شبكة ذي قار
عـاجـل










لقد أقتضت حكمة الله فينا ان جعلنا ميالين لمخالطة الآخرين والتودد اليهم والتقرب منهم ومصاحبتهم ومجالستهم ومشاركتهم كثير من نجواهم وسلوكياتهم وأفعالهم وما لذلك من تأثير كبيرعلى مصالحنا ومصائرنا ومستقبلنا في دنيانا وآخرتنا وطبيعة الحال ان من يتقرب من الطيب يجد طيبا ومن يتقرب من السوء يحصد شوكا وألما وحسرة وعلينا ان نختار بين هذا وذاك نساءا او رجالا فالكل سواء في ذلك

أن من صفات المرء الكامل أنتقاء معادن الرجال قبل مصاحبتهم وأختيارالصالح منهم المشهوربايمانه وثقافته وعلمه وطيب خلقه من اللذين اذا تكلم صدق وأذا عاهد اوفى وأذا طلبته فعل ان رآك تعمل خيرا شجعك عليه وشاركك فيه بدلا من صاحب يدفعك للظلالة والضياع فتهلكان معا فقد يكون الصديق سببا في نجاتك او خراب شأنك كما ان مجالسة الرجال العلماء الأتقياء من ذوي العقول والألباب

ومتابعة فصول الفنون وجليل الأداب والأستماع الى خطباء المنابروأئمة المحراب ضرورة لنا في حياتنا ومماتنا وطريق معبَد لنجاتنا ففي ذلك أجوبة لأسئلتنا وحل لما يورق حياتنا وبيان لشريعة ديننا وفضيلة مناهجنا وأن في ذلك متعة وفائدة وطلب علم ونجاح وسيلة وحسن قول وطريق صواب وقيل ان من يحسن السؤال ويتفحص بالمقال يصل الى جليل المئال دون ان يكثر في الكلام ولا يباهي بالخطاب والعالم والحكيم اذا سأله أحد اجاب بما يقتضي وأسهب بما يفي دون أطالة او نقصان فقد قيل ( أغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا ولا تكن الخامس فتُهلك ) وعلى المتعلم أوالطالب ان يكون صامتا منتبها ومتأهبا لسماع الجواب وحفظه في الذاكرة دون تسرع وغفلة . قال ابو اعتاهية

اذا كنت عن ان تحسن الصمت عاجزا فانت عن البلاغ في القول أعجز
يخوض الناس في المقال ليوجزوا وللصمت عن بعض المقالات أوجز

وقيل لعيسى بن مريم عليه السلام
ما مبدي علم الكلام وجهله ؟ قال : عند من هو اعلم منكم وعند الجاهل أذا جالسكم .
فاللسان كما معروف خادم الأنسان ومعبرا

عن فكره ورؤاه ومبينا لأسراره وخفاياه فعندما يملي عليه الفكر قولا سارع للتعبير عنه فاذا كان الفكر ساميا والمعنى جليلا جاد اللسان في التعبير عنه وتلقاه المستمع بقبول وأستحسان وأذا كان الفكر جاهلا خاويا فلا يستطيع اللسان ان يجيد التعبير ويحسن الوقائع وعليه فالسكوت اجدى له ولصاحبه واذا كان السكوت كما يقال من ذهب عند قلة المعرفة فالكلام اجمل أذا كان صحيحا ومعبّرا وجليلا ولا تأتي العلوم من فراغ ولا تأتي المعرفة بدون بحث ولا تأتي البحوث بفائدة الا بمجالسة اللأدباء والعلماء والمفكرين والأستزادة المستمرة من مناهل العلم في المكتبات والمدارس والجامعات لتكون غنيمتنا من العلوم كبيرة وخطانا سليمة ونتائج بحوثنا تامة وناضجة وألستنا رطبة تفوح منها رائحة الرشاد والفلاح وحسن التعبير. يقول احمد بن يحيى بن تغل

لولا الكلام لما تبين الهدى وتعطلت في ديننا الأحكام
فزن الكلام أذا اردت تكلما ودع الفضول ففي الفضول كلام
أذا انت لم ترشد أخاك اذا أتى فعليك منه هجنة وأثام
والنطق افضل من صماتٍ منهمٍ جاء الكتاب بذاك والأسلام

ويبدو ان آبائنا وأجدادنا كانو اكثر خبرة منَا في طرق ابواب العلوم وسبل المعرفة فغالبا ما يصحبنا الآباء الى مجالس الذكر في جوامع كبيسة او الى دواوين العشائر لنتعلم كيف نجلس وكيف نتحدث وكيف نكتسب الخبرة والمعرفة وكيف نصل الى درجات الكمال وقبل ان تتجاوز اعمارنا ثلاث أو اربع سنوات سارعوا الى تسجيلنا في الملالي لنتعلم قراءة القرآن والحروف الأبجدية وبعضا من علوم الدين وكثيرا ما كنَا نجالس شيوخنا وآئمتنا في مجالسهم ونسمع منهم كثيرا من شؤون ديننا ودنيانا حتى قبل ان ندرك الحياة وهذا ما يفسر نبوغ كثير من اجيالنا اليوم في مجالات متعددة بفعل ذلك الغرس الجميل الذي سقوه بالجد والمثابرة والخلق القويم ولهم الفضل في كل ما نصل اليه من علم ومعرفة ورفعة شأن . أن واجب الوالدين والمدرسة والمجتمع والعلماء والأساتذة والدعاة أرشاد العباد الى طرق الكمال وحسن المنال دون تضييق ودون وأكراه فطلب العلم واجب لكل من اراد ان يحقق مناه ويسعى لتثبيت دعائم ايمانه وتقواه وهذا لا يتحقق الا بولوج مناهل العلم ودوام الصلة بالمفكرين والعلماء والمبدعين للوصول الى المستوى المأمول والكمال المقبول ولله الرضى والقبول . .





السبت ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.