بعض الكتاب من أصدقائي على ( الفيس بوك ) كنت شغوفاً بقراءة ما يكتبون وألمس فيه حساً وطنياً وحماسة للتغيير وحثاً على الثورة، حتى إذا ما انطلقت الثورة وعمت العراق وجدت أن شغفي بما يكتبون كان ساذجاً وسطحياً مثل تفكيرهم.

إنهم أداروا ظهورهم لثورة الشعب وأخذوا ينظرون ويحللون ويتوقعون ويتبارون فيما بينهم في تبيان من ستلد العملية السياسية ومن ستنجب وعلى من ستقبل وعمن ستدبر، شاغلين أنفسهم ومجموع العراقيين ممن يقرأون لهم بكلام لم يعد له معنى بوجود الثورة.

ما يكتبه هؤلاء كثير الشبه بمجلس ضمني مع لاهثين وراء العملية السياسية ممن أقنعوا أنفسهم بأنهم يخدمون الشعب بانخراطهم في هذه العملية الاحتلالية وما علموا أنهم زادوا جراح الوطن جرحا بهذا الانخراط المشين، وكان حديثهم كله يدور عن مستقبل العملية السياسية ولا يتجرأون على الحديث عن الثورة التي تصنع غداً مشرقاً للعراق بعد أن أظلمت أرجاءه كلها هذه العملية التي فرضها الاحتلال ويصلي لقطاؤها في محرابها.

الذي يتحدث عن العملية السياسية ويقصر حديثه عليها من دون أن يلتفت إلى تأثيرات الثورة عليها فإنه يخدع قراءه ويخدع نفسه بتصوير أن هذه الثورة هبة وسيقضى عليها بمجرد وصول إمدادات من واشنطن أو طهران، بعد أن نفض نوري المالكي من الإمداد والدعم الداخلي المتوقع مما يسمونه، حسب تصنيفاتهم وتقسيماتهم، الشارع الشيعي، ومن الصحوات التي شكلها وكانت في الهزيمة كالغزال كجيشه الذي لا يمثل العراق.

وخداع النفس علاج للرعب الذي يعيشه لقطاء العملية السياسية ومتابعوهم، وهذا الخداع يشبه إلى حد كبير أحلام اليقظة التي تبتعد عن الواقع كثيرا حتى تغدو لوحة سوريالية.

فتوى المرجعية لم تجد العملية السياسية، فلم يطع هذه الفتوى إلا أراذل القوم والسذج والبسطاء من الناس ممن يعتقدون أن الجنة ستكون بانتظارهم عندما يقتلون وعلى أبوابها يقف آل البيت عليهم السلام في استقبالهم، ولم يجدها كذلك الجيش المليوني ذو النفقات المليارية، ولا مجالس الانقاذ ولا الصحوات قد أغنت فتيلا وصارت يد الثورة فوق أيديهم.. فأين المفر؟

وبعيداً عن أخاديع هؤلاء لأنفسهم وللناس البسطاء فإن الثورة تقدم كل يوم دلائل انتصاراتها وتقدمها المكين نحو أهدافها، وهذه الثورة العظيمة ستوقظهم عما قريب من هذه الأحلام عندما تنظف العراق من منتجات الاحتلال وإفرازاته ومخلفاته وخدمه.. ولسوف يقعن تحرير بغداد على الرؤوس العفنة وقوع الصاعقة والزلزال، وستفاجئهم المدة الزمنية التي سيستغرقها هذا الحدث العظيم، وسيولون الدبر نحو طهران إن أسعفهم الحظ، ولن يسعفهم.

بقي القليل ...

ذهب الكثير وبقي القليل.. ذهب الصعب العسير وبقي السهل اليسير .. فيا ربنا أعنّا على القليل واليسير كما أعنتنا على الكثير والعسير ورد علينا بغداد لأنها العين المبصرة للعراق كما رددت البصر ليعقوب.

رب يسر ولا تعسر فأنت القائل سبحانك : إن بعد العسر يسرا، وأنت اللهم العالم أي عسر مرّ بالعراقيين فارحمنا يا رب..

لا تخاف دركاً ولا تخشى

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ .. فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ .. وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ.
صدق الله العلي العظيم