شبكة ذي قار
عـاجـل










نحن - العراقيين - نلمس في كل يوم الفشل الحكومي في إدارة بلادنا، التي أنهكها الخراب والدمار والفساد، وفي كل ساعة نتابع مهزلة جديدة تقع هنا، أو هناك، في بلاد تمتلك قوات أمنية لا اعتقد أن جميع دول المنطقة تمتلك مثلها من حيث العدة والعدد، إلا أن الذي تختلف به غالبية القوات الأمنية الحكومية عن بقية قوات دول المنطقة هو أن غالبية عناصرها لا يعرفون الولاء والانتماء للعراق.


الحادثة، أو المهزلة التي وقعت، بعد ظهر الأربعاء 4/12/2013، بدأت حينما اقتحمت مجموعة مسلحة ( مول جواهر )، وهو من أكبر المحلات التجارية في كركوك، ( 250 كم شمال بغداد )، ويتكون من خمسة طوابق، واحتجز المسلحون كافة العاملين والمتبضعين في داخل المول؛ وذلك بعد هجومهم على مديرية الاستخبارات العسكرية القريبة من المول.


ورغم كل الإمكانيات التي تمتلكها الأجهزة الأمنية ، والتنسيق بين قوات سوات التابعة للحكومة ، وقوات البيشمركة الكردية ، فإن كل تلك القوات فشلت في اقتحام المول وتخليص الرهائن !


وبعد أكثر من ثمان ساعات وجدت القوات الأمنية «المهنية المدربة تدريباً دقيقاً، والتي صرفت عليها مليارات الدولارات من ميزانية العراق الضخمة» أن الحل الأمثل هو حرق المول بمن فيه، وقد شاهد أهالي ضحايا الجريمة احتراق ذويهم مباشرة، حيث أظهرت لقطات بثتها العديد من الفضائيات العراقية بعد منتصف الليل احتراق ( مول جواهر ) بالكامل !


والمتابع للفضائيات العراقية ليلة الأربعاء الماضي يتأكد من غياب التنسيق، بل حتى التخبط في إدارة الأزمة، ففي العاشرة والنصف مساء أعلن قائد عمليات دجلة عبد الأمير الزيدي على فضائية الشرقية أن محافظ كركوك رفض تدخل الجيش، أو استخدام المروحيات التابعة له لتخليص الرهائن، فيما كذبت قيادة عمليات كركوك المعلومات التي أوردها الزيدي !


والمخجل أن القيادات الأمنية في المحافظة قالت في الساعة الثامنة مساء إن قوة من مكافحة الإرهاب، بدأت بتطهير المول طابقاً بعد الآخر، ثم بعد ذلك تقرر مهاجمة المول بالأسلحة المتوسطة ، وربما الثقيلة أيضاً، وتحرقه على من فيه !


فأين المصداقية في نقل الحقائق للرأي العام، الذي كان يتابع المهزلة عبر القنوات الفضائية، أم أن الاستخفاف بأرواح الأبرياء المحتجزين هو الذي دفع تلك الجهات الأمنية لتضليل الرأي العام، وحرق الرهائن الذين لا ذنب لهم في كل هذه الكارثة، التي تُسقط حكومات في دول أخرى غير العراق؟!


الحصيلة الأولية للخسائر ظهرت، هي الأخرى، بأرقام متناقضة، ففي الوقت الذي ذكرت فيه الأجهزة الأمنية في كركوك أن حصيلة الاشتباكات ارتفعت إلى خمسة قتلى، بينهم ضابط برتبة رائد، وإصابة (60) آخرين بجروح متفاوتة، بعضها خطيرة»، تحدثت مصادر أخرى عن مقتل وإصابة أكثر من (200) شخص في العملية!


والطامة الكبرى، أنه -ومع كل اللغط الذي رافق هذه الكارثة الأمنية المزلزلة، والتي استمرت لأكثر من عشر ساعات- نجد أن رئيس الحكومة، نوري المالكي، استمر في زيارته الرسمية لإيران، ولم يفكر حتى في قطعها والعودة للعراق؛ لمتابعة الأحداث عن كثب، بينما نرى أن رؤساء الحكومات في بلدان كبرى وعظمى يقطعون زياراتهم لمقتل مواطن واحد، كما فعل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم 23/5/2013، حينما قطع زيارته الرسمية لفرنسا؛ بعد مقتل مواطنه بهجوم إرهابي، فأين نحن من هؤلاء؟!


الجريمة المركبة التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية تتمثل في حرقها للمول، واستخدامها الأسلحة المتوسطة، وربما الثقيلة، وعدم محاولتها تخليص الأبرياء، الذين قدر لهم أن يكونوا في تلك الساعة داخل المول، وبعد جريمة الاحتراق المتعمدة لم تستدع الأجهزة الأمنية سيارات الإطفاء، وهذا يعني أن الرهائن ماتوا إما حرقاً، أو خنقاً بالدخان، أو ربما بنيران المجموعة المهاجمة، أو المحتجزة!


هذه هي الصورة في بلادنا اليوم، من ينتقدها يكون منْ الإرهابيين ، ومنْ يسكت عنها يكون - ربما - من الوطنيين !


السؤال الذي يخيم على حادثة كركوك منْ الذي أعطى الضوء الأخضر للقوات الأمنية بإحراق المول على من فيه، ومن المسؤول عن مقتل هؤلاء الرهائن الأبرياء، وهل هكذا تُنفذ عمليات الإنقاذ للمحتجزين في العالم؟!
هل من مجيب؟!


Dr.jasemj1967@yahoo.com

 





السبت ٤ صفر ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب جاسم الشمري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.