شبكة ذي قار
عـاجـل










بوب سايمون مراسل سي بي أس CBS هو الشخصية الثانية التي قيل انها طالبت بالتعويض وسوف تستلم الملايين من 400 مليون دولار من لحم العراقيين . سوف ابرهن هنا على كذب ادعاءاته .


**


بوب سايمون من مواليد 29 آيار 1941 ، يهودي من منطقة البرونكس في نيويورك.وهو مراسل لشبكة سي بي اس ، ولكنه بدأ حياته العملية بالعمل موظفا في الخدمة الخارجية بوزارة الخارجية الامريكية لمدة ثلاث سنوات من 1964 الى 1967 ثم عمل في مكتب شبكة سي بي اس في لندن لمدة ثلاث سنوات اخرى من 1969 الى 1971 وبعدها عمل في سايغون بصفة مراسل حربي في حرب الفيتنام ، حتى عام 1977 حيث نقل الى مكتب تل ابيب حتى عام 1981 ثم بعد عدة تنقلات بين واشنطن ونيويورك عاد الى تل ابيب في 1987 بصفته مراسل الشرق الاوسط لبرنامج 60 دقيقة لشبكة سي بي أس ومازال يقيم في تل ابيب وله شقة على البحر هناك.


خلال انطلاق حرب تدمير العراق في كانون الثاني 1991 انتقل سايمون من تل ابيب وثلاثة فنيين الى الظهران في السعودية لتغطية الحرب القادمة وكان يحمل جواز سفر يزعم انه مسيحي على المذهب البروتستانتي وانه قادم من نيويورك. بعد سبعة ايام من العمليات العسكرية تخطى الحدود الى الكويت وهناك القي القبض عليه والطاقم الذي معه ونقل الى البصرة ثم الى بغداد حيث بقي في المعتقل لمدة 40 يوما كتب عنها كتابا بعنوان (اربعون يوما) نشر في 1992بعد أن اطلق سراحه اخذ الى لندن لاجراء فحوصات ثم رجع الى منزله في تل ابيب للاستجمام وبعد شهرين عاد الى بغداد لينفذ فيلما وثائقيا بعنوان (بوب سايمون :العودة الى بغداد) ثم ذهب الى بغداد مرة اخرى في كانون الثاني 1993 ليغطي القصف الامريكي على العراق (القصف الذي قتل ليلى العطار) .


وبعدها ذهب ثلاث مرات اخرى .


هل هذا معقول؟


كيف منح التأشيرة العراقية بعد كل هذا ؟ كيف لم يشعر بالخوف من تجربة السجن التي اعتبرها اكبر مصيبة حلت في حياته وغيرت نظرته لكثير من الأمور؟ ولكن عودته مرات بعد كل هذا وابان حكم صدام حسين يكشف انه لم يقدم في حينها طلب تعويضات ، لأنه لو كان فعل لما منح التأشيرة .


ولكنه يعزي خطأ ماحدث لنفسه فيقول "مافعلته كان خطأ غبيا، لم نكن نسعى وراء قصة هائلة وواجهنا سوء الحظ ولكننا كنا مهملين فقط" ويقول انه قد تجاوز تلك التجربة المريرة (ماحدث لي لايقارن باي شيء حدث قبلها وارجو الا يحدث مستقبلا ابدا ولكني نجوت"


فيما يلي موجز لقصة اعتقاله بالاستناد الى كتابه :


اختفت اخبار سيمون وثلاثة من فريقه لمدة يومين بعدها عثر على سيارتهما المستأجرة تويوتا لاند كروزر مهجورة عند الحدود وكانت الاثار تشير الى داخل الكويت المحتلة من قبل العراقيين وقد استنتجت سلطات التحالف ان الفريق اعتقل.
استمرت بغداد في اعلان اسرى الحرب من التحالف ولكنها التزمت الصمت فيما يتعلق بالفريق التلفزيوني. سايمون كان مقره تل ابيب ويهودي وهي حقيقتان حذفتهما الصحافة العالمية بحكمة من تقاريرها .


وفي حين بدأت ان العائلة والاصدقاء والزملاء ضغطا دوليا من اجل المعلومات وقد تمت الاستعانة بميخائيل غورباتشيف بدفع من كسنجر ورئيس سي بي اس . يقول سايمون عن محنة الاسر "في الاسر تذكرت وثائق معسكرات الاعتقال في الحرب العالمية الثانية والناجين من الهولوكوست وكانوا جلدا على عظم ولكنهم احياء مع ذلك ، ولا اريدان اقارن نفسي باوضاعهم ولكني واسيت نفسي بأنهم اذا نجوا مما كانوا فيه فإني استطيع ذلك ايضا "


وقد حاول سايمون وكان قد تمرس على تغطية الحرب في فيتنام وفريقه الوصول الى الحدود الكويتية من اجل الحصول على اخبار افضل مما كان البنتاغون يوزعه على الصحافةى ولكن بعد عدة محاولات على عدة ايام بدئا من 18 كانون الثاني ، فجأة توقفت بقربهم سيارة جيب قفز منها جنود عراقيون وقيدوا سايمون والمنتج بيتر بلاف والمصور روبرتو الفاريز و فني الصوت خوان كالديرا . وانتهى الاسرى الى ملجأ عسكري يرأسه ضباط عراقيون (يتحدثون الانجليزية بطلاقة و يرتدون ملابس انيقة وكانوا اذكياء ومهذبين وقدموا لنا طعاما لذيذا "


ولكن انتهى كل ذلك مثل سراب الصحراء حين نقل الفريق الى البصرة حيث "تم تستجوابنا بقساوة وضربوني على رأسي وقدمي ثم ضربوا الاخرين وحين طلبت ماءا قيل لنا اننا لن نحصل عليه الا في اليوم التالي في بغداد".كانت الرحلة الى العاصمة العراقية "اطول واكثر ايلاما مما يمكن تخيله . كنا موثوقي العيون ولكننا نتعرف على وجودنا بعضنا البعض احياء من الصوت . ولكن الطريق كان يتعرض بلا توقف للقصف وكلما انفجرت قنبلة كنا ننقذف الى الخلف
والقيود تدمي معاصمنا المتورمة . "


بعد عشر ساعات و 210 ميل وصلوا الى سجن حربي "حتى تلك المرحلة كان التعاطف مازال موجودا فقد عالج طبيب سعال كالديرا بمضادات حيوية واعطانا جندي مراهق سخان نفطي لزنزانتنا الرطبة" ولكنا علمنا ان العراقيين لم يذيعوا اعتقالنا وخشينا ان عائلاتنا لم تكن تعرف انا احياء"


نقل سايمون وفريقه الى مركز للمخابرات وسط بغداد "هنا كان الحراس مثل الحيوانات كل الذي يفعلونه هو الصراخ والضرب وفي احد الايام قام ضابط بالصراخ في "يهودي يهودي" وبصق علي ولطمني على وجهي ولو استطعت لكنت قد قتلته رغم خوفي على حياتي"


في هذه الاثناء قامت فرانسواز زوجة سايمون وهي من اصل فرنسي بالكتابة الى الرئيس صدام حسين وياسر عرفات وملك الاردن حسين ولكن بعد شهر طمأنها بيتر ارنيت مراسل سي إن إن بأن مصدرا اخبره بانهم احياء في بغداد. يتذكر سايمون ان أشنع شيء كان الجوع "لايمكن للمرء ان يتعود على الجوع لأنه يزداد ضراوة . لم نكن نحصل الا على قطعتين من الخبز كل يوم مع قدحين من الماء . احيانا كانوا يعطوننا قليلا من الشوربة . كدت اجن من الجوع وكنت اعرف اني في المستقبل لن اقول مرة اخرى بدون مبالاة "اني جائع" "


حاولت ان انام بقدر ما استطيع حتى اتخلص من واقع السجن . يكون المرء ضعيفا لاحول له ولا قوة، لا يسيطر عليه افراد وانما نظام هو الذي يقرر حياته او اذا كان سيرى عائلته مرة اخرى . لم اكن اعتقد انه مازال لي مستقبل ولهذا تمسكت بالماضي. اخذت اتذكر اللحظات الحلوة مع فرانسواز " في هذه الاثناء بدأ المحققون العراقيون يتهمون سايمون بالتجسس.بعد جلسة عاصفة تصورت انهم سوف يعدمونني وحين اعدت الى زنزانتي بدأت اضرب الجدران بقبضتي حتى ادميتهما . كانت تلك هي اللحظة الوحيدة التي فقدت فيها اعصابي. " ويتحدث عن تعرض السجن الى القصف من قبل طائرات التحالف ثلاث مرات.


بعد يومين من وقف اطلاق النار وفي الساعة الثانية صباحا في 2 مارس "استيقظت وذهبت الى الباب كان الحارس يقول "امريكي؟ تعال. الرئيس اطلق سراحك" وضعنا انا وفريقي في سيارة فان" وبعد التجول في بغداد لمدة ساعتين "
مررنا بلافتة تقول "وسط بغداد" وقال بيتر بلاف المنتج والذي كان قد زار بغداد سابقا "اذا اتجهنا الى اليسار بعد 200 متر من هنا فإنهم يأخذوننا الى فندق الرشيد" كانت تلك اطول 200 متر في حياتي" ولكن انعطفت السيارة يسارا ، ووجدوا انفسهم في جناح في فندق الرشيد يقيم فيه مدير من سي بي اس . وقد اخذ الاربعة في سيارة الى الاردن ومن هناك ركبوا طيارة الى لندن حيث اعلن الاطباء انهم بصحة جيدة .


وقبل ان يستأنف مهامه في شبكة سي بي اس في بداية آيار قضى سيمون بعض الوقت مع زوجته وابنته في بيتهم الساحلي قرب تل ابيب حيث استرجع طبيعته بالاكل الجيد والسباحة ولعب التنس والرد على مئات الرسائل من زملائه الصحفيين والمشاهدين .


**


ملاحظات لابد منها:


1- الرجل يتحرك في الظهران والحدود العربية وفي العراق وفي جعبته كما يبدو جواز يحوي معلومات خاطئة حول هويته ومكان اقامته من اجل التغطية على حقيقته وخداع العرب في المنطقة. وبالتأكيد لم يكن يظهر على الجواز الذي يحمله تأشيرات اسرائيلية، مما يعني انه كان يحمل جوازين.

 

2- بعد شهرين من اطلاق سراحه يعود الى العراق وكأن شيئا لم يحدث. ثم بعد أن ينشر كتابه في 1992 وهو بالتأكيد كتاب ليس فيه انحياز او مديح للحكومة العراقية آنذاك، ولكنه يعود مرة اخرى الى العراق في 1993 ، دون خشية او خوف.

 

3- طوال هذه الفترة (منذ اطلاق سراحه ومابعده) والصحف الأمريكية تكتب عنه وعن حقيقته وعن يهوديته واقامته في تل ابيب دون خشية من ان تطلع الحكومة العراقية على هذه المعلومات المنشورة على نطاق واسع. ومع ذلك يعاود دخول العراق شرعيا مرة بعد اخرى

ماذا يعني كل هذا ؟

 

إنه لايستحق المطالبة بأي تعويض لأنه كما يبدو لم يتضرر ضررا يجعله يمتنع عن زيارة العراق سنة بعد اخرى .كما انه اعترف بأن ما وقع كان خطأ سخيفا وغبيا منه ومن فريقه . إن تجاوز الحدود بشكل غير شرعي هو جريمة يعاقب عليها اي قانون ، وامريكا الان اكبر قدوة لذلك فهي ترمي في السجون المتجاوزين على حدودها من المكسيكيين وغيرهم. كذلك مسألة دخوله الأراضي العراقية او الكويتية (تحت السيطرة العراقية ) بجواز مزيف او فيه معلومات غير حقيقية يهدم مسألة مطالبته بالتعويضات. ومسألة أخرى كما اشرت اعلاه ان مسألة تكرار ذهابه الى العراق ومنحه التأشيرة يعني انه لم يقدم في حينها اي مطالبة بالتعويض وبعكسه كان اسمه يرسل الى الحكومة العراقية ويحرم من دخول العراق ثانية ، كما اظن ان هذا كان متعارفا عليه، أي انه طالما لم يقدم في الوقت المحدد لطلب التعويض فلا يستحق التعويض.أقدم هذه الملاحظات لمن يريد أن يدحض مسألة أحقية مثل هذا الصحفي بالتعويض.

من جهة أخرى ..

 

تزداد حيرتي من المسؤولين في وزارة الاعلام العراقية (التي تمنح التأشيرات للصحفيين ) طوال التسعينيات. هناك شيء لا أفهمه : إما كان بينهم خونة وإما انهم كانوا أغبياء وغافلين ، وإما أن قيم الحرية والتسامح كانت تسود الوزارة .. فقد علمنا من مقالات سابقة ان جين ساسون (*) التي سبق ان كتبت أكاذيب عن (فظائع الجنود العراقيين في الكويت ) في كتاب نشرته على نطاق واسع في 1991 قبل اسبوع من شن الحرب ، وكان كتابها يهدف الى تبرير الحرب، تم استقبالها في وزارة الاعلام العراقية في اواخر التسعينيات مثل صديقة حميمة. وقد خرجت من زيارتها بكتاب آخر يبرر الغزو والاحتلال . والآن نعلم ان بوب سايمون بعد اعتقاله واتهامه بالتجسس وكتابته كتابا عن مظالم الحكومة العراقية تجاهه وفريقه ، يمنح تأشيرات مرة اخرى ويستقبل استقبال الاصدقاء الحميمين؟ بالمناسبة : الاثنان يهوديان. جين اسمها اليهودي ساسون يلعلع بهويته ، وسايمون كان مقيما في الكيان الصهيوني.

 

ماذا كان يحدث ؟ هل يستطيع أن يعلمنا من كان على اطلاع في وزارة الاعلام والمركز الصحفي في التسعينات ؟

---------------


هوامش
* جين ساسون : هنا وهنا وهنا وهنا وهنا

 

 





الثلاثاء٠٥ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عشتار العراقية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة