شبكة ذي قار
عـاجـل










عرفت حملات التطبيع مع العدو الصهيوني  نسقا مضطربا فتارة يشهد تصاعدا متناميا و تارة يتعرض إلى تراجعات  ويعود  هذا الاضطراب  إلى تأثر هذه الحملات بدرجة احتداد الصراع  القائم بين الأمة العربية من جهة و الامبريالية و الصهيونية و حلفائهما من جهة ثانية. فكلما طغت المواجهة المسلحة  على طريقة التعامل مع العدو وسجلت المقاومة العربية انتصارات في جولات المواجهة الطويلة معه خفتت حدة الحملات التطبيعية  وعلى عكس ذلك  كلما خفتت هذه المواجهات و وقع استبدالها بالأسلوب التفاوضي مع العدو ارتفع نسق التطبيع و توسع فضاؤه و لعلّ فترة اتفاقية أسلو خير شاهد على ذلك.

 

و بسبب احتلال قضية فلسطين أهمية كبيرة سواء في برامج الامبريالية و الصهيونية  من جهة  أو لحيازتها  موقعا مركزيا في خيارات الأمة و مشاريعها من جهة ثانية  فقد اكتسبت   مسألة  التطبيع مع عدو الأمة موقعا مهما  في شواغل الطرفين المتصارعين إذ يرتبط انتصار أو هزيمة  كل طرف  بفشل أو نجاح حملات التطبيع. لهذا السبب نجد لهذا الموضوع حضورا كاملا أو جزئيا في كل مشروع يهتم بهذا الصراع سواء كان هذا المشروع  قوميا عربيا أو معاديا  و لا نبالغ إذا قلنا أن طبيعة المشاريع المطروحة هي التي تحدد الموقف المبدئي من التطبيع . فمشروع المقاومة المتمسك بالثوابت و المتشبث  بعروبة فلسطين و الكفاح المسلح كأداة للتحرير هو الممول الرئيسي  للنهج المتجذر المناهض للتطبيع بينما تبقى الامبريالية و الصهيونية هي  المؤسس الرئيسي  و المغذّي  لنهج التطبيع. غير أن الاعتقاد بوجود هذين الموقفين من التطبيع فقط على الساحة السياسية يسقطنا في أخطاء قاتلة تتمثل خاصة في غض الطرف عن  مختلف التلاوين التي تعلن مقاطعة العدو بينما تبطن غير ذلك من خلال المواقف التي تتخذها و التي تؤدي إلى التطبيع  سواء كان ذلك آجلا أم عاجلا.

 

لقد بيّنت التجربة أن الامبريالية و الصهيونية التي لازالت تتحكم في ميزان القوي في المنطقة العربية لا تقتصر في بناء مشروعها الاستراتيجي على صيغة واحدة من الحلول بل عادة ما تعمد إلى إعداد تلاوين من الحلول من أبسطها إلى أكثرها تعقيدا و من أكثرها وضوحا إلى أشدها غموضا  مستغلة  كل الأطراف المؤثرة في هذا الصراع و مستثمرة كل التناقضات بين هذه الأطراف ،تلك التناقضات الناجمة عن تنوع التباينات عن المشروع الجذري للمقاومة العربية. بطبيعة الحال مثل هذه التلاوين ستعطي تصورات مختلفة حول التطبيع من أشدها وضوحا إلى أكثرها تخفيا.

 

الوضع الراهن جذّر مقاييس الفرز

إن تحديد ملامح الوضع العربي يرتبط عموما  بالقدرة على تحديد درجة تحقيق  المشروع الاستراتيجي للطرفين المتصارعين. و لن نطيل الحديث عن هذا الموضوع لأنه بات واضحا و باعتراف كل الأطراف بما فيها المعادية أن المشروع الاستراتيجي للامبرالية الأمريكية و الصهيونية المسمى بالشرق الأوسط الجديد أو أمركة العالم  شهد تعثرا كان سببه الرئيسي الضربات الموجعة التي تلقتها الحية الأمريكية على رأسها و التي  أحدثت انهيارات في نظام التحكم  و اضطراب في العديد من قدراتها . فقد استطاعت المقاومة العراقية الباسلة أن توقف زحف قطار هذا المشروع المدمر و تضغط على فرامله لتجبره على التوقف في العراق و تحول دون انتشاره في بقية الأقطار العربية المجاورة. كما كان للمواجهات البطولية التي خاضتها المقاومة العربية في فلسطين و لبنان الدور الإضافي في إرباك المخطط الامبريالي الصهيوني في المنطقة. هذه الأحداث البارزة أفرزت أوضاعا ملائمة لتغيرات تتماشى مع النتائج المنجرّة عن تعطل المارد الأمريكي في رمال العراق.

 

فقد أدى الوضع العالمي الراهن نتيجة ما سببته المقاومة العربية و خاصة العراقية من  خسائر إلى فقدان الولايات المتحدة الأمريكية القدرة على إحكام السيطرة على العالم .و نتيجة لتعثر مشروع أمركة العالم ، انفتح الباب أمام عصر جديد  يمكن تسميته بعصر القوميات كرد على عصر العولمة. فقد مكن الفراغ الذي تركه تراجع النفوذ الأمريكي في العالم إلى  بروز القوى الاقليمية في منطقتنا العربية مثل  إيران و تركيا و بداية بروز قوى عالمية مثل الصين و الهند و البرازيل . ما كان بإمكان هذه القوى القومية أن ترفع رأسها لو نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في استكمال مشروعها الكوني المسمى الشرق الأوسط الجديد.

 

في إطار البحث عن النفوذ و القوة شكلت هذه القوميات كل واحدة على حدة  مشروعها و أداة تنفيذه . فشرعت الدولة الإيرانية في تنفيذ مشروعها القومي و قامت الدولة التركية بالإعداد لتوفير مستلزمات إنجاح مشروعها القومي. و أمام هذا المد القومي العالمي هل يعقل أن تبقى الأمة العربية بدون مشروع في الوقت الذي كانت هي وراء توفير الظروف الملائمة لتنامي نفوذ القوميات الأخرى ؟ يجب التأكيد هنا أن المشروع القومي العربي  كان قد تبلور منذ عقود من الزمن و أرسى مبادئه  و بنى أسسه كل من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر و القائد الشهيد صدام حسين، و قد أدى الوضع الراهن الذي كنا تحدثنا عنه إلى تعميق هذا المشروع و توضيح معالمه  و في هذه الحالة بإمكاننا طرح السؤال التالي :هل بمقدور الأمة العربية أن تفرض مشروعها في الظرف الراهن؟ و إذا أجبنا بالإيجاب   من يتحمل مسؤولية تنفيذ هذا المشروع  هل هو النظام الرسمي العربي ؟  قطعا لا فهذا النظام غير مؤهل للقيام بمثل هذا الدور و عاجز حتى عن توفير الحد الأدنى من الأمن القومي الذي يعتبر من المقدسات القومية . إذن من يقدر في الوقت الراهن على انجاز هذا الدور؟. إنها المقاومة العربية التي تقودها حاليا المقاومة العراقية بحكم موقعها المتقدم في جبهة المواجهة مع قائدة الحلف الامبريالي و الصهيوني.  المقاومة العربية هي التي تمثل الأمة، فهي التي جسدت التزامها بتنفيذ المشروع القومي العربي  عبر استبسالها في التمسك بالثوابت القومية  و المتمثلة خاصة في عروبة الأرض و خيار الكفاح المسلح كطريق للتحرير. و حيث أن تحرير فلسطين هو جزء أساسي من مكونات المشروع القومي العربي فإن من يتبنى تحقيق هذا المشروع بجميع مكوناته هو القادر على إدراج تحرير فلسطين في إطار مهمة شاملة تتكفل كامل الأمة بتحقيقها. فهذا المشروع كل لا يتجزأ بجوانبه التحررية و التوحيدية و النهضوية . ليست فلسطين ملك لأحد ، ليست ملكا لأي فصيل من الفصائل الفلسطينية و لا ملكا للفلسطينيين ، إنها ملك الأمة بأكملها . لذلك  لا يحق لأحد أن يتكلم باسم الأمة إلا من كان وفيا لمبادئها و متشبثا بمشروعها و مدافعا عن ثوابتها .

 

نحن إذا أمام مقاومة عربية قوية  استطاعت أن تحلحل المشروع القومي العربي من جموده و تدفع به إلى السطح. في مثل هذه الوضعية هل يحق لنا أن نقيم الواقع العربي ارتباطا بمستوى و قوة النظام العربي الرسمي؟ من الأخطاء البارزة التي اقترفها العديد من المحللين هي اعتبار القطبين المحركين للوضع العربي هما الامبريالية و الصهيونية من جهة و النظام الرسمي العربي من جهة ثانية. و حيث أن النظام الرسمي العربي  بلغ درجة من الضعف و التخاذل و الوهن لم يشهد لها مثيلا في السابق يقوم هؤلاء  المحلّلون بسحب تلك الصفات على الأمة العربية فينعتونها بالأمة المهزومة و المنكسرة و غيرها من النعوت السلبية و من جانب آخر يتحدثون عن ضخامة قوة النظام الامبريالي و الصهيوني و كأن شيئا لم يحدث من تلك الملاحم البطولية التي سجلتها مقاومتنا العربية في فلسطين و لبنان و العراق و التي من بين مفاخر انتصاراتها  إخراج  طائرة الأباتشي ( مفخرة القوات العسكرية الأمريكية ) من الخدمة بعد إسقاط  حوالي خمسين طائرة منها. فهذه المقاومة العربية حققت انجازا استراتيجيا بتحوير المعادلة بين القوتين المعنيتين بالصراع بشكل مباشر . فمن جهة الأمة العربية تلك الأمة التي لم يعد يحق لنا نعتها بالمهزومة انتسابا للنظام الرسمي العربي بل علينا أن نسميها أمة أعظم مقاومة في التاريخ و من جهة أخرى القوى الامبريالية و الصهيونية التي لم يعد يحق لنا أن ننعتها بالقوة التي لا تقهر  بعد  أن أصيبت اقتصاديا بأزمة عالمية حادة و أخلاقيا بتنديد عالمي للجرائم التي اقترفتها و سياسيا بفشل في ترويج نمطها السياسي بعد افتضاح خطره و قانونيا  بالاحتجاجات العالمية للانتهاكات المتعددة لأبسط مبادئ  التعامل بين الدول و غيرها كثير من الصور الأخرى التي أصبحت عليها أعتى قوة في العالم.

 

خلقت المواجهة التاريخية أرضية خصبة لكشف  عورة النظام الامبريالي العالمي و كشف تفاصيل مخططاته المخربة لمقدرات الشعوب كما فضحت نوايا كل القوى الاقليمية و التي غالطت العديد من الأطراف بقناعها  الذي يخفي مخططاتها المعادية للعرب كما أثبتت هذه المواجهة أن الأمة العربية تملك أداة الحسم مع أقوى أعدائها و هي بذلك تؤكد عزمها  التحكم في كل ما يتعلق بمصيرها و مستقبلها و قدرتها على بلورة مشروعها القومي و العمل على توفير كل الظروف لتحقيقه.

 

لقد زعزعت هذه الوضعية كل الطاقات القومية الصادقة  فسجلت استفاقة تجسدت في الرجوع إلى الثوابت القومية و التي من بين ركائزها الأساسية  الدفاع عن العروبة . لقد كان من نتائج الحصيلة  الإيجابية للمقاومة العربية  تعريب كل مقاييس الفرز على الساحة السياسية و الفكرية . فأصبح شعار "الدفاع عن العروبة " المقترن بمبدأ الكفاح المسلح كأداة للتحرير هو كلمة سر العبور في اتجاه تحقيق المشروع الاستراتيجي العربي المتمثل في المشروع القومي العربي . لم  يعد مبدأ المقاومة المسلحة  لوحده قادرا  بعد كل التطورات التي شهدتها ساحتنا العربية على ضمان تحقيق الفرز السياسي على قواعد سليمة. فقد اختلط الحابل بالنابل في الفترات السابقة  إذ كان الاصطفاف على أساس المساند و المعارض للمقاومة المسلحة أي أننا كنا نضع في صف الأصدقاء كل الذين يقاومون الاحتلال بالكفاح المسلح و نضع في صفوف الأعداء كل من يرفضون الكفاح المسلح  و يتبنون نهج التفاوض مع العدو. و الاقتصار على هذا الشرط في عملية الفرز أدخل البلبلة في صفوف المقاومة  العربية التي  اندست داخلها عديد الفصائل المتبنية لنهج المقاومة المسلحة لكنها كانت تنفذ أجندات و مصالح قوى خارجية . و يكفي أن نذكر  بالحقائق التي كشفتها المقاومة العراقية أثناء خوضها للمواجهة لتاريخية ضد عدو الأمة فقد تبين أن فصائل مثل " عصائب أهل الحق" و "حزب الله في العراق" هي فصائل مسلحة و قامت بالعديد من العمليات "الجهادية" ضد الاحتلال الأمريكي لكنها ممولة بالكامل من طرف النظام الإيراني و تقوم بالإضافة إلى استهداف قوات الاحتلال الأمريكي  بتصفية عناصر المقاومة العراقية و ضباط و طياري الجيش الوطني السابق و كل  من يدافع عن عروبة العراق.

 

التطبيع في غربال الثوابت

من خلال عملية مسح لكل المشاريع التي حاولت أن تقدم حلولا  للقضية الفلسطينية  يمكن لنا الاستنتاج أن المشروع الذي التزم بالثوابت و قدم حلولا جذرية للقضية الفلسطينية و الذي ربط قضية فلسطين بالمشروع التحرري للأمة العربية هو الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل و هو وثيقة الإجماع الوطني الفلسطيني الوحيدة للقضية الفلسطينية  و كذلك الميثاق القومي الذي قامت على أساسه منظمة  التحرير الفلسطينية   و هذان  الوثيقتان  نصتا على أن فلسطين عربية من النهر إلى البحر و أن اليهود الموجودين فيها يعتبرون غزاة و أن تحريرها يكون بإستراتيجية العمل المسلح.  هذه الثوابت يصبح لها وزن مميّز خاصة حين تجد من يتمسك بها و يدافع عنها . و يعود الفضل في إعادة الاعتبار لهذه الثوابت إلى مقاومتنا العربية و على رأسها المقاومة العراقية التي بثت في المشروع القومي العربي روحا جديدة فأكسبت القوميين الجذريين شعورا بالثقة  و شحنتهم  بالأمل و أدخلت لديهم إحساسا بأن تلك العزيمة و التضحية و الثبات الذين كانوا وراء إلحاق الهزيمة بقوات العدو هي نفسها الكفيلة بجعل أمنية تحرير الوطن العربي من كل أنواع الاحتلال و توحيده و النهوض به أمرا قابلا للتحقيق.

 

إن هذه الثوابت الفلسطينية هي أداة الفرز الفعلية و الغربال الذي ينقي المشروع  القومي من مختلف المشاريع المعادية و خاصة  تلك المشاريع البراقة التي تبدو أنها تخدم القضية في حين أنها تخدم أجندات قوي أجنبية  .

 

إن صعود القوى الاقليمية المجاورة للعرب إلى سطح أرضية النفوذ في المنطقة  جعل جعبة التسويات تمتلئ بالمقترحات التصفوية  لتضاف إلى المشاريع التي تسربها الامبريالية الأمريكية و الصهيونية ، فقد سمحت هذه القوى لنفسها برمي دلوها عبر محاولة تسريب تصورها للقضية الفلسطينية الذي يخدم مصالحها القومية. فإيران و تركيا يحاولان البحث عن موطئ قدم داخل الوطن العربي  عبر إيهام المواطن العربي بأن تحرير القدس لن يتم إلا على أيديهما  . و حيث أن الأولى لها اتفاقات استراتيجية سرية مع الامبريالية الأمريكية و الصهيونية و أن الثانية لها اتفاقيات استراتيجية علنية معهما فإن كل الحلول التي يقدمانها للفلسطينيين لا تعدو أن تكون ورقة ضغط لتحسين شروط تقاسم النفوذ في المنطقة مع الامبريالية الأمريكية . فإيران تدعو لقبول  دولة فلسطينية في حدود 67 و هذا يعني الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني المقامة على بقية الأراضي الفلسطينية. أما تركيا فإنها أكثر المدافعين على تعايش الدولتين.

 

التطبيع يبدأ بانحراف صغير عن الثوابت ليلتقي في المراحل المتقدمة مع أكثر الحلول الاستسلامية  افتضاحا. انظر مواقف سلطة عباس الاستسلامية كيف  تعود جذور مواقفها الحالية إلى انحرافات مرحلية ابتدأت  بتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني . إن البحث عن الدولة بأي ثمن  لتعوض مبدأ التحرير هو الانحراف القاتل الذي جر العديد من الفصائل الفلسطينية إلى السقوط في مسالك لا يمكن إلا أن تؤدي للاعتراف بالعدو الصهيوني .

 

الانتصار في العراق هدية المقاومة لفلسطين

كل الذين لم يضعوا المواجهة التاريخية ضد الاحتلال الأمريكي في العراق في إطارها الاستراتيجي تعاملوا مع الانتصارات التي حققتها المقاومة العراقية ضد آلة الدمار الأمريكية كما يتعامل محبو كرة القدم الذين انتهت المقابلة التي شاهدوها بانتصار فريقهم . فبالنسبة لهؤلاء ينتهي كل شيء بانتهاء المقابلة إذ بمثل هذه العقلية ليس بمقدورهم  الشعور بضرورة متابعة مسار انجازات هذه المقاومة أو التفاعل مع الخطط التي أعدها أبطالنا الأشاوس من أجل إكمال الخطوات المتبقية لتحقيق النصر النهائي. قد تمنع سياسة التعتيم الاعلامي الحقيقة من الوصول إلى أذهان الجماهير العربية لكن لن  تقدر على منع الوقائع من التحول إلى حقيقة. فواقع الأمر في العراق اليوم أن المقاومة تتدرج نحو الحسم النهائي مع الاحتلال و أن مصير العراق بيد المقاومة و مصير الأمة و قضية فلسطين كجزء منها يتقرر في العراق . إن ما نقوله  هنا ليس تقليلا من شأن المقاومة في فلسطين و لبنان بل إن وضع كل جبهات المواجهة في الميزان الاستراتيجي يسمح  لنا بالتأكد من أن ماحصل في العراق هو:

 

أ -  إصابة قائدة الامبرياية العالمية و ممولة الصهيونية بانتكاسة لها تأثير مباشر على المشروع الامبريالي الصهيوني

ب – انتعاش المقاومة بعد اجتياز اعسر امتحان في تاريخها بنجاح و الأهم من هذا أن هذه المقاومة المنتصرة  لا تطرح على نفسها تحرير العراق فحسب بل هي ملتزمة بتحقيق كل بنود المشروع القومي العربي بما فيه تحرير فلسطين.

 

نحن الآن أمام مقاومة تتوفر فيها كل شروط  قيادة مسيرة تحقيق مشروع الأمة القومي. فهي تقوم اليوم بإكمال ما بدأه الزعيم الراحل جمار عبد الناصر و ما طوره الشهيد صدام حسين .بل هي بقيت وفية لتاريخها الزاخر بالمواقف المبدئية . يكفي أن نؤكد أن القوى القومية في العراق لم تتراجع قيد أنملة عن الثوابت القومية منذ أن ولدت هذه الثوابت و بقيت مدافعا شرسا عن كل المبادئ القومية رافضة  كل المشاريع الاستسلامية حول القضية الفلسطينية و تمسكت برفضها للتطبيع مع العدو الصهيوني و قد كان ذلك على حساب  امتلاك السلطة . و الكل يذكر كيف كان الرئيس الشهيد يرد على الوفود الأجنبية التي التقت به  قبل العدوان على العراق و التي اقترحت عليه الاعتراف بالعدو الصهيوني مقابل التراجع عن العدوان . لقد كان يرد كتابيا بقوله " خسئوا".

 

و في الأخير

ألا يجدر بنا البحث عن سر هذا الثبات المتواصل  . أليس من الجحود أن نتنكر لمن بقي وفيا للمبادئ القومية  و لأولائك  الذين خاضوا نيابة عن كل أفراد الأمة معارك المصير من أجل أن تبقى الثوابت القومية حاضرة ؟ ألا نكون قد ظلمنا أمتنا و قضيتنا المركزية إذا قمنا بغض النظر عن هذه التجربة العظيمة و هذه الخبرة  العميقة؟ أليس ما تتحلى به المقاومة العراقية اليوم هي تلك الخصال التي نبحث عمن يمتلكها لنمد له يدنا و نوكل له  أمرنا ؟ ماذا ننتظر لدعم هذه المقاومة ماديا و سياسيا إذا كنا فعلا صادقين فيما نرفعه من شعارات مناهضة للتطبيع و داعية لتحرير فلسطين ؟

 

 





الاثنين٢٥ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابن تونس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة