شبكة ذي قار
عـاجـل










كي لا ننسى، نعيد التذكير بأهداف دستور بول بريمر الذي وضعه لعراق ما بعد الاحتلال، ذلك الدستور ما وُضع إلاَّ من أجل تثبيت تفتيت العراق إلى دويلات طائفية. والتفتيت يعني أنه ممنوع على العراق أن يعود دولة موحَّدة.

ونعيد التذكير أيضاً أن إدارة جورج بوش الإبن قد بدأت، منذ العام 2004، في التحضير لتشريع وجودها في العراق بتشكيل مؤسسات سياسية تحت شعارات الديموقراطية، ومن أهمها كان انتخاب مجلس نيابي يتم تعيينه محاصصة بين مكونات العراق الطائفية. وتحت خيمته يتم تمرير ما يريد الاحتلال من قوانين ومعاهدات تخدم مصالح الاحتلال.

ونعيد التذكير أيضاً وأيضاً أنه عندما لزَّمت إدارة أوباما العراق للمقاول الإيراني، فإنما كانت تلك الإدارة على يقين من أن ذلك المقاول سيكون حريصاً أشد الحرص على إبقاء العراق مفتتاً تتناحر طوائفه وتتقاتل من جهة، ولأن المقاول الإيراني لا يستطيع أن يسيطر عليه موحداً من جهة أخرى.

ولأن واقع العراق محكوم بمطرقة الولايات المتحدة الأميركية، وسندان نظام ولاية الفقيه في إيران، فالعراق يسير من سيء إلى أسوأ.

بعد حل الجيش العراقي الوطني خوفاً من عقيدته الوطنية الجامعة، تم تشكيل جيش بديل مسلوب العقيدة الوطنية، وكان تغيير العقيدة لكي يُستخدم من أجل حماية الاحتلال وعمليته السياسية.

آخذين مقدمة المقال هذا بعين الاعتبار، لنربط بين ما كان مخططاً له وبين تمرير ( قانون الحشد الشعبي ) الذي أقرَّه ما يُسمى بـ ( مجلس نواب عملية الاحتلال السياسية ) قبل أيام معدودات. ومن خلال ربط وقائع ما حصل من إعدادات في السنوات الأولى للاحتلال بما يجري الآن، يصبح من الواضح أن هناك خطوة خطيرة أخرى يتم تنفيذها الآن في رسم مستقبل العراق.

لا شك بأن مرتكب الجريمة الأول بحق العراق هو الولايات المتحدة الأميركية، وهي المسؤولة أيضاً عن تسليمه لنظام الملالي في طهران. ولما تلقَّف ذلك النظام فرصة التسليم، اعتبر أن أوهامه في بناء إمبراطورية فارسية أصبحت حقيقية، ولهذا أخذ يفصِّل للعراق ثوباً على مقاييس أيديولوجية النظام الإمبراطوري الفارسي. فكانت آخر وسائله بعد إعلان بغداد عاصمة لتلك الإمبراطورية، أنه سيعمل على فرسنة كل شيء في العراق. ومن المؤكد أن الإمساك الأمني بالعراق هي من أولويات وسائله في تنفيذ مخططه الإمبراطوري. وإنه بعد أن وثِق بأن تطبيق فتوى السيستاني بتأسيس ( الحشد الشعبي ) أصابت نجاحاً باهراً، وتأييداً غربياً مشبوهاً، انتقل إلى خطوته الثانية والأساسية في نقل الصلاحيات الأمنية والعسكرية في العراق من المؤٍٍسسة العسكرية الحكومية، التي هي هشَّة بالأساس، إلى اعتبار ( الحشد الشعبي ) قوة أساسية في حفظ الأمن في العراق.

وهنا، نعتبر أن الحشد الشعبي هو الصنو الرديف للحرس الثوري الإيراني. وكما يعتمد الولي الفقيه في إيران على حفظ أمن النظام بواسطة الحرس المذكور اطمئناناً لولاء قياداته المطلقة له، فإن ذلك الولي لن يطمئن إلى ولاء غيره من المؤسسات الأمنية والعسكرية في العراق، ولهذا السبب أمر بتشريع إدخال ميليشيات الحشد الشعبي من أجل ضمان الإمساك بالأمن بشكل رسمي على كل الأراضي العراقية. وإذا كان البعض يعتبر أن ذلك القانون يعمل على تشريع وجود الميليشيات لكان الأمر سهلاً، لأن الميليشيات تكون محكومة عادة بمرجعيات متعددة ومتقاتلة وقد يكون ولاؤها لقادتها لتدافع عن مصالحهم، ويكون من السهل اللعب على تناقضاتها، ولكن إقرار ( قانون الحشد ) كان من أجل تجميع كل الميلشيات في ميليشيا واحدة يقودها من أثبت أنه صادق الولاء لنظام ولاية الفقيه من جهة، ولضمان تدخلها في كل أنحاء العراق من جهة أخرى. وكل هذا يعني أنها ستكون حكماً تحت قيادة حاكم العراق الإيراني الذي بدوره يمثل عامل الثقة الأول لحاكم إيران الفعلي. وبالنتيجة النهائية سيكون تدخل ذلك الحاكم مشروعاً في كل مفاصل الأمن في العراق من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وهي نتيجة من دون شك ستؤدي إلى تطبيق وعود القادة الإيرانيين بأن العراق أصبح الولاية الثانية المضمونة الولاء في جسد إمبراطورية الفرس.





الاربعاء ٣٠ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.