شبكة ذي قار
عـاجـل










بوضوح وبالمباشر, تحتاج أميركا إلى غطاء يشرعن توافقها مع إيران في السياسات العامة وخاصة في العراق وباقي أقطار الأمة العربية لتجنب نفسها أي تعارض أو تقاطعات تضرها مع شركاءها وفي مقدمتهم الأوربيين. هذا التوافق المقبول من حلفاء أميركا والواقفين معها على خط تماس واحد مع مفاوضات النووي الإيراني والحصار والمقاطعة الاقتصادية المزعومة ضروري لمضي أميركا قدما في اللعب على حبلين متناقضين، هما حبل الخلاف الظاهر والمتفق عليه مع أوربا والكيان الصهيوني كحليف استراتيجي والمتعلق بملف البرنامج النووي الإيراني والذي مضى على الدخول في أنفاقه الغامضة سنوات طويلة لم تتوقف فيه إيران عن تنفيذ برنامجها ولم تنفذ أميركا تهديداتها لإيران، وحبل الاتفاق الضمني والفعلي مع إيران على نقاط عدة على ساحة العراق المحتل وامتدادات المشروع الفارسي الطائفي في عدد من أقطار الأمة العربية :

 

فأميركا بحاجة ملحة إلى اعتماد الطائفية كمنهج سياسي فاعل يحقق لها أهم أهدافها في تمزيق العراق وأقطار الوطن العربي إلى كيانات كارتونية تبعد العرب عن مشروعهم القومي الوحدوي وتحقق للكيان الصهيوني أمنه واستقراره. وإيران هي الأداة الأمثل والأفضل في هذا الاتجاه والهدف الاستراتيجي.

 

وأميركا بحاجة إلى قوة سياسية وعسكرية تحمي مشروعها الاحتلالي في العراق وتقلل خسائرها البشرية والاقتصادية دون أن تؤثر عمليا على جوهر المشروع الأمريكي، وإيران مستعدة لبيع عرضها وشرفها ودينها من أجل أن تحقق موطئ قدم في العراق وارض العرب الأخرى يقربها من حلم الإمبراطورية الفارسية. إن ديماغوجية وهوس الفرس بإقامة إمبراطوريتهم تحت ستار المذهبية المزيف يجعل منهم مطية لأمريكا وللصهيونية من جهة ويعطيهم مرونة الاستفادة من جشع وعدوانية أميركا والصهيونية وهوسها في إضعاف العرب عموما والهيمنة على مقدراتهم.

 

إيران لا تعطي أهمية قصوى للمردودات الاقتصادية المترتبة على هيمنتها، بل يهمها الأرض وأميركا لا تهمها الأرض بقدر ما يهمها السيطرة السياسية والتسيير العام للثروات. وعليه فان أميركا مستعدة أن تغض الطرف عن هيمنة إيران على ارض العراق وارض أقطار عربية أخرى وإيران لا تمانع أن تحصل على فتات اقتصادي وخنوع سياسي مقابل تركيز أقدامها في العراق وارض عربية أخرى.

 

تقوم أميركا عمليا بتوفير ظروف التوافق وتقليص فجوات التعارض بينها وبين حلفاءها وتسد أفواه أية معارضة لتعاونها الضمني والمعلن مع إيران عبر اعتمادها على موضوعة مواجهة ومحاربة الإرهاب. فوجود الإرهاب في العراق وتشكيل تحالف دولي لمحاربته يعطي لأمريكا فسحة كبيرة من القدرة على المناورة في غض الطرف وقبول الشراكة الإيرانية. الإرهاب قناة علنية للعلاقة المشتركة والشراكة التي لا يعارضها احد ولا يتساءل عن ضرورتها احد  وعليه فان وجود الإرهاب في العراق يصبح أمرا ضروريا لإدامة مشروعية التصرف العدواني الأمريكي في العراق ولإدامة قنوات التعاون بين أميركا وإيران.

 

وحيث إن الإرهاب ضرورة ضمن الأطر التي اشرنا إليها فان خلق الإرهاب في العراق وباقي أقطار الأمة التي تسعى إيران للسيطرة عليها فان من واجب أميركا أن تخلقه وتهيئ مستلزمات إدامته بصيغه المختلفة, فإرهاب المليشيات المرتبطة بإيران لا تراه أميركا، بل يراه مَن يقع عليهم ظلمه ودمويته وإرهاب القاعدة لا يراه غير مَن تقع عليهم دمويته وظلمه وتأثيراته ومعهم أميركا!!. إن تصنيع الإرهاب صار حرفة من حرف المخابرات المركزية الأمريكية لإدامة قنوات الشراكة مع إيران ومنح التعاون الأمريكي الإيراني نوعا من المشروعية الدولية. وهذا التعاون وهذه الحرفية تتطلب :

 

أولا : اعتبار أي مقاومة للاحتلال الأمريكي ومَن يسير في ركبه إرهاب

ثانيا : خلق خلايا إرهابية بشكل دوري

ثالثا : استحداث أهداف متجددة للإرهاب

 

رابعا : خرق أية جبهة للمقاومة والثورة بتشكيل إرهابي أو أكثر لشرعنة ذبحها مع حاضنتها الشعبية وتدمير البنى التحتية للمدن العراقية التي تثور. ولا تفرق أميركا بين كربلاء والموصل في مسارات التدمير، فالمهم عندها أن تجني إيران ثمار تعاونها وخدماتها الجليلة للمشروع الامبريالي الصهيوني ويستمر المشروع حيا يتنفس ويجدد فرصه.

 

العلاقة السياسية والتخادم الاحتلالي الأمريكي الإيراني الصهيوني صار حقيقة صارخة والاستخدام اللااخلاقي الإجرامي للطائفية والإرهاب أمرا جليا لا غبار عليه ولا ينكره إلا خدم المشروعين الامبريالي الصهيوني والطائفي الفارسي. وقد ركب العار أميركا بقبول سطوة الإرهاب الفارسي والإرهابيين الفرس وآخرهم المجرم أبو مهدي المهندس ليكون عنصرا من عناصر مواجهة الإرهاب المصنوع في إيران وأميركا.






الثلاثاء ١٥ ربيع الاول ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.