شبكة ذي قار
عـاجـل










إن قرار الإدارة الأمريكية الأخير بشأن العفو عن مرتكبي جريمة ساحة النسور وسط بغداد في العام ٢٠٠٧م، والتي راح ضحيتها الطفل علي الكناني ذو التسعة أعوام من عمره ومعه ثلاثة عشر اّخرين من المواطنين الأبرياء على يد القاتل ( بول سلو ) وزملائه الأربعة الذين يعملون في شركة أمنية أمريكية تدعى ( بلاك ووتر ) يكشف بوضوح تام مدى تجذر العنصرية المقيتة في الدولة العظمى التي تدعي زوراً وبهتاناً من خلال تدخلها في المنطقة العربية، رعايتها السلم والأمن وحقوق الإنسان والحريات، تلك الشعارات الطنانة والبعيدة كل البعد عن حقيقة الولايات المتحدة والتي صدقها ضعاف النفوس من بين ظهرانينا، وراحوا يساندون غزواتهم وتدميرهم لبلادنا العربية بل ولم يخجلوا من امتطاء بعضهم ظهور الدبابات الأمريكية والإنكليزية والصهيونية وتسويق احتلالهما بلادنا كنوع من نشر الديمقراطية والعدالة وحفظ حقوق الإنسان، والتي لم ولن تنطلِ على عاقل يعرف جيداً حقيقة الأهداف الاستعمارية لأمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني وحقيقة الوجه الأمريكي الراعي لإرهاب دولة الاحتلال والعالمي وعصابات الكاوبوي ومصاصي دماء البشرية.

إن قرار العفو هذا مضافاً إليه كلام محامي الدفاع الأمريكي عن القتلة ( بريان هيبرليغ ) الذي قال حرفياً : ( إن بول سلو وزملاءه لا يستحقون قضاء دقيقة واحدة في السجن ) ، وكأن المغدورين ليسوا من جنس البشر ولا يستحق قاتلهم أن يقضي دقيقة واحدة في السجن، تماماً كما تتعامل دولة الاحتلال الصهيوني مع جنودها قاتلي الطفل محمد الدرة والطفلة إيمان حجو ومع المستوطنين الذين قطعوا العجوز محمد الزلموط إرباً بمنشار الزيتون الذي كان يعمل فيه ببستانه، في جريمة بشعة يندى لها جبين البشرية، اضطرت الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون إدانتها، وكذلك رئيس الوزراء الصهيوني في حينه بسبب بشاعة تلك الجريمة، حيث قٌطُع العجوز بمنشاره وهو حي إلى أن انتهى بسحق رأسه بحجر كبير، وكذلك حرق الطفلين وهم أحياء محمد أبو خضير وحامد خطاطبة وعائلة الدوابشة الذين أحرقوا وهم نيام ولم ينجُ منهم سوى الطفل علي الدوابشة، ليكون شاهداً على بشاعة الجريمة الصهيونية، والتي يفلت مرتكبوها على الدوام من المحاكمة أو المحاسبة ليبقى عهر العالم مستمراً حيث لا عقاب لمجرمي الحرب في أمريكا والكيان الصهيوني، ويبقى إلى ما لا نهاية أطفال فلسطين والعراق والإنسانية عرضة لمزيد من المجازر والقتل العمد، وكأن أطفالنا ليسوا سوى مجرد لوحات خشبية أو جصية تحلو مع تدريباتهم العسكرية ويلهون بأجسادهم الطرية الندية أثناء تجرعهم كأس الخمر حين يصلون نشوة الثمالة.

إن إفلات المجرمين والقتلة في أمريكا والكيان الصهيوني من العقاب والمحاكمة والسجن ليؤكد بالدليل القاطع أننا أمام حكومتي إرهاب ومصاصي دماء ديدنهم العنصرية المقيتة والفاشية المتأصلة المنسوخة من جينات هتلر وموسوليني وبلفور، وإزاء هذا المشهد المريع ونحن نسمع تبريرات محاكم أمريكا واليان الصهيوني في دفاعها عن مجرميها باعتبارهم جنود أوفياء لبلادهم يستحقون التقدير والثناء على جرائمهم بحق الأطفال والشيوخ لا السجن والحساب، مما يطلق العنان للمزيد من الجرائم.

لقد بات لزاماً على العالم الحر لجم هذه العقلية العنصرية الفجة التي تعشعش في رؤوس الساسة الحاكمين في كلا الكيانين الأمريكي والصهيوني، وعلى العالم أن يقف صفاً واحداً في مواجهة المنهج العنصري الفاشي وضرورة وضع حد نهائي لمسلسل الإرهاب الصهيوأمريكي بحق الشعب العربي وبحق الأطفال في فلسطين والعراق تحقيقاً لمنهج السلم والأمن الدولي الذي لا زالت كل من أمريكا ولكيان الصهيوني تضرب أسسه وكل المواثيق والقيم الدولية عرض الحائط ولا زالت تعرض العالم لمنهجها العنصري الإجرامي الذي يقود إلى مزيد من الحروب والنزاعات وعدم الاستقرار في العالم.




الجمعة ١ جمادي الثانية ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ثائر محمد حنني الشولي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.