شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يختلف اثنان على ان وسائل الاعلام تشد الانسان الى الأمل والى العمل وتقتل اليأس فيه وتقضي على القلق وتزرع في قلبه بذور الخير ، فالانسان الكامل بذاته وسيلة اعلامية ولايكتمل الانسان الا عندما يقر الايمان في قلبه ومن ثم يصدق به في عمله، وهنا نريد ان نقف على دور الاعلام البعثي في زمن العولمة ودور الاعلام في صناعة الرأي العام ، وفي عهد الشبكة العنكبوتية (الانترنت) وتحول العالم الى قرية صغيرة ، نريد ان نجد رؤية تحليلية للاعلام البعث منذ بداية الاحتلال الامريكي للعراق الى مرحلة مايسمى الان ب(الربيع العربي)، لذلك سوف تكون هذه الرؤيا بداية لتاسيس منهج علمي لصياغة اعلام بعثي يواكب حجم التحديات الجديدة وجسامة التهديد الاعلامي الذي يواجهه البعث والامة العربية معاً، ومن المعلوم ان البعث واجه ومعه أمتنا العربية معارك وحروباً متنوعة، منها معارك وحروب بالسلاح والتدمير وأخرى بفرض الحصار السياسي والاقتصادي لمنع التقدم والتطور العلمي والحضاري والحيلولة دون البناء الوطني والنهوض القومي ولم يكن بعيدا عنا ( الحصار البغيض الذي تعرض له العراق والذي استمر 12 عاما)، ومنها الحرب الإعلامية والتي تعتبر من أخطر الحروب لأن هذه الحرب تخلق حالة من البلبلة وتفرز إشكالات وتحديات خطيرة تهدد الثقافات والقيم وأنماط السلوك البشري لأنها تستهدف العقل العربي والذاكرة العربية والرأي العام خاصة، أن هذه الحرب تقوم على التضليل والتزوير وتشويه الحقائق وتلفيق أحداث غير موجودة على أرض الواقع. ويعتبر نجاح الأعداء في معركة الإعلام تدميراً للمجتمع العربي وهنا ليس المهم اسم العدو صهيونياً كان أم أمريكياً أو فارسيا ولكن الأهم الضالعون مع هذا العدو من أجهزة الإعلام العربية والمحلية التي يتم تمويلها وتوجيهها لخوض معركة الأعداء لتحقيق مشاريعهم ومخططاتهم ضد الأمة العربية ممثلة بالجهات المدافعة عن الأمة والمقاومة للعدو لمنعه من تحقيق أهدافه ومشاريعه ومخططاته المعادية للأمة، ولا ننسى في هذا المجال كيف تستخدم هذه القوى الإعلام لتحقيق مآربها ودسّ سمومها وترويج الإشاعات وتزوير الحقائق واستخدام كل وسائل التضليل والكذب والإجرام وهنا الجميع يتذكر ماسمي في حينه ب ( قانون تحرير العراق ) الذي اصدرته قوى الهيمنة العالمية عام 1998 وكذلك ( مصطلح محور الشر)، اذن عمليا الخطة الإعلامية الموجهة لا توضع من فراغ وإنما يتم الإعداد لها وتجميع كمية كبيرة من المعلومات بإشراف مجموعة من أصحاب الاختصاص في الإعلام والاتصال الجماهيري والنظم النفسية. وهذا ما رايناه وشاهدناه في الإعلام المعادي الموجه ضد البعث والعراق والامة العربية منذ قرار تاميم نفط العراق الخالد عام 1972 وحتى يومنا هذا بكل أخباره وتقاريره التي تعدها هذه المجموعات التابعة للغرب الاستعماري والحركة الصهيونية والتي تمدها أنظمة عربية وجهات محلية ذات مصالح خاصة أصبحت معروفة بالتمويل اللازم لتمكينها من صناعة الأخبار والتقارير والصور والمشاهد الملفقة من أجل تعبئة الرأي العام في الوطن العربي لخلق الفتن ، وهنا نتساءل لماذا استهداف هذا الحزب و النظام الوطني في العراق ؟ فالإجابة بكل بساطة هي لأن البعث والعراق تمسكا بقرارهما القومي المستقل ورفضا الرضوخ للمشاريع الاستعمارية والصهيونية التي تهدف إلى تمزيق أقطار الوطن العربي وترفض وبشكل قاطع التعاطي مع سياسات الحلول التي تخدم الكيان الصهيوني مثلما هي متمسكة بدعم المقاومة العربية التي تواجه أعداء الأمة في فلسطين . فضلا عن ان العراق ومعه البعث عمدا على تاسيس بلد حضاري بكل معنى الكلمة ، وهنا نستذكر ماقاله جيمس بيتراس استاذ علم الاجتماع بجامعة ولاية نيويورك في دارسته المنشوره بتاريخ 21 /أب/2009 والتي كانت بعنوان ( الحرب الامريكية على العراق " تدمير حضارة ) والذي قال فيها بالنص ( كان لدى العراق المستقل والعلماني ،النظام العلمي – والثقافي الاكثر تطوراً في العالم العربي، وكان هناك نظام للرعاية الصحية الوطنية ،وتعليم عام شامل ،وخدمات اجتماعية سخية ، الى جانت مساواة بين الجنسين لمستويات غير مسبوقه. هذا كله وسم الطبيعة المتقدمة للحضارة العراقية في اواخر القرن العشرين.

 

ثم ان فصل الدين عن الدولة وحماية الاقليات بحزم يتناقض تناقضاً حاداً مع ما نجم عن الاحتلال الامريكي وتهديمه البنى العراقية ، المدنية منها والحكومية ، وهكذا كان حكم الرئيس صدام حسين حضارة حديثة متطورة جداً كان العمل العلمي المتقدم فيها يسير يداً بيد مع هوية سامقة بقوميتها وضاربة بمعاداتها للامبريالية ، وكان من نتائج ذلك على وجه الخصوص اظهار الشعب والنظام العراقيين تعبيرهما عن التضامن مع محنة الشعب الفلسطيني تحت الحكم والاحتلال الاسرائيليين)، ويقول جيمس ( كانت تعتبر "باريس" العالم العربي ، لجهة الثقافة والفن والعلم والتعليم . وكانت جامعاتها في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي موضع حسد العالم العربي. وقد اثارت حملة " الصدمة والرعب" الامريكية التي انهالت على بغداد أحاسيس مماثلة للاحاسيس التي قد يثيرها قصف جوي للوفر والسوربون وأكبر مكتبات أوروبا . كانت جامعة بغداد واحدة من اكثر الجامعات في العالم العربي رفعة وانتاجاً وكثيرون من أكاديمييها نالوا شهادات دكتوراه وانخرطوا في دراسات وابحاث في معاهد راقية خارج العراق.اذن مبرارات الاستهداف موجودة وان الحرب على العراق ومن ثم احتلاله هما مدفوعان بعدة قوى سياسية كبرى وبايحاء من عدد متنوع من المصالح الامبريالية , غير ان هذه المصالح لا تفسر في ذاتها عمق ومدى التدمير الهائل والمستمر لمجتمع باسره واختزاله الى حالة حرب دائمة ، اما نطاق القوى السياسية المساهمة في صنع الحرب وفي الاحتلال الامريكي للعراق ، وايضا القوى التي ساهمت في شن الحروب الاعلامية على البعث والعراق وامتنا العربية ، فيتضمن مايلي (مرتباً بخسب الأهمية)


1- القوة الصهيونية . التي تؤيد الكيان الصهيوني بلا شروط والمتوغلة في صناعة القرار الامريكي والمتمثلة في (المنظمات الامريكية اليهويدية ) وهؤلاء صرحوا علانية بان أولويتهم الاولى كانت طرح أجندة " اسرائيل" التي كانت ، في هذه الحالة ، يعني الحرب على العراق واطاحة نظامه السياسي ومن ثم احتلاله ،وتقسيمه ، وتدمير قدرته العسكرية والصناعية ، وفرض نظام عميل موال "لاسرائيل / موال للولايات المتحدة " .


2- القوة الامريكية والمتمثلة بالمدنيين ذوي النزعة العسكرية والذين سعوا الى بسط اليد الامبريالية الامريكية في الخليج وتقوية موقعها الجيو سياسي من طريق القضاء على سند متين وعلماني وقومي عربي مناهض للامبريالية ، وسعوا الى توسيع نطاق القواعد العسكرية الامريكية وتامين السيطرة على احتياطي النغط العراقي .


3- القوة الطائفية والجماعات السياسية المموله من الولايات المتحدة الامريكية ،هؤلاء الذين اخذوا على عاتقهم تطبيق استراتيجية وكالتا الاستخبارات المركزية واستخبارات الدفاع ، وهي عباره عن استراتيجية (فرق تسد) المسماة " حل السلفادور " .وهكذا انتشر اللصوص وقطاع الطرق وسياسيون وامراء حرب وفرق موت ومليشيات .


4- القوة النافذه وهي الجماعات التي كانت القوة الدافعة خلف الحرب على العراق ، وهم ادوات المشروع الامبريالي الامريكي في المنطقة ، والمروجين لفكرة ( اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط )، هذه القوة نالت الدعم والتمويل والتدريب من قبل قوى الهيمنة العالمية. وهذه تشمل الاحزاب السياسية التي رافقت قوات الاحتلال و امراء الحرب الذين استفادوا من تدمير العراق .


هذه هي القوى الرئيسية التي تشكل عناصر " النخبة " في الحب الاعلامية التي يخوضها البعث والامة العربية مع اعدائها من القوى المهيمنهة على العالم والمسيطرة على مقدارته العلمية والتكنولوجية التي اصبحت اليوم اليد الطولى الفاعلة في الاحداث العالمية ، اذن الخطوط الرئيسة المعروفه هي التي تشن حملات الحرب العسكرية والاعلامية وهي ذاتها التي تهتم في بسط نفوذها وسيطرتها على العالم ، وكما هي ذاتها التي تخلق الازمات وانشاء المواقع الساخنة بغية التدخل وخدمة المصالح الامبريالية .

 

هذه القوى تعمل بجهد وتخطيط للسيطرة الاعلامية وتضع السياسات الاستراتجية لهذا الغرض ، ومن اجل الصمود امام هذه السياسات والاستراتيجيات ضرورة فهمها اولاً ومن ثم كيف التعامل معها بشكل تحد من خطورتها او ايقافها عند حد لا تخسر فيه الكثير . هذا مايجب التعامل به ، وهذا سيكون موضوعنا القادم والذي من خلاله استعراض اهم السياسات اللاعلامية المطبقة من قبل هذه القوى ضد البعث ومعه ضد الامة العربية .


Dawodjanabi@yahoo.com

 

 





الاحد١٥ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب داود الجنابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة