شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

لماذا يتم إسقاط الانحراف، الذي شق طريقه الحكم في دمشق منذ أن تحركت دبابات الأسد الأب لتطويق مؤتمر الحزب وإسقاط قيادته الشرعية وإزاحة مناضليه وتسليط فئة طائفية النزعة والسلوك لتستقر يداً بيد مع الطائفية الإيرانية في الفكر والسياسة والمنهج ، على حالة البعث العربي الاشتراكي في العراق ؟!

 

ولماذا التركيز على وضع مقاربة بين نظامين أحدهما يمتلك أسماً في دمشق يختلف جذرياً عن نظام البعث في العراق؟ ثم لماذا هذا الربط بالمقارنة غير الموفقة بين حالتين كانتا تسيران باتجاه معاكس، أحدهما منبطح ومساوم على القضية الفلسطينية ومتعاون في السلوك والتصرف مع العدوان على العراق وشعب العراق، ومناصر لدولة أجنبية هي ( إيران ) على دولة عربية هي ( العراق ) ..؟!

 

لتوضيح ما ورد في فقرة المقال الذي نشرته القدس العربي يوم 8/3/2013 تحت عنوان ( البعثي السوبرمان: نصف قرن من سفاح الفكر وتحلل الرخويات ) .. والتي جاء فيه ( من مجازر حماه عام 1982 في سوريا إلى مجازر حلبجة في العراق، جريمة الحرب، التي قد تكون أفظع مجزرة كيمياوية ضد المدنيين في تاريخ البشرية، إلى احتلال الكويت والقتال تحت راية عاصفة الصحراء ) .. ينبغي الإطلاع على الحقائق الآتية :

 

أولاً- لا يوجد أي وجه للمقاربة أو للمقارنة بين نظام دمشق ونظام حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، لا في الفكر ولا في التطبيق المنهجي للفكر القومي البعثي ، الأمر الذي يعكس خطأ بأن البعث يحكم في عاصمتين عربيتين هما بغداد ودمشق، والحقيقة أن حكم دمشق هو بالاسم فقط .

 

ثانياً- لو كان هناك حزباً للبعث في سوريا - هنا الكلام حصراً بالقيادات وليس القواعد - لتطابق في فكره وسلوكه مع البعث في العراق ، ولما رفض صيغ الوحدة بين البلدين العربيين الشقيقين، منذ مجيء الأسد الأب حتى سلطة الأسد الابن .. وهذا ما يقوله همساً البعثيون السوريون أنفسهم كقواعد، في خارج أطرهم الحزبية للذين يأتمنونهم .. وهنا يتطابق في إطاره العام الأوسع مع خطين إستراتيجيين، أولهما: منع أن يتشكل الجسر الذي يربط إستراتيجياً بين مصر وسوريا ليشكل طوقاً في العمق ضد الكيان الصهيوني ، وثانيهما: منع أن يكون العراق عمقاً إستراتيجياً لسوريا حيال الكيان الصهيوني، الذي لا يستطيع أن يصمد بوجه القوة الموحدة بين البلدين .. الخطان اللذان رسم للواقع الجيو- إستراتيجي لبلاد الشام ومصر من لدن محفل باريس الصهيوني منذ حكم نابليون بونابرت وتبنته القوى الاستعمار والإمبريالية ولحد هذه اللحظة .. وعلى أساس هذه الحقيقة الإستراتيجية منع الأسد الأب والابن أي تقارب بين البلدين إلا شكلياً وبمستويات متدنية لحل مأزق الداخل اقتصادياً ونفسياً.!!

 

ثالثاً- إصرار الأسد الأب والابن على عدم الارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين العراق وسوريا إلى مستوى سفير، والاكتفاء بمستوى شعبة رعاية المصالح، وهو تمثيل لا يقيم بين عاصمتين أو في إحداها إلا في حالة القطيعة، أو قطع العلاقات الدبلوماسية وإبقاء شعرة معاوية .!!

 

رابعاً- رفض الأسد الأب ومن ثمَ الابن التقارب السياسي بين بغداد ودمشق، حتى لا يسمح هذا التقارب بتشكيل جبهة مناهضة لأعداء الأمة من صهاينة وإمبرياليين وغيرهم، بيد أن الملفت .. هو أن الأسد الابن أقام علاقات سياسية بمستوى سفير مع بغداد وبغداد تحت الاحتلال الأمريكي والبريطاني والإيراني، فيما ازدادت العلاقات ترابطاً وصعوداً إلى مستوى التحالف الإستراتيجي مع الحكومة التي نصبها الاحتلال الأمريكي .. لماذا ؟!

 

خامساً- نظام الأسد والابن قبلا بالقرارين ( 242 و 338 ) اللذان يتضمنان الاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل ما يسمى بالأرض مقابل السلام، في حين رفض حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق هذا السلوك الذي لا ينسجم مع المبادئ المعلنة من جهة، وينسجم مع ما يسمى بمسيرة الحل السلمي، التي انخرط فيها نظام الأسد الأب وعلى سريرته الإستراتيجية سار الأسد الابن تحت ما يسمى بسلام الخيار الإستراتيجي .

 

سادساً- لم يكن الأسد الأب ولا الابن مقاوماً ولا ممانعاً بعد قبوله بمسيرة السلام الإسرائيلية، وقبوله بأن يكون السلام خياراً إستراتيجياً للنظام في مواقفه وسلوكه.. وكيف يكون مقاوماً وأراضيه محتلة ( الجولان ) منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً لم يطلق رصاصة واحدة على العدو الإسرائيلي المحتل.. فيما لم تنم عين البعث في العراق ولم يغمض له جفن حتى حرر الفاو من مخالب النظام الصفوي وأنجز مهمات دفاعه المشروع عن أرضه وسيادته .

 

سابعاً- نظام الأسد الأب ، كما هو معروف، قطع مياه الفرات عن العراق وشعبه العربي .. وأوقف تصدير نفطه عبر الأراضي السورية ، فحرم الشعب السوري من عائدات مرور النفط العراقي، وحرم شعب العراق من وارداته النفطية ، بما ينسجم والرغبة الإيرانية حين كان النظام الصفوي يشن عدوانه الغاشم على العراق ويصر على إدامة هذا العدوان خلافاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.

ثامناً- نظام الأسد الأب شارك جيوش الدول الأجنبية وفي مقدمتها أمريكا ضد العراق العربي في عدوان عام 1991.. وقد أفضى عدد من الضباط العسكريين السوريين المحالين على التقاعد من غير الموالين للطائفة العلوية، بأن قرار المشاركة السورية كان عملاً إستباقياً قي إشارة من طهران وقبول سياسي من دمشق.!!

 

تاسعاً- لو كان نظام دمشق بعثياً حقيقياً لما تعاون مع دولة أجنبية ضد دولة عربية وشعب عربي - وإن مسألة الكويت كان ينبغي أن تعالج في داخل البيت العربي، دون استدعاء الأجنبي والتعاون معه - حيث يفسر سلوك نظام دمشق بأنه انحراف مبدئي وأخلاقي واستراتيجي وتاريخي .!!

 

عاشراً- النظام الوطني في العراق أسقطته الإمبريالية الأمريكية والاستعمار البريطاني والصهيونية العالمية، ولم يسقطه شعب العراق كما يحصل الآن في سوريا.

 

أحدعشر- نأتي لموضوع الكويت الذي تحدث عنه الأخ الكاتب القدير صبحي حديدي – وليس ذلك تبريراً – إن الكويت كانت رمحاً بريطانياً وأمريكياً استخدم لطعن العراق وخنق اقتصاده المنهك جراء الحرب التي فرضتها إيران عليه والتي تعنتت طيلة ثمان سنوات في أمر إيقافها وفقاً لقرارات مجلس الأمن وأحكام القانون الدولي .. ومع ذلك فقد تم الاعتراف بأن دخول العراق إلى الكويت كان خطأً إستراتيجياً .

 

أثنا عشر- أما الموضوع الذي أثير في المقال وهو ( حلبجة ) ، فأرى من المفيد لأخي المفكر والباحث صبحي حديدي أن يرجع إلى تقارير الخبراء الأمريكيين الذين زاروا مدينة حلبجة في شمال العراق والتي تفصح بعد فحصها واختباراتها على عينات من تربة المدينة المنكوبة ونباتاتها وضحاياها ، أرسل بعضها إلى المختبرات في واشنطن والأخرى إلى مختبرات ألمانية، أسفرت النتائج عن أن العراق لا يمتلك المادة الكيميائية التي استخدمت وهي ال ( سيانيد ) ، إنما الذي يمتلكها هو إيران .. فلماذا تحميل حزب البعث العربي في العراق جريمة لم يرتكبها ، وبصرف النظر عن المجرم الحقيقي، الذي ما يزال طليقاً في العراق وفي سوريا وفي جنوب لبنان وفي البحرين وفي عموم المنطقة العربية. ؟!

 

 





السبت ٢٦ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة