شبكة ذي قار
عـاجـل










رحيل الأحبة عن الحياة الدنيا قاسٍ وصعب، فهو رحيل لا رجعة بعده .. وأصعب الرحيل هو رحيل من شاركوا في الصنع للحياة بهاءً وجلالاً وجمالاً ومجداً وسؤدداً وإنسانية.

حين يرحل المناضلون تكتوي قلوبنا حزناً، فيسطرُ التاريخ في أفئدتنا لحظة موجعة، وتهتز ذواتنا لرحيلهم، لأنهم مجبولون على الحب والخير والعطاء والإخلاص.

حينَ يرحلُ الرفاق تمطرُ السماءُ محبةً تروي بنقائها وصفائها قلوبَ رفاقهم، ترحلُ الأجسادُ وتبقى عظمةُ أعمالهم وعطاءاتهم التي يخلدها التاريخ، لتحكي عراقةَ أمة وتاريخ نضال، والقدرة على إدارة الأزمات بكل عزيمة وإصرار.

عند الرحيل نفتحُ ملفهم الاستثنائي، ونفتح أبواب مشاعرنا، ودموعنا وحزننا عليهم، لأن خسارتهم تجاوز حدود الإحساس.

في مثل هذا اليوم، ومنذ سنةٍ مضت رحلَ إلى دار الحق الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري، بعد أن قدم للعراق والأمة وللبعث عطاءات مشرفة، وزرع في أرض العراق قطعةً من جسده، حين خاض معارك الشرف والعزة مدافعاً عن شرف العراق وقدسية الأمة، مقبلاً غير مدبر، زرع في أرض العراق بعض أشلاء جسمه لتنبت أغنية فرح بالنصر المؤزر الذي تحقق على الفرس المجوس.

منذ سنةٍ ترجل الفارس المناضل الذي عرفته سوح الوغى أسداً هصوراً، مقاتلاً نبيلاً مؤمناً بحتمية الانتصار على أعداء العراق والأمة، ترجل عن صهوة جواده مودعاً محبيه ورفاقه ليلحق برفيق دربه الذي ترجل قبله بأسابيع قليلة القائد الشهيد عزة إبراهيم رحمه الله.

الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري تَملَّك قلوب رفاقه، وهو رفيقاً للجميع، شديداً صارماً لا تأخذه في الحق لومة لائم، آمن ببعثه وتمثل قيمه ومبادئه فكان قد جمع بين الحزم والشدة حين يتطلب الموقف ذلك، وسكنت الرحمة قلبه ليوزعها على رفاقه.

كان الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري شجاعاً قوياً، سعى باستمرار إلى خدمة عراقه وأمته، تعاهدَ مع رفاق دربه على بناء الإنسان وتأهيله فكرياً عروبياً لأنه آمن أن سبيل العراق والأمة للخلاص هو الإنسان العروبي القومي.

حرص الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري مع رفاقه في القيادة على توحيد الصفوف في مواجهة التحديات والصعوبات التي يتعرض لها البعث والعراق والأمة، فأوجعته صدمات وانتكاسات الأمة وهزائمها ومحنها، ولكنها زادته قوة وعزيمة.

نتذكر بعد سنةٍ على رحيله القائدَ البارعَ في حديثه وتلقائيته وذكائه الحاد واطلالته المهيبة التي تكونت في مدرسة الجيش العقائدي، جيش القادسية المجيدة، جيش العراق والأمة.

نتذكرُ من شكَّل مع رفاقه القادة الشهداء مِن ألوانَ الحلم والتخيل حقيقةً ناصعة، ورسموا الحياة كما نتمنى تصورها.

قدرُ العظماء الذين أحبوا الشعبَ فخدموه بحب وصدقٍ وتفانٍ أن يقضون نحبهم في غفلة من الزمن دون أن تنتشي أرواحهم بنشوة المجد الذي صنعوه من عصارة جهادهم ونضالهم الدؤوب، وقدرُ أمتي أن يستمر الطغاةُ والحثالة في الحياة ليشوهوا بهاءها وجمالها.

وإذ أسطر هذه الكلمات في ذكرى رحيل مناضل شريف، ومقاتل عنيد، وبعثي مخلص لحزبه وعراقه وأمته، فإنني أقدمها عربون وفاء وعهد على المضي على ذات النهج الذي سار عليه الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري ورفاقه القادة الذين سبقوه إلى دار الحق بجوار الرحيم الغفور.

فتحية إجلال وتقدير وتقديس لروحك أيها الرفيق العزيز، وإلى أرواح رفاقك ومن سبقوك إلى العلياء، وستبقون الكواكبَ المنيرة في سمائنا.





الاثنين ١٠ ربيع الثاني ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب أبو شام نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.