شبكة ذي قار
عـاجـل










كل الذين يغردون في سرب نظام الملالي في طهران سوف يكيلون الشتائم لي ولغيري من الذين ينقدون سياسة ايران ازاء العرب , وكم كنا ننشد ان لا تكون ايران جارا مزعجا او جارا سيئا ومؤذيا للعرب , لان العرب هم الذين ادخلوا الاسلام الى عبدة النار واخرجوهم من الظلمات الى النور , ويبدو ان هذا الفعل اغاظ الفرس لان العرب المتهمين " بالبداوة " هم الذين كسروا امبراطوريتهم وادخلوهم في الاسلام عنوة , وقد حان الوقت المناسب لكي يستعيدوا مجد امبراطوريتهم الفارسية التوسعية . وقد زاد في تحقيق حلمهم نظام " ولاية الفقيه " الذي يأمر بطاعة نائب الامام الغائب المنتظر الذي سيظهر ليملئ الارض عدلا كما يعتقدون .


لقد اظهر نظام الملالي عداءا اعلاميا للولايات المتحدة ودخل معها في صراعات معروفة النتائج سلفا , وفي الخفاء كانت اللقاءات والتنسيق على احسن وجه والتفاهم بينهم ايجابي حول تقاسم الادوار في المنطقة . فنظام الملالي سهل مهمة الولايات الامريكية في احتلال كل من افغانستان والعراق , وقد سهلت مهمة اعوانها من الاحزاب العراقية الموالية لنظام ولاية الفقيه في دخول الاراضي العراقية اثناء الغزو الامريكي للعراق عام 2003 , وسكتت على سياسة بول بريمر التقسيمية وفق المنهج الطائفي الذي قاد البلد الى الاقتتال الطائفي , وذهب ضحيته الوف القتلى والمعوقين وملايين المهجرين . وكل ذلك ليسهل على ايران بسط سيطرتها على العراق , او على الاقل بسط سيطرتها على المحافظات الجنوبية ذات المذهب الواحد مع ايران . ومن خلال هذه السيطرة تتمدد باتجاه دول الخليج العربي , وبالذات الكويت والبحرين والسعودية .


عندما هبت الجماهير العربية ضد الانظمة المتسلطة وطالبت بالاصلاحات السياسية والاقتصادية , وقفت ايران موقفا مزدوجا , ونظرت للانتفاضات العربية بمكيالين , تارة تؤيد الانتفاضة في مصر وتونس والبحرين ضد الانظمة الحاكمة فيها , ومن جانب اخر تؤيد الانظمة في سوريه العراق ضد انتفاضة الشعب فيهما . هذا الموقف الذي يكيل بمكيالين وتلك النظرة المزدوجة تؤشر النوايا والتوجهات الطائفية والتوسعية لنظام الملالي ازاء الاقطار العربية .


اننا لا ندافع عن الانظمة المتسلطة , بل نطالبها بمنح الشعب حقوقه التي نادت بها رسالات السماء والحقوق المدنية الخاصة بالانسان وكرامته وحقة بالراي والتعبير والمشاركة السياسية وفق الدستور الذي يحكم اي قطر . ولكن الامن الوطني والسلامة الوطنية والسيادة والاستقلال مبادئ اساسية لا يمكن التنازل عنها او التهاون بالدفاع عنها تحت يافطة الديمقراطية . من حق شعب البحرين ان ينال حقه في الحرية والراي والمشاركة السياسية عندما تكون اللحمة الوطنية قادرة على افشال المخططات الخارجية الطامعة في الارض وخارقة للسيادة الوطنية .


قد يقول قائل ان الاسطول الخامس يرابط في البحرين منذ زمن طويل وهو الذي سيحمي النظام في البحرين من اي اعتداء , هذا قد يكون صحيحا في الزمن الماضي , ولكن التجربة ومسيرة الادارات الامريكية مع حلفاءها او مع عملائها تثبت ان هذه الادارة لا تراعى هؤلاء الحلفاء الا اذا اقتضت مصالحها ذلك , وهي مستعدة للتنازل عن حمايتهم اذا انتهت تلك المصالح , كما حصل في ايران ذاتها عندما تنازلت عن الشاه , وعندما تنازلت عن ماركوس في الفلبين , وعن زين العابدين في تونس وعن حسني مبارك في مصر . الولايات المتحدة لا تسمح باحتلال البحرين عسكريا , ولكنها لن تقف مع نظام البحرين اذا حصل اصلاح سياسي يتهاون في منح الديمقراطية على حساب مسألة الامن الوطني والسيادة الوطنية .


ان النظام في البحرين كما هو الحال في باقي دول الخليج العربي التي فتحت ابوابها منذ سبعينات القرن الماضي امام الايرانيين الذين قدموا للعمل فيها , ومن ثم منحهم جنسية بلدان الخليج , وهؤلاء يحملون الجنسية البحرينية والقطرية والاماراتية , ولكن ولائهم القومي ظل لايران , ويرتبطون معها مذهبيا , واليوم يرتبطون معها من خلال وزارة اطلاعات ومن خلال قوات القدس التي اخترقت العديد من الدول , وصارت هذه القوات مشهورة في اعمال الارهاب المنظم , وتصريحات قائد هذه القوات قاسم سلماني بشأن العراق وجنوب لبنان تؤشر مقدار نفوذ هذه القوات في هذه الدول . والمؤشرات الامنية في البحرين تؤكد ضلوع قوات القدس في النسيج البحريني المنتمي لايران قوميا ومذهبيا , بحيث صارت هذه العناصر تعلن عن نواياها الانقسامية بدون وجل , وتطالب باسقاط النظام رغم ما قدمه من مقترحات للاصلاح السياسي , ولكن هذه العناصر تتناغم مع التوجهات الصادرة من طهران المنادية بالحاق البحرين بايران .


المعارضة الايرانية من كلا الطائفتين لها الحق في المناداة بالاصلاح السياسي , ولكن لابد من توفر النية الصادقة للحفاظ على الامن الوطني وعلى الهوية الوطنية العربية . ومن المؤلم ان بعض فصائل المعارضة البحرينية وجدت في فكرة الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي , كأنها كارثة , وقد تناغمت مع تصريحات عدد من المسؤلين الايرانيين الرافضة لفكرة الوحدة . ماذا يقول المسؤلون الايرانيون ؟ .


علي لارجاني رئيس مجلس الشورى الايراني قال " البحرين ليس لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بسهولة " واعتبر فكرة الاتحاد بين البحرين ودول مجلس التعاون بانها " سلوك بدوي ستكون له نتائج وتداعيات سيئة في الظروف الحالية " .


اما النائب حسين علي شهرباري فيقول " البحرين هي المحافظة الرابعة عشرة لايران , ومن المفروض ان يحدث امر ما في البحرين , وهي من حق ايران وليس السعودية ." وطالب بضم البحرين الى ايران , وكأنه يدعو اعوانه بسرعة التحرك لاسقاط النظاغم في البحرين والحاقه بايران .


وعلي لارجاني الذي يمثل الشعوب الايرانية يغازل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني فقد صرح قبل ايام من اجراء المباحثات مع الترويكة الاوروبية بشأن المفاعلات النووية قائلا " ايران لاتعادي اسرائيل , وان المفاعلات الايرانية لا تشكل تهديدا للامن الاسرائيلي " .


واذا كانت المفاعلات الايرانية لا تشكل اي تهديد لامن الكيان الصهيوني , فانها ستشكل تهديدا للبداوة التي يصف لارجاني بها العرب , اليس هذا هو الحقد الفارسي على العرب ؟ اليست تلك هي الاطماع الايرانية في اراضي العرب ؟ اليس هو الحقد على كل عربي ساهم في اخماد شعلة النار الفارسية ؟ .


من حق البحرين ان تحتج على مثل هذه التصريحات الاستفزازية من قبل المسؤلين في طهران , ومن حق السعودية ان تطالب نظام طهران بالكف عن التدخل في شؤون دول الخليج العربي . ولكن الواجب يقتضي التقدم خطوات جادة نحو الوحدة الخليجية سياسيا وعسكريا واقتصاديا , ولا يجوز التباطؤ ريثما تقع كارثة اخرى وتحتل ايران بلدا عربيا جديدا بعد ان احتلت العراق وصار منطلقا امامها للزحف على دول الخليج الاخرى .


ان من يقف ضد وحدة العرب فهو عدو للعرب كلهم , لان هدف الوحدة من اهم اهداف الامة العربية , ففي وحدتهم ضمانة لاستقرار امن المنطقة وسند للامن والسلام في العالم ايضا . كما ان الوحد تؤمن للعرب حياة حرة كريمة , ويتلاشى الفقر والجهل والبطالة . كما ان تصرفات المسؤلين الايرانيين وتصريحاتهم الاستفزازية ضد العرب تزيد من شحنة العداء ضد ايران , في حين ان المنطق هو ان تسود علاقات ودية بين الدول المتجاوره لضمان الامن والاستقرار .

 

 





الخميس٢٦ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة