شبكة ذي قار
عـاجـل










في يوم الجمعة 17/2/2017 الأسود حصدت التفجيرات الإجرامية وقبلها أمس الخميس في حي الحبيبية وساحة وهران أرواح مئات الشهداء والجرحى وسط صمت وذهول العراقيين والعالم المتفرج على فصول المذبحة.

وفي نفس هذه الجمعة السوداء تقاطعت وانقطعت السبل بعراقيين آخرين، فتواجدوا في مؤتمرات التيه والضياع الوطني، بعد أن تشردوا وتقاتلوا ثم ذهبوا صاغرين وهم متفرقين تحت راياتهم الطائفية والاثنية ليجتمعوا أذلاء ومُهانون يستمعون إلى وصايا بتراريوس ولافروف في قاعات مؤتمرات مدفوعة الأجر في جنيف وموسكو ، أما التعساء فلم يجدوا قاعة تجمعهم ، لكنهم تجمعوا في ساحة التحرير تحت شعار " الصمت يكفي" وبتطبيق كفاح الصمت التكتيكي كما نصحهم ساحرهم الأكبر، تقابلهم حراب وبنادق المليشيات الوقحة من نفس تحالفهم الوثني الطائفي .

عراقيون ضائعون في التيه ، كل يغني ويندب حظه على ليلاه العراقية، يعبر عن حاله بطريق ما باتت تثير سخرية العالم ودهشته من هذه التصرفات الخرقاء.

ذهب " سنة المالكي" وتُبعَهم إلى محفل بجنيف بمال وتمويل خميس الخنجر وسعد البزاز ، وذهب الكرد إلى موسكو يسعون إلى دولة وانفصال، وظل أتباع مقتدى الصدر ببغداد وكربلاء والمثنى ومدن أخرى صامتين حيارى، وعلى أفواههم وضعوا الأشرطة اللاصقة محتجين بطريقة لا صخب بها بما سمي "الصمت التكتيكي" بعد أحداث مجزرة السبت الفائت 11 شباط 2011 ومسيرة التشييع الرمزي لتوابيت بدون جثامين للشهداء يوم الثلاثاء 14 شباط 2017 بينما وقفة ثلة من رجال الداخلية والأمن الحكومي في إحدى المحافظات بأداء التحية العسكرية ويطلقون الرصاص أمام رتل يحمل توابيت فارغة يسير أمامهم في تشييع رمزي آخر.

رطانة بعض العراقيين في التيه المخزي لم تجد من يترجم شعاراتها لهم كي يفهمهم العالم، فالصمت والصراخ وتمثيل المشاهد الممجوجة باتت ممسرحة ولغتها وشعاراتها أضحت تشبه لغة الصم البكم في حوارهم مع سلطة العملية السياسية والمشرفين عليها من ساسة العالم.

تذكرني حالتهم بما كنا نتسلى به ونحن صغار في حل اللغز التالي في حكاية ظريفة كانت تقول :
(... هناك صديقان أحدهما أعمى والآخر أصم أبكم ، وصادف ان الأصم الأبكم رأى في الحلم مناما بأن صديقه الأعمى قد مات ساقطا من علو شاهق... فكيف سيخبره قصة هذا الحلم؟ ويزعج مزاجه بمثل هذا الخبر المشئوم؟؟ ).

وبطبيعة الحال استعصى على ذكائنا في الصغر حل ذلك اللغز لإخبار الأعمى بأنه مات في طيف صديقه الأبكم الأصم ، والجواب كما يعرفه الأذكياء لإيجاد طريقة عملية لحل اللغز هو اللجوء إلى وسيط ثالث يرى ويتكلم ويفهم لغة الإشارة، ليشاهد حركة الصم الأبكم ويترجمها صوتا بكلام فصيح يخبر به ذلك الأعمى ...الخ.

العراقيون المنقسمون شيعا وأحزابا ، اسلامويون بين سنة وشيعة وكرد ذهبوا بلغة الإشارة والنواح لشرح مظلومياتهم في عواصم مثل طهران وموسكو وجنيف، أما مقتدى الصدر وخصومه ببغداد فتوزعوا على متراسين للفتنة، رغب مقتدى الصدر ان يكون الأبكم في ساحة التحرير وجلس غريمه حيدر ألعبادي ونوري المالكي في المنطقة الخضراء يملئون آذانهم صمما ويتلذذون بسماع ورؤية صلي الرصاص وقتل المتظاهرين السلميين وتفجيرات السيارات المفخخة توزع الجحيم على أحياء الفقراء ببغداد.

كم هي حاجتنا للتأمل بما جاء في آيات من القرآن الكريم، وفي صور حال ليست بعيدة عن أحوال النفاق الجاري على ارض العراق. هل من حقنا أن نتساءل هنا:

* ما دلالة تكرار صفة ( صم بكم عمي ) بنفس الترتيب في آيات القرآن الكريم؟.
ولماذا اختلاف الخاتمة ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) و( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171) في سورة البقرة؟؟.
هل هذا الترتيب ( صم بكم عمي )، حيث لا يوجد حرف عطف في آيتي سورة البقرة ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) يعني هذه حالهم، أما في سورة الإسراء ورد نفس الترتيب ( عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ) على نية تكرار العامل، يعني نحشرهم عمياً، ونحشرهم صماً ، ونحشرهم بكماً، فيكون فيها نوع من التمييز للتنبيه أو للتركيز.

وعسى ان يفهم لاعبوا السيرك الأحمق في المضبعة الخضراء أخطار ما إليه ذاهبون ضد إرادة العراق والعراقيين.

وان غدا لناظره قريب،
وأي منقلب سينقلبون





السبت ٢١ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.