شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

1 - الأحداث الأقليمية تؤثر في مجريات الساحة الدولية .

2 - وما يحدث في الساحة الدولية يتداخل في الأوضاع الأقليمية .

3 - التداخل قائم ، وروابطه عضوية، تتوزع في السياسة والأقتصاد والأمن والثقافة، وبالتالي النفوذ والمصالح .. ومن الصعب الأعتقاد بإمكانية النأي عن النفس والأختباء خلف أسوار العزلة .. والأمثلة على هذه التداخلات بين ( الأقليمي والدولي ) كثيرة وبعضها بات يتسم بزعزع أمن وأستقرار دول وقارات، كتدفق اللآجئين جراء الحروب، التي تفرخ ملفات ضاغطة ماديًا وأخلاقيًا وإنسانيًا، إضافة إلى ما يترتب عليها من إستحقاقات قانونية وإعتبارية ، تتطلب معالجات وجهود لتلافي نتائجها الكارثية : كالأغاثة الأنسانية السريعة والتمويل اللآزم والرعاية الصحية والتعليم ومنع التجاوزات ومعالجة الخروقات، التي تصاحب أحداث العنف والحروب، إضافة الى إنتشار الأرهاب في تلك الساحات كنتيجة حتمية .

إن إبقاء الملفات الساخنة مفتوحة في حالة إستنزاف دائم سنين وعقود .. ، وغالبًا ما تعالج أعراضها دون أن تعالج أسبابها، وبدلاً من معالجتها جذريًا، يتم إختزالها ، مثلاً :

- لقد أختزلت قضية إحتلال العراق من لدن أمريكا وإيران، بمحاربة ( داعش ) ، وهي صنيعة الأحتلال الأيراني وبأجواء أمريكية معروفة .

- واختزلت قضية إحتلال سوريا من لدن روسيا وإيران بـ ( محاربة الأرهاب ) والعمل على حماية مجرم الحرب القابع في دمشق على أنه يحارب الأرهاب.

- كما اختزلت قضية نظام طهران الـ ( ثيوقراطي ) المتسلط الذي يعد أحد أخطر النظم الدموية التوسعية في المنطقة والعالم، بـ ( الملف النووي الأيراني ) ، والراهن يحصل إختزال الأختزال بملف الـ ( تجارب الصاروخية البلستية ) .!!

- وأختزلت قضية فلسطين بمسألة ( التوسع الأستيطاني ) ، التي بات الملف الرئيس، الذي يراد وضع محددات له، فيما القضية الأساس لم يتحدث عنها أحد.

- واختزلت أمريكا تعاملها مع مشروع التكامل الأوربي بمسألة المفاوضات بشأن شراكة التجارة والأستثمار العالمي .

- وهنالك في المنطقة إستبداد سلطوي، وإحتلالات إستيطانية مذهبية وعنصرية وإرهاب مليشياوي يرعاه إرهاب الدولة الأيرانية .. فكيف يمكن وضع الأولويات في معالجة هذا الواقع المضطرب؟ من أين تبدأ السياسات؟ محاربة الأرهاب كظاهرة أم محاربة مسببات الأرهاب، وهي معروفة يمكن تحديدها وكما يلي :

أولاً - الأحتلال الأمريكي للعراق .

ثانيًا - الأحتلال الأستيطاني الأيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن .

ثالثًا - إرهاب المليشيات المصنعه إستخباريًا إيرانيًا ( داعش ) و ( الحشد الشعبي ) و ( حزب الدعوة ) في العراق، و ( حزب الله ) في الجنوب اللبناني، و ( الحرس الأيراني ) و ( فيلق القدس الأيراني ) .. كل هذه التشكيلات المسلحة تقودها السلطات الأيرانية وتنفذ أوآمر المرشد الأعلى ( علي خامنئي ) .

رابعًا - النظم القمعية المستبدة المتحجرة في المنطقة .

4 - الأشكالية قد تأخذ في رؤيتها، عدم إدراك طبيعة التداخل في الأحداث .. فالأزمات في منطقة الشرق الأوسط لم تعد إقليمية، إنما هي أزمات لها أبعاد دولية تشترط معالجاتها جذريًا وبصورة جمعية دولية .. مثل : الأرهاب وإنعكاساته – تهجير مدني قسري، وأزمات مالية وإقتصادية وبنيوية ونقدية ومائية وأزمات أمنية وسياسية فضلاً عن أزمة حقوق الأنسان وحقوق الشعوب .. فقضية فلسطين المحتلة الكبرى، وقضية العراق المحتل الكبرى تقعان في قلب المشكلة الكبرى في الشرق الأوسط .

5 - فأذا كانت الدول الكبرى والعظمى ( أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا ) لها حق إستخدام الفيتو، وتنحاز لمصالحها الذاتية، في القضايا المهمة والحيوية التي تلامس مصير الشعوب، فمن يلتزم هذه القضايا ويتولى حمايتها وحماية قواعد القانون الدولي وأهدافه المعلنة ومبادئه، ومن يرعى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة؟!

6 - معظم الأدارات الأمريكية لم تذهب إلى معالجات الملفات ( الأساسية ) إنما ذهبت إلى التفاوض بشأن ملفات ( فرعية ) دون المساس بالقضايا ( الأساسية ) 7 - وإيران تثير في مفاوضاتها معارك ( فرعية ) مفتعلة في قضايا خارجية .. فيما تؤكد مسارات الأحداث عددًا من المسائل المهمة التي ترتبط بأحتلال العراق، تركت لتتراكم مخاطرها الى المستقبل :

أولاً - مسألة إستحواذ إيران على نفط العراق، وإحتلالها عددا كبيرا من آباره .

ثانيًا - وإستحواذ الكويت على نفط العراق .

ثالثًا - وإستحواذ إيران على مياه العراق الأقليمية في شط العرب.

رابعًا - وإستحواذ الكويت على مياه العراق الأقليمية في خور عبد الله.

خامسًا - وقضم إيران للأراضي العراقية ذات المستودعات النفطية والغازية.

سادسًا - وقضم الكويت للأراضي العراقية ذات الحقول النفطية .

سابعًا - تحويل إيران لمجرى روافد الأنهار الدولية النابعة في أراضيها من الوصول إلى مصباتها في العراق .

ثامنًا - تتغاضى إيران عن موضوع التلوث البيئي الناجم عن الحرب في اليابسة والغوارق من السفن والترسبات وحقول الالغام .. وتحكم بسفنها الحربية سيطرتها على شط العرب خلافًا للأتفاقيات الثنائية القديمة المبرمة مع العراق والخاصة بمرتسمات الحدود وتنظيم الملاحة في شط العرب.

ما تقدم هو ملفات مهمة وخطيرة متداخلة مع ملف كبير وأكثر خطورة، هو الأحتلال الأمريكي والأيراني للعراق .. وإن معالجة هذه الملفات المهمة والخطيرة تعد من المسائل التي لا تقبل التأجيل على خط التحرير، وإن خطوات التحرير المرسومة لا تمنع من إعداد ملفاتها القانونية والحقوقية لضمان الحقوق التي لا تسقط بالتقادم .

إيران تهدد الأمن العالمي، بسلوكها السياسي الخارجي :

- جاء في شهادة الجنرال ( ديفيد بترايوس ) الآتي " لقد كانت نشاطات إيران ضارة في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية وأفغانستان .. إنها ضارة في العراق وبدرجات متفاوتة .. فقد عملت طهران على تشجيع الحروب بالوكالة في محاولة لزيادة نفوذها ومواصلة طموحاتها الأقليمية " .

- وشدد ( مايكل فلين ) في مقابلة مع " فوكس نيوز " على ( أن إيران أحد داعمي الأرهاب .. ونحن نقول إننا يمكن أن نعالج الأرهاب، لكن جزءًا من كلامنا الموجه إلى إيران بأنها يجب أن تغادر العراق لمساعدة هذا البلد والأقليم في الأستقرار، وهذا ما نريد أن نفعله ) وأضاف ( حتى الآن، فأن قادة إيران يتعاملون كأنهم قادة الميدان في بعض معارك العراق .. وإن الأيرانيين يريدون الهيمنة، ويريدون التحكم في كامل المنطقة .. إن أفعال إيران تهدد الأستقرار في المنطقة، وتضع حياة الأمريكيين في خطر ) .!!

- فيما يرى ( جيمس ماتيس ) وزير الدفاع الأمريكي ( أن إيران من أكبر مهددي الأمن بالمنطقة بعد القاعدة وداعش .. وإن الأتفاق النووي مع إيران يعتبر ناقص، وما تحقق هو مجرد تعطيل للبرنامج النووي وليس إيقافًا نهائيًا ) .!! .. والمعنى هنا : إعطاء الأولوية لمحاربة القاعدة وداعش ومن ثم إيران المُهدِدَة للأمن بالمنطقة . أما الأتفاق النووي وإعتباره ناقص، وهذا يدعو إلى الأعتقاد بمعالجة هذا النقص بمفاوضات . والذي يجب الوقوف عنده ، ليس تعطيل البرنامج إنما معالجة جذوره وخطوط تسليحه ودوافعه .

- لأيران دور مهم وخطير في تفجير ( حزب الله ) اللبناني لثكنات المارينز في بيروت عام 1983 أسفر عن مقتل ( 241 ) أمريكيًا .. وما تزال إيران لحد الآن تدعم ( حزب الله ) ، الذي اعترف رسميًا بأن تمويله المالي والتسليحي واللوجيستي والسياسي من إيران . كما أن دورها كان واضحًا في تفجير السفارة العراقية في بيروت ، وتفجير ( الخُبَر ) في السعودية ، وتفجير السفارات الأمريكية في أفريقيا واغتيالات في الكويت والعراق .

- ولأيران دور خطير في تصنيع ( داعش ) كمبرر لتمددها في العراق وسوريا تحت دواعي محاربة ( الأرهاب وداعش ) ، ومن الصعب الأعتقاد بعدم إطلاع أمريكا على هذه الأستراتيجية، التي تستهدف قلب معايير الصراع من ( محاربة الأستعمار والصهيونية ) إلى صراع وهمي وغير حقيقي بين طائفتين معروفتين .. فيما الصراع التاريخي هو عربي فارسي .. دفاع عربي مشروع وتوسع فارسي غير مشروع .. وخلق المبرر هو الأداة الأساس للمتغيرات الجيو - سياسية في عموم المنطقة، وعلى هذا، يبدو صراع اللآعبون الأقليميون من خلال مشاريعهم تأخذ نصيبها في جغرافيات المنطقة السيادية دون أي إعتبار لشعوبها .. كل ذلك يتم بمشاركات جدية للدول العظمى والكبرى.

مجلس الأطلسي ورؤيته لنظام دولي جديد :

أصدر فريق عمل برئاسة اليهودية ( مادلين أولبرايت ) وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق في لآية ( بل كلنتون ) و ( ستيفن هارلي ) مستشار الأمن القومي، دراسة إستراتيجية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، بدأ العمل بها منذ عام 2015 تضمنت خطوطًا عامة ، تشير فيها إلى إن دول الشرق الأوسط يمكن أن تلعب دورًا بناءًا في ( نظام دولي ليبرالي ) حيوي وعصري :

1 - تتحمل دول المنطقة مسؤولية رسم مستقبلها .

2 - حاجة دول المنطقة إلى القوى الخارجية .

3 - لا تحتاج دول الشرق الأوسط للأستعمار المهيمن ، ولا لغازٍ ولا لشرطي ، إنما تحتاج إلى المحفز والميسر في مساعدة ( شعوب ) المنطقة ، على بناء نظام دولي جديد .!! ( مجلس الأطلسي : مؤسسة بحثية متخصصة في الشؤون الدولية، يتولى مسؤولية إدارة عشرة مراكز إقليمية وبرامج وظيفية تتعلق بالأمن والأقتصاد الدوليين، ومقره واشنطن ) .

ما الذي تريد أن تصل إليه دراسة المجلس الأطلسي؟ :

1 - تغيير أنماط علاقات دول المنطقة بالقوى الخارجية، ليست بصيغة إستعمار مهيمن ولا بصيغة غزو مباشر ولا بصيغة شرطي يتحكم بمصائر الدول، إنما بصيغة التحفيز وتيسير المنافع المشتركة للفرقاء المعنيون بالتغيير .

2 - وجوب تكريس حاجة دول المنطقة للقوى الخارجية من أجل ( الحماية مدفوعة الثمن ) من جهة، والمساهمة في بناء نظام دولي جديد ) .!!

وهذا، ربما يتطابق مع خط الأدارة الأمريكية الجديدة في تعاملها البراغماتي مع دول المنطقة على وجه التحديد ودول العالم بما تحتويه من ملفات تشترط الحلول على وفق شروط يضعها صانع القرار، المقاول.!!

مقياس قوة عظمى ومحدداتها وإنعكاساتها .. والمرونة التكتيكية للدول الأقليمية في ضوء واقع التداخل بين الدولي والأقليمي :

يتبـــــــــــــــع ..





الجمعة ١٣ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.