شبكة ذي قار
عـاجـل










القانون الانتخابي الذي ستجري على أساسه العملية الانتخابية، يتم التعامل معه باعتباره القانون النافذ، وهو رأى النور بعد مخاض عسير، وبعد "قدح وذم وتشهير" بقانون الستين الذي كان يرتكز على النظام الأكثري في احتساب الفوز بالمقاعد النيابية.

القانون الجديد الذي أعاد تقسيم الدوائر الانتخابية إلى خمسة عشر دائرة، كانت دوائره أقل من محافظة وأكثر من قضاء، ومن خلال قراءة مواده يتبين أنه مشوب بكثير من العيوب، أولها أنه لم يعتمد وحدة المعايير في تقسيم الدوائر الانتخابية مما يحصل الحاصل الانتخابي للعبور إلى الفوز بالمقاعد يتفاوت بين دائرة وأخرى، وبما يفقد هذا القانون مبدأ المساواة وهو موجب تشريعي ،فضلاً عن شوائب كثيرة انطوت عليها أحكام هذا القانون وخاصة الدعاية والأنفاق الانتخابي بحيث أخرج كثيراً من أبواب الأنفاق الانتخابي من دائرة المراقبة.

وإذا كنا نتوقف كثيراً عند التشويه الموصوف لقاعدة النسبية التي اعتمدها القانون كأساس لاحتساب المحصلة الانتخابية لأصوات المقترعين، فإن هذا القانون جمع بين مواصفات القانون الأكثري كممر الزامي للعبور إلى المنافسة على المقاعد إذا ما تأمن الحاصل الانتخابي، وبين ميزة ما عرف بالقانون الارثوذكسي الذي يمارس من خلال الصوت التفضيلي. وإذا كان القانون لم ينص على "مذهبية" الصوت التفضيلي، إلا أنه يمارس ضمناً في إطار القضاء ضمن الدائرة الانتخابية الكبرى، إلا إذا كانت الدائرة الانتخابية ليست موزعة مقاعدها على الأقضية التي تتشكل منها الدائرة كمثل بعلبك – الهرمل، أو راشيا – البقاع الغربي، أو حاصبيا –مرجعيون.

وفي بلد تحكم عملية الانتخابية قواعد الترشح على أساس مذهبي، فإن الغالبية العظمى ستمنح صوتها التفضيلي لمرشح المذهب، لأن الطائفية في ظل ارتفاع منسوب الخطاب المذهبي تحولت إلى ثقافة شعبية وهذا على قاعدة (one vote one men).

إذاً هذا القانون الذي انبهر كثيرون به وخاصة واضعوه ظناً أنه سيشكل مدخلاً لتشكيل السطلة على ما ضوء ما سيفرزه من نتائج، انفجرت أولى قنابلة السياسية بهم قبل أن ينفجر بغيرهم. فهذا القانون كان بمثابة الصاعق الذي فجر الاصطفاف والتحالفات السياسية وأعاد رسمها قياساً على المصالح الانتخابية وليس قياساً على مساحات الاقتراب أو الاقتراب السياسي. ومن خلال رصد خارطة التحالفات يتبين، أن الشيء ونقيضه عمل به من ذات الأطراف، فمن تحالف مع فريق في دائرة افترق عنه في دائرة أخرى، وهذا ما يؤكد بأنه باستثناء القوى السياسية التي تطرحاً مشروعاً وطنياً للتغيير الوطني الديموقراطي، فإن سائر القوى التي تمسك بالمفاصل السلطوية، إنما تخوض الانتخابات وتنسج التحالفات لا لترتفع بالحياة السياسية إلى مدار جديد من الممارسة الديموقراطية خارج الولاءات الطائفية، بل تخوضها لتحسن مواقعها السياسية وهي طائفية ومذهبية حتى العظم.

وإذا كانت شوائب هذا القانون كثيرة، إلا أنه تسجل إيجابية له، هو أنه عبر مقدماته كان بمثابة صاعق التفجير للاصطفات والتمحورات الكبرى. وأثبت أن عرى المصالح الانتخابية أقوى من عرى التحالفات السياسية. وإذا كان هذا القانون قد انفجرت أولى قنابله التي فخخ بها في بداية التحضير للعملية الانتحابية بواضعيه عملاً بنظرية طابخ السم آكله، فكيف سيكون في ضوء النتائج التي سيفرزها وهو الذي ضيق هامش العبور لقوى التغيير الوطني من اختراق هذا الجدار السميك لنظام الطائفية السياسية.

إن هذا القانون وأن جرت العملية الانتخابية على أساسه لتفادي تمديد آخر أو فراغ تشريعي إلا أن أولى مهمات الحركة الشعبية هو استمرار النضال لأجل إعادة تصويب أحكامه بالاتجاه الذي يعكس إرادة التمثيل الشعبي من خلال اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى قاعدة النسبية وخارج القيد الطائفي. لأن القانون بأحكامه الحالية لم يشوه النسبية وحسب، ولم يمهد الطريق لإعادة إنتاج القوى السلطوية لنفسها أيضاً، بل تضمن شائبة كبيرة وجوهرية هو أن من يصوت بورقة بيضاء من ضمن رغبة الانخراط في العملية الانتخابية لكن على قاعدة رفضه للطاقم السياسي الموزع على اللوائح السلطوية يدخل صوته في الحاصل الانتخابي ليرفعه، ويكون في مصلحة لوائح القاطرات السلطوية في المنطقة التي تعتبر نفسها تمثل اتجاه طائفياً أكثرياً.

فمن يصوت بورقة بيضاء يكون قد صوت بطريقة غبر مباشرة لللوائح السلطوية على اختلاف عناوينها، وهذه قنبلة موقوتة أخرى زرعها واضعو القانون لتنفجر بمن يظن أنه يعارض بورقة بيضاء فإذ به يصوت لمن لا يريد أن يصوت له إ.نه الخداع المشرع بقانون . انتبهوا لمحاذير التصويت بورقة بيضاء .
 





الثلاثاء ١٠ رجــب ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / أذار / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.