شبكة ذي قار
عـاجـل










الألفاظ كما يقول حسن حنفي ليست محض كلمات وأصوات وعبارات، بل أنها تدل على الفكر الذي يقف وراءها، وتكشف عن المضمون الذي تعبر عنه، والرسالة التي تريد إيصالها والغاية المقصودة منها. تبدلت الالفاظ في الاعلام العربي في السنوات الثماني الاخيرة في التعامل مع الفعل الوطني المقاوم في فلسطين والعراق، فالشئ الواحد له لفظه الذي يعبر عنه، من منظور المقاومة الوطنية، وله لفظ ثان من منظور دول الاحتلال، ولفظ ثالث تتبناه سلطة الحكم، ورابع يبثه الاعلام العربي يتأرجح بين المقاومة والإحتلال ولفظ خامس يتراوح بين السلب والايجاب بين العدوان والمقاومة. فالمقاومة العراقية قائدة معركة التحرير الوطني هي في رأي الاحتلال الامريكي إرهاب محض، وهو المعنى نفسه لدى السلطة الحكومية التي شرعت (قانون الارهاب) الذي كرسته لمحاربة المقاومة وأنصارها، فيما اتخذت من مواده القانونية ذريعة لإنزال العقاب الجماعي بالمتظاهرين في بغداد والمدن الاخرى الذين أعلنوا الثورة الكبرى في الخامس والعشرين من شباط – فبراير 2011.

 

( ٢ )


لكي يكون الفقه السياسي المعاصر موضوعيا وقابلا للتمثل والفهم وإستيعاب مايجري من تحديات حولنا وما يحاك ضد الاوطان والامم، يتعين علينا معرفة الالفاظ الوافدة، وتدقيق المفاهيم التي إقتحمت اللغة العربية، لإعادة توصيف المصطلحات طبقا للمعايير الموضوعية والواقعية التي تبتدئ من هوية الامة الواحدة، ومن حقائق الفعل المقاوم في فلسطين والعراق والاحواز والاقطار العربية الاخرى بل ومن الافق المعرفي الاممي.


بعبارة أخرى يتعين على البصيرة العلمية الحفر في جذور لغة العالم الجديد الذي لايكف عن تسويق منتجاته الملغومة في الفكر والسياسة والادب بإسم العولمة مرة وبدعوى الحداثة وما بعدها مرة أخرى.


علينا البحث فيما وراء العبارة واللفظة والكلمة، للتعرف على الاصل الذي إنحدرت منه، والغاية من بثها وترويجها، لكشف مايختبئ وراءها وتحتها من رموز ومعان ودلالات. بعد أن أصبح التلاعب بالعقول وتزوير الوقائع من أخطر أسلحة الحروب النفسية والاعلامية وأمضها تأثيرا في تشكيل إتجاهات الرأي، والتلاعب بالعقول مختبر لتحويل الإهتمامات، وتغيير القناعات، وقد كانت هذه الحرب في بعض من حلقاتها النفسية أشد أذى وأكثر ضراوة من المواجهة العسكرية نفسها. ولذلك فإن التوافق على فهم مشترك لمعنى أي مصطلح سياسي أومفهوم معرفي، هو المدخل الصحيح لأي حوار فكري متميز، هذا الامر ينطبق حتى على مايندرج تحت خصوصيات قائمة داخل الامة الواحدة، فالحل لايكون برفض المصطلح لمجرد إختلاف مفاهيمه عن تجارب سلبية محددة تحمل التسمية نفسها، إذ أن المشكلة هنا أن غالبية المصطلحات تعرضت الى تجارب تطبيقية سلبية ومسيئة للفكر العربي بتنوعاته القومي، الاسلامي، العلماني، كما على صعيد شعارات الحرية، الديمقراطية، الاصلاح، الوطنية، المجتمع المدني، التداول السلمي للسلطة..

 

 





السبت ١٨ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور عبد الستار الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة