شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

يكتب البعض، وتبدو كتاباتهم في محصلاتها وكأنها تضع مصر بين خيارين، إما "مرسي" وإخوانه، وإما "مبارك" وفلوله .. ويهملون الشعب المصري وقواه الثورية الفاعلة، ويتذرعون بعدد قليل من الشخصيات والرموز على ظهورهم في واجهة الأحداث مثل : البرادعي وعمرو موسى وغيرهم من الرهط الفاسد والعميل، الذي كان يتربع قمة العمل السياسي في نظام مبارك البائد..!!

 

لا أحد يستطيع أن يضع مصر الثورة أو الثورة المصرية بين هذين الخيارين، لأن مصر التي ثارت على الفساد والعمالة، هي ذاتها ثارت على الانحراف عن نهج مصر القومي الإسلامي الحنيف، وثورتها هذه هي في حقيقتها " ثورة في الثورة" وستستمر ولا خوف عليها  من الجيش المصري الوطني الذي أخذ على عاتقه حماية الأمن القومي المصري من عبث العابثين، وحماية الشعب المصري من الانزلاق والتدهور صوب الحرب العبثية، والشعب المصري يدرك عدداً من المحصلات تقع في مقدمتها أن حرباً أهلية لن تقع ، وإن الديمقراطية ليست صناديق الاقتراع فحسب إنما الديمقراطية هي أسلوب حياة وسلوك حضاري ونهج ثوري يقوم على الحوار ويرفض إقصاء الآخر أو تكفيره .. وإن مصر تظل عربية ولا أحد يستطيع أن يبعدها عن حضن الأمة العربية أبداً لا إيران ونهجها الطائفي ولا ( إسرائيل ) وأساليبها العنصرية القائمة على الابتزاز السياسي والأمني، ولا أمريكا التي لا تفكر بغير مصالحها الإمبريالية ومصالح كيانها الصهيوني في تل أبيب.!!

 

ثورة مصر جاءت نتيجة لتراكم عوامل تاريخية أفرزت عناصر الثورة فاقتلعت نظاماً سياسياً عميلاً وفاسداً .. هذا النظام ومهما حاولت عناصره العميلة والفاسدة لن تستطع إرجاع عجلة الثورة إلى الوراء .. وإذا ما استطاعت أمريكا أن تضغط وتركب الموجة وتدفع بتيار سياسي يتبرقع بالدين الإسلامي في أوساط شعبية مؤمنة وبسيطة لا تفقه شيئاً بباطن ما يضمره الإخوان المسلمين من نيات الانحراف بمنهج الأمة المصرية خارج عروبتها وقوميتها باسم التشريع السياسي وفلسفة "حسن البنا" التي سيَسَتْ الدين ووضعته فوق الهوية القومية العربية ودفعت به نحو علاقات متخبطة مشبوهة لا تتوانى في سبيل التمسك بالحكم التعامل مع أعداء الأمة العربية وسلوك طريق لا يمت بالثورة بصلة إطلاقاً .. فقد تعامل الأخوان المسلمون مع جهاز المخابرات البريطانية الخارجية ( M16 ) منذ عام 1942 حين بدأت لندن بتمويلهم بهدف التصادم مع القومية العربية والاتجاه العربي .. ولا ننسى ما قاله  "أنتوني إيدن" رئيس الوزراء البريطاني لوزير خارجيته قبل تأميم قناة السويس ( إنه يريد اغتيال جمال عبد الناصر ) ، وتمت عندها مناقشة الخطط لتنفيذ الهدف بين إخوان مصر والجهاز البريطاني سيء الصيت – هذا ما قاله الكاتب البريطاني " كيم سينغوبتا" في مقال له يوم 21 / آب / 2013 في صحيفة الـ ( إندبندنت ) البريطانية – فيما دفعت المخابرات الأمريكية ( CIA ) مبلغ ( 50 ) مليون دولار لإنجاح محمد مرسي لرئاسة مصر، ولم يتوان الأخوان المسلمون عن بيع جزء من أراضي سيناء إلى أمريكا باتفاق سري قبل وصول الأخوان إلى الرئاسة، لإسكان فلسطينيي غزة مقابل ( 8 ) مليارات دولار.!!

 

الثورة ، لها مفهوم واضح ودقيق .. ليست جمهرة الناس وتكدسها لأيام وأسابيع وشهور في الساحات العامة فحسب ، إنما هي حشود ثورة تمثل بداية الفعل الثوري نحو إرساء دعائم منهج التغيير في بنية المجتمع وتحويل هذه البنية من حالة نوعية إلى حالة نوعية أخرى متساوية ومتجانسة ومترابطة بين السياسة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقيم الإنسانية، بدون أي تجاوز على قاعدة التوازن بين الإمكانات والقدرات وبين طبيعة الواقع المعاش وكيفية التعاطي معه تفصيلياً .. والثورة هذه وهي في طريق تحولاتها لا تعتمد التجريبية إنما تعتمد على التخطيط المتوازن والمترابط بين واقع السياسة الداخلية والخارجية وواقع الاقتصاد والاجتماع والثقافة والأمن والإستراتيجية .

 

فمعالجة حالة، لا يجب أن تكون منفصلة عن حالة أخرى أو حالات، وإن أي إخفاق في موقع يتسبب إخفاقات في مواقع أخرى .. وتلك مسألة تتعاطاها الثورات وتتمسك بها عناصر التخطيط الثوري المتجانس للثورة .

 

وإذا ما تراكمت الإخفاقات في حقول التحولات لأسباب قد تكون ذاتية أو موضوعية، فأن واقع الثورة ينتج ثورة ذاتية تصحيحية تضع الأمور في نصابها الصحيح، كما يحصل الآن ثورة في الثورة المصرية .!!

 

 





الخميس ٢٢ شــوال ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة