لم تكن روائح الوضع في العراق، منذ عام 2003 وهو زمن الاحتلال وزمن الطغمة التي تتربع على قمة القمامة في العراق، روائح عبقة إنما هي في حقيقتها مقززة تنفر منها حتى الوحوش والكواسر التي تعيش على الجيف.!!   وحين فاحت لتعم أرجاء العراق وتنتشر على العالم، لم يعد بمقدور أحد تغطيتها أبداً .. ولكن الكشف عنها بصيغة استبيانية رسمية وبالأرقام ، على الرغم من كونها لا تمثل غير قمة جبل الجليد العائم فأن غاطس الأرقام المخيف ما يزال قابعاً في الوثائق والملفات والسيديات ولدى الشهود ،  له مواقيته وحساباته .. إلخ .   ولكن السؤال .. لماذا عمدت ( هيئة النزاهة ) الآن على إخراج هذه الإحصائيات وقبل الإنتخابات المزعومة؟ هل تريد أن تقول أن نظام المنطقة الخضراء بريء من هذه الإنتهاكات؟ وهل تريد أن تبرأ ذمتها والحكومة الفاسدة من محاسبة الشعب؟ ثم لماذا لم تسمِ المجرمين من الوزراء والوكلاء والسفراء والمدراء العامون والسياسيون والخبراء والحاشية وغيرهم، الذين هربو أكثر بكثير من ( تريليون واربعة عشر مليون دولار ) ؟!   ولكن أيضاً .. لم يرَ الشعب العراقي ، الوزراء المختلسون وعددهم ( 13 ) وزيراً وراء قضبان السجن .. ولا النواب المختلسون وعددهم ( 77 ) نائباً .. ولا السفراء المختلسون وعددهم ( 14 ) سفيراً .. ولا المدراء العامون المختلسون وعددهم ( 73 ) مديراً .. مع العرض أن هذه الأعداد لا تشكل على مدار السنين العشر سوى 1% من عدد الذين سرقوا اموال الشعب العراقي ، وزوروا شهاداتهم ، ولو تم حالياً مطالبة السفراء والوزراء والنواب والقضاة والمدراء العامون وغيرهم الكثير بشهاداتهم لما تبقى أحد منهم على رأس عمله، لا في سفارة ولا في وزارة ولا في برلمان ولا في دائرة أو منشأة حكومية ، إذا كان على رأس السلطة شريف واحد ويخاف الله.!!   على أي حال .. الروائح الكريهة تفوح .. والتأكيد عليها رسمياً له غايات واهداف ، ومن اهداف نشر هذه الأرقام هي الدعاية الإنتخابية، والإيهام بالحرص على أموال الشعب ضد الفساد والمفسدين.. ولكن هذا الأمر ينطوي على مخاتلة مفضوحة تماماً ، لأن لا أحد ظهر اسمه علناً وذهب إلى السجن ، ولكن أسماء اللصوص يعرفهم الشعب .. أما الروائح النتنة فما تزال تفوح لحد التقيؤ .!!