شبكة ذي قار
عـاجـل










في ما يقارب العقد من الزمن شهد العالم حشداً من الأساطيل البحرية والجوية والجيوش البرية بشكل غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية تقودها زعيمة الإرهاب الدولي الولايات المتحدة الأميركية: هدفها المرسوم احتلال العراق بحجة تحريره من الدكتاتورية ونشر الديمقراطية. ولكن بعد عشر سنوات تقريباً تأكد للجميع أن الهدف الحقيقي من احتلال العراق ليس نشر الديمقراطية وهي منه براء. بل يعني بمفهوم الاحتلال الإتيان بحفنة من العملاء ليتسللوا على ظهر الدبابات الأميركية ويتسلموا الحكم بمراسيم الاحتلال وتحديداً الأميركي برايمر. ونشر الديمقراطية لا يعني الإطاحة بكل مقومات العراق ولا يعني تدميره والجيش العراقي، ولا يعني نهب ثرواته النفطية وغيرها، ولا يعني طمس عروبته كما أنه لا يعني تمزيق وحدة أراضيه وشعبه على أسس عرقية وطائفية ومذهبية مهزلة تهاوت وهي على طريق الاندثار وظهرت حقيقة أهداف العملية وهي نهب الثروة الوطنية وتدمير العراق من أجل حفظ أمن )إسرائيل( وذلك بفضل تضحيات وصمود شعب العراق واستبسال مقاومته القومية التي بدأت أولى عملياتها البطولية منذ أول أيام الاحتلال.


عقد من الزمن تبدلت الصورة: فالاحتلال يسعى اليوم بكل قوته للهرب والنجاة من المستنقع العراقي، والعملية السياسية أيضاً التي نصبها الاحتلال فشلت وتتهاوى كل يوم ويظهر فشلها للعيان بدءاً من عجزها الفاضح في تأليف الحكومة طيلة ما يقارب السنة وعندما تألفت كانت غير مكتملة وعاجزة. وبكل الأحوال فلا يبدو أنها ستعمر طويلاً كما هو مأمول منها، أما من الناحية الأمنية فحدث ولا حرج: الواقع أن تدهور الأوضاع الأمنية في كل مدن العراق يسير باضطراد رغم وجود قوات الاحتلال التي تقوم بمؤازرة الشرطة والجيش الحكومي الحالي، كما أن العمليات على الجيش الحكومي وعلى قوات الاحتلال المختبئة في الثكنات مستمرة وتنتقل من مدينة إلى أخرى.


لم يتأخر الشباب العراقي للالتحاق بإخوانه في تونس ومصر واليمن وليبيا حتى رفع صوته استنكاراً للفساد المستشري في الحياة السياسية استنكاراً للجوع والبطالة وانقطاع الخدمات. وتظهر في طيات هذه المطالب طبعاً رفض للاحتلال والعملية السياسية برمتها.


اليوم وبعد ظهور ما يعلن اندحار عملية غزو العراق من الداخل العراقي ومن الخارج الأميركي والعالمي، وبعد مرور عقد من الزمن عليها يبدو أن المشهد نفسه لم يتغير، والعملية الاستعمارية الطامعة في ثروات الأمة العربية وفي أراضيها لا زالت مستمرة.


فالشهية الاستعمارية المشبوهة مفتوحة اليوم تجاه ليبيا، وتشير بأهدافها إلى أن هناك أهدافاً أخرى وراء عملية الحظر الجوي أو حماية المدنيين. صحيح أن العقيد معمر القذافي لم يعد له شرعية لا لدى شعبه ولا في الخارج وهو بالتأكيد جرد نظامه من أي سند وطني وقومي، فظهر بعد كل هذه السنوات أن لا الكتاب الأخضر ولا النظرية الثالثة كانت السند الحقيقي لنظامه الذي يلجأ إلى الصفقات مع الأجنبي وإلى الإنفاق غير الطبيعي، كما أنه أنكر على شعبه التظاهر السلمي من أجل إنهاء الظلم ومن أجل إصلاحات سياسية.


إن تطور الأحداث في ليبيا بين الشعب والنظام بات يقضي بحتمية زوال هذا النظام وتحديداً إبعاد قائده عن المسرح ولكن هل أن مهمة أضعافه وإبعاده هي مهمة قوات التحالف في تجريد حملة مشبوهة كالتي نشاهدها اليوم؟ وهل أن هذه هي مهمة قوات التحالف التي بدأت تتجاوز الحظر الجوي وتقترب من مواقع النظام العسكرية وغير العسكرية وتقتل من المدنيين العدد الكبير بينما هي صاحبة مهمة حماية المدنيين؟ أم أن هذه المهمة هي مهمة الشعب الذي عليه أن يستمر في ثورته حتى إسقاط النظام.


إن حماية المدنيين على أهميتها وإنسانيتها شبيهة إلى حد كبير بكذبة نشر الديمقراطية في العراق. فحماية المدنيين وهي مهمة نبيلة لا تستحق حشد هذه الأساطيل البحرية والأسراب الجوية إلا إذا كان للعملية أهداف أخرى ستظهر قريباً.


إن عملية غزو العراق فشلت وهي على طريق الاندحار الكامل، فمن حقنا أن نبتهج اليوم لانتصار طريقنا في المقاومة وقد ثبتت صحته فهو الطريق السليم لتحقيق الانتصار الكبير سواء في العراق أم في فلسطين أم في لبنان.

 

 





الخميس١٩ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة