شبكة ذي قار
عـاجـل










في احد المقالات السابقة وصفت ( الغباء ) بانه نوع من انواع ( الموهبة ) ، واليوم ومن بعد ان تذوقنا كشعب عراقي ولد من رحم امة اكرمها ( الله ) ( عزوجل ) بالقران العربي الكريم ، وختم انبيائه بالنبي القريشي الهاشمي العربي ( محمد بن عبدالله ) صلى الله عليه وسلم ، وبعد ان لمسنا بأيدينا وسمعنا بآذاننا، وشاهدنا بأم اعيننا كعراقيين ومعنا الاشقاء العرب ( المسرحيات ) تلو ( المسرحيات ) التي فتحت ابوابها ( مجاناً ) على نفقة ( التجار ) المتاجرين بالدماء الطاهرة ، وجهلة ( العمائم ) المبشرة بالطائفية لنشر الشقاق والنفاق وسوء الاخلاق لإيقاد الفتن التي حصدت وتحصد القتل على الهوية ، واسعار المدن العراقية بنار المجوس الطائفية التي هجرت اهل العراق الى الدول الاقليمية والاجنبية وو..الخ .. جعل من المتابعين الذين تابعوا ( المسرحيات ) المؤلفة سيناريوهاتها من قبل كبار ( المافيات ) الدولية التي تم اخراجها من قبل الدول الكبرى المشهورة ظاهريا بالدفاع عن حقوق الانسان وباطنيا لتظليل واخداع شعوبها والراي العام الدولي ، وبدعم واسناد عمائم ( الدجل ) و ( البدع ) و ( التُقية ) ان يُعَرِفوا معنى كلمة ( المتغابي ) التي تختلف في المعنى اختلافا كبيرا عن ( الغبي ) بانه الشخص الذي تجاهل ويتجاهل بقصد ودراية عن كل ما يدور حوله من اساء تسيئ بسمعته وماله ودينه ومعتقداته ، ومن مسَ ويمسْ بشرف وحرمة بيته وثروة وطنه ، وكرامة وحرمة سيادة وطنه وامته .

طرحي للمصطلحين اعلاه هو ليس التقصيد بالإساءة لأحد ، وانما لأجل ان نضع نحن العراقيين وابناء امتنا النقاط على الاحرف عسى ان نصل الى قناعة تشفي العليل من العلة التي جعلت بنا ان نكون بهذا الحال المزرى اولا ، ولنثبت للتاريخ الاسلامي الثري بالبطولات والفتوحات الاسلامية الذي دَوِنَ ودوِنَ معاركها التي قادها العرب المسلمين الذين كسروا انوف الامبراطوريات تلو الامبراطوريات باننا اما نحن ( اغبياء ) او ( متغابين ) عما جرى ويجري على العراق وما حل بأمته بعد احتلاله ثانيا !!.. وهذا يأتي من خلال طرح الاسئلة التي يقابلها رد فعل لها وكما يلي :-

اين يضع العراقيون والاشقاء العرب انفسهم بعد ان غاب حضورهم عن ساحات التظاهر قبل احتلال العراق ، والتي كانت تعج بجماهير شعبنا وابناء امتنا اثناء تعرض أي دولة من دولنا العربية لأي تهديد اجنبي او اقليمي ، والتي كانت تعبر عن رفضها وتنديدها ، وقد يصل الامر بهم ان يهددوا مصالح كل من هدد من الدول الاجنبية والاقليمية ( مع احترامنا وتقديرنا لمن سمح لشعبه والشعوب التي تظاهرت في ساحات ميادين عواصم دولهم العربية ) مقابل خروج الملايين من شعوب الدول التي غزت واحتلت العراق في كل من ( امريكيا ) و ( بريطانيا ) وو.. الخ من الدول الغربية .. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !!؟.

واين يضع العراقيون واشقائهم العرب انفسهم من عدم تبريرهم لخطأ احتلال العراق الذي تهاوت من بعده دول الامة حتى لو كان التبرير محصورا على المستوى الظاهري لوسائل اعلام النظام الرسمي العربي فقط ، مقابل اعتراف قاد الغزوا والاحتلال من الدول الكبرى امام العالم وشعوبهم والانسانية جمعاء بخطأ فعلهم هذا .. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !!؟ .

واين تضع الانظمة العربية وشعبنا العربي بصورة عامة وشعوب الدول المنكوبة في ( اليمن والعراق وسوريا وليبيا ) نفسها مقابل صمتها ورضاها بالتفرقة والانشقاق وتطوع شعوب دولها الى مجاميع طوائف مذهبية ومناطقيه متناحرة ومتقاتلة فيما بينها وبدعم ( لوجستي ) من الدول الاجنبية والإقليمية ، وبذرائع وحجج دينية والدين منهم براء .. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !؟.

واين يضع العراقيين والعرب انفسهم حين استقبلوا وتفاخروا بالديمقراطية الغربية التي اكتشف امرها امام العالم بعد احتلال العراق ، والتي طبلنا لها واكدنا لصناعها بان نجعل منها ( نموذجاً ) في الشرق الاوسط والمنطقة العربية رغم تذوقنا لطعم انتاجها المصدر الينا بقوة السلاح النووي المحدود والفسفوري والصواريخ العابرة للبحار والقنابل العنقودية وما جربنا منها من بطش قواتها الغازية القمعية ، وانتهاكها ونَهبِها وتدميرها وقتلها وجرفها كل ما هو موجود على سطح ارض العراق والدول العربية اعلاه لتلعب فينا اليوم دوراً تدميرياً لمستقبل الامة وتقدمها وتطورها .. مقابل ( مهازل ) انتخاب عملاء فاسدون ارهابيون في ما يسمى بالمسرحيات ( الانتخابية ) المزورة الوهمية الطائفية .. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !!؟.

واين يضع العراقيين والعرب انفسهم وهم يرون بأم اعينهم ما حل ويحل بالأمة وأقطارها مقابل هيمنة ( استعمارية ) بغيضة مباشرة وغير مباشرة لسبعة اقطار محتلة من قبل ( ايران ) وتحت مظلة ورعاية امريكا ودخول الاحتلال ( الروسي ) ..هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !!؟ .

واين يضع العراقيون والعرب انفسهم من الفلم ( الهندي ) الذي انتج انتاجاً مشتركاً بين ( سلطة العراق الطائفية الصفوية وايران والنظام النصيري في سوريا وحزب الله اللبناني الصفوي ) ، واخرج من قبل الدول العظمى وكتب سيناريوهاته في دهاليز ( الصهيونية العالمية ) ليظهروه على العالم في العراق وسورية وبما يسمى بتنظيم ( الدولة ) الاسلامية أي ( داعش ) رغم معرفة الجميع بمنتجه ومخرجه وكاتب سيناريوهاته وابطاله وممثلوه ..هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !؟.

واين يضع العراقيون والعرب انفسهم بعد معرفتهما بقيام حزب ( اللات ) اللبناني العميل لإيران وبالتنسيق مع الميليشيات العميلة لإيران في العراق ومع النظام السوري بصفقة مشبوهة ومريبة مع ( داعش ) و ( النصرة ) والتي تم بموجبها نقل هذه المجاميع الارهابية الى الحدود العراقية السورية وبالتحديد الى منطقة ( البوكمال ) المقابلة لمنطقة ( القائم ) العراقية مقابل استكمال المخطط الصفوي الذي بدأه العميل نوري المالكي عندما قام بتسليم ( الموصل والانبار وصلاح الدين وديالى ) وغيرها من المحافظات لداعش رغم معرفتنا كعراقيين وعرب بالمخطط الايراني الصفوي الذي لم نستفد من دروسه منذ احتلال العراق ولغاية يومنا هذا .. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !!؟.

واين نضع العراقيون انفسهم والجميع على علم سواء كان من قادة الجيش الحكومي ، او من عناصر ما يسمى بالحشد الطائفي بصفقة حزب ( اللات ) التي جاءت مع بدء حكومة العبادي العميلة بالقصف الجوي والمدفعي لأبناء شعبنا في ( تلعفر ) وهدم دورهم وتهجير عشرات الالوف منهم لأجل ان تحقق ( ايران ) حلم هدفها التوسعي عبر التغيير ( الديموغرافي ) لإحلال الميليشيات العميلة الصفوية فيها ، وفي ظل تخطيط وإشراف الحرس الثوري الايراني الذي يقوده المجرم ( قاسم سليماني ) وبتواطؤ حكومة الميليشيات الطائفية في ( بغداد ) التي لم يصدر منها سوى تصريح خجول لا يمثل الحد الادنى من الموقف المطلوب في الحفاظ على أمن العراق واستقراره.. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !!؟.

واين يضع العراقيون بصورة عامة وابناء الفرات الاوسط والجنوب انفسهم ولم يحركوا ساكنا بل انتابهم الصمت الرهيب جراء ما قام به حزب ( اللات ) اللبناني العميل لإيران وبالتنسيق مع ميليشيات السلطة الطائفية العميلة لإيران في العراق ومع النظام السوري بالصفقة المشبوهة والمريبة مع ( داعش ) و ( النصرة ) لنقل مجاميع ارهابية الى الحدود العراقية السورية منطقة ( البو كمال ) المقابلة لمنطقة القائم العراقية، رغم معرفتهم بصورة اكيدة ، وبما لا يقبل الشك بان وجودهم في هذه المنطقة يشكل تهديداً لمحافظتي ( الانبار ) و ( نينوى ) وبقية ( المدن ) العراقية ومعرفة الجميع بان هذه الصفقة تمثل استكمالا للمخطط الصفوي الذي بدأه العميل ( نوري المالكي ) عندما قام بتسليم ( الموصل والانبار وصلاح الدين ) وغيرها من محافظات العراق لداعش وفق المخطط المرسوم له من ولاية الفقيه لتدميرها وتهجير سكانها.. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !؟.

واين يضع نفسه كل من ارسل فلذة كبده من ابناء العراق بصورة عامة والجنوب والفرات الاوسط بصورة خاصة الى ما يسمى بالحشد ( الميليشياوي ) المؤتمر بأمر الجنرال الايراني ( قاسم سليماني ) وهم يعلمون بالاتفاق الذي ابرمه حزب ( اللات ) الارهابي في لبنان مع عصابات ( داعش ) المجرمة ، وبموافقة ( نظام ) الاسد والتنسيق معه لتأمين انتقالهم من ( عرسال ) اللبنانية الى الحدود السورية العراقية مقابل استلام ( جثث ) عدد من قتلى مرتزقة ايران، ومعرفتهم الدقيقة ايضا بتأييد مجرم الحرب رئيس حزب ( الدعوة ) الارهابي الفاسد العميل لهذا الاتفاق ، وكذلك معرفة الجميع باتفاق العار الذي تم تسليم مدينة ( تلعفر ) من قبل ( داعش ) لحكومة الميليشيات في بغداد، مقابل تأمين انسحابهم بأمان.. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !؟.

واين يضع العراقيون واشقائهم العرب انفسهم حين تبين لهم حقيقة المؤامرة القذرة بما تسمى ( بصفقة ) داعش التي استثمرتها ( ايران ) في تنفيذ مشروعها الفارسي الصفوي التوسعي لاحتلال العراق وسورية وبقية أقطار الامة، رغم معرفة الجميع بهذه ( المؤامرة ) التي راح ضحيتها مئات الالاف من المدنيين الابرياء ،وتدمير المدن وتشريد وتهجير كل اهلها الى دول الجوار والمهجر .. هل في خانة ( الغباء ) ام ( التغابي ) !؟.

 

العراق المحتل بالاحتلال الصفوي / النجف الاشرف
 ١٠ / أيلول / ٢٠١٧





الثلاثاء ٢١ ذو الحجــة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أيلول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ابو علي الياسري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.