شبكة ذي قار
عـاجـل










ما انفكّت مصر تتعرّض لجملة من العمليّات الإرهابيّة الغادرة في محاولة لخلخلة أمنها وتقويض استقرارها وتخريب نسيجها المجتمعيّ، وتتنزّل هذه العمليّات في إطار المخطّط الشّيطانيّ وضمن حلقات المؤامرة الضّخمة التي تستهدف الأمّة العربيّة جمعاء وخاصّة الدّول المؤثّرة فيها والتي تتميّز بثقل إمّا عسكريّ أو جيواستراتيجيّ أو روحيّ أو اقتصاديّ وغير ذلك.

فخلال سنوات ما بعد سقوط مبارك، تصاعدت وتيرة الضّربات ضدّ مصر وتنوّعت وتوسّع مداها محافظة فقط على الجهات الرّاعية أو القائمة عليها وتوزّعت بين استهداف للقوى الأمنيّة والعسكريّة، واغتيالات طالت شخصيّات مهمّة كالمستشارين وغيرهم، لتركّز على أقباط مصر.

إنّ المتابع للشّأن المصريّ يدرك أنّ هذه الأعمال الإجراميّة والإرهابيّة تتّسم في جزء مهمّ منها بالنّزعة الانتقاميّة التي تستهدف النّظام المصريّ والدّولة المصريّة خصوصا بعد تنحية الإخوان المسلمين بدافع الإرادة الشّعبيّة الرّافضة لسياساتهم واختياراتهم والسّاخطة على تردّي أوضاع البلد كافّة إبّان حكمهم، واحتدمت تلك النّزعة خاصّة بعد تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابيّة وحظرها، إلاّ أنّ الجزء الأكبر من العمليّات يتمّ تبنّيه من جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابيّة والتي تؤكّد على مبايعتها للتّنظيم الإرهابيّ داعش، ودأبت الجماعة في كلّ مرّة على تبنّي العمليّات الإرهابيّة التي تضرب مصر وخصوصا تلك التي تستهدف الأقباط والكنائس.

تكرّرت استهدافات الأقباط في مصر وكنائسها، ويبقى من أبرزها حادثة الكنيسة البطرسيّة المجاورة للكاتدرائيّة المرقسيّة مقرّ بابا الأقباط الأرذوكس ناهيك عن عمليّات أخرى، وتواصلت لتضرب خلال الأيّام القليلة الماضية في مدينة العريش إذ جرى اغتيال أكثر من ستّة أقباط ما أدّى لحالة من الرّعب سيطرت على أقباط سيناء ودفعت عائلات كثيرة للنّزوح حيث تجاوز عددها 120 عائلة .

لقد أثار الاعتداء الغادر الآثم الذي طال الأقباط ولاحقهم هذه المرّة في سيناء اهتماما محلّيّا ودوليّا كبيرا، وتعدّدت القراءات التي اقتصرت في سوادها الأعظم على تناول الحدث من جوانبه الفنّيّة السّطحيّة.

ولا يمكننا في الحقيقة التّعرّض لظاهرة استهداف الأقباط دون عرض موضوعيّ لهذا الطّيف الواسع من الجماهير المصريّة ودون الغوص فعليّا في المرامي الحقيقيّة لاستهدافهم المتكرّر.

وبعيدا عن القراءات الاستهلاكيّة، فإنّ الأقباط وعلى عكس ما يعمل على استغلاله كثيرون وخصوصا من أعداء مصر سواء من الدّاخل أو الخارج، ليسوا أبدا أقليّة في بلاد أرض الكنانة حيث يقارب عددهم الاثني عشرة مليونا ، كما أنّهم ليسوا بطائفة ولا هم بوافدين على مصر، بل إنّهم جزء أصيل وأساسّ ومكوّن محوريّ في البنية المجتمعيّة المصريّة منذ آلاف السّنين. ويتميّز الأقباط بأنّهم أشدّ النّاس تعلّقا بمصر وأرضها لقدسيّتها الفريدة في معتقداتهم، فتتنزّل مصر عند الأقباط منزلة أهمّ من كلّ المراكز الرّوحيّة عند غيرهم، فلا يجول ببال قبطيّ واحد أن يهجر مصر أو يستقلّ أرضا غير أرضها إلاّ إذا كانت مغادرته لها طلبا للعلم أو للاستثمار، هذا وتشكّل مساهمة الأقباط في الاقتصاد المصريّ نصيبا مهمّا واستراتيجيّا.

لقد لعب الأقباط طيلة تاريخ مصرا، دورا رياديّا في بناء نهضتها وفي نحت تجاربها كما استبسلوا دوما في الدّفاع عنها دفاعا أصيلا يستند لجذوة الانتماء والفخر به.

وعليه، فإنّ استهداف الأقباط لا يجب أن يٌقْرَأ على أنّه استهداف لطائفة أو أقليّة رغم أنّه يعرض للظّهور بهذا المظهر المخاوز، ولكنّه استهداف لكلّ مصر ولأمنها واستقرارها ومحاولات تعافيها من مخلّفات كثيرة أعاقت مسيرة الإنماء والتّطوير والرّقيّ.

قد لا نأتي بجديد إذا ما أكّدنا مرارا على أنّ مصر تتعرّض منذ سنوات لمؤامرة امبرياليّة صهيونيّة لعلّها الأكبر في تاريخها، حيث تتضاعف أشكال الضّغوط والتّحرّش بها فتتّخذ أشكالا اقتصاديّة حينا وأشكالا أمنيّة أحيانا، وأشكالا مجتمعيّة أحايين أخرى.

يعمل الواقفون خلف ترهيب الأقباط لفرض سياسة الأمر الواقع وهي القاضية أساسا بضرورة تقسيم مصر للإجهاز نهائيّا على المنظومة القوميّة العربيّة الشّاملة ذلك لما لمصر من مركزيّة في جميع المعادلات وطنيّا وقوميّا وإقليميّا ودوليّا، إذ يمرّ مخطّط التّقسيم بمراحل أساسيّة وضروريّة تستوجب تهرئة النّسيج المجتمعيّ وبثّ نوازع الفرقة فيه على أسس مختلفة أهمّها الغطاء الدّينيّ، بالإضافة لإنهاك القوى الأمنيّة ومؤسّسة الجيش المصريّ خصوصا باعتباره جيشا عقائديّا وعروبيّا، وأملا في تحييده عن مهمّته القوميّة بعد حلّ الجيش العراقيّ إثر الغزو وهو الأمر الذي سيساهم إذا ما نجحت هذه المؤامرات في تفتيت الوطن العربيّ كاملا وإعادة رسم خارطته بما يؤبّد تفوّق الكيان الصّهيونيّ في المنطقة من جهة، وبما يسمح بشفط الثّروات والطّاقة العربيّة من جهة أخرى.

وما التّنظيمات الإرهابيّة التي تعمل على ضرب مصر وتقويض أمنها في حقيقتها إلاّ بيادق بيد صنّاع القرار الدّوليّ وأجهزته وهي الرّاعية والموجّهة لتلك الجماعات تسطّر لها الخطط وتكلّفها بالإنجاز والتّنفيذ.

إنّ إدانة استهداف الأقباط وخاصّة من طرف العرب وإن كان مندوبا فإنّه ليس كافيا، كما أنّ عرضه بغرض مزيد إرباك مصر والتّشويش عليها هو تفصّ من الواجب الأخلاقيّ والقانونيّ والسّياسيّ والقوميّ. فعلى العرب أن يستذكروا جيّدا أنّ مصر هي قلب العروبة النّابض، وأنّ في سلامة أرض الكنانة وأهلها سلامة لكلّ العرب، وفي المقابل فإنّ أيّ سوء يحلّ بها ستكون آثاره كارثيّة على جميع العرب.

على العرب اليوم أن يلتفّوا حول مصر وشعبها أقباطا ومسلمين، وأن يمدّوا لها كلّ أشكال الدّعم والمساعدة اقتصاديّا وسياسيّا وديبلوماسيّا وإعلاميّا، وعليهم أن ينتخوا لمصر التي لم تتقاعس يوما عن أداء مهامّها القوميّة تجاه أمّتها قبل أن يحرفها الخائن أنور السّادات عن حاضنتها الطّبيعيّة.

على العرب أن يتدبّروا في الدّعوة الصّارمة التي توجّه بها إليهم أمين عامّ حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ شيخ المجاهدين الرفيق عزّة إبراهيم في خطابه التّاريخيّ في الذّكرى التّاسعة والسّتّين لتأسيس الحزب ومفادها أنّ دعم مصر والوقوف معها بوجه المخطّطات الجهنّميّة التي تستهدفها مهمّة عاجلة ولا مجال للتّهاون أو التّخاذل بشأنها.

حمى الله مصر وشعب مصر.
عاشت مصر حرّة عربيّة مستقلّة.
ولا نامت أعين الجبناء.





الجمعة ٥ جمادي الثانية ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أذار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.