شبكة ذي قار
عـاجـل










في الرابع من كانون الاول / ٢٠٢٠ / توقف قلب المناضل زيد حيدر ( ابو اسامة ) عن الخفقان، ووري ثرى "جبانة" مدينة بعلبك التي ولد فيها وغادرها في وقت مبكر من حياته وعاد اليها في وقت متأخر من حياته بعدما اقعده المرض وانهكته وفاة ابنه اسامة لثلاث سنوات خلت.

زيد حيدر يعود نسبه العائلي الى عائلة بعلبكية انخرطت في وقت مبكر في العمل السياسي، ولمع العديد من اسمائها في الحراك السياسي والشعبي الذي واكب التحولات السياسية قبل سقوط السلطنة العثمانية وبعدها، ومنهم من كان قريباً من الملك فيصل، ومنهم من شارك في الثورة السورية الكبرى.وبعد اعلان دولة لبنان الكبير اعطت العائلة للشأن العام رجالات تركوا بصمات واضحة في السياسة والادب والفكر والفن.

زيد حيدر الذي ولد في عشرينيات القرن الماضي، يمم وجهه دمشق التي انتسب الى مدارسها وتخرج من جامعتها ودرَّس فيها، وفيها تفتح وعيه السياسي على القضايا الاجتماعية والوطنية والقومية، ووجد ضالته في حزب البعث العربي الذي حضر مؤتمره التأسيسي في السابع من نيسان عام ١٩٤٧.
اما لماذا كانت وجهته دمشق، فلان بعلبك وان كانت من بين الاقضية الاربعة التي سلخت عن ولاية دمشق والحقت بلبنان الكبير، الا ان ابناء هذه المدينة

وجوارها بقوا منشدين الى بلاد "الشام" باعتبار ان بعلبك كانت حاضرة من حواضرها.وكانت العادات والتقاليد متشابهة، والتواصل الاجتماعي بين هذه المدينة وما يعرف اليوم بريف دمشق وكل مدن القلمون هو كالعروة الوثقى ،لان بعلبك وان كانت تابعة لولاية دمشق الا انها كانت مركز القضاء للمنطقة التي تمتد من الزبداني الى ابعد قرية في سلسلة جبال القلمون شمالاً.ولهذا فان من كانت ظروفه الاجتماعية والعائلية تمكنه من التحصيل العلمي كان يذهب الى مدارس دمشق وجامعتها، وبدرجة ثانية الى حمص.وهذا حال زيد حيدر الذي اقام في دمشق وعاش فيها منذ التحق بمدارسها واهمها "ثانوية التجهيز" التي كان الاستاذان ميشيل عفلق وصلاح البيطار من مدرسيها ، وعلى ايديهما تتلمذ بالعلم والسياسة، فكان واحداً من الذين واكبوا مسيرة حزب البعث منذ بداياته الاولى.

زيد حيدر الذي شارك في كل معارك الحزب النضالية وخاصة في الخمسينيات من القرن الماضي، استعاد حضوره الفاعل في هياكل الحزب التنظيمية بعد الثامن من اذار ١٩٦٣.فاصبح عضواً في قيادة فرع دمشق، وبعد ردة ٢٣ شباط عام ١٩٦٦، تشكلت قيادة قطرية كان زيد حيدر احد اعضائها مع ناصر سابا وممدوح نصيرات واخرين، لكن امر تشكيل القيادة انكشف بعد حين، فاعتقل زيد حيدر مع اخرين من اعضاء القيادة وكان منهم ايضاً ناصر سابا وممدوح نصيرات.وبقي الثلاثة قيد الاعتقال من عام ١٩٦٨الى نهاية ايار ١٩٦٩حيث تم الافراج عنهم، وتمكن زيد حيدر وممدوح نصيرات من الوصول الى الحدود اللبنانية وبمساعدة حسين عثمان وحبيب زغيب عبرا الجرد حيث كان نقولا الفرزلي بانتظارهما فنقلهما بسيارته الى بعلبك وكان بانتظارهما الرفاق الياس فرح وامين الحافظ عضوا مكتب الاتصال القومي والذي كان من بين اعضائه الرفيق شبلي العيسمي ونقولا الفرزلي، وهناك عقد اللقاء ، بين مكتب الاتصال القومي وزيد حيدر وممدوح نصيرات.

انتخب الرفيق زيد حيدر في المؤتمر القومي التاسع للحزب عضواً في القيادةالقومية، وفي كانون الاول ١٩٦٩، عين اميناً عاماً لجبهة التحرير العربية وطيلة الفترة التي بقي فيها اميناً عاماً للجبهة كان يتنقل ما بين بيروت وبغداد وعمان.

اثناء تواجده في لبنان زار الجنوب والتقى المقاتلين في المواقع الامامية في العرقوب ، كما كان يزور المخيمات وابرزها مخيم برج البراجنة حيث كان يعقد لقاءات ميدانية مع مسؤولي فصائل المقاومة ولقاءات شعبية مع ابناء المخيم.

وبقي عضواً في القيادة القومية طيلة الفترة الممتدة ما بين المؤتمرين التاسع والعاشر.بعد ذلك عينته دولة العراق سفيراً لها في بلجيكا.وهذا النهج اعتمدتة القيادة السياسية للعراق بان اعتمدت تعيين سفراء عرب غير عراقيين في مواقع دبلوماسية سواء كان على مستوى السفراء كما هو حال زيد حيدر او في مراتب ادنى وذلك تجسيداً للفكر القومي للدولة.وكان اختيار الدكتور زيد لتمثيل العراق في بلجيكا فلأهمية هذه العاصمة في رصد ومتابعة السياسة الاوروبية، لان عاصمتها هي مقر الاتحاد الاوروبي والسوق الاوروبية المشتركة.

ابان وجوده في بلجيكا ساهم بحضور الاجتماعات التي عقدت في باريس يوم كانت تجري التحضيرات لاطلاق نداء العمل القومي الذي يعود الفضل في التحضير له للقائد المؤسس الاستاذ ميشيل عفلق.

اما اللقاء الاول فحضره، فضلاً عن الاستاذ ميشيل عفلق ،الاساتذة ،عبدالله ابراهيم ، امين شقير، طارق عزيز، نقولا الفرزلي وزيد حيدر.وهذا اللقاء الذي عقد جلسته الاولى عام ١٩٨٥، اعقبه اجتماع اخر امتد لاربعة ايام من ١٩ الى ٢٣ تشرين الاول عام ١٩٨٦، وحضره اضافة الى الاساتذة الذين حضروا الاجتماع الاول، الاساتذة ، لطفي الخولي، بدر الدين مدثر، حميد سعيد وناصيف عواد.وفي كلا الاجتماعين وربما غيرهما، كان الدكتور زيد حيدر يحتفظ بمحاضر الاجتماعات.وطبعاً كان الهدف من هذا اللقاء ،التمهيد لاطلاق نداء العمل القومي كمبادرة لرسم خارطة طريق لتفعيل الحراك الجماهيري وتجذير مفاهيم واليآت العمل الديموقراطي.

بعد تقاعده من السلك الدبلوماسي، تنقل الدكتور زيد حيدر بين بيروت وبغداد وعمان ، التي استقر بها بعد احتلال العراق عام ٢٠٠٣.

ان الدكتور زيد حيدر كان واحدا من المناضلين الذي واكب مسيرة الحزب منذ التأسيس ، وعاش ظروف النضال السلبي كما النضال الايجابي، وما ميز سيرته النضالية انه بقي على صفاته النضالية في اطارات فعاليات النضال الجماهيري والميداني، وفي اطار الدور الذي اداه بتبوئه المواقع القيادية في اطر وهياكل الحزب التنظيمية.وهو بتجربته النضالية التي امتدت لعقود اغنى مسيرة الحزب، و يسجل له كما لرفاق اخرين، انهم بقوا على عهد القسم الحزبي وعهد الوفاء للمبادئ التي آمنوا بها وللاهداف التي رنوا اليها لتوحيد الامة وانقاذها من التخلف والتجزئة ولانهاء كل اشكال الاستلاب الاجتماعي والقومي.

بوفاة الدكتور زيد حيدر وهو من جيل التأسيس ، وهو من القلائل الذين اطلقوا نداء البعث التاريخي في السابع من نيسان ١٩٤٧، تطوى صفحة انسان عاش مرحلة النهوض القومي كما مرحلة الانكسارت ، التي تعاني منها الامة حالياً من جراء انكشافها القومي الذي بلغ مداه الاقصى بعد العدوان على العراق واحتلاله، لكن ما تركه الرفيق ( ابو اسامة ) من ارث نضالي لن تطوى صفحته، لانه مخطوط على صفحة تاريخ الامة العربية، واليها تعود الاجيال القادمة لتقرأ بين سطورها سفر المناضلين والدكتور زيد حيدر احدهم.

( الشكر موصول للاساتذة نقولا الفرزلي، وركاد سالم، وناصر سابا، الذين لهم الفضل في الاضاءة على بعض المحطات النضالية في المسيرة الحزبية للرفيق الدكتور زيد حيدر ).






الخميس ٢٤ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الرفيق حسن بيان عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.