الوكلاء دون غيرهم، ألا يدل ذلك على أن الصورة واضحة وأن هؤلاء الوكلاء هم من ينفذ هذه التفجيرات؟


اطلعت، قبل أيام، على صحف قديمة صادرة في العهد الملكي وما بعده، وقرأت فيها أخباراً فردية حدثت، قبل يوم، ومعها وصف للحادثة والتحقيق الأولي فيها، ثم تعود هذه الصحف، بعد أيام، لنشر تفاصيل الحادثة والتحقيق فيها، ونحن من عشر سنوات ننام ونصحو على حوادث جسام ضحاياها بالمئات والألوف ولم نسمع أن تحقيقاً جرى بحادثة واحدة..


إذا قيل لنا إن الحوادث التي جرت في العهد الملكي وما بعده كانت فردية ولم تكن بضخامة ما يجري من حوادث في مثل هذه الأيام، ولذلك نجد السرعة في التحقيق فيها، فنحن نعطي وكلاء الاحتلال الحق ونمنحهم سنوات للكشف عن حوادث التفجيرات، ونقول اكشفوا لنا نتائج التحقيق في تفجير مرقد العسكريين عليهما السلام في سامراء، أو حادثة جسر الأئمة، أو تفجير جامع سارية في بعقوبة، أو سواها من التفجيرات التي حدثت قبل ثماني سنوات.


ليس من عاقل أو مجنون يشك في أن التنسيق الذي تجري فيه هذه التفجيرات من الدقة والتنسيق العاليين بوجود أجهزة أمنية كثيفة، بحيث لا يمكن أن تنفذها إلا أجهزة دولة وبحرية مطلقة ومن دون أي اعتراض. أما محاولة خلط الأوراق وتبرئة المالكي وأجهزته من هذه الجرائم وإسنادها إلى أعداء مفترضين، أو إلى القاعدة وبقايا البعث، كما يسميهم وكلاء الاحتلال، فهي من الغباء بحيث لم تعد تنطلي على أحد، وصارت اسطوانة مشروخة ممجوجة مستهجنة كذبها واضح.


إذا كان المالكي ووكلاء الاحتلال يراهنون على أن مثل هذه التفجيرات ستشعل بين العراقيين حرباً طائفية عجزوا منذ سنوات عن إشعالها فهم ليسو متوهمين فقط، فإن مثل هذا التفكير غبي جداً، فوحدة العراقيين لم تتكون قبل سنوات، وإنما هي موغلة في القدم، بحيث نذكر أن صوم زكريا كان يؤديه المسلمون وهو خاص بالمسيحيين، وكذلك يؤدي المسيحيون طقوساً خاصة بالمسلمين، وكذلك بالنسبة للمسلمين فيما بينهم، وللعراقيين من جميع الألوان، فهل لمثل هذا التماسك والتداخل البهي أن تفككه قنبلة أو عبوة ناسفة أو لاصقة أو سيارة مفخخة؟


هؤلاء مصاصو دماء، وأنا أقول بضمير مستريح، وبجنان واثق إن وكلاء المحتل ليسو من الإسلام في شيء فهم لم يصوموا عن دماء المسلمين حتى في رمضان.


إن الحل أن يصعّد شعبنا اعتصاماته وتظاهراته في جميع انحاء العراق وأن يصر على مطلب إسقاط العملية السياسية التي هي أس البلاء وأداة تدمير وطننا وإبادة شعبنا، وكان أملي أن تتوجه الملايين التي شاركت في إحياء ذكرى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لا إلى النجف الأشرف، وإنما إلى المنطقة الخضراء لإنهاء هذه المهزلة التي أصبح عمرها عشر سنوات والتي جعلت العراق الأول في السوء في جميع المجالات.


إسقاط ما فرضه المحتل وبناء عملية سياسية عراقية هو الحل ولا حل سواه، وأنا أدعو المحافظات التي لم تشارك لا في الاعتصامات وفي التظاهرات إلى الآن أن تخرج عن صمتها وترفع صوتها، فوكلاء الاحتلال، بصمت الصامتين، يستأسدون على شعبنا وهم فئران.

 

 





الثلاثاء ٢١ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.