شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى
وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ*
.
([1])

صدق الله العظيم
 

 

المبحث الثاني : شرعية ثُنائية الجهاد / المُقاومه في الإسلام / القرآن الكريم ومنه استمدت المُقاومة العراقية شرعيتها الجهاديه :

 

كانت الإنطلاقه القصوى للمقاومةِ العراقيه المُجاهده ولا زالت بعون الله تعالى تستمدُ شرعيتها وبالتالي قوتها من القرآن الكريم والسنةَ النبويةَ الشريفه، فكان هذه الشرعية مُتأتية من جُمله من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفه التي شرّعت/أمرت بقتال الكُفار سيما في حال الاعتداء على المُسلمين دون وجود مُبرر لمثل ذلك الاعتداء، حيث ينطبق حالياً مثل هذا الأمر بشكل كامل على الاحتلال الأمريكي على العراق ليتطور الأمرُ لاحقاً وتكون الجمهورية الإيرانية الجارةَ التي نعتت نفسها بالإسلامية في أن حقيقة أمرها مُنافقه مواليةً بالكامل لقوات الاحتلال الأمريكي ضد شعب العراق بشكل عام، والمُقاومة العراقيه المُجاهده بشكلٍ خاص، وتأتى تسميتها من قبلنا بالمُنافقه لأن ما ورد من أحاديث وروايات عن الأئمة الأثني عشر رضي الله عنهم قد جاءت لتُحرم موالاة الكُفار ضد المُسلمين جُملةً وتفصيلاً ولا يوجد أي اجتهاد خلاف ذلك، وإنْ وجد فهو النفاق بعينهِ ليس إلا؟! وسأتناول مثل هذا الموضوع بالبحث والتقصي في دراسةٍ مُنفصلةٍ إنْ شاء الله تعالى سيما ما ورد على لسان الأئمه الكرام أبناء الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم يُثبت أن أولي الأمر في إيران من الملالي هم على خلافِ شرع الله تعالى في موالاتهم للكُفار الأمريكان في العراق وأفغانستان وغيرهما ضد المُسلمين المُجاهدين أو المُسالمين العُزل الأبرياء منهم.

 

شرعية الجهاد في الإسلام في حقيقة أمرهِ يتطلب ممن يتناولهُ بالبحثِ والتقصي أنْ يكون مُختصاً في العلوم الشرعيه وهذا في غاية الأهمية، وبخلافُهُ عليهِ أنْ يسأل أهل ذلك العلم ليتجنب الخطأ أو الزلل حتى وإن كان غير مقصود، سيما وأنَّ الخطأ مع شرع الله تعالى مُكلفٌ جداً لما يترتب عليه من مآخذ دنيويه وأخرويه لا يعلمها إلا الله تعالى، ومن هذا الفهم الصحيح بالنسبة لنا في ما نحنُ فيه فقد عملتُ من حيث النظرية والتطبيق بقوله تعالى:* وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ*،([2]) وأودُ الإشارة إلى أنَّ هذه الآية قد تكررت في سورة الأنبياء أيضاً برقم (7)، فاستعنتُ بزميلٍ لي وهو بمنزلةِ الأخ لي مُتخصص في العلومِ الشرعيةِ كانَّ قد أكمل دراسةٍ علميةٍ بحثيةٍ قيمه ومطوّله عن الجهادِ ولم ينشُرها لأسبابٍ ماديه؟! فطلبتُ منه الأذنَ بالاستعانةِ بها فوافق على الفور، وها أنا أقتبس منها ما أجدهُ مُفيداً بالنسبة لهذا المبحث بالرغم من أنَّ مضمون تلك الدراسة جميعه مُفيد ولاكنها كما أشرت طويله، كونه قد أستوفى الموضوع من مُعظم جوانبه، وفي هذا المبحث أتناول ما ورد من شرعيةٍ للجهاد/المقاومة في القرآن الكريم حصراً وسأتناول في المبحث الثالث شرعية للجهاد/المقاومة في السنه النبويه الشريفه.

 

أتناول في هذا المبحث مفهوم "الجهاد" في اللغة العربية، والمعاني العديده التي شملها، ثم أتناول عدد من الآيات القرآنية الكريمة التي وردت في القرآن الكريم التي شرّعت الجهاد/المقاومه، وأودُ التنبيه إلى أن الآيات التي وردت بهذا الخصوص كثيرة جداً، وقد انتقيت عدداً منها، ووفق التسلسل الآتي:

 

5- مفهوم "الجهاد" لغوياً واصطلاحا:

 

أ‌-  قبل أن أتناول شرعية الجهاد في القرآن الكريم والسُنةَ النبويه الشريفه أجدُ من الضروري أنْ يطلع القارئ الكريم على معنى "الجهاد" في اللغُةِ العربيه، والمعاني التي جاء بها، ليكون على بينةٍ مما هي عليهِ لُغتنا العربية الجميلة الزاهية عبر التاريخ في التنوع في المعاني، فمما ما ورد بهذا الخصوص: ((جهد: الجهد والجهد: الطاقة، تقول: اجهد جهدك، وقيل: الجهد المشقة، والجهد الطاقة. الليث: الجهد ما جهد الإنسان من مرضٍ أو أمرٍ شاق، فهو مجهود، قال: والجهد لغة بهذا المعنى..

قال ابن الأثير: قد تكرر لفظ الجهد والجهد في الحديث، وهو بالفتح، المشقة، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غير.. وجهد يجهد جهدا واجتهد، كلاهما: جد.. الأزهري: الجهد بلوغك غاية الأمر الذي لا تألو على الجهد فيه، تقول: جهدت جهدي واجتهدت رأبي ونفسي حتى بلغت مجهودي.. ابن الكسيت : الجهد الغاية..

 

والجهاد : الأرض المستوية، وقيل : الغليظة وتوصف به فيقال أرض جهاد. ابن شميل : الجهاد أظهر الأرض وأسواها أي أشدها استواء، نبتت أو لم تنبت، ليس قربه جبل ولا أكمة، والصحراء جهاد.. أبو عمرو: الجماد والجهاد الأرض الجدبة التي لا شيء فيها، والجماعة جهد وجمد.. قال الفراء: أرض جهاد وفضاء وبراز بمعنى واحد. وفي الحديث : أنه عليه الصلاة والسلام، نزل بأرض جهاد.

 

الجِهادَ بالفتح: الأرض الصلبة، وقيل: هي التي لا نبات بها.. وفلان مجهد لك: محتاط، وقد أجهد إذا احتاط.. أبو عمرو : أجهد القوم لي أي أشرفوا، قال الشاعر: لما رأيت القوم قد أجهدوا، ثرت إليهم بالحسام الصقيل الأزهري.. ابن عرفة: الجُهد بضم الجيم: الوسع والطاقة، والجهد المبالغة والغاية، ومنه قوله عز وجل: جهد أيمانهم، أي بالغوا في اليمين واجتهدوا فيها. وفي الحديث: أعوذ بالله من جهد البلاء، قيل: إنها الحالة الشاقة التي تأتي على الرجل يختار عليها الموت..

 

وأجهدوا علينا العداوة: جدوا، وجاهد العدو مجاهدة وجهادا: قاتله وجاهد في سبيل الله، وفي الحديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونيه، الجهاد محاربة الأعداء، وهو المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل، والمراد بالنيه إخلاص العمل لله أي أنه لم يبق بعد فتح مكة هجره لأنها قد صارت دار إسلام، وإنما هو الإخلاص في الجهاد وقتال الكفار. والجهاد : المبالغة واستفراغ الوسع في الحرب أو اللسان أو ما أطاق من شيء..([3]) الجِهاد (بالكسر القتال مع العدو كالمجاهدة) قال الله تعالى وجاهدوا في الله يقال جاهد العدو مجاهدة وجهادا قاتله..)). ([4])

 

أ‌-  أما مفهوم "الجهاد" اصطلاحا فهو: ((الجهاد: الدعاء إلى الدين الحق، والمحاربة عن أدائه عند إنكارهم عنه، وعن قبول الذمة.)). ([5])

 

6- آيات الجهاد في القرآن الكريم التي استمدت منها المقاومة العراقية شرّعيتُها:

ابتداءاً لا يُمكنني في هذا المبحث أنْ أتناول الآيات القرآنية كافه التي جاءت في تشريع الجهاد، كونها كثيرة وبالتالي يطول هذا المبحث عن نُظرائهِ من المباحثِ الأخرى وهذا غير مُحبذ في البحثِ العلمي، لذا فإني سأتناول بعضاً من هذهِ الآيات الكريمات وفق ما سيردُ أدناه وبإمكان القارئ الكريم إذا أراد الاستزادة أنْ يذهب إلى ذات المصادر التي ذهبنا إليها ويطلع على الآياتِ الكريمات التي لم نتناولها:

 

الآية الأولى :

* وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ* ([6]).

 

* وجاهدوا في الله* أي لله تعالى، أو في سبيله سبحانه، والجهاد، كما قال: (الراغب) استفراغ الوسع في مدافعة العدو، وهو ثلاثة أضرب مجاهدة العدو والظاهر كالكفار، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس، وهي أكبر من مجاهدة العدو الظاهرة، كما يشعر به ما أخرج البيهقي([7])، وغيره. عن جابر([8])، قال: قدم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوم غزاة فقال (قدمتم خير مقدم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، قيل: وما الجهاد الأكبر، قال: مجاهدة (العبد هواه). وفي إسناده ضعف مغتفر في مثله، والمراد هنا عند الضحاك(جهاد الكفار حتى يدخلوا في الإسلام) ويقتضي ذلك أن تكون الآية مدنية، لأن الجهاد إنما أمر به بعد الهجرة، وعند عبد الله بن المبارك (جهاد الهوى والنفس) والأولى أن يكون المراد به ضروبه الثلاثة، وليس ذلك من الجمع بين الحقيقة والمجاز في شيء، وإلى هذا يشير ما روي جماعة عن الحسن أنه قرأ الآية وقال: (إن الرجل ليجاهد في الله تعالى وما ضرب بسيف)، ويشمل ذلك جهاد المبتدعة، والفسقة فإنهم أعداء أيضا، ويكون بزجرهم عن الإبتداع، والفسق  حق جهاده، أي جهادا فيه حقا فقد حقا، وأضيف على حد جرد قطيفة، وحذف حرف الجر وأضيف جهاد إلى ضميره تعالى على حد قوله (ويوم شهدناه سليما وعامرا).

 

وفي الكشاف (الإضافة تكون لأدنى ملابسة، واختصاص فلما كان الجهاد مختصا بالله تعالى، من حيث أنه مفعول لوجهه سبحانه، ومن أجله صحت إضافته إليه، وأياما كان فنصب (حق) على المصدرية، وقال: أبو البقاء (إنه نعت لمصدر محذوف، أي جهادا حق جهاده، وفيه أنه معرفة يوصف به النكرة، ولا أظن أن أحدا يزعم أن الإضافة، إذا كانت على الإتساع، لا تفيد تعريفا، فلا يتعرف بها المضاف ولا المضاف إليه. والآية على الأمر بالجهاد على أتم وجه بأن يكون خالصا لله تعالى، لا يخشى فيه لومة لائم، وهي محكمة.). ([9]) ومن قال: كمجاهد، والكلبي (إنها منسوخة، بقوله تعالى * فاتقوا الله ما استطعتم* ([10])، فقد أراد بها أن يُطاع سبحانه فلا يعصى أصلا، وفيه بحث لا يخفى).

 

الآية الثانية :

* أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ* ([11]).

قوله عز وجل * أم حسبتم*، أي بل حسبتم وظننتم، والمراد به الإنكار، والمعنى لا تحسبوا أيها المؤمنون،* أن تدخلوا الجنة* وتنالوا كرامتي وثوابي،* ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم*. قال (الإمام فخر الدين الرازي)([12]) : ظاهر الآية يدل على وقوع النفي على العلم، والمراد وقوعه على نفي المعلوم، والتقدير: أم حسبتم أنْ تدخلوا الجنة، ولمّا يصدر الجهاد عنكم، وتقديرهُ (إن العلم متعلق بالمعلوم، كما هو عليه، فلما حصلت هذه المطابقة، لا جرم حسن إقامة كل واحد منهما مقام الآخر)، وقال: (الواحدي) النفي في الآية، واقع على العلم، والمعنى على الجهاد دون العلم، وذلك لما فيه من الإيجاز في انتفاء جهاد لو كان لعلمه، والتقدير(ولما يكن المعلوم من الجهاد، الذي أوجب عليكم، فجرى النفي على العلم للإيجاز على سبيل التوسع في الكلام، إذ المعنى مفهوم من غير إخلال)، وقال: (الزجاج: المعنى ولما يقع العلم بالجهاد، والعلم بصبر الصابرين، أي ولما يعلم الله ذلك واقعاً منكم، لأنه يعلمه غيباً، وإنما يجازيهم على عملهم) ([13])، وقال: (الطبري) ([14]) يقول ولما يتبين لعبادي المؤمنين المجاهدين منكم على ما أمرته به* وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ*، يعني في الحرب، وعلى ما نالهم في ذات الله عز وجل، من جراح، وألم، ومكروه، وفي هذه الآية معاتبة لمن انهزم يوم أحد، والمعنى: (أم حسبتم أيها المهزمون، أن تدخلوا الجنة كما دخلها الذين قتلوا، وبذلوا مهجهم لربهم عز وجل، وصبروا على ألم الجراح، والضرب، وثبتوا لعدوهم من غير أن تسلكوا طريقهم، وتصبروا صبرهم)([15]).

 

الآية الثالثة:

* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* ([16]).

(* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ*، أي ما تتوسلون به إلى ثوابه، والزلفى منه من فعل الطاعات، وترك المعاصي، من وسل إلى كذا إذا تقرب إليه، وفي الحديث (الوسيلة منزلة في الجنة)،* وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ* بمحاربة أعدائه الظاهرة، والباطنة،* لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* بالوصول إلى الله سبحانه وتعالى، والفوز بكرامته)([17]).

 

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا عقاب  الله،  بالطاعة، وابتغوا إليه الوسيلة، تقربوا إليه بطاعته، وجاهدوا

العدو في سبيله في طاعته، لعلكم تفلحون، كي تسعدوا، وتبقوا في الجنة)([18]).

(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله، خافوا عقابه بأن تطيعوه، وابتغوا، اطلبوا إليه الوسيلة، ما يقربكم إليه من طاعته، وجاهدوا في سبيله، لإعلاء دينه، لعلكم تفلحون، تفوزون.)([19])

 

الآية الرابعة :

* وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ* ([20]).

قوله تعالى:* وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ* الآية، فإن قيل، أي معنى في هذا التكرار، قلنا المهاجرون كانوا على طبقات، وكان بعضهم أهل الهجرة الأولى، وهم الذين هاجروا قبل الحديبية، وبعضهم أهل الهجرة الثانية، وهم الذين هاجروا بعد الحديبية قبل فتح مكة، وكان بعضهم ذا هجرتين، وهما الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة، فالمُراد من الآية الأولى الهجرة الأولى، والمراد من الثانية الهجرة الثانية، قوله تعالى* أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً*  يعني لا مرية، ولا ريب في إيمانهم، قوله* لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ*، روى في الرزق الكريم أن المراد منه رزق الجنة..) ([21]).

(* وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً*،

(ثم بين سبحانه حكما آخر يتعلق بالمؤمنين المهاجرين، المجاهدين في سبيل الله، والمؤمنين الذين آووا من هاجر إليهم، ونصروهم، وهم الأنصار فقال:* أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً*، أي الكاملون في الإيمان، وليس في هذا تكرير لما قبله، فإنه وارد في الثناء على هؤلاء، والأول وارد في إيجاب الموالاة، والنصرة، ثم أخبر سبحانه أن لهم منه مغفرة لذنوبهم في الآخرة، و لهم في الدنيا،* لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ*، خالص عن الكدر، طيب مستلذ.)([22]).

 

الآية الخامسه :

* انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* ([23]).

(* انْفِرُواْ*، تجريد للأمر بالنفور بعد التوبيخ على تركه، والإنكار على المُساهلة فيه، وقوله سبحانه* خِفَافاً وَثِقَالاً*، حالان من ضمير المخاطبين، أي على كل حال من يسر، أو عسر، حاصلين، بأي سبب كان من الصحة، والمرض، أو الغنى، والفقر.. وغير ذلك مما ينتظم في مساعدة الأسباب وعدمها بعد الإمكان، والقدرة في الجملة. أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن أبي يزيد المديني([24])، قال: كان أبو أيوب الأنصاري([25])، والمقداد بن الأسود([26])، يقولان أمرنا أن ننفر على كل حال، ويتأولان الآية). وأخرجا عن مجاهد، قال: قالوا إن فينا الثقيل، وذا الحاجة، والصنعة، والشغل، والمنتشر به، أمره فأنزل الله تعالى:* انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً*، وأبى أن يعذرَهُمْ دون أنْ ينفروا خفافا، وثقالا، وعلى ما كان منهم، فما روي في تفسيرهما، من قولهم خفافا من السلاح، وثقالا منه، أو ركبانا، ومشاة، أو شبانا، وشيوخا، أو أصحاء أو مرضى إلى غير ذلك، ليس تخصيصا للأمرين المتقابلين، بالإرادة من غير مقارنة للباقي، وعن ابن أم مكتوم([27])، أنه قال: لرسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ أعلي أن أنفر، قال: نعم، حتى نزل* لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ* ([28])). وأخرج ابن أبي حاتم وغيره، عن السدي، قال: لما نزلت هذه الآية، أشتد على الناس شأنها، فنسخها الله تعالى فقال:* لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى..الآية* ([29])وقيل إنها منسوخة، بقوله تعالى* مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً..الآيه* ([30])، وهو خلاف الظاهر، ويفهم من بعض الروايات، أنْ لا نسخ. فقد أخرج ابن جرير، والطبراني، والحاكم وصححه، عن أبي راشد قال: رأيت المقداد (فارس) رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ بحمص يريد الغزو، فقلت لقد أعذر الله تعالى إليك، قال أبت علينا، سورة البحوث، يعني هذه الآيـة منـها:*.. وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ..* ([31]) أي بما أمكن لكم منهما كليهما، أو أحداهما، والجهاد بالمال، إنفاقه على السلاح، وتزويد الغزاة، ونحو ذلك،* ذَلِكُمْ*،أي ما ذكر من النفير، والجهاد، وما فيه من معنى البعد، لما مر غير مرة، خير عظيم في نفسه، لكم في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما، ويجوز أن يكون المراد، خير لكم مما يبتغى بتركه من الراحة، والدعة، وسعة العيش، والتمتع بالأموال، والأولاد،* إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*، أي إن كنتم تعلمون الخير، علمتم أنه خير، أو إن كنتم تعلمون، أنه خير، إذ لا احتمال لغير الصدق في أخباره تعالى، فبادروا إليه، فجواب إن مقدر، وعلم إما متعدية لواحد، بمعنى عرف تقليلا للتقدير، أو متعدية لأثنين، على بابها هذا الشح، مركوز في النفس، والنفس تغلب القلب، من هذه الجهات، لا من جهة العلو التي هي جهة استيلاء الروح، وممد الحقائق، والأنوار، ولا من جهة السفلى، التي هي الجهة الطبيعة الجسمانية، لعدم تمكن الطبيعة من ذلك، فبقيت سائر الجهات، فيؤذي بذلك من الجهات الأربع، ويعذب..

 

* انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً*،أي انفروا إلى طاعة مولاكم خفافا بالأرواح، ثقالا بالقلوب، أو خفافا بالقلوب، وثقالا بالأجسام، بأن يطيعوه بالأعمال القلبية، والقالبية، أو خفافا بأنوار المودة، وثقالا بأمانات المعرفة، أو خفافا بالبسط، وثقالا بالقبض، وقيل خفافا بالطاعة، وثقالا عن المخالفة، وقيل غير ذلك،* وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ* بأن تنفقوها للفقراء،* وَأَنفُسِكُمْ*  بأن تجودوا بها لله تعالى، ذلكم خير لكم فـي الداريـن،*  إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* ذلك، والله تعالى الموفق للرشاد)([32]). وأودُ التنبيه أنَّ ذات الآيه أعلاه تدخل ضمن آيات النفير المُشار إليها في الماده (8) التي ستردُ لاحقاً.

 

الآية السادسه:

* وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ* ([33]).

(* وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا* في شأننا ومن أجلنا، ولوجهنا خالصا، ففيه مضاف مقدر، وقيل لا حاجة إلى التقدير، بحمل الكلام على المبالغة، بجعل ذات الله سبحانه مستقر للمجاهدة، وأطلقت المجاهدة لتعم مجاهدة الأعادي الظاهرة، والباطنة بأنواعهما،* لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا*، سُبل السير إلينا، والوصول إلى جنابنا، والمراد نزيدنهم هداية إلى سبل الخير وتوفيقا لسلوكها، فإن الجهاد هداية، أو مرتب عليها، وقد قال تعالى:* وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ*.([34])

 

وفي الحديث(من عمل بما علم، ورثه الله تعالى، علم ما لم يعلم) ومن الناس من أول* جَاهَدُوا*، بـ أرادوا الجهاد، وأبقى* لَنَهْدِيَنَّهُمْ* على ظاهره، وقال: (السدي) المعنى: (والذين جاهدوا بالثبات على الإيمان، لنهدينهم سبلنا إلى الجنة)، وقيل المعنى: (والذين جاهدوا في الغزو، لنهدينهم سبل الشهادة، والمغفرة) وما ذكر أولا أولى، والموصول مبتدأ، وجملة القسم، وجوابه خبره، نظير ما مر من قولـه:

 

* وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ* ([35])،* جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا*، وافتتحت هذه بوعد من غلب من أهل الكتاب بالغلبة، والنصر، وفرح المؤمنين بذلك، وأن الدولة لأهل الجهاد فيه، ولا يضرهم ما وقع لهم، قبل ذلك من هزيمة.. ولا يخفى أن قتال أهل الكتاب ليس من المجاهدة في الله عز وجل، وبذلك تضعف المناسبة، ومَنْ وقف على أخبار سبب النزول، ظهر له أن ما افتتحت به هذه السورة متضمنا نصرة المؤمنين، بدفع شماتة أعدائهم المشركين، وهم لم يزالوا مجاهدين في الله تعالى، ولأجله، ولوجهه عز وجل، ولا يضر عدم جهادهم بالسيف عند النزول، وهذا في المناسبة أوجه فيما أرى من الوجه الذي ذكره الجلال فتأمل)([36]).

 

الآية السابعة:

* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ

وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* ([37])

* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ*، أخرج ابن أبي حاتم([38])، والطبراني([39]) في «الكبير»، من حديث جندب بن عبد الله (أنها نزلت في السرية، لما ظن بهم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر)،* وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ* أي فارقوا أوطانهم..* وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ* لإعلاء دينه، وإنما كرر الموصول مع أن المراد بهما واحد لتفخيم شأن الهجرة، والجهاد، فكأنهما وإن كانا مشروطين بالإيمان في الواقع، مستقلان في تحقق الرجاء، وقدم الهجرة على الجهاد، لتقدمها عليه في الوقوع، تقدم الإيمان عليهما،* أُوْلَـئِكَ* المنعوتون بالنعوت الجليلة* يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ*، أي يؤملون تعلق رحمته سبحانه بهم، أو ثوابه على أعمالهم، ومنها تلك الغزاة في الشهر الحرام، واقتصر البعض عليها بناءاً على ما رواه الزهري(أنه لما فرج الله تعالى عن أهل تلك السرية، ما كانوا فيه، من غمٍ طمعوا فيما عند الله تعالى من ثوابه، فقالوا : يا نبي الله أنطمع أن تكون غزوة نعطي فيها أجر المهاجرين في سبيل الله تعالى، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ولا يخفى أن العموم أعم نفعاً، وأثبت لهم الرجاء دون الفوز بالمرجو، للإشارة إلى أن العمل غير موجب، إذ لا استحقاق به، ولا يدل دلالة قطعية على تحقق الثواب، إذ لا علاقة عقلية بينهما، وإنما هو تفضل منه تعالى، سيما والعبرة بالخواتيم، فلعله يحدث بعد ذلك ما يوجب الحبوط، ولقد وقع ذلك، والعياذ بالله تعالى كثيراً، فلا ينبغي الاتكال على العمل،* والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ* تذييل لما تقدم، وتأكيد له، ولم يذكر المغفرة فيما تقدم، لأن رجال الرحمة يدل عليها، وقدم وصف المغفرة (لأن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح)([40]).

 

7- آيات القتال التي وردت في القرآن الكريم التي استمدت منها المقاومة العراقية شرّعيتُها:

من الآيات القرآنية الكريمة التي نزلت بقتال ملة الكُفر، ومنا استمدت المقاومة العراقية شرعيتها، اذكر الآيات الآتية:

 

الآية الأولى:

* كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ* ([41]).

(* كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ*، أي قتال الكفار، وهو فرض عين، إن دخلوا بلادنا، وفرض كفاية، إن كانوا ببلادهم، و قرء بالبناء للفاعل، وهو الله ـ عز وجل ـ ونصب القتال، وقرء أيضا {كتب عليكم القتل}، أي قتل الكفرة،* وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ*، عطف على كتب، وعطف الاسمية على الفعلية جائز، كما نص عليه، وقيل الواو للحال، والجملة حال، ورد بأن الحال المؤكدة لا تجيء بالواو، والمنتقلة لا فائدة فيها، والكره بالضم كالكره بالفتح وبهما قرء الكراهة، وقيل المفتوح المشقة التي تنال الإنسان من خارج، والمضموم ما يناله من ذاته، وقيل المفتوح أسم بمعنى الإكراه، والمضموم بمعنى الكراهة، وعلى كل حال، فإن كان مصدرا فمؤول، أو محمول على المبالغة، أو هو صفة، كخبز مخبوز، وإن كان بمعنى الإكراه، وحمل على الكره عليه، فهو على التشبيه البليغ، كأنهم أكرهوا عليه لشدته، وعظم مشقته، ثم كون القتل مكروها لا ينافي الإيمان، لأن تلك الكراهية طبيعية، لما فيه من القتل، والأسر، وإفناء البدن، وتلف المال، وهي لا تنافي الرضا بما كلف به، كالمريض الشارب للدواء البشع يكرهه لما فيه من البشاعة، ويرضى به من جهة أخرى، الرديء ومن ذلك ترك قتال الأعداء، فإن فيه الذل، وضعف الأمر، وسبي الذراري، ونهب الأموال، وملك البلاد، وحرمان الحظ الأوفر من النعيم الدائم، والجملتان الاسميتان حالان من النكرة، وهو قليل، ونص سيبويه على جوازه كما في البحر، وجوز (أبو البقاء) أن يكونا صفة لها، وساغ دخول الواو لما أن صورة الجملة هنا كصورتها إذا كانت حالا، وعسى الأولى للإشفاق، والثانية للترجي على ما ذهب إليه البعض، وإنما ذكر عسى الدالة على عدم القطع، لأن النفس إذا أرتاضت، وصفت، أنعكس عليها الأمر الحاصل لها قبل ذلك فيكون محبوبها مكروها، ومكروهها محبوبا، فلما كانت قابلة بالإرتياض لمثل هذا الانعكاس، لم يقطع بأنها تكره ما هو خير لها، وتحب ما هو شر لها، فلا حاجة إلى أن يقال، إنها هنا مستعملة في التحقيق، كما في سائر القرآن ما عدا قوله تعالى * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ* ([42])، والله يعلم ما هو خير لكم، وما هو شر لكم، وحذف المفعول للإيجاز، وأنتم لا تعلمون ذلك فبادروا إلى ما يأمركم به، لأنه لا يأمركم إلا بما علم فيه خيرا لكم، وانتهوا عما نهاكم عنه، لأنه لا ينهاكم إلا عما هو شر لكم، ومناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة، لأن فيها الجهاد، وهو بذل النفس الذي هو فوق بذل المال.) ([43]).

 

الآية الثانية:

* وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ

وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ* ([44]).

[قوله عز وجل :* فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ* يحتمل وجهين : أحدهما : ولكن الله قتلهم بسوقهم إليكم حتى أمكنكم منهم.

والثاني : ولكن الله قتلهم بمعونته لكم حين ألقى في قلوبهم الرعب وفي قلوبكم النصر. وفيه وجه ثالث، قاله ابن بحر: ولكن الله قتلهم بالملائكة الذين أمدكم بهم. وقيل لم تقتلوهم بقوتكم وسلاحكم، ولكن الله قتلهم بخذلانهم، وقبض أرماحهم.

* وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى* فيه أربعة أقاويل :

أحدها: ما حكاه ابن عباس، وعرة، والسدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض يوم بدر قبضة من تراب رماهم بها، وقال: « شَاهَتِ الْوُجُوهُ » أي قبحت ومنه قول الحطيئة :

أرى لي وجهاً شوه الله خلقه..... فقُبح من وجهٍ وقبح حامله.

فألقى الله تعالى القبضة في أبصارهم حتى شغلتهم بأنفسهم، وأظفر الله المسلمين بهم، فهو معنى قوله تعالى :* وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَ اللَّهَ رَمَى*.

الثاني : معناه وما ظفرت إذ رميت ولكن الله أظفرك، قاله (أبو عبيدة).

الثالث : وما رميت قلوبهم بالرعب إذ رميت وجوههم بالتراب ولكن الله ملأ قلوبهم رعباً.

والقول الرابع : أنه أرد رمى أصحابه بالسهم فأصاب رميهم.

وقوله تعالى:* وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى* يعني بما أرسله من الريح المعينة لسهامهم حتى سددت وأصابت، والمراد بالرمي الإصابة، لأن معي الرمي محمول على الإصابة، فإن لم يصب قيل رمى فأخطأ. وإذا قيل مطلقاً: قد رمى، لم يعقل منه إلا الإصابة..) ([45]).

 

الآية الثالثة:

* يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ

وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ* ([46]).

(أعيد نداء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للتنويه بشأن الكلام الوارد بعد النداء، وهذا الكلام قد عنى المقصد بالنسبة للجملة التي قبله، لأنّه لما تكفّل الله له الكفاية، وعطف المؤمنين في إسناد الكفاية إليهم، احتيج إلى بيان كيفية كفايتهم، وتلك هي الكفاية بالذبّ عن الحوزة وقتال أعداء الله، فالتعـريف فـي* الْقِتَالِ* للعهد، وهو القتال الذي يعرفونه، أعني: قتال أعداء الدين. والتحريض: المبالغةُ في الطلب.ولمّا كان عموم الجنس، الذي دل عليه تعريف القتال، يقتضي عموم الأحوال باعتبار المقاتَلين بفتح التاء، وكان في ذلك إجمال من الأحوال، وقد يكون العدو كثيرين، ويكون المؤمنون أقلّ منهم، بيّن هذا الإجمال بقوله:* إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ* الآية.

 

وضمير* منكم* خطاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وللمؤمنين.

وفصلت جملة* إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ*، لأنها لمّا جعلت بياناً لإجمال كانت مستأنفة استئنافاً بيانيا، لأن الإجمال من شأنه أن يثير سؤال سائل عمّا يعمل، إذا كان عدد العدوّ كثيراً، فقد صار المعنى : حرض المؤمنين على القتال بهذه الكيفية.

 

و* صَابِرُونَ* ثابتون في القتال، لأنّ الثبات على الالآم صبر، لأنّ أصل الصبر تحمّل المشاقّ، والثباتُ منه، قال تعالى:* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ*.([47]) وفي الحديث: « لا تتمنّوا لقاء العدوّ واسألوا الله العافية فإذا لاقيتم فاصبروا »

 

والمعنى : عُرفوا بالصبر والمقدرة عليه، وذلك باستيفاء ما يقتضيه من أحوال الجسد وأحوال النفس، وفيه إيماء إلى توخّي انتقاء الجيش، فيكون قيداً للتحريض، أي: حرّض المؤمنين الصابرين الذين لا يتزلزلون، فالمقصود أن لا يكون فيهم من هو ضعيف النفس، فيفشل الجيش.. وذُكر في جانب جيش المسلمين في المرّتين عدد العشرين، وعددُ المائة، وفي جانب جيش المشركين عددُ المائتين، وعدد الألف، إيماءً إلى قلّة جيش المسلمين في ذاته، مع الإيماء إلى أنّ ثباتهم لا يختلف باختلاف حالة عددهم في أنفسهم، فإنّ العادة أنّ زيادة عددُ الجيش تقوي نفوس أهله، ولو مع كون نسبة عددهم من عدد عدوّهم غير مختلفة، فجعل الله الإيمان قوّةً لنفوس المسلمين تدفع عنهم، وهَن استشعار قلّة عدد جيشهم في ذاته.

 

أمّا اختيار لفظ العشرين للتعبير عن مرتبة العشرات دون لفظ، العشرة : فلعل وجهه أنّ لفظ العشرين، أسعد بتقابل السكنات في أواخر الكلم، لأنّ للفظِه مائتين من المناسبة بسكنات كلمات الفواصل من السورة، ولذلك ذكر المائة مع الألف، لأنّ بعدها ذِكرَ مميز العدد بألفاظ تناسب سكنات الفاصلة، وهو قوله:* لا يفقهون* فتعيّن هذا اللفظ قضاء لحقّ الفصاحة.)([48]).

 

الآية الرابعة:

* وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ* ([49]).

(* وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ* أي جاهدوا لإعزاز دين الله تعالى، وإعلاء كلمته، فالسبيل بمعنى مستعار لدين الله تعالى، وكلمته، لأنه يتوصل المؤمن به إلى مرضاته تعالى، والظرفية التي هي مدلولة في ترشيح للاستعارة،* الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ* أي يناجزونكم القتال من الكفار، وكان هذا على ما روى عن (أبي العالية) ([50]) قبل أن أمروا بقتال المشركين كافة، المناجزين والمحاجزين فيكون ذلك حينئذ تعميما بعد التخصيص، المستفاد من هذا الأمر مقررا لمنطوقه ناسخا لمفهومه، أي لا تقاتلوا المحاجزين، وكذا المنطوق في النهي الآتي، فإنه على هذا الوجه مشتمل على النهي، عن قتالهم أيضا، وقيل معناه الذين يناصبونكم القتال، ويتوقع منهم ذلك دون غيرهم من المشايخ، والصبيان، والنساء، والرهبان، فتكون الآية مخصصة لعموم ذلك الأمر، مخرجة لمن لم يتوقع منهم، وقيل المراد ما يعم سائر الكفار، فإنهم بصدد قتال المسلمين، وقصده فهم في حكم المقاتلة قاتلوا، أو لم يقاتلوا، ويؤيد الأول ما أخرجه (أبو صالح) عن إبن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ أن المشركين صدوا رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ عن البيت عام الحديبية، وصالحوه على أن يرجع عامه القابل، ويخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت، ويفعل ما شاء، فلما كان العام المقبل تجهز رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك، وأن يصدهم عن المسجد الحرام، ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم، فأنزل الله تعالى الآية، وجعل ما يفهم من الأثر وجها رابعا في المراد، بالموصول بأن يقال المراد به من يتصدى من المشركين للقتال في الحرم، وفي الشهر الحرام، كما فعل البعض بعيد، لأنه تخصيص من غير دليل، وخصوص السبب لا يقتضي خصوص الحكم،* وَلاَ تَعْتَدُواْ* أي لا تقتلوا النساء، والصبيان، والشيخ الكبير، ولا من ألقى إليكم السلم، وكف يده، فإن فعلتم فقد اعتديتم، رواه أبن أبي حاتم، عن أبن عباس أو لا تعتدوا بوجه من الوجوه، كابتداء القتال، أو قتال المعاهد، أو المفاجأة به من غير دعوة، أو قتل من نهيتم عن قتله، قاله بعضهم وأيد بأن الفعل المنفي يفيد العموم،* إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ*  أي المتجاوزين ما حد لهم، وهو كالتعليل لما قبله، ومحبته تعالى لعباده في المشهور، عبارة عن إرادة الخير، والثواب لهم، ولا واسطة بين المحبة، والبغض بالنسبة إليه ـ عز شأنه ـ وذلك بخلاف محبة الإنسان، وبغضه فإن بينهما واسطة وهي عدمهما.) ([51]).

 

الآية الخامسة:

* وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* ([52]).

هذا خطاب لأمة، محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالقتال في سبيل الله، في قول الجمهور وهو الذي ينوى به، أن تكون كلمة الله هي العليا، وسبل الله كثيرة، فهي عامة في كل سبيل، قال: الله تعالى:* قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي* ([53]) قال:(مالك) ([54]) سبل الله كثيرة، وما من سبيل إلا يقاتل عليها، أو فيها أو لها وأعظمها دين الإسلام، لا خلاف في هذا. وقيل الخطاب للذين أحيوا من بني إسرائيل، روي عن بن عباس، والضحاك، والواو على هذا في قوله* وَقَاتِلُواْ* عاطفة على الأمر المتقدم، وفي الكلام متروك، تقديره* وقال لهم قاتلوا* وعلى القول الأول عاطفة جملة كلام على جملة، ما تقدم ولا حاجة إلى إضمار في الكلام، قال: (النحاس) وقاتلوا أمر من الله تعالى للمؤمنين، ألا تهربوا كـما هـرب هـؤلاء*  وأعلموا أن الله سميع عليم*  أي يسمع قولكم إن قلتم، مثل ما قال هؤلاء، ويعلم مرادكم به، وقال: (الطبري) لا وجه لقول من قال، إن الأمر بالقتال للذين أحيوا والله أعلم.)([55]).

 

الآية السادسة:

* الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ

فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً* ([56]).

(* الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ* كلام مبتدأ، سيق لترغيب المؤمنين في القتال، وتشجيعهم ببيان كمال قوتهم، بإمداد الله تعالى، ونصرته، وغاية ضعف أعدائهم، أي المؤمنون إنما يقاتلون في دين الله الحق، الموصل لهم إلى الله عز وجل، وفي أعلاء كلمته، فهو وليـهم وناصـرهم لا محالـة،* وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ * أي فيما يوصلهم إلى الشيطان، فلا ناصر لهم سواه، والفاء في قوله تعالى* فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ* لبيان استتباع ما قبلها لما بعدها، وذكرهم بهذا العنوان، للدلالة على أن ذلك نتيجة لقتالهم في سبيل الشيطان، والإشعار بأن المؤمنين أولياء الله تعالى، لما أن قتالهم في سبيله، وكل ذلك لتأكيد رغبة المؤمنين في القتال، و تقوية عزائمهم عليه، فإن ولاية الله تعالى علم في العزة، و القوة، كما أن ولاية الشيطان مثل في الذلة، و الضعف، كأنه قيل إذا كان الأمر كذلك، فقاتلوا يا أولياء الله أولياء الشيطان، ثم صرح بالتعليل، فقيـ،ل* إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً* أي في حد ذاته، فكيف بالقياس إلى قدرة الله تعالى، ولم يتعرض لبيان قوة جنابه تعالى، إيذانا بظهورها قالوا فائدة إدخال كان في أمثال هذه المواقع التأكيد ببيان، أنه منذ كان، كان كذلك فالمعنى إن كيد الشيطان منذ كان موصوفا بالضعف.) ([57]).

 

الآية السابعة:

* وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ

إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ* ([58]).

(قوله تعالى* وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم*  نقضوا عهودهم، * مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ* عقدهم، يعني مشركي قريش،* وَطَعَنُواْ*  قدحوا* فِي دِينِكُمْ* وعابوه، فهذا دليل على أن الذمي، إذا طعن في دين الإسلام ظاهرا، لا يبقى له عهد* فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ*  قرأ (أهل الكوفة، والشام) أئمة بهمزتين، حيث كان وقرأ الباقون بتليين الهمزة الثانية، وأئمة الكفر رؤس المشركين، وقادتهم من أهل مكة، قال: (ابن عباس) نزلت في أبي سفيان بن حرب([59])، وأبي جهل بن هشام([60])، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وسائر رؤساء قريش، يومئذ الذين نقضوا العهد، وهم الذين هموا بإخراج الرسول، وقال: (مجاهد) هم أهل فارس والروم. وقال(حذيفة بن اليمان) ([61]) ما قوتل أهل هذه الآية، ولم يأت أهلها بعد إنهم لا إيمان لهم، بكسر الألف أي لا تصديق لهم، ولا دين لهم، وقيل هو من الأمان، أي لا تؤمنوهم، واقتلوهم حيث وجدتموهم، لعلهم ينتهون، أي لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم، والمظاهرة عليكم، وقيل عن الكفر حض المسلمين على القتال.) ([62]).

 

الآية الثامنة:

* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً

وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ* ([63]).

(كان جميع بلاد العرب خلَص للإسلام قبل حجة الوداع، فكانت تخوم بلاد الإسلام مجاورة لبلاد الشام، مقرّ نصارى العرب، وكانوا تحت حكم الروم، فكانت غزوة تبوك، أول غزوة للإسلام، تجاوزت بلاد العرب إلى مشارف الشام، ولم يكن فيها قتال، ولكن وُضعت الجزية على أيْلَةَ، وبُصرى، وكانت تلك الغزوة إرهاباً للنصارى، ونزلت سورة براءة عقبها، فكانت هذه الآية كالوصية بالاستمرار على غزو بلاد الكفر المجاورة لبلاد الإسلام، بحيث كلَّما استقر بلد للإسلام، وكان تُجاوره بلاد كفر كان حقاً على المسلمين غزو البلاد المجاورة، ولذلك ابتدأ الخلفاء بفتح الشام، ثم العراق، ثم فارس، ثم انثنوا إلى مصر، ثم إلى إفريقية، ثم الأندلس. فالجملةُ مستأنفة استئنافاً ابتدائيا،ً تكملة للأمر بما يتعين على المسلمين في ذيول غزوة تبوك. وفي توجيه الخطاب للذين آمنوا دون النبي، إيماء إلى أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يغزو بعد ذلك، وأن أجله الشريف قد اقترب. ولعل في قوله:* وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ* إيماء إلى التسلية على فقد نبيهم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأن الله معهم، كقوله في الآية الأخرى* وسيجْزي الله الشاكرين* ([64]). والغلظة بكسر الغين : الشدة الحسية والخشونة، وهي مستعارة هنا للمعاملة الضارة، كقوله:* وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ* ([65]). قال في «الكشاف» : وذلك يجمع الجرأة والصبر على القتال، والعنف في القتل والأسر. اه.

 

قلت: والمقصد من ذلك إلقاءُ الرعب في قلوب الأعداء، حتى يخشوا عاقبة التصدي لقتال المسلمين، ومعنى أمر المسلمين بحصول ما يجده الكافرون من غلظة المؤمنين عليهم، هو أمر المؤمنين بأن يكونوا أشداء في قتالهم، وهذه مبالغة في الأمر بالشدة، لأنه أمر لهم بأن يجد الكفار فيهم الشدة، وذلك الوجدان لا يتحقق إلا إذا كانت الغلظة بحيث تظهر، وتَنال العدو فيحِس بها، كقوله تعالى لموسى:* فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى* ([66]). وإنما وقعت هذه المبالغة لِما عليه العدو من القوة، فإن المقصود من الكفار هنا هم نصارى العرب، وأنصارهم الروم، وهم أصحاب عَدد، وعُدد، فلا يجدون الشدة من المؤمنين، إلا إذا كانت شدة عظيمة، ومن وراء صريح هذا الكلام تعريض بالتهديد للمنافقين، إذ قد ظُهر على كفرهم وهم أشد قرباً من المؤمنين في المدينة. وفي هذا السياق جاء قوله تعالى:* يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ* ([67]). وجملة:* وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ* تأييد وتشجيع ووعد بالنصر إن اتقوا بامتثال الأمر بالجهاد، وافتتحت الجملة ب* وَاعْلَمُواْ* للاهتمام بما يراد العلم به، كما تقدم في قوله تعالى:* وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ*.([68]) والمعية هنا معية النصر، والتأييد، كقوله تعالى:* إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا*.([69]). وهذا تأييد لهم إذ قد علموا قوة الروم.) ([70]).

 

الآية التاسعه:

* وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ* ([71]).

[قوله تعالى :* وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَتٌ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ* وسبب ذلك أنهم كانوا يقولون لقتلى بدر وأُحُد، مات فلان، ومات فلان، فنزلت الآية، وفيها تأويلان: أحدهما: أنهم ليسوا أمواتاً، وإن كانت أجسامهم أجسام الموتى، بل هم عند الله أحياء النفوس منعّمو الأجسام. والثاني: أنهم ليسوا بالضلال أمواتاً، بل هم بالطاعة، والهدى أحياء، كما قال تعالى:* أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ في الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا* ([72])، فجعل الضالَّ ميتاً، والمُهْتَدي حياً، ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أنهم ليسوا أمواتاً بانقطاع الذكر عند الله، وثبوت الأجر.) ([73]).

 

الآية العاشرة:

* قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ

وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* ([74]).

(* قاتلوهم يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ*.استئناف ابتدائي، للعود من غرض التحذير، إلى صريح الأمر بقتالهم، الذي في قوله:* فقاتلوا أئمة الكفر* ([75])، وشأن مثل هذا العود في الكلام، أن يكون باستئناف كما وقع هنا، وجُزم* يُعَذِّبْهُمُ* وما عطف عليه في جواب الأمر، وفي جعله جواباً وجزاءً، أنّ الله ضمن للمسلمين من تلك المقاتلة خمس فوائد، تنحلّ إلى اثنتي عشرة، إذ تشتمل كل فائدة منها على كرامة للمؤمنين، وإهانة لهؤلاء المشركين، وروعي في كلّ فائدة منها الغرض الأهمّ، فصرح به، وجعل ما عداه حاصلاً بطريق الكناية.

الفائدة الأولى: تعذيب المشركين بأيدي المسلمين، وهذه إهانة للمشركين، وكرامة للمسلمين.

الثانية: خزي المشركين، وهو يستلزم عِزّة المسلمين.

الثالثة: نصر المسلمين، وهذه كرامة صريحة لهم، وتستلزم هزيمة المشركين، وهي إهانة لهم.

 

الرابعة: شفاء صدور فريق من المؤمنين، وهذه صريحة في شفاء صدور طائفة من المؤمنين وهم خزاعة، وتستلزم شفاء صدور المؤمنين كلّهم، وحرج صدور أعدائهم فهذه ثلاث فوائد في فائدة.

 

الخامسة: إذهاب غيظ قلوب فريق من المؤمنين، أو المؤمنين كلّهم، وهذه تستلزم ذهاب غيظ بقية المؤمنين الذي تحملوه من إغاظة أحلامهم، وتستلزم غيظ قلوب أعدائهم، فهذه ثلاث فوائد في فائدة. والتعذيب تعذيب القتل والجراحة. وأسند التعذيب إلى الله وجعلت أيدي المسلمين آلة له تشريفاً للمسلمين، والإخزاء، الإذلال، وتقدّم في البقرة، وهو هنا الإذلال بالأسر. والنصرُ حصول عاقبة القتال المرجوّة، وتقدّم في أول البقرة، والشفاء، زوال المرض ومعالجة زواله، أطلق هنا استعارة لإزالة ما في النفوس من تعب الغيظ، والحقد، كما استعير ضدّه، وهو المرض لما في النفوس من الخواطر الفاسدة في قوله تعالى:* فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ*. ([76])

وإضافة الـ* صُدُورَ* إلى* قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ* دون ضمير المخاطبين، يدلّ على أنّ الذين يشفي الله صدورهم بنصر المؤمنين، طائفةٌ من المؤمنين المخاطبين بالقتال، وهم أقوام كانت في قلوبهم إحن على بعض المشركين، الذين آذوهم، وأعانوا عليهم، ولكنّهم كانوا محافظين على عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله وصحبه سلم ـ فلا يستطيعون مجازاتهم على سوء صنيعهم، وكانوا يودّون أن يؤذَن لهم بقتالهم، فلمّا أمر الله تعالى بنقض عهود المشركين، سُرّوا بذلك وفرحوا، فهؤلاء فريق تغاير حالته حالة الفريق المخاطبين بالتحريض على القتال، والتحذيرِ من التهاون فيه، فعن مجاهد، والسدّي (أنّ القوم المؤمنين هم خزاعة، حلفاء النبي ـ صلى الله عليه وآله وصحبه سلم ـ وكانت نفوس خزاعة، إحن على بني بكر بن كنانة)، الذين اعتدوا عليهم بالقتال، وفي ذكر هذا الفريق، زيادة تحريض على القتال بزيادة ذكر فوائده، وبمقارنة حال الراغبين فيه بحال المحرضين عليه، الملحوح عليهم الأمر بالقتال.)([77]).

 

8- آيات النفير التي وردت في القرآن الكريم التي استمدت منها المقاومة العراقية شرّعيتُها:

من الآيات القرآنية الكريمه التي وردت بهذا الخصوص أتناول الآتي:

 

الآية الأولى :

* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً* ([78]).

(* يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم*  الحذر، والحذر بمعنى وهو التحرز، وهما ك(الإثر، والأثر) يقال اخذ حذره إذا تيقظ، واحترز من المخوف، كأنه جعل الحذر آلته، التي يقي بها نفسه، ويعصم بها روحه، والمعنى احذروا واحترزوا أنه من العدو،* فانفروا ثبات*  فاخرجوا إلى العدو جماعات متفرقة، سرية بعد سربة، فالثبات الجماعات واحدها ثبات* أو انفروا جميعا*  أي مجتمعين، أو مع النبي عليه السلام، لأن الجمع بدون السمع لا يتم، والعقد بدون الواسطة لا ينتظم، أو انفروا ثبات إذا لم يعم النفير، أو انفروا جميعا إذا عم النفير، وثبات حال وكذا جميعا)([79]).

 

الآية الثانية :

* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ* ([80]).

(قوله عز وجل* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلتُمْ إِلَى الأَرْضِ* قال: الحسن، ومجاهد : (دُعوا إلى غزوة تبوك، فتثاقلوا فنزل ذلك فيهم)، وفي قوله* اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ* ثلاثة أوجه : أحدها : إلى الإقامة بأرضكم ووطنكم.

 

والثاني : إلى الأرض حين أخرجت الثمر والزرع، قال: مجاهد : دعوا إلى ذلك أيام إدراك النخل، ومحبة القعود في الظل.

الثالث : اطمأننتم إلى الدنيا، فسماها أرضاً لأنها فيها، وهذا قول الضحاك. وقد بينه قوله تعالى:* أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الأَخَرَةِ* يعني بمنافع الدنيا بدلاً من ثواب الآخرة. والفرق بين الرضا والإرادة أن الرضا لما مضى، والإرادة لما يأتي. {فَمَا مَتَاعُ الَْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الأخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} لانقطاع هذا ودوام ذاك.) ([81]).

 

يتبع ............

 

الدكتور ثروت اللهيبي

almostfa.7070@ yahoo.com

 

 

[1])) الأنفال/17، تفسير الآية الكريمة كما ورد في تفسير الجلالين المُحمل على قرص كمبيوتري: ((17 - (فلم تقتلوهم) ببدر بقوتكم (ولكن الله قتلهم) بنصره إياكم (وما رميت) يا محمد أعين القوم (إذ رميت) بالحصى لأن كفَّا من الحصى لا يملأ عيون الجيش الكثير برمية بشر (ولكن الله رمى) بإيصال ذلك إليهم فعل ذلك ليقهر الكافرين (وليبلي المؤمنين منه بلاءً) عطاءً (حسناً) هو الغنيمة (إن الله سميع) لأقوالهم (عليم) بأحوالهم.)).

[2])) النحل/43، تفسير الآية القرآنية الكريمه كما وردت في تفسير الجلالين المُحمل على قرصٍ كمبيوتري: ((43 - (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) لا ملائكة (فاسألوا أهل الذكر) العلماء بالتوراة والإنجيل (إن كنتم لا تعلمون) ذلك فإنهم يعلمونه وأنتم إلى تصديقهم أقرب من تصديق المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم.)).

[3])) أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الافريقى المصرى، لسان العرب، المجلد الثالث، نشر أدب الحوزة قم - إيران 1405 ه‍، ص 133 – 135.

[4])) محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدى الحنفي نزيل مصر، تاج العروس من جواهر القاموس،، المجلد الثاني، نشر مكتبة الحياة (بيروت – د.ت)، ص 329.

[5])) القاضي عبد النبي عبد الرسول الأحمد نكري، دستور العلماء أو جامع العلوم في المصطلحات الفنون، ج1، عرب عبارتها ونقاها حسن هاني، ط1، دار الكتب العلمية (لبنان، بيروت ـ 1421هـ)، ص 291.

[6])) الحج/78.

[7])) ـ أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الإمام الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي الخسروجردي، سمع الكثير، ورحل، وجمع، وحصل، وصنف، مولده في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. طبقات الشافعية ج1:ص220، تأليف: أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - 1407، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان.

([8]) ـ جابر بن عبد الله السلمي عقبي، روى عنه بنوه محمد، وعبد الرحمن، وعقيل، وابن المنكدر، وأبو الزبير، وخلق مات سنة 78. الكاشف ج1:ص287.

[9])) ـ خالد بن يوسف بن سعد بن حسن بن مفرج الإمام المفيد المحدث الحافظ زين الدين أبو البقاء النابلسي، ثم الدمشقي، مولده سنة خمس وثمانين وخمس مائة بنابلس، ونشأ بدمشق. تذكرة الحفاظ ج4:ص1447/أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الأولى.

[10])) التغابن/16.

[11])) آل عمران/142.

[12])) هو الإمام فخر الدين حجة الحق محمد بن عمر بن الحسين القرشي الطبري الاصل الرازي المولود كان إماما وقته في العلوم العقلية، واحد الأئمة في العلوم الشرعية، اشتغل بالعلم عند والده، وكان من تلاميذ البغوي، ولد بالري في العشر الاخير من شهر رمضان، سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وتوفي بهرات يوم الأثنين يوم عيد الفطر، سنة ست وستمائة، ودفن في جبل قريب من هرات، نقل عنه في الروضة في القضاء في الكلام على ما إذا تغير اجتهاد المفتي، وكان رحمه الله ذا شعر جيد. طبقات الفقهاء ج1:ص263، تأليف: إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي أبو إسحاق، دار النشر: دار القلم - بيروت، تحقيق: خليل الميس.

[13])) محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد أبو عمر الزجاج النيسابوري، صحب أبا عثمان، والجنيد، والنوري، والخواص، وغيرهم، وأقام بمكة، وكان شيخ الصوفية بها، وحج ستين حجة، ويقال إنه مكث أربعين سنة لم يتغوط، ولم يبل إلا خارج الحرم بمكة، البداية والنهاية ج11:ص235.

[14])) ـ محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري الآملي البغدادي، الإمام العلم صاحب التصانيف العظيمة، والتفسير المشهور، مولده سنة أربع وعشرين ومائتين. طبقات الشافعية ج1:ص100ـ أبو بكر بن أحمد بن محمد بن قاضي شبة ـ عالم الكتاب ـ بيروت الطبعة الولى ـ تحقيق د الحافظ عبد الحليم خان.

[15])) ـ تفسير الخازن - (ج 1/ص 469)

[16])) المائدة/35.

[17])) ـ تفسير البيضاوي ـ (ج2/ص321) ـ البيضاوي ـ دار الفكر ـ بيروت.

[18])) ـ تفسير الواحدي ـ (ج1/ص318) ـ علي بن أحمد الواحدي أبو الحسن ـ دار القلم ـ دمشق ـ بيروت ـ 1415هـ ـ الطبعة الأولى ـ تحقيق: صفوان عدنان داوودي.

[19])) ـ تفسير الجلالين ـ (ج1/ص142) ـ محمد بن أحمد المحلي، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيـ دار الحديث ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى.

[20])) ـ سورة  الأنفال، آية: 74.

([21]) ـ تفسير السمعاني ج2/ص283ـ أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني ـ دار الوطن ـ الرياض، السعودية ـ 1418هـ ـ الطبعة الأولى ـ تحقيق:ياسر إبراهيم وغنيم عباس غنيم.

[22])) ـ فتح القدير ج2/ص329/محمد بن علي بن محمد الشوكاني ـ دار الفكر ـ بيروت.

[23])) التوبة/41.

[24])) أبو يزيد المديني، روى عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، وأسماء بنت عميس في آخرين، روى عنه أيوب السختياني، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو الهيثم قطن بن كعب، وآخرون. ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج8:ص220، تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1995، الطبعة: الأولى، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبد الموجود.

[25])) خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري، بدري جليل، عنه جبير بن نفير، وأبو سلمة، وعروة وفد على بن عباس البصرة، فقال: إني أخرج عن مسكني لك كما خرجت عن مسكنك لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأعطاه ذلك بما حوى وعشرين ألفا وأربعين عبدا، مرض أبو أيوب في غزوة القسطنطينية، فقال: إذا مت فاحملوني فإذا صاففتم العدو فارموني تحت أرجلكم، فقبره مع سور القسطنطينية مات 51. الكاشف ج1:ص364.

[26])) قداد بن عمرو بن ثعلبة، مولى الأسود بن عبد يغوث، السابق إلى الإسلام، والفارس يوم الحرب، والإقدام ظهرت له الدلائل، والإعلام، حين عزم على إسقاء الرسول عليه الصلاة والسلام والإطعام، أعرض عن العمالات، وآثر الجهاد والعبادات، معتصما بالله تعالى من الفتن، والبليات. حلية الأولياء ج1:ص172.

[27])) عبد الله بن مكتوم، من أهل الصفة، وقال، قاله أبو رزين قدم المدينة بعد بدر بيسير، فنزل الصفة مع أهلها، فأنزله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دار الغذاء، وهي دار مخرمة بن نوفل، وهو الذي نزل فيه عبس وتولى أن جاءه الأعمى. حلية الأولياء ج2:ص4.

[28])) النور/61.

[29])) التوبه/91.

[30])) التوبه/122.

[31])) التوبه/41.

[32])) ـ روح المعاني ج10/ص104.

[33])) ـ سورة العنكبوت، آية: 69.

[34])) محمد/17.

[35])) العنكبوت/58.

[36])) ـ روح المعاني ج21/ص14.

[37])) ـ سورة، البقرة آية 218.

[38])) ابن أبي حاتم الإمام الحافظ الناقد، شيخ الإسلام، أبو محمد عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي. طبقات الحفاظ ج1:ص346، تأليف: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي أبو الفضل، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1403، الطبعة: الأولى.

[39])) ـ أبو القاسم الطبراني الحافظ الكبير صاحب المعاجم الثلاثة، الكبير، والأوسط، والصغير، وله كتاب السنة، وكتاب مسند الشاميين، وغير ذلك من المصنفات المفيدة، عمر مائة سنة، توفي بأصبهان ودفن علي بابها عند قبر حممة الصحابي، وكانت وفاته في يوم السبت لليلتين بقيتا من ذي القعدة من هذه السنة، وقيل في شوال منها، وكان مولده في سنة ستين ومائتين، فمات وله من العمر مائة سنة. البداية والنهاية ج11:ص270. تأليف: إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء، دار النشر: مكتبة المعارف – بيروت.

([40]) روح المعاني - (ج 2/ص 205).

[41])) ـ سورة البقرة، آية: 216.

[42])) التحريم/5.

[43])) ـ روح المعاني ج2/ص106.

([44]) ـ سورة الأنفال، آية: 16.

[45])) ـ النكت والعيون - (ج 2/ص 55).

[46])) ـ سورة الأنفال، آية: 65.

[47])) آل عمران/200.

[48])) ـ التحرير والتنوير - (ج 6/ص 192).

[49])) ـ سورة البقرة، آية: 190.

[50])) ـ رفيع الريحاني، أعتق سائبة، مولى امرأة الأنصاري. التاريخ الأوسط ج1:ص226.محمد بن ابراهيم أبو عبد الله البخاري الجعفي ـ دار الوعي ـ مكتبة دار التراث ـ القاهرة ـ 1397 ـ الطبعة الأولى ـ تحقيق : محمود ابراهيم زايد.

([51]) ـ روح المعاني ج2/ص74.

[52])) ـ سورة البقرة، آية: 244.

[53])) يوسف/108.

([54]) ـ مالك بن أنس الأصبحي، أبو عبد الله الإمام، روى عن نافع، والزهري، وروى عنه بن مهدي، وابن القاسم، ومعن، وأبو مصعب، ولد سنة،93 وتوفي في ربيع الأول سنة 179. الكاشف ج2:ص234.

[55])) ـ تفسير القرطبي ج3/ص236.

[56])) ـ سورة النساء، آية: 76.

[57])) ـ إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم(تفسير أبي السعود) ج2/ص202ـ، تأليف: أبي السعود محمد بن محمد العمادي، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

[58])) ـ سورة التوبة، آية: 12.

[59])) أبو سفيان بن حرب بن أمية الأموي، والد معاوية بن أبي سفيان، له صحبة، اسمه صخر، روى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. تهذيب الكمال ج33:ص361، تأليف: يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي، دار النشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - 1400 - 1980، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. بشار عواد معروف.

[60])) عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، وكان أبو جهل يكنى أبا الحكم، فكناه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبا جهل، وكان أبو جهل، وابنه عكرمة بن أبي جهل، من أشد الناس على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقتل الله أبا جهل يوم بدر كافرا، ثم هدى الله عكرمة إلى الإسلام، فأسلم بعد الفتح، وحسن إسلامه. تهذيب الكمال ج20:ص247.

[61])) ـ حذيفة بن اليمان حسل بن جابر العبسي، ثم الأشهلي، حليفهم صاحب السر، منعه وأباه شهود بدر، روى عنه الأسود، وربعي بن حراش، وأبو إدريس، وطائفة، توفي 36. الكاشف ج1:ص315.

[62])) ـ تفسير البغوي ج2/ص272.

[63])) ـ سورة التوبة، آية: 123.

[64])) آل عمران/144.

[65])) التوبة/73.

[66])) طه/16.

[67])) التوبة/73.

[68])) الأنفال/41.

[69])) التوبة/40.

[70])) ـ التحرير والتنوير - (ج 6/ص 407).

[71])) ـ سورة  البقرة، آية: 154.

[72])) الأنعام/122.

[73])) ـ النكت والعيون - (ج 1/ص 109).

[74])) ـ سورة التوبة، آية:14، 15.

[75])) التوبة/12.

[76])) البقرة/10.

([77]) ـ التحرير والتنوير - (ج 6/ص 238).

[78])) ـ سورة النساء، آية: 71.

[79])) ـ تفسير النسفي ج1/ص232.

[80])) ـ سورة التوبة، آية: 38.

[81])) ـ النكت والعيون - (ج 2/ص 106).





الاحد٠٦ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة