شبكة ذي قار
عـاجـل










قمر الكرخ
سيرة دربونة بغدادية
إلى أمي مليكة حمادي وإلى دربونة زنْگوّْ لوحة التنوير الاولى
الحلقة الخامسة
الدار الاولى


(1)


الحنين أول منازل الحب .
ومنه (الولّه) ، (التْوق) ، (التيّم) .
يعلق بالروح ، ويسري في أَغوار النفس ومديات القلب.
لا يذويّ أو ينحلّ ، إلا عند قارعة الموتْ .
والدار الأولى في ذاكرة الصبيّ ،
دارَ النشأة ، التكويّن ، التشكيل ،
تنبثّ حواسُ الطفل الخمس ، بين حنايا جدران، وتطوف برواق البيت ، وفناء الحوش المفتوح،
ماء (الحب) الرقراق .. قطرات من رحيق العسل وندى الفجر
يتذوق (ملحَ) الأرض .
ويشم عبير (الأم) ، ورائحة الخبز .
ويجيء سحر التشكيل: الضوء . الظلّ . اللونّ . الصّوتْ .
اللوحة الأولى في الذاكرة البصرية كانت وستبقى باب الدار،
قامة فرعاء ، كما نخلة حفصة ، لكنها طاعنة، أَوهن مصراعيها الزمن المديد، .. مثقلة بإيلام الشروخ ، وعذاب المسامير ، ذات صرير متداعٍ كالنشيج ، يشبه الأنين ونوْح النواعير .
وتحت جلدها العتيق ظلال باهتة من الحنّاء وقمر الدين ..
ندلف مجازاً (رواقاً) ليّناً حانيا، منسرحاً بلا إنتهاء، يمتد إلى الخلود .
وما إن تجوس خطوتنا أرض الحوش ، حتى تنثال الانوار ، وينفتح الفناء كالدعاء، رحباً، فسيحاً، صاعداً نحو السماء، تلك لوحة تشكيلية أخرى، أَنشأتها الهندسة البغدادية بين ثنائيات حميمية يتعانق فيها :
- المرئي والمتعاليّ .
- الجزئي والكلي .
- النسبي والمطلق
ينحدر هذا الطراز المعماري الفريد، من اللحظة الحضارية الخالقة في وادي الرافدين، التي عقدت صلة روحية دافئة بين الأرض والسماء ، فالفناء المفتوح كما المعراج الروحي يمثل توق الإنسان صوب القبة الفيروزية بوصفها متسعاً وملاذاً.. وسلاما أبديا..


(2)


لم يكن الحوش محض فراغ كما يبدو ، بل هو فضاء ممتلئ متعدد الأبعاد ، بالضوء واللون والظل والحركة، وهو أيضاً مركز الدار، وهو حجر الأساس الذي ينهض عليه البيت والعمارة الإجتماعية بأكملها .
الحوش هو التعبير العبقريّ عن الصلة الحانية بالقيّم الاجتماعية والروحية ، حيث كل الحجرات تفضي إليه، وتتصل به بانشغالاتها وأمانيها وهمومها ، وأسرارها ، وتلتقي في باحته كل الطرق والخطوات والأحلام .


وتدور العين في الأرجاء، ترنو إلى جماليات الأقواس، الليوان، وتيجان الأعمدة (الدلكات) ، (طوق) و (عقود) و (حنيات مجدولة) .. منحتها بغداد أشواق الروح ، وقبسات العصر العباسي، فالدار تفيض بحنوّ اللمسات الساحرة، وبهاء الإنشاء ، تتعشق الجدران برْفق الطين المفخور، ويأتلف السقف بجذوع السرَّو والحصران، فيما يتألق الحوش بالطابوق الفرشي الأخاذ.


في جهة الفناء اليمنى ، ينتصبّ (حِبَ الماء) ، مستظلاً بأفياء (الطرمة) ، في منأى عن أشعة الشمس ، تترشح من تحت الحب قطرات تتنزل زُلاّلاً في وعاء فخاري (الناقوط) ، يدّخر الأهل ماءه لإعداد الشايّ .
فيما يرقد (التنور) عند نهاية رواق البيت، تتناوب عليه عقب صلاة الفجر أمي وعمتي فتحية .. وفي الزاوية الخبيئة جوار حجرة الضيوف، ما يدعى ببيت الراحة (الخلاء) ، أو بلغتنا المعاصرة (الحمام) .
أما (الاستحمام) فكان يتم في حجرة (الضيوف) ، بطريقة التعاقب الدوري بين العائلتين ، ولم يكن يحتاج أيّ من أفراد الأسرتين أكثر من صفيحة مياه ساخن وطشت وسيع نتربع في داخله كالقرفصاء .


(4)


ينفرد بيتنا في زنْكوّْ بوجود بئرغائرة ، ماؤها عذبا ، ذكرّ أهل الفحامة عنها قصصاً وحكايا .. وسمعنا أمراً عجباً . وإذا ما ألقى أحد منا شيئاً .. أو أسقط حجراً فيها .. ضجّ الأهل وصاحوا : لا تعبث ؟! فتدنس بئر البيت الطاهر ، خشية أن يحتجب الخير وتزول عن أهل الدار البركات ..


ينفرد بيتنا في زنْكوّْ بوجود بئرغائرة عذبة المياه ، ذكرّ الناس من أهل الفحامة عنها قصصاً وحكايا .. وسمعنا أمراً عجباً . وإذا ما ألقى أحد منا شيئاً .. أو أسقط حجراً فيها .. ضجّ الأهل وصاحوا : لا تعبث ؟! فتدنس بئر البيت الطاهر ، خشية أن يحتجب الخير وتزول عن أهل الدار البركات ..


أستذكر يوم أغضبت عمي عبد الجبار، إذ ألقيت في البئر – دجاجة حية – فانفجر ثائراً ، وأقسم بأغلظ الإيمان أن يعاقبني جراء عبثي الصبياني الذي أقلق راحة الملائكة ؟‍!
فأمسك بقدميّ وجعل رأسي يتدلى في حوض البئر، عائماً في الفراغ الموحش، والظلمة الباردة .. في تلك اللحظة القاسية التي لم أنس عذابها حتى اليوم، أرعبتني فكرة السقوط في قاع البئر، وتجربة فزع الموت،.. وأهيب به وأتوسل إليه أن يعفوّ عنيّ.. لكنه كان يزداد عنادا.. ولم يستجب لاستغاثتي أو يرق قلبه لحالي، بل كان يشتد في تقريعي عقابا على خطيئة تدنيس طهارة البئر، ولولا تشبث أمي وعمتي وعويلهما لظل على إصراره، ولم يتوقف إلا تحت شرط التوبة مثنى وثلاثا ورباع ، بأن لا أقترب بعد اليوم من البئر أبدا، عندها فقط أخرجني من جوف البئر وهو يتوعدني بالثبور وعظائم الأمور، إن حاولت العودة إلى فعلتي الآثمة ‍! .. امتصّ الهلع القاتل دمائي وشعرت بأن قلبي توقف تماماً وتحولت لحظة الفزع الأكبر إلى مخاوف وكوابيس تنتابني في يقظتي ومنامي فيما استقر في عقلي الباطن هاجس السقوط في قاع البئر فأثب من فراشي فزعاً مرتاعاً . ولم ينفك الخوف عني حتى بعد أن تجاوزت العقد السادس من عمري . فلازلت وحتى الآن أهاب صعود المرتفعات، ولا أجرؤ النظر من الشرفات العالية، وإنْ اضطررت إلى ذلك فإن قلبي ينقبض وأصاب بالهلع والدوار والغثيان .‍


(5)


إتخذت عمتي (فتحية) وأمي ، من سقيفة السلم الحجري مكاناً لطهَيّ الطعام ، بعد أن صنع العم عبد الجبار بيديه الماهرتين محملاً خشبياً ، من ثلاثة رفوف، للأواني والأطباق الخزفية والثاني للقدور ، فيما خصص الرف الثالث للسكر والشاي وملح الطعام ، والتوابل ، وفي الزاوية اليمنى من السقيفة ، أودعت الصواني والقدور النحاسية الكبيرة الحجم وفي الجهة اليسرى ، أدوات الطبخ : (البريمز) وزجاجات خضراء وحمراء معبأة بالنفط الأبيض .


(6)


كانت حياتنا المنزلية في الاربعينيات متواضعة تغلب عليها البساطة القروية ، فلم يجرب أهلنا النوم على سرير، أو الجلوس على كرسي، ولا تناول أحد منا الاكل على منضدة طعام، فالأرض نظيفة على الدوام، كانت لنا مائدة وفراشاً، وعند موعد الطعام تلتئم العائلتان حول صينية نحاسية حمراء كبيرة .


وقبيل أن يحل العقد الخامس من القرن الفائت اقتربنا نسبياً من الحداثة وحياة المدن، عندما اقتحمت حياتنا متغيرات متلاحقة :
فقد نصبت في وسط الحوش حنفية ماء، وأضيئت لأول مرة الحجرات الثلاث بالمصابيح الكهربائية ، وتلاها (صندوق الثلج) ، الذي عزفت عن شرب مائه جدتي (فاطمة) ، لأنه يضرّ بالصحة ويتلف الأسنان .
وجيء بعد ذلك بـ(الراديون) ، كما كان يُلفظ ويسمى في الدربونة ،وقد أحدث في تلك الأيام الخوالي انقلاباً في حياة أهل الدار ، بين رفض فاطمة له وإقبال الفتية والأولاد عليه ، ونحن نرتقب إطلالة الشمس ، توقا لصوت صفير (بلبل) الصباح ، تعقبه تلاوة قرآنية من ترتيل كبار المقرئين في الزمن الجميل ، فيما تصدح في الليل الموسيقى ، وأغاني (صديقة الملآية) ، (سهام رفقي) ، كان لـ(منولوجات) الفنان المبدع عزيز علي ، صدى عظيماً بين الناس . وأحسبه من رواد التنوير الاجتماعي والسياسي، بدعوته إلى العلم والعقلانية ونبذ الخرافات، وألهب حماس الفتية والشباب وهو ينشد للوطن والوحدة العربية وفلسطين .
كانت المروحة المنضدية المتغير الخامس في دار زنْگوّْْ ، وكان الإحتفاء بها عظيما ، أعدّ لها العم عبد الجبار مكاناً في (الطارمة) نتدافع قبالتها ونحن نستقبل النسيمات الباردة،.. عند اشتداد الهجير، وصعود حرارة الطقس، كنا نأوي إلى (الطارمة)، أو نلوذ بمسرب الهواء البارد (البادگير) ، عسى أن نحظى بنسيمات منعشة ، وقد نلقي بمياه البئر على أجسادنا ، حتى تنتقع (الدشداشة) وهو أخر الحلول التي نعمد إليها ، صبحي ويحيى وأنا ، فيما كان النزول إلى (الشط) طوال فصل الصيف طقساً يومياً ، لمتعة السباحة في البدء ، وترطيب الأجساد ، ومقاومة لهيب الظهيرة.



(7)


تنفتح على الحوش ثلاث حجرات :
الأولى : ديوان للآتين من الأهل والأصدقاء ، أقام فيها (بريسم) ضيفاً ، ضمت شيخوخته الطاعنة ، وذكرياته القديمة ، وبعد رحيله ، عادت مرة أخرى لتنغمر بالمؤن والضيوف والأمتعة.
الثانية : تشغلها عائلة العم عبد الجبار ألطه (خال أبي) .
الثالثة : وهي الأصغر مساحة ، تضمّ أسرتنا (أمي وأبي وشقيقاتي الثلاث ؛ ألمازة وسعدية ووداد، وأخي سعد وأنا) .
الحجرة متساوية الأبعاد ، سقف عالٍ ، وجدران تنشغل بخمس معلقات :


1- مرآة بإطار خشبي بحجم الوجه .
2- فانوس .
3- عليجة القرآن .
4- صورة قديمة لأبي بلباس الجندية .
5- حصيرة ناعمة مثبت عليها مشجباً للملابس .
وفي حجرتنا شباك ، تنبعث عبر مربعاته الزجاجية ، ألوان الطيف الشمسي .
وعلى أرض الحجرة يرقد صندوق (الصندلة) ، معبأ بأردية الشتاء ، وفي الجهة المقابلة ، محمل الفراش ، تنتضد فوقه الأفرشة واللّحف . وزرابيَّ تُبسّط في فصل الشتاء للإتقاءً من البرد و رطوبة الأرض.
في الشتاءات الباردة ، والأمسيات المطيرة ، نمكث في الحجرة ، ونلوذ بزاوية غائرة منها ، تلتمس الدفء حول (منقلة النار) ، وبرفقة (فاطمة) نرود آماد الليل ، وهي تقصّ علينا حكايات طويلة ، من ذاكرة الأزمنة البعيدة .


(8)


وفي هذه الحجرة ولدّ كاتب السطور في 5/11/1941 على يد (جميلة أم كاظم) ، وحين فتح عينينه ، كانت (زنكوّ) كما الفحامة ، منشغلة بهموم الوطن ، وبأخبار الحرب ، وبمواد التموين ، وبالجدل الدائر حول النتائج الأسيفة التي انتهت بها وإليها ثورة (دكة) رشيد عالي الكيلاني ، وفي العام نفسه ، أطل على الحياة عدد من الأقران والرفقة والأصدقاء :


عبد الله زيدان . غنية عبد الجبار .مجودة عمران . ربيع المشمش . صبري علي العلكة . محمد الكسار ، زهير عبد الرازق . إرحيم محمدين . ، صلاح حميد الغناش . سليمة عبود الظاهر .
وشهدت الفحامة في ذات السنة ولادة : رياض عبد المنعم (الكركة) . جعفر محمد علي زهير عبد الحميد . نوري شفيق . محمد الكسار . عبدالواحد الشيخ عباس، غازي كاظم ، تحت جناح التراحم والعلاقة الحميمية ، والمحبة الخالصة ، نشأ هؤلاء وعاشوا طفولة مفعمة بالبهجة والغبطة والمسرات ، لعبوا وكبروا في (الدربونة) وفي أطراف المحلة الأخرى ، لم يفترقوا ، ولم يتباعدوا طوال سنوات الطفولة والصبا ، وأيام الشباب ، تلقوا علومهم الأولية في (كتاتيب) ،على يد الشيخ الاجلاء ( ملآ حميد ، ملآ حماد ، الشيخ عباس) وانتظموا في صف واحدٍ ومدرسة واحدة (الزوراء) الابتدائية ، ومتوسطة (فيصل) ، وثانوية (الكرخ) .


هؤلاء رفقة الزمن الجميل ، تآزروا على الدوام في الجدّ واللعب ، الصبية المغامرون الذين إستعادوا الاشياء من البدايات ، وتذوقوا رحيق الصحبة ، وإحتفظوا حتى النهاية بميثاق الصداقة بالرغم من تغيّر الأحوال ، وتفرق المنازل ، وتباعد الأمكنة والديار ، لم ينقطع التواصل ، ولم تتوقف اللقاءات ، حتى بعد أن تجاوزوا العقد السادس من أعمارهم ، وقد تعاهدوا منذ البدء على أن الموت ولا شيئ غيره ، هو الممكن الوحيد الذي يمكن أن ينتزع الواحد عن الآخر ، وكان الغياب في يوم الحزن أشد وطأة من الموت ، مذ أطفأت الفاشية الأمريكية شمس العراق، التي أنزلت الفجيعة في الافئدة والعقول ، فدونت الاسماء على لوائح القتلة والمهرجين ،. فاضطر الشيخ أن يلقي نظرة الوداع الأخيرة على مرابع الفحامة وشارع حيفا ، ويضم إلى صدره إبراهيم الزيدان وزهير الحفصة . يكاد الصبي الهرم ، أن يلّم بأيام طفولته كلها ، فلا تدع ذاكراته لحظة أو نبضة تسقط منها ، فالوجوه والقسمات والأحلام والرؤى الجمة ، والمغامرات المثيرة ، والحياة السعيدة بين حنايا (زنكو) وخارجها تمتد كلها خطاً حميمياً على طول العمر وآماد الزمان ، فلا تخطئ عين الصبيُّ خارطة الطرقات والبيوت ومأوى الكائنات .


يستذكر الصبيُ لحظات الخوف الصادقة التي عاشها برفقة أقرانه في مغامرات البحث اللجوج عن كائنات الليل، وعن الاسئلة التي أنشأتها الطبيعة من حولنا ، عن دنيا أخرى مثقلة بالالغاز والاساطير، وعن العقل الحائر بين التصور والتصديق ، كانت التجربة الحارة والعميقة للصناديد عندما قرروا أن يقتحموا أرض الظلمات ( الطمة ، أم العصافير ، وصمت الخرائب) ..


هكذا تجيء الطفولة كالمرايا المتداخلة ، لوحة بانورامية الأبعاد ، لا حدود لمشاهدها ، وهي تنفتح على الحياة القصيّة ، فتظلّ على وقائعها، خليّة إثر خليّة ، وحكاية تلو أخرى ، والعين كما الفؤاد والعقل ، في المكان والزمان ، منظومة متوثبة تلاحق اللحظات الهاربة أمام الصبي ومن حوله ، من مرئيات وأحداث .


وتتسع الحواس فتلتقط من قاع الذاكرة ، نبرات صوت : (بريسم) ، (حاج مشمش) ، (إبراهيم الجرمط) ، (نورة) ، (صديقة) ، ويكاد يشّم عبير المسك وماء الورد ، ينبث من التكايا ، والأضرحة ، ومن المراقد و المقامات ؛ الشيخ معروف الكرخي ، الجنيد البغدادي والحلاج ، وسلطان العاشقين البسطامي، وحبيب العجمي ، وتمتلئ روحه بعبير أمومة (زنكوّ) ، مليكة ، زكية الكردية ، حفصة ، صديقة، حمدة المحنة ، وحمزية . بطوشة ..


ولم يغب حتى اللحظة القائمة مذاق حلوى وشكرات ذلك الزمان (أصابع العروس ، جعب الغزال ، بيض اللقلق) ، وتنضم إلى الحواس الخمس ، مدركات العقل ، وهو يستعيد ليالي فاطمة وحكاياتها حول (منقلة النار) .


(9)


في بادئة الصبح ، تنغمر الدار بصوت الموسيقى ، تعزفه موجات بلابل وعصافير ، تتقافز ما بين السطح وجرار الماء والشرفات .
وعند العصر تهلّ القُمراتُ أسراباً .. أسراباً ، ويليها طيرُ الفختي ، تثبُ، تأتي (حِبَ) الماء ، فيما تنثر فاطمة القمح في أرجاء الحوش، وفوق الذهب المسبوك (الفرشي)
.. في آخرة العصر :
يشدو الطير الفختي ترنيمة أحزان العالم :
"يا كوكتي وين أختي ؟!" .
فيجيب الصوت الحاني : "بالحلّة ..
" وشتشرب ؟
"ميّ الله" !
ويعود (حنين) الفختي شجناً يغمر روحي،
أسأل أميَّ عن سرّ الحزن المخبوء، ومعنى (النوْح) في لغة الطير .
الطير ياولدي ، كما الإنسان ، يبحث عن رفقته ، أترابه .
فالشوق مكابدة وعذابْ .
والنأي إيلام للأحبابْ
والتوق هديلُ وبكاءْ
وتطوق أسئلتي أمي :
لم يختار الفختي هذي الدار دون سواها ؟!
فيحطّ في هذا الوقت ؟
حتا مّ يشدّو وينوح ؟!
ولماذا يّنسلّ الفختيُّ عند غروب الشمس ؟!
وتلملم أمي أسئلتي في إيجازٍ واحد :
"الطيرُ يأنس هذا البيت الآمن ،
فيجئ إلينا وقت صلاة العصر .

 


عبد الستار الراوي – البحرين
Zangaw41@yahoo.com
 

 

 





الاثنين٢٥ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الستار الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة