شبكة ذي قار
عـاجـل










1-  لا يمتلك " المالكي " بعداً ذهنياً منطقياً لما يحدث ولا حتى تصور، وهو بالمقابل يرسم في مخيلته المأزومة بالدم والإرهاب والعنف سيناريو، يخيل إليه أنه قادر على أن يحشد خلفه مناطق الجنوب ( الشيعة ) ضد مناطق الوسط والشمال ( السنة ) .. وهو سيناريو طائفي، عملت عليه أمريكا وإيران معاً منذ عام 2003 ، اعتقاداً منه بأن هذا الأسلوب يحميه ويحمي مصالح أسياده الأمريكيين والإيرانيين من الشعب الذي يعاني منذ احد عشر عاماً من الذل والبؤس وهدر الكرامة الإنسانية على يديه وبدعم أمريكي إيراني واضح ومكشوف للجميع.

 

وقد استخدم هذا المأزوم عدداً من السيناريوهات المستنسخة عن الأصل الذي رسمته إيران للوضع في سوريا لكي يجد طريقه للتطبيق في العراق، مثل سيناريو ( الإرهاب ) و ( داعش ) والآن سيناريو جديد أسماه ( حرب المياه لتعطيش محافظات الجنوب وبغداد واغراقها وتدمير ممتلكات المواطنين ومزارعهم ) .. ومن هنا ينبغي أن نتوقف عند بعض الملاحظات التي تكشف مثل هذه السيناريوهات البائسة :

 

أولاً- ليس هناك من ( داعش ) في المناطق الثائرة، وإذا ما وجد بعض عناصرها فهم من صنع النظام السوري، وعلاماتها الشعارات واللآفتات السوداء، وهي من السهولة فبركتها إعلامياً، كما هو إعلام قطع الرؤوس وسلقها في القدور .. حيث تتم عملية محاربة هذه ( الداعش ) في ضوء سيناريو الحرب على الإرهاب، ولغرض سياسي- استراتيجي إختراق قوى الثورة وتدميرها، سواء كانت في سوريا أو في العراق.

 

ثانياً- يركز النظام الصفوي في بغداد على ( داعش ) وكأن الثورة وقواها الوطنية لا وجود لها على أرض الواقع .. وتلك مخادعة سياسية- اعلامية فاضحة .. إذ ان قوى الثورة الوطنية تعمل ضد الاحتلال ومخلفاته الإيرانية منذ عام 2003 .. ثم من مرغ أنف الإحتلال بوحل العراق واغرقه بمستنقعه.؟!

 

ثالثاً- اعلان "المالكي" المأزوم بالدم والتمييز الطائفي والعرقي سيناريو ( غلق داعش لمياه سدة النعيمية ) .. هذا السيناريو يأتي في ظل عجز جيش المليشيات وقوى الأمن الصفوية ومعاونوهم من المرتزقة على تحقيق نتائج جدية على الأرض .. بل على العكس فأن "المالكي" قد وضع نفسه في مأزق أمام العشائر العربية الأصيلة في الجنوب، حين زج بأبنائهم في حرب غير ضرورية وخاسرة مع الشعب العراقي، الأمر الذي أسفر، نتيجة تصرفاته الطائفية وسلوكه المأزوم، عن مقتل المئات من المواطنين الأبرياء، حيث استثمر مقتلهم في التشييع لإغراض الشحن الطائفي .

 

رابعاً- من غير المنطق، أن الثورة التي تريد تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي والإيراني وتخليص الشعب العراقي من الحثالات والفاسدين والقتلة ، تعمل على الاضرار بالشعب العراقي، بإغراق المدن وتدمير مزروعات المواطنين وممتلكاتهم بدعوى التصدي لمليشيات النظام الصفوي والدفاع عن الثورة، لأن قوى الثورة قد استكملت إمكاناتها واستمكنت اعدائها في مواقعهم وحددت مثاباتها للتحرير، ولا حاجة لسيناريو الإغراق إلا في مخيلة مأزومة ومريضة تتحكم بديكتاتورية فاضحة، بقوى العملية السياسية البائسة .. وإن استراتيجية الثورة قد تجاوزت هذه السيناريوهات ولديها من الإمكانات ما يجعل حثالات المنطقة الخضراء تلعن اليوم الذي تحشدوا فيه خلف أسيادهم الأمريكيين والإيرانيين .

 

خامساً- من المستحيل أن تُجَرَ الثورة أو تُستدرج لخندق الإحتراب الطائفي أبداً، لأن الثورة ماضية نحو تحرير الشعب، كل الشعب، من شماله حتى جنوبه، وليس هناك من قوة تقف في وجه الشعب العراقي صاحب القرار الأول والأخير في التحرير، ولا يعلو عليه أي صوت سياسي فردي أو حزبي أو واجهي أو قبلي أو جهوي .. لأن معايير الثورة تقوم على احترام كل وطني مهما كان لونه وانتمائه وديانته ومذهبه وقوميته .

 

سادساً- إن أول من تصدى لنزعة الطائفية المقيتة هي المقاومة الباسلة، ليس الآن فحسب، إنما منذ محاولات إشعال فتيل الإحتراب الطائفي والترويج لحرب أهلية في العراق .. والجميع يعلم ما كان يقوله "الزرقاوي" وما يفعله من تحريض على ( الشيعة ) .. وهو عمل كان يستهدف إشعال الفتيل الطائفي، لأن شيعة شعبنا العرب هم ( وطنيون خاضوا انتفاضات الماضي وحروبه ضد المستعمر الغازي وضد التوسع الإيراني، وهم الذين شاركوا قيادات وطنية مشهود لها بالثبات الوطني وفي كل مراحل النضال الوطني والقومي، سواء كانوا على مستوى القيادات المدنية أو العسكرية.

 

سابعاً- ومن هذا، فأن منطق الثورة يفرق تماماً بين الشيعة العرب الوطنيين الشرفاء الذين يرفضون الرضوخ لقوى الاحتلال الأمريكي والإيراني وبين المتشيعين الفرس الصفويين، الذين تزج بهم إيران وتستخدمهم أدواة من أجل القتل والنهب والفساد والإفساد وتفكيك الشعب العراقي والتدخل في شؤون الأقطار العربية.

 

2- تحضيرات مستلزمات الأمن والإنفاقات على التسلح :

منذ الاحتلال ولحد الآن أنفقت الحكومات العميلة المتعاقبة على المنطقة الخضراء مليارات الدولارات، على التدريب والتسليح ومستلزمات الأمن .. ولم يتحقق الأمن طيلة أحد عشر عاماً .. ولن يتحقق شيئاً من الأمن في عموم العراق، لأن السلطة الحاكمة غير وطنية وفاسدة وعاجزة :

 

أولاً- مؤخراً تم حفر خندق ( عرض 4 متر وعمق 3 متر ) ، يبدأ من أبو غريب مروراً باللطيفية، بإتجاه الزعفرانية شرقاً والطارمية شمالاً .. هذا الخندق يحيط بالعاصمة بغداد يتم إنشاءه لدواعي الأمن .. لماذا الأمن ؟ ولماذا الخوف على بغداد ؟

 

ثانياً- قبل ذلك ببضعة أشهر تقريباً، أعلن " المالكي" عن ترتيبات أمنية ( شراء مناطيد يتم نشرها حسب الخطة الأمنية ومجسات ألكترونية وكاميرات مراقبة حساسة وطائرات مسيرة تحت إشراف مراكز الكترونية متطورة ) .. وما إلى ذلك من مشتريات بمليارات الدولارات .. كلها تعمل من أجل الأمن .. والأمن مفقود تماماً .. لماذا ؟ لأن السلطة عميلة وطائفية أغرقت البلاد والعباد بالموبقات والجوع والفساد وسفك الدماء .

 

ثالثاً- أنفقت حكومة العمالة مليارات الدولارات على هذه التحضيرات الأمنية .. وعلى الجيش المليشي والأمن والشرطة .. ومنها مؤخراً ( 40 ) أربعين مليار دولار، باعتراف صريح وعلني أدلى به ( احمد الجلبي ) للفضائية اللبنانية .

 

رابعاً- فيما انفقت على التسليح من روسيا وكوريا الجنوبية وبلغاريا والتشيك وأمريكا ، مليارات الدولارات، والسلاح مستعمل ولا يساوي شيئاً على الإطلاق .. بينما تفوح من صفقات السلاح روائح عفنة ومقززة من الفساد .. وعلى الرغم من انكشافها وبالأسماء، فأن الفاسدين ما يزالون يتربعون على كراسي الحكم في وزارة الدفاع ومجلس الوزراء وغيرها من الأماكن الموبوءة، وهي كثيرة وكثيرة جداً .

 

3- التحريض الطائفي لماذا ولمصلحة من ؟!  

لا أحد في هذا العالم يستطيع أن يجاهر مثل ما اعلنه المأزوم "المالكي" حين تبنى منطق ( الدم بالدم ) .. ولا أحد أيضاً يستطيع أن يتفوه بالقتل المتعادل على أساس طائفي أو عرقي مقيت، بمثل ما تفوهت به " الفتلاوي" .. لأن تبني منطق الدم في منهج حكومي، مدان على مستوى الشعب ومحكمة الجنايات الدولية وأمام مجلس الأمن، كما أن التفوه الذي ينطوي على التحريض على القتل الطائفي هو الآخر مدان قانوناً  وعرفاً اجتماعياً وعشائرياً وانسانياً .. لأنه يقع في دائرة الفرز الطائفي والمشاركة في أعمال الإرهاب والتحريض على ارتكاب المجازر الطائفية والعرقية، كما أن  ورائه دوافع مبيتة للتصفيات على أساس طائفي وعرقي .. لماذا هذا المنطق الدموي ..؟ وإلى أي هدف يسعى ؟ هل يبني مجتمع موحد أو أرض وطنية موحدة وهل يبني دولة مثل باقي بلدان العالم المتحضر -  إذا اخفق وزير في دولة متحضرة أو رئيس أو رئيس وزراء أو حتى مدير عام يقدم استقالته حفاضاً على مصلحة الدولة ومصلحة الشعب واحتراماً للنظام والقوانين السائدة - .. هل تحترم السلطة العميلة الشعب العراقي حين تضع  مقدرات البلاد تحت تصرف الدولة الإيرانية لكي تستنزف إيران موارد العراق النفطية في عدد كبير من الآبار النفطية على امتداد الحدود من شمال العراق حتى الفاو – حقول نفط العراق في الطيب ومجنون والفكه ودهلران ونفط خانه –  وبعض هذه الحقول يصل فيه الإستنزاف إلى ( 130 ) ألف برميل نفط يومياً تذهب إلى إيران على مدار السنوات الماضية ولحد الآن .. وخسارة العراق سنوياً جراء السرقات الإيرانية ( 17 ) مليار دولار سنوياً .. فيما يعد الإحتياطي النفطي الإجمالي للحقول النفطية العراقية التي تستنزف من قبل إيران ( 100 ) مليار برميل نفط .. وحكومة "المالكي" العميلة ساكتة والحكومة الأمريكية ساكتة، بل تقومان بالتغطية على هذه السرقات بإعلانات محاربة الإرهاب، وبإعلانات الإنتخابات التي تفرخ صفويين بوجوه جديدة تخدم أمريكا وإيران في آن واحد .!!

 

الحكومة العملية في المنطقة الخضراء .. تعمل بمنطق الدم والتطهير الطائفي والعرقي وتقول للشعب لا خيار أمامك غير الرضوخ للسيد الإيراني وكيل أمريكا في العراق.. وليس لك الحق في المطالبة بالحقوق ولا محاسبتها على سياسات النهب المنظم، ولا مطالبتها بوقف استنزاف إيران لنفط العراق .. وإلا ، فأن الدم بالدم والقصاص بسيف الإرهاب المسلط على رقاب الشعب، كل الشعب بعربه وكرده، بسنته وشيعته العرب، بتركمانه، وقومياته، وبمسلميه ومسيحييه وأديانه الآخرى.

 

عدد نفوس العراق، رغم القتل منذ احد عشر عاماً ، ورغم الموت بسبب الحصار الجائر الذي استمر ثلاثة عشر عاماً ، ورغم الموت نتيجة تلوثات الأسلحة والذخيرة المشبعة باليورانيوم المنضب، ورغم استخدام المحتل الغازي للأسلحة المحرمة دولياً .. فأن نفوس العراق بات يقترب من الثلاثين مليوناً .. في بغداد العاصمة وحدها ( 8 ) ثمانية ملايين نسمة .. هذا الشعب الثائر الذي يرفض منطق الحكومة الصفوية، هل هو إرهابي؟ هل يريد "المالكي" أن يجعل من منطق الدم منفذاً لإحتراب الملايين؟ لمصلحة من اتخذ هذا المنطق؟ لماذا يتم العبث بأمن العراق وبعاصمته العريقة بغداد .. حفر خنادق ومناطيد وكامرات ومجسات الكترونية وسيطرات وحواجز كونكريتية وتقطيع مناطق على اساس طائفي .. لماذا ؟ .. ألا تتعضون من دروس التاريخ ؟ ألا  تلازمكم الخشية من حساب الشعب في قابل الأيام .؟!

 

 





الثلاثاء ٨ جمادي الثانية ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / نيســان / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة