شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

 إن أي سقوط وراءه أسباب قد تكون بارزة أو مخفية قد تظهر بعد حين .. وقد يكون هنالك سبباً أساسياً وقوياً وحاداً يدفع إلى السقطة .. فلماذا سقط مرسي ؟ ولماذا سقطت فضائية الجزيرة ؟ ولماذا سقط رئيس تحرير القدس العربي ؟ ولماذا سقط المؤتمر القومي العربي ؟ ولماذا سقط حسن نصر الله ؟!

 

أولاً - سقوط " مرسي " لأسباب كثيرة، ولكن المهم منها :

1-  فاوض (إسرائيل) في خضم الحرب على غزة ، وقدم ضماناً للكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار، الأمر الذي هدد الأمن القومي المصري باعتبارها طرفاً في حرب لم تستعد لها، في حالة خرق "حماس" لتعهد مصر بوقف إطلاق النار .. وهذا ما وضعه الجيش المصري في حساباته .

 

2-  حين دفعت (إسرائيل) الحكومة الأثيوبية للعبث بحصة مصر في مياه النيل، وذلك بإنشاء سد مياه عملاق، وهو الأمر الذي يهدد الأمن القومي المصري بالصميم .. أعلن "مرسي" ، بدلاً من فتح باب الحوار السياسي والدبلوماسي مع الحكومة الأثيوبية ، (أن من المحتمل القيام بعمل عسكري) .!!

 

3-  مصر لم تشهد استقطاباً طائفياً في ساحتها وبين جماهير شعبها من قبل.. وبمجيء الأخوان المسلمين ، كان لـ"مرسي" وجماعته ومرشده الأممي  الدور الخطير في محور الاستقطاب الطائفي في مصر.

 

4-  توجه "مرسي" نحو إيران في وقت تعاني المنطقة العربية برمتها من التدخل الإيراني الصفوي السافر في شؤونها، وخاصة في العراق وسوريا ولبنان والبحرين .. فيما فتح صفحة سياسية وسياحية (دينية) مع الدولة الصفوية، التي تستخدم الطائفية أداة في توسعها ، وكاد أن يقبل بعروضها الخبيثة إدارة المراقد المقدسة في مصر مقابل المال والسياحة الدينية المكثفة .!!

 

5-  أعلن "مرسي" قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، وحرض على التدخل السافر في شؤونها، في الوقت الذي تشكل فيه سوريا كدولة وليس كنظام سياسي، أحد أعمدة الأمن القومي المصري إستراتيجياً، شأنها شأن السودان والخليج العربي.!!

 

6-  أخل " مرسي " واخوانه في اخطر ما يلامس حسابات (الجيو- إستراتيجية)، وهي أن مصر تعتبر همزة الوصل بين جناحي الوطن العربي والعالم الإسلامي ، الآسيوي والأفريقي، ومهمتها الريادية، عبر التاريخ، التوازن وإرساء الاستقرار الإقليمي .

 

7-  تخبط "مرسي" وجماعته في إدارة شؤون مصر الخارجية والداخلية سياسياً وإعلامياً وقضائياً واقتصادياً واجتماعياً، الأمر الذي أربك الدولة المصرية، التي لها ثقلها الكبير عبر التاريخ في حركة الأمة العربية.

 

8-  احتكر "مرسي" وجماعته السلطة السياسية و (غَوَلَ) السلطة التنفيذية على باقي السلطات، وحطم فواصل الاستقلال الكائنة بين السلطات، التنفيذية والقضائية والتشريعية .. وقام بـ ( أخونة ) مؤسسات الدولة المصرية .!!

 

9-  فشل "مرسي" والأخوان المسلمين في الخروج من عقلية المعارضة وذهنية  العنف والسجون والمظلومية، ومن ذهنية خلافة الله على الأرض.

 

10- فشل " مرسي" وجماعته في سياساته، التي ترمي إلى بناء (دولة دينية)، لا يريدها الشعب المصري، حيث يخضع فيها المواطن لسلطة مركزية تسيطر على نمط حياته العصرية، كما لا تستسيغها دول المنطقة .

 

ثانيا ً- سقوط فضائية الجزيرة :

1-   لأسباب ليس الآن، إنما منذ ما يسمى بالربيع العربي، وذلك لانحيازها إلى شريحة دون أخرى بشكل واضح، وخاصة في قمة الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة المصرية، الأمر الذي أدى إلى عزلها في مصر ومنع عناصرها الإعلامية من الحركة، وعزوف قطاع واسع من الشعب العربي عن متابعاتها .

 

2-  هذا الانحياز الذي اتسع وبات مصدر اتهام عربي مباشر دفع بعناصرها في داخلها إلى الاستقالة، الواحد يلوي الآخر، الأمر الذي أعلن عن وفاتها سريرياً على الساحة العربية.

 

3-  انحيازها الإعلامي الفاضح في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا، قد عزز القناعات العربية بأن هذه الفضائية تضخم ساحة وتقزم ساحة وتهمل ساحة وتصمت حيالها كصمت القبور، وخاصة ما يحدث في ساحة العراق من أحداث جسام لا توازيها أحداث مروعة في ساحات العالم كله، الأمر الذي جعلها في موقف ضعيف وغير مهني لا يستند إلى حقائق الواقع الموضوعي الذي يعيشه الشعب العراقي بشكل خاص، والشعب العربي بصورة عامة.

 

4-  هرولة هذه الفضائية صوب أعمدة الإرهاب في تل أبيب، وتعاطيها مع سياساتها الإعلامية وبحوثها ودراساتها الاستقصائية، وغيرها دون أي اعتبار لمشاعر الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، الذي له موقف حيال الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين، والعبث بالمنطقة وأمنها القومي العربي.

 

ثالثاً - سقوط رئيس تحرير صحيفة القدس العربي :

 

1-  انحيازه ( المتخفي ) لإيران، على الرغم من توجهاته العربية وانغماسه في الشأن العربي يومياً وبشكل عام، وتركيزه الواضح على أوضاع المنطقة.

 

2-  تركيز معظم جهده على تنبيه النظام الصفوي الإيراني من حشدٍ وحربٍ ضدها يعتقد بأنها باتت وشيكة.!!

 

3-  محاولاته التوازن بين ثورة الشعب السوري وبين نظامها الدموي المدعوم من إيران، إلا أن المراقب يرى محصلة هذا التوازن تميل بوضوح إلى دعم النظام السياسي في دمشق لسواد عيون طهران.!!

 

4-  حاول تغطية الأحداث في المنطقة ببراعة الكاتب القدير، ولكنه لم يكن عادلاً ولا منصفاً حيال ما يحدث في البحرين وحيال ما يحدث في العراق منذ عام 2003 ولحد خروجه من دائرة التحرير، وهو الفلسطيني الذي يعرف مواقف العراق المبدئية تجاه القضية الفلسطينية وشعب فلسطين العربي، إذ يتغاضى في صحيفته عن تناول جرائم الأحزاب الطائفية الصفوية الحاكمة في العراق، وإذا ما تناولت صحيفته أحياناً جرائم الاحتلال الأمريكي نجده يتحفظ على الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها زمر (المالكي) وأجواء الإرهاب التي تثيرها هذه العصابات بين صفوف الشعب العراقي عن طريق التفجيرات اليومية والاعتقالات والمداهمات والإعدامات بالجملة.. وكل ذلك الصمت الذي يبديه لسواد عيون طهران.!!

 

5-  لم يعر أهمية موضوعية إزاء الانتفاضة المليونية لشعب العراق وحاول تقزيمها والمرور عليها إخبارياً بشكل عابر، في الوقت الذي ترتكب فيه السلطات الصفوية الحاكمة أبشع الجرائم بحق هذه الانتفاضة ممثلة بجرائم ( الحويجة وديالى والموصل وكركوك وطوزخرماتو والرحمانية وبغداد والكثير من الجرائم التي طالت محافظات الجنوب)، أما السجون العلنية والسرية وما يعانيه السجناء والمعتقلين والمحكومين من تعذيب وحشي واغتصاب النساء والرجال على حد سواء.. فلم تحرك ضمير رئيس التحرير العربي ليرمي بثقله وصحيفته ويكون منصفاً للحقيقة وللتاريخ .. وكل ذلك يجري، لأن من يرتكب هذه الجرائم هم من أتباع إيران.!!

 

6-  يكتب عن العراق ومواقفه قبل الاحتلال ويحاول أن يكون موضوعياً، ولكنه في النهاية (يفلش) ما كتبه حين يصل الأمر إلى القيادة الوطنية للعراق، ولا يغادر توصيف قائد العراق بالديكتاتور، ويتغاضى عن حقيقة أن الديكتاتور كان ضد المجرمين المتآمرين من أتباع إيران ، وضد كل عميل وجاسوس، وكل من يحاول أن يمس بأمن العراق والعراقيين والعرب.

 

كنا نتمسك بشعرة معاوية، وما نزال، على أساس عروبته واهتمام الصحيفة بمجريات العرب، ومن دواعي الحكمة السياسية زيادة الأصدقاء والمناصرين لقضايانا وعدم زيادة أعدائنا والعمل على تحييد البعض منهم على الطريق هو أفضل من خلق أعداء جدد ، ومحاكاته بطريقة تشجعه على قول الحق لكون القدس العربي كان لها انتشارها على مستوى الوطن العربي .

 

لم تكن القدس العربي مشروعاً تجارياً ولا استثمارياً، وإنما سياسياً .. فقد كانت ومنذ العقد الماضي تعيش إفتراقات في مواقفها السياسية المعينة والمحددة .. فقد قال أحد محرريها " إن عبد الباري عطوان رئيس التحرير لم يعد قادراً على أن يتواءم مع المتغيرات العاصفة التي طرأت على الوطن العربي " .. إلا أن هذا القول يظل تبريراً ، لأن الصحفي، لا يتجاهل المتغيرات بل يتابعها ويراقبها ولا يهرب منها ؟! .. إنه الموقف المؤيد لإيران لا غير، حيث كان "عطوان" يسبح ضد التيار ويجاري  إيران  حتى فقد قدراته على مجارات عدو العرب وعدو الإسلام فسقط .!!

 

رابعاً- سقوط " حسن نصر الله " :

1-  حين سرق (المقاومة الوطنية اللبنانية)، وقام بتجييرها طائفياً لحساب دولة أجنبية هي (إيران) الصفوية .

 

2-  سقط حين أدركت الجماهير العربية والإسلامية أن (حزب الله) اللبناني هو أداة من أدوات السياسة الخارجية الإيرانية.

 

3-  سقط حين بات معزولاً عن الحركة الوطنية اللبنانية لتبعيته الأيديولوجية والعسكرية- المليشية لإيران .

 

4-  سقط حين تقاطع نهجه مع الواقع الوطني اللبناني وحقيقة الدولة اللبنانية.

 

5-  سقط  حين قَبِلَ بتمويل إيراني بصورة رسمية خلافاً لقواعد التعامل الثنائي الرسمي بين لبنان وإيران.

 

6-  سقط حين مارس سلوكاً سياسياً وعسكرياً أكبر من حجمه داخل الدولة اللبنانية وخارجها.

 

7-  سقط لتدخله العسكري (المليشياوي) المسلح السافر ضد الشعب السوري، دفاعاً عن نظام دمشق الموالي لإيران، وحسب توجيهات ولي الفقيه الصفوي المرشد " علي خامنئي " .

 

8-  سقط لأن العالم، وفي مقدمته العربي والإسلامي، قد أدرك طائفية هذا الحزب لحد نخاع العظم، كما يقال، وارتباطه العضوي بإيران، التي تتبع نهجاً طائفياً توسعياً على حساب العرب والدين الإسلامي الحنيف .

 

خامساً- سقوط " المؤتمر القومي العربي " :

 

1-  انحرافه عن النهج القومي العربي لغايات ومرامي لا تخدم القضية القومية العربية، ولا تلبي طموح الجماهير الثائرة في عموم ساحات الأمة العربية.

 

2-  انحيازه في أطروحاته وبياناته لحساب السياسة الإستراتيجية الإيرانية وبالضد من أهداف الأمة العربية .

 

3-  عدم انسجامه وتطابقه مع الحقائق، التي تجري على الأرض في المنطقة، ومحاولاته تضليل الجماهير بتفسيرات غامضة ومبهمة تصب في مصلحة الدولة الإيرانية الصفوية.

 

4-  لم يتبن منهجاً تعبوياً مقاوماً حقيقياً يدعم من خلاله جماهير الأمة العربية ونشاطاتها السياسية والإعلامية المقاوم للظلم السلطوي وللاحتلال، وإهماله الكامل للمقاومة الوطنية العراقية، التي قصمت ظهر الاحتلال الأمريكي وتطارد أذنابه وعملاءه من الصفويين .. ومواقفه هذه هي لحساب إيران .

 

5-  سقط المؤتمر لأنه حاول أن يفرض رؤاه السياسية والإستراتيجية المنحرفة عن حقائق الواقع الجيو- إستراتيجي للأمة وصراعها من أعدائها التاريخيين، وذلك باستثنائه إيران كعدو تاريخي يمارس منهجاً خطيراً يفتت فيه مكونات المجتمع العربي ويمزق الإسلام الحنيف ويقسم العباد والبلاد .

 

السقطات هذه .. كانت متوقعة، وقد أشرنا إليها في مقالات سابقة قبل فترة ليست بالقصيرة ، لأن أي انحراف عن الحقيقة الموضوعية، وأي انحراف عن الواقع وإرهاصاته الواقعية، وأي انحراف عن ما يريده الشعب العربي والإسلامي، لا يستقيم مهما كانت السياسات والسيناريوهات جاهزة .. والسقوط لا يقف عند هذا الحد، إنما سيستمر تدريجياً حتى بيت الأفعى في طهران وقم , لأن ظاهرة ( الإسلام السياسي ) التي بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، ومنذ صعود "خميني" إلى السلطة عام 1979، وصعود الجماعات الإسلاموية ، قد استهلكت فسقطت سقوطاً مدوياً في مركز الثقل مصر العروبة .. وعلينا أن نحسب كم هي قوية ترددات هذه السقطة.؟!

 

 

 





الجمعة ٣ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة