بغدادُ تومضُ في آفاقنا شهُبـــــــــا
وهي التي طوقتـْنا في الهوى ذهبا
وهي التي علمتـْنا من محبتهــــــــا
حرفا ً أضأنا به الأوراقَ والكتـُبــــا
وهي التي أشرقتْ شمسا ً بكوكبنـــا
وجاوزتْ في سناها الأفقَ والحُجُبا
ورغمَ ما انتابَها من ظلم ِ حاسدِهــــا
فقد تسامتْ على ظلم ِ الغزاةِ إبــــــا
وقد مشتْ مثلَ رمح ٍ في شوارعِهــــا
لتمسحَ الليلَ والآلامَ والكربــــــــــا
ولم يجدْ أيُّ وغدٍَ جاءَ يظلمُهـــــــــــا
إلا المذلة َ والبهتانَ والهَرَبـــــــــــــــا
ونازعتـْها يرابيعٌ على دمِهــــــــــــــا
وأشعلتْ في ثراها النارَ واللهبــــــــا
فأمطرتـْهم سعيرا ً من منائرهـــــــــا
لتكشفَ الحقدَ والتزييفَ والكذِبــــــــا
وعبرَ عشرٍ عجيبات حوالكُهــــــــــــا
كانت تـُري الغدر من أفعالِها العَجَبــــا
بغداد نفحة ُ أهلي في خصائلهــــــــــــم
وبارقُ السيف ِ لو أنَّ الزمــــانَ نبــــــا
هي العصية ُ لم تمنحْ لغاصبِهــــــــــــا
كفــا ً إذا جاءَها يبغي لها الرِّيـَبـــــــا
نذودُ عنها إذا ما انتابَــــــــها وصبٌ
وبالسيوفُ نزيلُ الحزنَ والوَصَبــــا
بغدادُ دجلتنا في كلِّ فتنتِهــــــــــــــا
وأرجوانُ الهوى يأتيكَ ُمنسربـــــــا
قبلتـُها ذاتَ يوم ٍ من جدائلِهــــــــــــا
فأمطرتني رحيقـــا ً رائقا ً عَذِبـــــا
ورحتُ أركضُ في الحارات منتشيا ً
وأملأ الأفقَ في أرجائِها طرَبــــــــا
غنيتُ غنيتُ حتى صرتُ من فرح ٍ
أقبلُ الأرضَ والجدرانَ والقببــــــا
وصرتُ أبكي لفرط الحبِّ مرتعدا ً
من شدةِ العشق ِ أطوي أفقـَها الرَّحِبا
فأشبعتـْني عناقا ً كانَ معزفـُـــــــــهُ
يسري بقلبي فأحيا الروحَ والعَصَبـا
وقد تذكرتُ كمْ كانتْ تدثرُنــــــــي
وكم هَـمَتْ كأريج ٍ كان مُنسكبــــا
على ثيابي أعادتنـــي إلى فلــــك ٍ
فيه ِ الفؤادُ تجلـّى حدَّ أنْ تعبـــــا
عِشقا ً لفتنتِها ، شوقـــا ً لطلعتها
كأي طفل ٍ بمسرى ركبتيهِ حَبــا