شبكة ذي قار
عـاجـل










بإرادتها العبقرية الخالقة، وبثورتها الشعبية الفريدة ، أنجزت مصر مقدمة التغيير الكبرى، لتدشن عصرا جديدا لها ولامتها، ليصبح ميدان التحرير ، سراجا وهاجا  وإلهاما مبدعا لكل حر وثائر ومقاوم .

 

إن ثورة الخامس والعشرين من يناير بأيامها ولياليها ، تعيد اليوم صياغة وعي الجماهير في كل أقطار الوطن الاكبر ، وتقدم للشعوب نموذجا على حسن الاداء ، وصلابة التنظيم ، والعقل اليقظ، ، الذي حول (الفكرة) إلى (حركة) ، وعمل على تشكيل الحركة من (تظاهرة) إلى (إنتفاضة)، صعودا إلى (الوثبة) ومنها إلى الثورة بوصفها علم تغيير الواقع ، وعلى هذا النحو المتصاعد، إحتفظ شباب مصر بحرارة اللحظة التاريخية، وهم يبدعون أمام العالم ، قوانين أخرى لفلسفة التاريخ . وهو مايؤسس لرؤية مغايرة فلسفيا وإجتماعيا ، في تفسير الاحداث وقراءة الوقائع ، في منأى عن الايديولوجيات والمعلقات الحزبية ، والشعارات السياسية ، كل الذي قدمه مختبر ميدان التحرير، من التجارب والخبرات الجمالية والثورية ، سوف يكون موضع إهتمام علمي ومراجعة فاحصة لمنطق البرهان ، ولمنظومة البديهيات ، قبل أن يجري أي تفسير سياسي أو تحليل أيديولوجي، فالذي قدمه عقل الثورة في ميدان التحرير من معان ودلالات ، جعل بعض من الناس يتساءل وكأنهم يكتشفون حقيقة مصر ، لاول مرة.

 

ان واحدا من أهم بينات ثورة يناير العظمى، أنها أيقظت العقول والافكار على واقع بديل مفعم بالامل، وانها أيضا جددت لدى الاجيال من كل الاعمار الغاربة منها والطالعة، الثقة بإمكانية تغيير الواقع نحو الافضل. ومن بينات الثورة ومعطياتها ، أنها أول فعل شعبي إرادي ، خرج من التاريخ وإلى التاريخ فصنع الثورة بعقله الارادي، ووجدانه الوطني، وتلك جوهر بينات ميدان التحرير، فالثوار لم يخرجوا من مقر حزب من الاحزاب، ولا من ثكنة عسكرية ، ولم يحملوا سلاحا قاتلا أوجارحا ، ولم تأت بهم دبابة أمريكية ، ولم يشأ أي من الثوار أن يرفع علما غير علم مصر، جاءوا من كل فج عميق وقريب ، من جاردن ستي ، ومن المنيرة ، من شبرا ومن مصر الجديدة من مدينة الرحاب ومن حواري الدرب الاحمر ، من السيدة والمهندسين ، جاءوا من كل عطفة وشارع وحارة ، جاءوا إلى فضاء مصر، وكانت تلك المسيرة المهيبة التي إنتظم بها الشعب الابي ، يدا بيد وكتفا بكتف، نساء ورجالا، وتلك إحدى سجايا الايام المجيدة لهذه الثورة ، ولذلك حري أن يقال، أنها كانت وإلى جوارها ثورة تونس ، من بين الثورات الفريدة في تاريخنا العربي المعاصر التي إنبثقت من الوجدان الجمعي . ومن فضائل صوت يناير الندي، أن ثورة مصر الشجاعة ، تمكنت ومنذ ليلتها الاولى من رفع قيمة الزمن العربي ، فإنتشلته من قاع (القنوط) إلى مقام (الامل) ، عندما إخترقت جماهير المحروسة حاجزالصمت العربي، لتسقط وإلى الابد أزمنة التردي والتراجع والانكسارات.


وتمضي بنا المحروسة إلى زمن آخر زمن اليقظة والنهضة والتقدم ..
إن الثائر المقاوم في مصر والعراق وتونس وفلسطين، هو القائد الاول في معركة الحرية والنهضة، وهو المشرع لها وقائدها وسيدها ، وهو وحده الذي أفتى بالنضال ودفع الشهيد تلو الشهيد، في أداء الواجب الوطني والقومي في العراق وفلسطين وتونس ومصر العروبة . وهو وحده لاغيره الذي أثبت بأن الشعب ، وليس غيره هو من يكتب تاريخه ،

 

تحية لشعب مصر الابي ، الذي أعاد لنا الامل باليوم والغد ، تحية لشباب وفتيان
المحروسة الذي أعلى بفعله وبإيثاره وشجاعته، القيمة الجوهرية لمعنى الكرامة،
فإستعاد بحسه الوطني الطاهر عصر جمال عبد الناصر، قائد الفعل العربي المقاوم في
معركة الحرية والوحدة والتقدم . وسلام على الشهداء .

 

 

 





الجمعة٠٨ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الستار الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة