شبكة ذي قار
عـاجـل










فوجئت بالاتصالات تنهال عليّ بعد نشري مقال ( لست بعثياً ولكنكم اخطأتم بحظر البعث )، من أصدقاء قطعتنا الدنيا ومشاغلها عن بعض الكثير منهم يشيد بالمقال، وواحد شتمني من منطلق طائفي، وقال لي كيف تتحدث بمثل هذا الخطاب مع ( جماعتنا الشيعة ) يا مرتد، وآخرون دعوني إلى مواصلة الكتابة، علماً أني لا أملك صفحة على الفيس بوك، لأني أهرب من وسيلة التواصل هذه هربي من الجرب والجذام، ولكني أطلعت صديق طفولتي قاسم عباس العامري على المقال مكتوباً بخط يدي فطلب مني أن يصور أوراق المقال بجهاز هاتفه، وإذا بمقالي يتسرب إلى الفيس بوك وتويتر ومواقع الكترونية حاملاً اسمي الصريح .. فسامحك الله يا صديقي قاسم.

لكن اتصالاً واحداً لفت نظري وكان من شيخ عجوز خاطبته بكلمة ( عمي )، وأخبرني أنه كان من قادة الحزب الوطني الديمقراطي الذي لا أعرف عنه شيئاً لأني من مواليد 1990، ولكن هذا العم كان قد تعايش مع مؤسسي ذلك الحزب، ورفض أن أذكر اسمه، واحتراماً لرغبته اسمحوا لي أن لا أذكره.

قال لي بكلمات حانية : يا ابن أخي كيف ذهب بك الظن إلى أن من سلطهم علينا الاحتلال يقصدون زيادة العقوبات على البعثيين ونحن نعلم أن القوانين التي أصدروها ضد حزب البعث لا تحتمل المزيد، وكنت أتمنى أن تنتبه، وأنت تكتب، إلى أنهم أصدروا هذا القانون ليشملوا به جميع العراقيين، وخصوصاً من يعارضهم، فهم وضعوه لتخويف الناس وإرهابهم ومحاولة إسكاتهم أكثر مما يستهدفون به البعثيين، بعد أن وجدوا شعارات البعثيين ومطاليبهم تتردد على ألسنة الكسبة والحمالين وسائر أصحاب المهن البسطاء.

وواصل حديثه، بينما كانت بين يدي ورقة وقلم وأسجل ما يقول، حتى ظن أن الاتصال بيننا انقطع : يا ابن أخي لقد قتلوا من البعثيين وحدهم منذ الاحتلال إلى الآن 160 ألفاً، ينقص هذا العدد قليلاً أو يزيد وطاردوا الباقين وقطعوا مصادر رزقهم وشردوهم وأجاعوا عائلاتهم، لكن، والشهادة لله، كان هؤلاء البعثيون صلبين ولم يتبخروا مثلما أشرت بذكاء في مقالك، ولكي لا تظن أني بعثي أقول لك إن البعثيين أخطأوا كثيراً عندما كانوا في السلطة، ولكن كثرة تلك الأخطاء كانت ناتجة عن كثرة عملهم، فمن يعمل يخطأ، ووحده الساكن من لا يخطأ، ولكن البعثيين لم يرتكبوا خطايا مثلما ارتكب من أسميتهم ( جماعتنا ).

واتصل بي صديق آخر لم التقه منذ 2006 بسبب تهجير عائلته من منطقتنا في ذروة الجنون الطائفي اسمه عمر حسان مشيداً بالمقال ولكنه عاتبني على خطابي مع ( جماعتنا ) وقال لي كأنك تنصحهم وهم عن النصائح غافلون وبالسرقات منشغلون .. أرأيت الفضيحة التي فجرها في برلمانهم خالد العبيدي وزير الدفاع ؟.. هؤلاء يا صديقي ساقطون لذلك لم يعد أحد يطالب بسقوطهم، إذ كيف تريد للساقط أن يسقط ؟

ولمح لي صديقي عمر أنه يستطيع مساعدتي في أن أكون بعثياً إذا كنت جاداً، ولكني تجاهلت تلميحه وانتقلت به إلى مواضيع أخرى، فغالبية أصدقائي في منطقتنا ارتبطوا فعلياً بالحزب وعرفت ذلك من خلال بحثهم عن أدبيات الحزب وبياناته، وقال لي أحدهم : اسمع يا حسين إذا قررت يوماً أن تكون بطلاً فكن بعثياً.

وعندما أنهى صديقي عمر اتصاله بقي سؤاله يرن في رأسي : كيف تريد للساقط أن يسقط ؟.

ملاحظة مهمة جداً :
بعد إنجازي كتابة هذا المقال لم أجد بداً من الاتصال بصديقي قاسم عباس العامري ، وطلبت منه اللقاء في المقهى التي اعتدنا ارتيادها فجاءني متردداً حاسباً أني سأعنفه على تسريبه المقال السابق ، ولكنه فؤجئ بطلبي منه أن يأخذ المقال الجديد ويسربه بالطريقة نفسها، لأني وجدت أن من واجبي الأخلاقي أن أتواصل معكم لأطلعكم على أصداء المقال السابق.





الاربعاء ٣٠ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب حسين باقر الحسناوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.