أيها الثوار الأحرار الشجعان في كل جغرافيا الشرف
:
لا تتمعمعوا ولا تتبلبلوا ، ولا تهنوا ولا تضعفوا ، إن وقع عليكم ، ما لم يقع على
غيركم ، من دسائس ومكائد ومآرب ، تُحاكُ تحت الطاولة وفوقها ، وفي مطابخ المحمية
الخضراء ، والغرف الحمراء ، وما حولها من دكاكين ومزادات ومعتمات ، لا بارك الله
ونبيه وملائكته ، بالبطون وبالفروج التي دلقتها ، لتنبت شراً ومكراً وموتاً فوق
أرضه الطاهرة .
سيتأبط واحد – منكم ربما – كمشة ورق أصفر ، وسيطشّ على رؤوسكم ، خطبة مخطوبة ،
وسيتوسل حماستكم ، وستصفقون له وتهتفون وتكبّرون ، ثمّ يأتي عليكم تاليَ الليل ،
فتسمعون حسّ العياط ، ويتبين لكم ، خيط الشرف الأسود من الشرف الأبيض ، وستعرفون أن
صاحبكم الذي انزرع عصراً فوق منصتكم الطاهرة ، كان ليلاً فائتاً ، قد أكل ووصوص ،
وقبض وهلهل ، على مائدة نطيحة منصوبة في إحدى خواصر المحمية الخضراء .
لا تستعجلوا ولا تتعصبوا ولا تتحامقوا – حاشاكم ثم عافاكم ثم شرح صدوركم – فتقولا
كلاماً ، وترفعوا شعاراً ، وتفوهوا شتيمة ، ثم تقعدوا بعدها فوق كرسي الخسارة ،
نادمين حاسرين متحسرين ، وليكن قولكم بمثقال الكلام الثمين ، حجراً بحلوق من يريد
خربشة لوحتكم الجميلة .
تشاوروا في أجمل القول ، واصنعوا له غربالاً كي يتنقى ، من هفوة اجبارية ، أو زلة
لسان لم تخرج من القلب ، ثمّ ارسلوه بعد أن تمرروه برقبة طويلة مثل رقبة جمل .
ستتناهبكم الفضائيات والأرضيات ، وسيُنصبُ لكم ولمفوّهيكم والقائلين بإسمكم ، ألف
فخ وفخ ، وسيأتيكم صحفي مغمور من أهل المزاد ، فيثرد اسئلته فوق موائدكم ، ويقوّلكم
ما لم تقولوهُ ، وسينتقي من كلامكم ، ما يريد هو ، وما تشتهي الثلة التي دعبلته
عليكم ، فكونوا حذرين في نطق كل كلمة ، ورفع اللافتات المنتقاة بعناية ، حتى
الهوسات والجوبيات والأشعار ، التي تجمع وتوحد ، ولا تفرق وتفكك ، فتذهب معها ريحكم
وعرقكم وكدّكم وتكونن من الخاسرين ، وأنتم على رابياتها العشر .
لا تخشوا قيظ الصيف ، ولا رمل الصحراء ، ولا وحشة المكان والطريق ، فهذه كلها من
أسلحة الحاكم المهزوم بإذن الله القادر القدير .
إن اختلف منكما إثنان حول أمر ما – وهذا من طبيعة الثورات والثوار – فليبقَ الخلاف
بينكم وعلى أعتابكم ، بعيداً عن عسس الحاكم ، وعدساته الجائعة لخرابكم
ومايكروفوناته التي ستجعر ، حتى لو كان ثقل الخلاف ، من وزن الريشة .
أثثوا منذ الآن ، دكك الإعتصام ، وسوروها بما تيسر تحت الأيمان والأيسار ، من أدوات
المطاولة والصبر الجميل .
أقيموا بينكم ، غرف إعلام ودعاية وثقافة ، وحرب نفسية مأخوذة من ضلع العلم والدربة
والتجربة . إنصبوا لهم فخاخاً إعلامية ، مثلما هم يفعلون ، لكن إياكم أن يكون الفخّ
الذكي ، من الصنف الذي سيفقدكم أو يثلم من جرف مصداقيتكم ، بالتكرار وبالتراكم .
إن كانت مطالبكم عند عتبة العشرين ، وجاءكم رجل رسول مؤتمن واضح ، ليس بحلقه ماء
ولا تأتأة ، وفرش على طاولتكم ، ورقة موقعة مبصومة ، تحلف بتلبية تسعة عشر مطلباً
شرعياً مما أردتم واشتهيتم وخرجتم ، فإقبلوها ، لأن الحين الذي سيليها ، حتماً
سيكون حين انولاد الهدف العشرين .
لا تملّوا من القول ، إنّ خروجكم في عراء وصحراء الرمادي والموصل ، ومن معها من
مدائن ومنصات الحق ، هو أيضاً خروج من اجل الناس المظلومة المقهورة ، في صحارى
البصرة والسماوة والناصرية ، فهذا الأمر الحقيقي الذي زرعتموه دوماً بين الأضلع ،
إنما هو قوة القوى ، وحزام الظهر المبين .
لا تنسوا المدى السياسي الشريف لغضبتكم ، لأن الثائرين ، عمرهم ما خرجوا هادرين
صائحين ، من أجل ترس معدة فارغة . أنتم – والذين معكم من كل فجاج العراق الطاهر –
أهل فكرة بلاد حلوة جميلة طاهرة مكنوسة من كل غازٍ لئيم خبيث كذاب حرامي ، وأول هذا
النوع ، هم الغزاة الوحوش الأمريكان الذين جلبوا معهم ، كل حثالة ودونية الأرض
وفوائضها البشرية . ألأمريكان الذين إذا دخلوا بلدةً أفسدوها .
لتتراصّ خيامكم ، ولا تتفرق أوتادكم ، ولا تنقص أعمدتكم ، ولا تديروا وجوهكم لبعضكم
، ممن شطَّ وراوغ ولعب لعبة الغميضة ، بل جروه الى بطن الخيمة ، وقولوا له ، كلاماً
يرضي الله ويرضيه ويرضي الناس أجمعين ، حتى يعود الصف قوياً مسلحاً بقوة الفكرة ،
وطعم الكرامة الطيب .
ثمة من يريد منكم ، أن تبعدوا عن منصاتكم ومنابركم العالية ، رجال دين ، وشيوخ
عشائر ، وسياسيين ، ونواباً ووزراء ، وضيوفاً من الضواحي والمبتعدات ، بعذر أن
هؤلاء ، ربما استثمروا الدكة والمايكريفون والصورة ، من أجل مآرابهم ، وهذا أمر
مستل من باب القيل والقال ، وفيه القليل من الصح والكثير من الغلط . دعوا من يريد
أن يقول قولته في الواقعة ، فإن أعجبتكم ، فصفقوا له وحيّوه ، وإن كانت خطبته ،
لغوة فارغة ، أو معلقة مدسوسة ، فصيحوا به أن انزل يا هذا ، واكفنا شرّك وشر حرفك
مدفوع الثمن . أنزلوه ، لكن ليس بالقنادر التي ستحسب عليكم ، ولو كنتم من الصادقين
المقهورين .
حماكم الله الجليل الجبار العظيم الرحمن الرحيم الملك القدوس العليم ، فمن جعل جنود
أمريكا القذرة ، وجندياتها المنتهكات ، يمنحون ظهورهم ، ويهربون بليل من البلاد ،
سيكون قادراً على على جعل الحاكم المعاند بعقله ، وبستر وساتر الغزاة ، يتراجع
ويصحو ، ويعلم أن واقعة سجن امرأة مظلومة عفيفة بطلة ، عندما تصرخ ، فإن كل ثائر
منكم ، سيسمع في صحوه وفي منامه ، أو في وسن ما بين الإثنين : وا معتصماه ، أنا
أُختكْ .