شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

قبل ارتكاب المجزرة الوحشية في (الحويجة)، كان "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس الإيراني قد زار بغداد واجتمع بـ "نوري المالكي" رئيس الوزراء الصفوي، وهادي العامري مسئول مليشيات (بدر) الإيرانية , و "علي الأديب" وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وهو إيراني الأصل والانتماء، وبحضور السفير الإيراني المعتمد في بغداد .. والاجتماع تم في دار "إبراهيم إشيقر الجعفري" .. انصب الحديث فيه على زيادة ما أسماه قاسمي (فعاليات نشاط جيش القدس من أجل مساعدة الحكومة العراقية على تحجيم الاحتجاجات السلمية والعمل على قمعها بالقوة).!!

 

جاء هذا الاجتماع بعد أن تأكدت طهران وبغداد بأن الشعب العراقي لن يتراجع عن حقوقه الوطنية ولا ينثني أمام ضغوط وقمع السلطة الصفوية، عندها تحول قرار طهران إلى اقتحام مركز الاعتصام في الحويجة ، حيث بدأت مليشيات (سوات) المدربة أمريكياً على جرائم الإبادة الجماعية ، على غرار قوات الـتدخل السريع (أر دي أف)، بوضع اعتصام الـ "حويجة" هدفاً لاقتحامها بالقوة .

 

وعلى أساس هذا التخطيط، أخذت "التقية" الإيراني والحاكم الصفوي في بغداد يتوجسان خيفة من استمرار الاعتصامات في ساحات الغيرة والكرامة واتساعها، في الوقت الذي تبذل طهران جهود مضنية لدعم النظام الدموي في دمشق عبر العراق، الذي تشهد جهات الحدود العراقية- السورية احتقاناً وتوتراً شديداً أثر على قرار "علي خامنئي" الخاص بدعم النظام في دمشق بالسلاح والأموال وعناصر الحرس الإيراني وعناصر مليشيات العراق الطائفية .

 

وفي إطار التقية المكشوفة يقول المالكي، (لن نسمح بالتجاوز على كرامة أي مواطن من قبل الأجهزة الأمنية) .. وهو طبعاً لا يستحي من هذا القول، والسجون العلنية والسرية تغص بالسجينات المعتقلات ومنهن من اغتصبن، وبالمعتقلين الذين يعذبون بأبشع وسائل التعذيب وحشية لحد الموت، فيما ترتكب مليشياته المجازر على نطاق واسع في عمليات التطهير الطائفي والعرقي، فضلاً عن سياسة الإقصاء والتهميش لقوى الشعب العراقي الوطنية المناهضة للظلم والاحتلال.

 

ولم ينس "المالكي" الذي يصفه شعب العراق بالكذاب، لم ينس (القوانة المشروخة)، البعث والقاعدة هما اللذان يقفان وراء إشعال نيران الفتنة الطائفية .. ومقولته هذه تخلو من الحياء، لأنه ساقط سياسياً وأخلاقياً ومبتذل، وكأنه لم يعطِ أوامره لقوات (سوات)، التي تدربت في أمريكا لاقتحام مركز الاعتصام الشعبي المسالم وتنفيذ المجزرة في "الحويجة" .

 

أما لماذا استخدم هذه القوات بالذات، فأن الأمر يتعلق بعدم ثقته بعموم قواته المسلحة، على الرغم من سياسة الدمج المليشياوية، التي باشر بها (حزب الدعوة) و(فيلق بدر) و (جيش المهدي) وغيرهم من الطائفيين، كما أن ما أسفرت عنه الأيام القليلة الماضية منذ المجزرة بتاريخ 23/4 ولحد الآن ، هروب العديد من عناصر الجيش وقوات الشرطة وانضمامهم إلى مراكز الاعتصام الشعبية الوطنية وتسليم أسلحتهم للثوار المقاومين للظلم والطغيان والنجاة بأرواحهم، فيما لآذ الآخرون من عناصر السيطرات بالفرار ، وتركوا مقراتهم وحراساتهم ومقرات مفرزاتهم .

 

ماذا يعني ذلك ؟ .. إن جيش المالكي الصفوي لم يكن جيشاً مهنياً مبني على قاعدة التكوين الخاصة بالبناء والعقيدة القتالية للجيوش النظامية القائمة على صنوف المهمات القتالية المتعارف عليها، إنما عناصره مليشيات طائفية عاشت وترعرعت في إيران، وعادت خلف الدبابات الأمريكية بعلم إيران، إلى العراق لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الإدارة الأمريكية وسلطة ولآية الفقيه، من قتل وسلب وتدمير وسرقة ممتلكات الدولة ومنشأتها ومصانعها وأجهزتها ومعداتها الثقيلة، ومنها على وجه التحديد معامل التصنيع العسكري ومشاريعها العملاقة، فضلاً عن العبث بأمن البلاد والبشر.. أما مدى ارتباطها بأرض العراق وشعب العراق ومستقبله ومستقبل أجياله، والحرص على أن يكون العراق قوياً ومهاباً وموحداً أرضاً وشعباً .. هذا لم يكن في تفكير أي عنصر صفوي على الإطلاق، لماذا ؟ ، لأن إيران وأمريكا والكيان الصهيوني جميعهم يريدون أن يكون العراق ضعيفاً ومنهكاً لكي تستطيع إيران أن تتوسع ، وتستطيع (إسرائيل) أن تتوسع ، وتستطيع أمريكا أن تفرض هيمنتها بالقوة على المنطقة برمتها .

 

الأحداث في العراق وخلال الأيام القليلة الماضية أفرزت حالة وطنية تمثلت بـ(ترك ضباط برتب مختلفة وجنود مواضعهم وأسلحتهم وامتنعوا عن تنفيذ الأوامر التي صدرت إليهم بمواجهة العشائر العراقية الثائرة).

 

والواضح أن المالكي، كما هو شأن أسياده في طهران، يصدر أزماته إلى من حوله ليمد بعمره التسلطي، فهو لا يستطيع أن يكون طبيعياً بدون أزمات، وتأتي مجزرة (الحويجة) التي ارتكبها المالكي لتغطي على فشله الانتخابي، اعتقاداً منه قدرته على خلط الأوراق ليكسب الوقت في مراوغة خبيثة هي منهج صفوي معروف يتسم بالدجل والكذب والخداع.. كما أنه كان يعتقد بأن (الحويجة) هي الحلقة الأضعف في صراعه مع الشعب لكي يعطي درساً إلى الأنبار وديالى وصلاح الدين وغيرها من المدن الثائرة .. بيد أن هذا التقدير قد أرعب القيادة السياسية والعسكرية للسلطة الصفوية ، التي لم تتوقع ردود فعل هذه الحلقة الذي كان كبيراً، أشبه ببرميل بارود سرعان ما اتسعت نيرانه ، فهربت أمامه الهمرات والدبابات ، فيما ترددت قطعان أخرى خوفاً من مصيرها الأسود.

 

خلية الأزمة التي شكلها المالكي قد اجتمعت يوم 22- ابريل- نيسان 2013 حضرها ( سعدون الدليمي) وزير الدفاع وكالة، و(عبود قنبر) و (وعلي غيدان) و (زهير الغرباوي) و (فاروق الأعرجي)، واتخذت قراراً يقضي باقتحام ساحة اعتصام (الحويجة) أولاً ومن ثم صلاح الدين ثم سامراء فالموصل وصولاً إلى الفلوجه .. وقد وافق نوري المالكي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة على القرار.

 

ثم تلاه اجتماع (تحليلي) في اليوم ذاته حضره الفريق أول الركن علي غيدان مجيد العتبي- قائد القوة البرية) و (العميد الركن محمد أحمد خلف يوسف الكروي- آمر لواء 47 الفرقة 12) و ( العميد الركن محمد الجبوري- آمر فوج طوارئ ديالى) و (العميد الركن راغب راضي عباس العميري- آمر لواء الشرطة الاتحادية في ديالى) و (العقيد الركن عبد الحليم عباس كعيد الشمري- آمر فوج العمليات الخاصة في ديالى) و (المقدم أنور صالح مهدي عبد الله الشمري- آمر قوات (سوات) في ديالى) .

 

ويبدو ، أن أصابع الاتهام ، في مغالطة فاضحة يجب الانتباه إليها ، موجهة نحو العسكريين فقط، وذلك في محاولة فاضحة لإخراج ( نوري المالكي ) والعملية السياسية البائسة من المسئولية الكارثية للمجزرة .. وهذا يؤكد أن اقتحام الحويجة وتنفيذ المجزرة جاء وفق خطة معدة مسبقاً للقيام بهذا الهجوم الدموي المدبر.. فلن تنطلي محاولات الخداع والتنصل من المسئولية وحصرها بالعسكريين .. فالجريمة شنيعة بكل المقاييس، ويجب أن يحاسب عليها النظام السياسي وفي مقدمته (نوري المالكي) رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة أمام المحاكم الدولية باعتباره مجرم حرب، ولا تنازل عن أي قطرة دم سفكت على أرض العراق الطاهرة.

 

 





السبت ١٦ جمادي الثانية ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / نيســان / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة