شبكة ذي قار
عـاجـل










هل سمعتم بخط الغاز الروسي لألمانيا والمسمى ب (نورد ستريم -٢)؟ نعم هذا الخط الذي مازال قيد الإنجاز وتعارضه أميركا علنا هو أحد الأسباب الخفية التي أوصلت روسيا وأوكرانيا الى ما وصلتا إليه. نحن لسنا هنا بصدد تأييد طرف ولا إدانة آخر بل نبحث بطريقة علمية موضوعية لا نزعم الحياد فيها قط فيما يتعلق بالولايات المتحدة الامريكية كقطب تلبسه الشيطان وأمتهن الاجرام والبلطجة ضد كل شعوب الأرض بما فيها الدول التي ترتبط بعلاقات واتفاقات دفاع كدول الناتو الاوربية. فالولايات المتحدة الامريكية غول مصالح جشع مهووس لا يفرق بين صديق وعدو إزاء حاجة الفاه الامبريالي المفتوح لا يشبعه شيء ولا يملأ عيونه شيء ولا تعرف القناعة الى ذاته سبيل.

تقول تقارير عالمية وكتاب أمريكان وغربيون على درجات عالية من التمكن والدراية ان خط الغاز هذا ان تم واستخدم فانه سيقود في نهاية المطاف الى رسم وصناعة علاقات وطيدة بين روسيا وألمانيا قد تفضي بالنهاية الى صناعة شراكة روسية ألمانية يتسع مداها وعمقها الى دول أوربية أخرى في حلف الناتو وهذا أمر يقلق الولايات المتحدة الامريكية بذات القدر الذي يقلقها تطور الصين وصعودها كقطب ينافس القدرات الامريكية وبدأ فعليا يتفوق عليها. ولعل شاهدنا الأهم هنا هو تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أطلقه قبل انطلاق العملية الروسية بساعات قليلة وقال فيه ما معناه ان خط الغاز نورد ستريم -٢ سوف لن يشتغل إذا حاربت روسيا أوكرانيا. هذا التصريح يكفي لوحده لإشهار ما تضمره الولايات المتحدة الامريكية من غيض ضد فكرة التقارب الروسي الأوربي عبر الغاز وتوصيلاته وما يعتلج في صدر أميركا من خوف من فقدان عوامل سيطرتها وهيمنتها السياسية والاقتصادية والعسكرية على أوروبا.

ولعل السلوك الألماني اجمالا تجاه غزو روسيا لأوكرانيا يمكن تمثل ضعفه وسذاجته من خلال برد الاعلام الألماني ورخص المشاركة الألمانية في دعم أوكرانيا والمتمثل بإرسال بضعة الاف (خوذة) فقط لا غير. الواضح تماما ان المصالح الألمانية قد فرضت مساحة واسعة من الحضور في ردود فعل المانيا تجاه روسيا والمرجح جدل ان خط الغاز سيكتمل ويشغل لان اميركا قد بدأت فعلا بفقدان هيبتها عند أقرب حلفائها.

إن جل ما يقلق أميركا هو أن تفقد أوربا كقوة تواجه وتتصدى وتقاتل بالإنابة عن اميركا وأميركا تدرك ان نمو وتجذير النشاط الاقتصادي مع روسيا سيقوض فكرة وفلسفة ومنهجية العداء الذي تر يد أميركا ادامته مع روسيا ومع الصين كعامل من عوامل انفرادها في سلطتها الامبريالية المجرمة.

واضح تماما أن روسيا قد استحضرت كل عوامل قوتها العسكرية وحسبت حساباتها الاقتصادية ودرست كل موازين الأفعال وردود الأفعال قبل ان تقدم على دخول أوكرانيا لتقطع الطريق على انتماءها لحلف شمال الأطلسي وتحولها الى سيف يحز خاصرة الامن القومي الروسي في حين ركنت أميركا الى أدوات حرب لا تتعدى الاقوال والتهويش الإعلامي والتصريحات التي لم تحرك شعرة خوف أو تردد في الجسد الروسي.

إن النتائج الاولية للعملية الروسية واستعراض العضلات النووي الهائل والمرعب لها والتهديد الضمني والعلني باستخدام ترسانتها النووية باستخدام صواريخ الردع الاستراتيجي الروسية الفريدة من نوعها توحي الان ان روسيا تحقق غاياتها. والحقيقة السلطة المطلقة ان أميركا هي المهزوم الأكبر والمتراجع الاول عالميا لأنها ظنت ان أوكرانيا ستكون درعا لأهدافها في تقويض أي تقارب روسي اوربي وبالذات مع المانيا فحولت الشعب الاوكراني الى ضحية.

 أميركا هي التي دفعت أوكرانيا وهي التي أوهمتها. اميركا هي من تستغل أوربا في صراعاتها وعدوانيتها القذرة على شعوب الأرض ومنها العراق وشعب العراق الذي دمر منهجيا منذ الغزو الأمريكي سنة ٢٠٠٣ وما زال التدمير متواصلا.

ويبقى رهاننا قائما، ان أميركا قد بدأت الانحدار فعليا من لحظة عدوانها على بغداد السلام وسنرى بعد زمن قصير قد لا يتجاوز أيام ولادة خارطة جديدة لتوزيع القطبية العالمية وستكون روسيا وبلاروسيا وأوكرانيا والصين وكوريا الشمالية والهند وبعض دول أوربا الغربية والشرقية هي القطب الذي يقزم الامبريالية الامريكية وستجد قوى الامة العربية الوطنية والقومية طريقها لفهم آليات التعاطي مع هذا القطب بما يخدم قضايا أمتنا المصيرية ومصالح شعبنا العربي.






الاربعاء ٢٩ رجــب ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أذار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.