شبكة ذي قار
عـاجـل










كتب الاستاذ الفاضل د. عبد الله حمادي، الاستاذ المتمرس والمتقاعد من جامعة قسنطينة في الجزائر تساؤلا نقديا على صفحة التواصل الاجتماعي له، نورده نصاً :

( لا حظت أنّ هذا الجيل من شعراء الشباب لا يُذْكر على ألسنتهم الشاعر الفحل مصطفى الغماري ، لا أدري ما السبب؟؟؟)
إن لم يكن مثل هذا السؤال الذكي قد طرح من الأستاذ د. عبد الله حمادي، وهو الشاعر والناقد والمهتم بحركة الشعر الجزائري ، لما خضنا في النقاش حوله، خصوصاً انه وضع تقييمه لمصطفى الغماري ضمن صيغة التساؤل بوصفه للغماري " الشاعر الفحل"..

هذا التعقيب ليس موجها الى الاستاذ الفاضل د. عبد الله حمادي؛ بل على بعض من كتبوا ردودا وتعليقات حول الموضوع وهم كثر وقلة منهم علقوا فأفاضوا وحولوا السؤال الى متاهة جانبية بخصوص السؤال الاصلي الوارد بهذه الصيغة : ( لا حظت أنّ هذا الجيل من شعراء الشباب لا يُذْكر على ألسنتهم الشاعر الفحل مصطفى الغماري ، لا أدري ما السبب؟؟؟).

وهنا سوف لن أخوض المناقشةً في شاعرية وعدم شاعرية مصطفى الغماري، بل سأتناول جوانب من أسباب عزلته وتراجعه، ومن ثم اختفائه من على ريادة الحضور على المسرح الشعري في الجزائر، حتى تناسته الأجيال الشعرية الحاضرة، وخاصة شعراء الشباب.

وبعيدا عن نرجسية كل شاعر وحالته النفسية، إننا نتفق مع الكثيرين ممن تناولوا سلوكيات مصطفى الغماري، بوصفه بات مغروراً، ثم متعالياً، ثم حشر نفسه في زاوية التشيع المعلنة، معلنا ولاءه للخميني واتباعه، طامعا بما قدم له الايرانيوم من حضوة ودعوات وزيارات الى ايران، وترجمة شعره الى الفارسية وطبعها ونشرها ، استثناء عن مئات الشعراء العرب عامة والجزائريين خاصة، ، حتى وصل به الأمر أن اصبح كاتب هجاء ضد كل من يخالف سياسة الخميني ومذهبه ونهجه في ما يسمى مبدأ " تصدير الثورة" ونشر التشيع بوجهه الصفوي ، ووصل الأمر بمصطفى الغماري الى الوقوف حتى مع حصار شعب العراق، شماتة بالنظام الوطني، وبعدها أيد غزو واحتلال العراق2003، ومشايعة العملاء ممن جاؤوا مع الدبابات الأمريكية، مناصرا لغلاة التطرف الشيعي في العراق ولبنان والوطن العربي.

من وجهة نظري ، تلك هي هم أسباب عزلته وعزوف أهلنا في الجزائر عن الاقتراب منه ومتابعة نشاطه الشعري.

كنت قد ضمنت نشر عدد من قصائد الغماري في كتابي ( ام المعارك في ديوان الشعر الجزائري) الصادر في عين مليلة، من دار الهدى عام 1994 ، وكانت قصائد مصطفى الغماري عند دخول القوات العراقية الكويت هي أولى القصائد التي حيَّت العراق ، بعد اربعة أيام من دخول القوات العراقية للكويت، وكلها كانت منشورة في الصحافة الجزائرية في حينها ، أولها كانت قصيدة " على كل بئر أمير" وغيرها من القصائد التي انتقدت حكام الخليج العربي بهجاء شعري .

ولما انتشرت تلك القصائد ولاقت قبولا شعبيا حينها، سكت الغماري، ولكن تغير موقفه بعد العدوان الثلاثيني على العراق وما رافق العدوان، انتفاضة الغوغاء بدفع وتحريض من حكومة طهران، فغاض الغماري نشرها، وظن ان الناس نسوها، لكنها ظهرت بعد ثلاث اعوام في كتابي المنوه عنه أعلاه، ولان المحتوى الشعري للديوان وقصائده كلها كانت متضامنة مع العراق ومناصرة للرئيس الراحل صدام حسين، عبر عنها عنوان الكتاب، فلم يجد مصطفى الغماري بدا إلا أن هجا الرئيس الراحل صدام حسين والبعث وناصر الغزو والاحتلال.، وارسل لي طلبا بعدم تضمين قصائده في الطبعات التالية للكتاب، فأجبته ان القصائد والديوان ملك الشعب الجزائري وتعبير عن وجدان كتاب وشعراء الجزائر، ولن احذف منها قصيدة واحدة، واذا كان الغماري نادما عن قوله تلك القصائد، فما عليه الا ان يصدر بيانا أو اعلانا يصرح فيه عن تخليه عن تلك القصائد.

بعدها وفي محافل وندوات عدة، وأنا وغيري يشهد على ذلك، فقد انسحب مصطفى الغماري من قاعات ومحاضرات وندوات كانت تتضامن مع العراق، بمجرد ان يسمع اشارة او كلمة او قصيدة تدعو الى نصرة شعب العراق وقيادته، وتحي مقاومته الوطنية ضد الاحتلال الامريكي، أو بمجرد استنكار الدور الفارسي التخريبي في العراق بالشراكة مع الأمريكيين ومداهنة " الشيطان الأكبر"..

واذا كان الغماري قد أضحى داعية للتشيع، ووصل به الأمر أن طرد من قاعة التدريس في جامعة غرداية باستنكار طلابه لأقواله وترهاته ، فان مواقفه المستفزة لمحاوريه جعلته منبوذا ومعزولا ، بغض النظر عن مدى طاقته الشعرية والابداعية؛ فالشاعر ليس بقدرته على النظم وكتابة الشعر فقط؛ إن لم يكن شعره وسلوكه مقترنا بمواقفه الصادقة من قضايا شعبه وامته؛ كما ان التحول الشعري عند الغماري بتمجيده لقادة ايران جعلته في مصاف الكتاب والشعراء المحسوبين على "الشعوبية "، تلك الظاهرة المرذولة في الأدب العربي، والمستنكرة منذ زمن ابن المقفع وغيره ، وأولئك الذين تناستهم أممهم وشعوبهم، بسبب وقوفهم مع الاعاجم والفرس ضد عروبتهم منذ العصر العباسي.

احي كل المتناقشين في هذا الحوار على صفحات التواصل الاجتماعي والذين كتبوا هنا آراءهم هنا للرد على تساؤل أستاذنا الفاضل د. عبد الله حمادي، لكني استغرب هنا محدداً، ان حوّل البعض تعليقاتهم، لا للإشادة بشعرية الغماري؛ بل في تعاطفهم المفضوح من تشَّيعه الصفوي، بحيث كرّس المعلق الشيخ حروز الفرصة، لا للتعليق بجملة أو رأي أو فقرة، بل تطوع لعرض السيرة الشيعية الكاملة للغماري، وليس بعرض السيرة الشعرية لمصطفى الغماري، ناقلا من النصوص الشعرية والنثرية ما انتقاه الشيخ حروز بدقة واضحة واستهداف لليشير نيابة عن مصطفى الغماري، الى كل ما يدين خصوم ايران الصفوية، والاساءة الى قادة عروبة العراق؛ بل عرض في ثنايا التعليق المبطن، بالتقية المعروفة، عند دعاة التشيع، ما يُمَّجد خميني والترحم الكاذب على روح الصدرين، وكل المتآمرين على عروبة العراق.

وللحديث عودة اخرى في مقالة تفصيلية خاصة عن الموضوع بوثائقه وتفصيلاته





الثلاثاء ٢٢ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.