شبكة ذي قار
عـاجـل










الشعب الايراني قد يثور ضد ولاية الفقيه في أية لحظة، بهذه العبارة أطل الدكتور بني صدر على فضائية روسيا اليوم ، في البرنامج الحواري "حديث اليوم" ، الذي أجراه مؤخرا الكاتب المعروف سلام مسافر.


إن مأزقاً خانقاً يواجه ولاية الفقيه فالشعب محبط ويعاني من مشكلات جمة ويمكن أن يثور في أية لحظة، ولعل ذلك يفسر إلى حد بعيد الصراعات والتباينات التي تطفو على السطح بين الحين والآخر داخل المؤسسة الحاكمة نفسها.


وقد أجاب الرئيس الايراني الاسبق عن عدد من الاسئلة المعلقة والحائرة المتعلقة بالشأن الايراني ، وحدد بني صدر أبعاد الصورة الواقعية بمختلف زواياها بدءا من المعاناة اليومية ومرارة الحياة التي يعيشها المواطنون داخل أسوار سجن ولاية الفقيه، وغيبة الحقوق الانسانية ، مرورا بطبيعة التحديات التي تشهدها المرحلة الراهنة تحت وطأة سلطة المرشد المطلقة ، ويمكن إيجازالحوار


بالمحددات التالية :


أولا : بنية النظام :

1- نظام سياسي ذو بعد واحد ؛ يتصدره الفقيه الاوحد ، والحاكم الابدي ؛ لاشيئ قبله أو بعده ؛ نظام لاهوتي ؛ تقوده طبقة ثيوقراطية متحكمة تحت حماية بنادق "حراس الثورة" ، يقابل هذه الاحادية الدينية المتسلطة ، عموم الشعب . فالحرية الغائبة تحظر على أي فرد من أفراد الشعب الإعتراض فلا يحق لاي من المواطنين التعبير عن رأيه بأي صورة من صور حقوق الانسان .


2- النظام في عزلة تامة عن الشعب ؛ بعد أن أقام جدارا فاصلا باسم السلطة الالهية المقدسة ، وهو وضع غير طبيعي حتى في معايير النظام نفسه، ولذلك فان اجهزة السلطة تخاف من أي تجمع شعبي وتعتبره شرارة قد تؤدي الى ثورة على غرار الثورات التي اندلعت في دول اوروبا الشرقية.


3- الصراعات الظاهرة والخفية داخل بنية النظام نفسه ، بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة ولاية الفقيه وهي معضلة مستمرة بدأت منذ انتصار الثورة وماتزال مستمرة إلى اليوم؛ ، وهذه القضية أخذت شكلها الدرامي العنيف يوم كان بني صدر رئيسا للجمهورية حيث بدأ الصدام السياسي منذ الايام الاولى للجمهورية بين الرئيس المنتخب وبين الامام الخميني ، واستمرعلى مدى اكثر من ثلاثة عقود بين السيد خامنئي والرؤساء الآخرين بلغ ذروته مع السيد خاتمي ، وأصبح حديث الشارع مع أحمدي نجاد .


4- الهيكل السياسي الغريب للدولة بسبب هذا التداخل مع المؤسسة الدينية


ثانيا : المعاناة اليومية :

1-الإحباط الداخلي: تواجه ولاية الفقيه مأزقا خانقا فالشعب محبط ويعاني من مشاكل جمة ويمكن ان يثور في اية لحظة ولعل ذلك يفسر الى حد بعيد الصراعات والتباينات التي تطفو على السطح بين الحين والاخر داخل المؤسسة الحاكمة نفسها.


2-الوضع الاقتصادي المتردي الذي يشكل تحديا كبيرا ، بسبب السياسة المضطربة لحكومة احمدي نجاد، ففي غضون خمس سنوات حصلت على عائدات كبيرة من صادرات النفط تصل الى ما يزيد عن 700 مليار دولار.. وقام نجاد بفتح الابواب امام الاستيراد من الخارج، الامر الذي اثر سلبا على الصناعة المحلية ، وارتفعت الاسعار بمعدلات قياسية مما جعل الحياة في ايران مكلفة وصعبة للغاية، واتسعت مساحة الفقر في البلاد.


3-الوضع السياسي؛ هيمنة المرشد المطلقة على صنع القرار السياسي، دفعت بالبلاد الى هوة سحيقة من الصراعات . بعد أن أقصت المؤسسة الحاكمة الاصلاحيين بشتى الطرق، واصبحت اسماء مثل كروبي وموسوي رديفة للآفة القاتلة في الادبيات السياسية للنظام. كما جرى ابعاد احزاب باكملها عن العملية الانتخابية، الى جانب تطويق كل الاصوات المناوئة لاحمدي نجاد وللسيد خامنئي. واذا ما فكر احد بطرح رأي مغاير لخامنئي فانه يتهم بالتجسس فورا !!


4- الوضع الثقافي : إن مجتمعا كالمجتمع الايراني ؛ يشكل الشباب غالبيته يجد نفسه امام ساحة مغلقة لا مجال فيها لحرية التعبير وتكاد تنعدم فيه الجمعيات والمنظمات وكل انواع مؤسسات المجتمع المدني، وقد أقدم النظام في الاونة الاخيرة على إغلاق بيت الفنانين هذه المنظمة التي لا يعرف عنها اي نشاط سياسي، كما تم إلغاء المراكز الثقافية في العديد من المدن الايرانية .


ثالثا : الازمة النووية :

1- النظام الايراني ؛ بحاجة دائمة الى خلق عدو خارجي في صورة الولايات المتحدة، وصار هذا جوهر سياسة النظام الداخلية والخارجية ، وفي هذا السياق يأتي الملف النووي الايراني ايضا .


2- الواقع اليومي في البلاد هي المخاوف من احتمال نشوب حرب. فوسائل الاعلام في امريكا والغرب لم تكف عن قرع طبول الحرب ضد ايران، وقد أدى ذلك الى ارتفاع سعر صرف الدولار في ايران والذي لا يعود فقط الى العقوبات المفروضة على ايران، بل أيضا إلى مشاعر القلق والهلع التي تدفع المواطنين نحو شبابيك بيع الدولار او الذهب للتحوط من احتمالات نشوب الحرب وفقدان العملة المحلية الايرانية لقيمتها تماما .


3- في مقايل فن صناعة العدو الافتراضي ، فإن الولايات المتحدة الامريكية ايضا بحاجة الى نموذج العدو وتجده في النظام الايراني لكي تزيد مبيعاتها من الاسلحة الى بلدان المنطقة. وفي الواقع فإن سياسة تخادم المصالح المتبادلة بين الولايات المتحدة وايران قائمة منذ زمن. انهم في الظاهر اعداء، اما تحت الطاولة فإن الامر يختلف تماما، والدليل على ذلك فضيحة" ايران غيت" و" ايران كونترا" والتوافق على احتلال افغانستان ومن ثم العراق .


رابعا : الخاتمة : ويصل حوار سلام مسافر مع الدكتور بني صدر إلى النتائج التالية :


1- ان ايران في رأي الحسن بني صدر ليست بحاجة الى ثورة جديدة، فقد انجزت هذه الثورة قبل ثلاثين عاما، لكن ما ينبغي القيام به هو تحقيق اهداف تلك الثورة التي شارك فيها بني صدر نفسه ، ولكنه كان أول ضحاياها ..


2- إن نظام ولاية الفقيه لم يعد هو النظام اللائق بشعب إيران الذي يتطلع إلى إستعادة حريته المغيبة باسطورة السلطة المقدسة والحاكمية الالهية .


3- آذن الوقت أن تنتهي خرافة الولاية الابدية وأن يعود رجال الدين إلى حيث كانوا ، وان يترك للشعب حرية اختيار حكامه وتقرير مصيره بنفسه دون سطوة من المؤسسة الدينية .

 


جريدة الوطن البحرينية عدد الاثنين 6/2/2012
 

 

 





الاثنين١٣ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور عبد الستار الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة