شبكة ذي قار
عـاجـل










ليلة مقتل الإمام علي في سجن الناصرية

 

د. وائل القيسي

 

يكاد السواد الأعظم من المسلمين يعرف أن الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- استشهد في الكوفة على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم المرادي الحميري في 21 رمضان سنة 40 هجرية، الموافق 28 كانون الثاني سنة 661 ميلادية.

وقد ورد في الأثر أن عليا، نهى عن التمثيل بقاتله.

قال ابن جرير في كتابه: (تهذيب الآثار): أهل السير لا تدافع بينهم أن عليا- رضوان الله عليه- إنما أمر بقتل قاتله قصاصا، ونهى عن أن يمثل به.

وابن ملجم هذا، ولد في أرض مراد في مأرب شرق اليمن، وكان قائد من الفرس، أدرك الجاهلية وهاجر في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى المدينة، وهو من شيعة علي بالكوفة وسار إليه إلى الكوفة عندما صار أميرا للمؤمنين، وقد شهد معه معركتا الجمل وصفين.

هذه لمحة تاريخية مقتضبة عن مقتل الإمام علي لتكون مدخلا لواقعة إجرامية حدثت قبل أيام قليلة في سجن الناصرية سيئ الصيت، بذكرى ليلة مقتله في شهر رمضان الحالي من سنة 2024، نرويها كما وردت، دون زيادة أو نقصان، على لسان عدد من ذوي المعتقلين، الذين أتيحت لهم الفرصة قبل بضعة أيام، لمواجهة أبنائهم هناك وتحديدا في "قاعة العدل"!!!

تفاجأ أن أبناءهم معصوبو الرؤوس وآثار التعذيب الوحشي ظاهرة عليهم من كسور وجروح وأسنان مهشمة.

فقد دخلت مجموعة من الأشخاص الملثمين، وهم يرتدون السواد، على قاعة العدل، نعم اسمها هكذا، في ليلة مقتل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقاموا بضرب المعتقلين بالعصي والآلات الحادة، ضربا همجيا وقاسيا، على أجسادهم الخاوية، بدون شفقة ولا رحمة، وبدون اي سبب سوى انهم من اهل السنّة ، حتى أن الكثير منهم شجت رؤوسهم وتكسرت أيديهم وسالت دماؤهم بغزارة، ولم يتدخل حراس السجن بل بقوا متفرجين على حفلة هجوم هذه المجموعة على المعتقلين في سجن الناصرية، وقد أكد أكثر من معتقل أن أفراد هذه العصابة لا يتكلمون العربية، ويشتمونهم باللغة الفارسية.

مع العرض ان هذه القاعات تضم السجناء السنة فقط، وهم محرومون من ابسط الحقوق، حتى ان المعتقل الذي يسأل الحراس عن الأدوية التي يحضرها لهم أهلهم، يتعرض إلى أشد انواع العقوبات والتعذيب والبطش، بينما سجناء التيار الصدري يعيشون هناك برفاهية ودلال، فالهاتف مسموح لهم، وكذلك مشاهدة التلفزيون وممارسة الرياضة في ساحات مخصصة لهذا الغرض، ويقومون بطبخ الطعام كما يشتهون، وهناك حمامات ممتازة متوفرة لهم، بل انهم مسموح لهم بإقامة ولائم خاصة في مناسباتهم الدينية... وما اكثرها.

اخيرا وليس آخرا، قامت إدارة السجن باستحداث سجن آخر تحت الأرض في سجن الناصرية، تمت تسميته ب "سجن التوسعة".

هذا غيض من فيض مأساة المعتقلين العراقيين في سجون الحكومة المحكومة من قبل خونة وعملاء ونغولة إيران وميليشياتها الاجرامية، وتتجدد المآسي كل يوم وكل لحظة.

نحن لا نناشد الحكومة المحكومة، ولا نأمل خيرا من أحد سوى الله، ولكن نسأل أحرار الشعب العراقي وشرفاءه من ذوي الغيرة والنخوة والوطنية والإيمان ونقول لهم إلامَ السكوت على ظلم ابنائكم وخيرة رجالكم وحرائركم؟

فما نيل المطالب بالتمني ولكن تأخذ الدنيا غلابا.

كذلك على الإعلام الحر ان ينتفض لتدويل قضية المعتقلين وإيصال صرخاتهم إلى العالم اجمع، فقد وصلت نصال الظلم عظامنا.

 






السبت ٤ شــوال ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب وائل القيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.